سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل ''أكد أنه لا أحد فوق القانون''.. أول مسئول كبير يحيله رئيس الحكومة للتحقيق بسبب قضايا فساد ومخالفات
بدا لافتاً للنظر – في أيام متقاربة – تركيز الحزب الحاكم على نقطة معينة: زعزعة تماسك تكتل أحزاب اللقاء المشترك. ولقد بدا ذلك واضحاً بمغازلة الحزب الاشتراكي.
في المؤتمر الصحفي الذي عقده المؤتمر الشعبي العام – ظهر السبت الفائت – كان سلطان البركاني، الأمين العام المساعد للحزب، يحاول فصل الحزب الاشتراكي بعيداً عن أحزاب اللقاء المشترك، بالحديث عنه منفرداً. وقال إن حزبه حريص على وحدة الحزب الاشتراكي باعتباره شريكاً ومساهماً في تحقيق الوحدة..!! ودعا البركاني إلى الوقوف مع الاشتراكي في محنته الداخلية ومحنته مع المشترك معتبراً الاشتراكي ضرورة وطنية.
وقبله – الأربعاء الفائت - كان عبد الرحمن الأكوع، القائم بأعمال الأمين العام للحزب، قد ضم إلى جانب الاشتراكي، التنظيم الوحدوي الناصري، حين أشار – في أمسية تنظيمية داخلية لإعلاميي الحزب – أن الاشتراكي والناصري، كان لهما موقف إيجابي من مبادرة الرئيس بتعويض تعديلات قانون الانتخابات المتفق عليها من خلال ضمها إلى اللائحة الداخلية للقانون..
وقال الأكوع – بحسب موقع حزبه - إن المؤتمر حريص على الحزب الاشتراكي اليمني وعلى وجوده على مستوى الساحة الوطنية، مبدياً استعداد المؤتمر لدعم ومساندة الحزب الاشتراكي قائلاً: إنهم شركاؤنا في إعادة تحقيق الوحدة..!!
هكذا دفعة واحدة، تذكرت قيادات الحزب الحاكم أن الحزب الاشتراكي – الذي سلبت مقراته ومخصصاته عقب حرب صيف 1994 – كان شريكاً في صناعة الوحدة اليمنية..!! وأنهم مستعدون لدعمه ومساندته.
بالطبع هناك ما يمكن استنتاجه من هذا الحديث المغاير لـ 14 عام من الحياة السياسية المقلقة.
فإذا ما نظرنا إلى مرافقات تلك التصريحات سنجد أنها كانت جميعها تهاجم التجمع اليمني للإصلاح في ذات الوقت الذي كانت تسعى فيه إلى مغازلة الاشتراكي بتخصيص المديح له، والتأكيد بالحرص عليه..
كلاهما (الأكوع والبركاني) هاجما الإصلاح.. ففيما أكد الأول أنه - من بين أحزاب المشترك - يقف وراء تأجيل الانتخابات، وانه حزب مفرخ عنه.. اتهمه البركاني بعقد صفقات ثنائية مع حزبه، نافياً في ذات الوقت وجود صفقات مع الحزب الاشتراكي. ودعا الصحفيين إلى عدم تحميله[الاشتراكي] مسئولية ليست موجودة. النظرية السياسية القديمة " فرق تسد" -المستقاة من عهد الاستعمار الإنجليزي- يبدو أنها لاحت للحزب الحاكم بمثابة تكتيك يمكن الاعتماد عليه.
وبالرغم من أن مثله بات في حكم المنتهي استعماله منذ ما بعد انتخابات 1997 البرلمانية، وبداية تكون تكتل اللقاء المشترك مع مطلع القرن الحالي، إلا أن ظهوره بهذا الشكل الملفت خلال الأسبوع الماضي وبداية الحالي، يمكن أن ينطوي على أحد أمرين. الأول: أن قيادات الحزب الحاكم، متعثرة في فهم المكون السياسي الحالي – بعد 18 عام من التعددية السياسية وأنها لا تمتلك القدرة على التجديد واللعب بأوراق أخرى جديدة في إطار اللعبة السياسية. الأمر الثاني: أن تلك القيادات بدأت تستوعب أمراً هاما، وهو: الخوف من أن مقاطعة الاشتراكي للانتخابات القادمة يمكن أن ينعكس على صورة استفتاء على الوحدة اليمنية في الجنوب، وبالتالي يتنادى الناس هناك إلى المقاطعة بشكل أكبر من ذي قبل في ظل عدم الاستقرار الحاصل في تلك المناطق.
وللخروج من تلك الاحتمالية ربما كان يجب الإعلان صراحة عن مساندة ودعم الحزب الاشتراكي. وقد يقدم الحزب الحاكم، للاشتراكي إغراءات من قبيل: إعادة بقية المقرات المسلوبة، وزيادة الدعم السنوي، ولا يستبعد منحه عدداً لا بأس به من المقاعد في المناطق الجنوبية، وقليل من المناطق الشمالية. ومن المرجح أن يعمد الحزب الحاكم إلى دعمه للفوز بجزء من تلك المقاعد المغلقة على حزب الإصلاح في الجنوب.
ومثل هذا الاحتمال قد يكون مرجحاً، من عدة زوايا. لعل أهمها محاولة إعطاء الحزب الاشتراكي مجموعة أوراق في يده، تساعده على العودة إلى الحياة السياسية بقوة محدودة لا تصل إلى القدرة على الانتقال إلى مرحلة الاستقواء على النظام.
