إنهيار متواصل للعملة المحلية أمام الريال السعودي في عدن اليوم بقنابل وصورايخ خارقة للتحصينات… ضربة جوية قوية في قلب بيروت وترجيح إسرائيلي باغتيال الشبح عربيتان تفوزان بجوائز أدبية في الولايات المتحدة قوات كوريا الشمالية تدخل خط الموجهات والمعارك الطاحنة ضد أوكرانيا هجوم جوي يهز بيروت وإعلام إسرائيلي: يكشف عن المستهدف هو قيادي بارز في حزب للّـه مياة الأمطار تغرق شوارع عدن خفايا التحالفات القادمة بين ترامب والسعودية والإمارات لمواجهة الحوثيين في اليمن .. بنك الاهداف في أول تعليق له على لقاء حزب الإصلاح بعيدروس الزبيدي.. بن دغر يوجه رسائل عميقة لكل شركاء المرحلة ويدعو الى الابتعاد عن وهم التفرد وأطروحات الإقصاء الانتحار يتصاعد بشكل مخيف في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي.. طفل بعمر 14 عاما ينهي حياته شنقاً تقرير دولي مخيف....الإنذار المبكر يكشف أن اليمن تتصدر المركز الثاني عالميا في الإحتياج للمساعدات الإنسانية
لا بد أن تضحك طويلاً عندما تسمع بعض القادة الغربيين كالرئيسين الأمريكي ترامب والفرنسي ماكرون ووكلائهم في العالم العربي، وهم يهاجمون الدين الإسلامي.
وقد وصف ماكرون الإسلام قبل أيام بأنه يمر في أزمة عميقة. من حقكم طبعاً أن تنتقدوا كما يحلو لكم. لكن من حقنا أيضاً أن نسألكم ليس بدافع التعصب، بل بدافع النقاش. وأول سؤال يمكن أن نوجهه للزعماء الغربيين الذين يستهدفون الدين الإسلامي بالنقد والشيطنة: لماذا تحاولون استحمار واستغفال البشر وكأن الناس لا يعرفون من يشوه الإسلام ويستخدمه ويسخره لأغراضه القذرة منذ عشرات السنين؟
متى كانت الدول العربية مثلاً تتحكم بالدين الذي تمارسه شعوبها؟ بعبارة أخرى، من الذي يصنع الإسلام العربي الرسمي ويفرضه على العرب؟ أليست الأنظمة العربية التي يعمل معظمها بوظيفة كلاب صيد عند أسيادها الغربيين؟ هل تريدون أن تقولوا