وبعيداً عن فكرة قبول الحزب الاشتراكي بذلك من عدمه، فعلينا تصور الأمر من زاوية ما يخطط له الحزب الحاكم. ربما يكون هذا الأخير، وصل إلى مرحلة إدراك مكنته من فهم اختلال التوازن السياسي، حيث ربما تأكد له – في وقت متأخر - أن إقصاء الحزب الاشتراكي من الحياة السياسية – منذ ما بعد حرب 94 – لم يكن لصالح تماسك الوحدة اليمنية، واستقرار الجنوب. وأنه بتهميش الحزب الاشتراكي ومحاولة نقله إلى الموت السريري، أدى – بشكل طبيعي - إلى خلق تكتلات أخرى في الجنوب وهي ما كان يسميها الدكتور ياسين سعيد نعمان – أمين عام الاشتراكي – بالمشاريع الصغيرة.
ولذلك – ربما – مع بروز الأزمة الأخيرة بين الحزب الحاكم والمشترك، أراد الأول أن يقوم بالأمرين معاً: فكفكة تكتل المعارضة[المشترك]، في ذات الوقت الذي يسعى فيه إلى إعادة الروح إلى الوحدة اليمنية، عبر إعادة الاشتراكي إلى الحياة السياسية بقوة أفضل مما هو عليه الآن.
إذا كان ما يريده الحزب الحاكم هو الجزء الثاني من الفرضية السابقة (أي الحرص على تواجد الاشتراكي في الحياة السياسية، بهدف إعادة الروح إلى الوحدة اليمنية) فهو أمر ذكي، على أن ينظر إليه كجزء مفرد غير مركب بمحاولة تفكيك تكتل اللقاء المشترك. لماذا؟ ذلك لكون الحزب الحاكم قد ينجح في حل جزء من المشكلة السياسية والوطنية، غير أنه سيعيد إنتاج أزمات أخرى وهو في طريقه إلى حل مشكلته الخاصة مع تماسك المعارضة. فتفكيك المعارضة – إذا ما فرضنا جدلا نجاح الصفقة وقبول الاشتراكي بها - قد يكون حلا خاصاً لسلطة الحزب الحاكم، لكنه سيشكل عبئا وطنياً يعيد التمترس حول الفكرة الأيديولوجية للأحزاب، بعد أن كادت تذوي وتذوب حول المشترك الوطني العام. هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإضعاف المعارضة لن يكون بأي حال لمصلحة الوطن ومحاربة فساد وانحرافات السلطة. وهذا أمر تؤكده خطابات الرئيس المتكررة (المعارضة الوجه الآخر للسلطة) وتدعمه النظرة الدولية المراقبة للتكوين السياسي في البلاد (قوة منظمات المجتمع المدني تفرض مواجهة حقيقية للفساد وهدف أساسي للتنمية والوصول إلى التغيير الديمقراطي المنشود).
وعلى أرض الواقع هناك أمر مهم قد يقف عائقاً، أمام نجاح تكتيك الحزب الحاكم. فالحزب الاشتراكي، ربما كان اليوم - أكثر من أي وقت مضى - أفضل إدراكا لمساعي الحزب الحاكم تلك التي تهدف إلى تفكيك عرى اللقاء المشترك. وليس من المتوقع أن ينجر وراء تلك المصالح التي رفضها قبيل انتخابات 1997 حينما دخل في حوار مع المؤتمر وعرضت عليه ذات الصفقة وإن بطريقة أخرى.
والواقع الذي يجب أن يقف أمامه الحزب الحاكم هو: أن الحزب الاشتراكي كان قد رفض تلك الصفقة المؤتمرية قبل أن يكون مرتبطاً وعضواً فاعلا في تكتل اللقاء المشترك. فكيف يمكنه أن يقبل بها، وهو ضمن إطار هذا التكتل الذي يرجع فضل تأسيس خطواته الأولى لأمينه العام الراحل السياسي المحنك جار الله عمر..؟! صحيح انه بحاجة – أكثر من أي وقت مضى – إلى استعادة ممتلكاته وقوته، لكن الصحيح أيضاً أن تلك الممتلكات حق قانوني. وأن قوته السياسية يجب أن تعاد إليه كحق سياسي من كونه شريكاً أساسياً في الوحدة اليمنية.
وفيما إذا أخفق الحزب الحاكم في إنجاح تكتيكه السياسي ذاك، فإن عليه – كواجب وطني – أن يفصل هدفه الأول السياسي البحت (بزعزعة تماسك اللقاء المشترك) عن الهدف الوطني (إعادة التوازن السياسي، لحماية الوحدة الوطنية) بتوسيع تواجد الحزب الاشتراكي في الساحة السياسية الوطنية وإعادة ممتلكاته ومخصصاته المسلوبة منه. وذلك أمر لابد منه حتى لا يخسر[الحزب الحاكم] الأمرين معاً: بلح الشام وعنب اليمن.
على الحزب الحاكم أن يوسع أفق تفكيره ليطال أمن واستقرار الوطن. ومما لابد منه: أن يخسر جزءاً من مصالحه الخاصة كحزب، في حالة إن أراد ذلك. حينها لن يكون بحاجة إلى تكتيكات خاصة لبقائه على سدة الحكم.
* عن المصدر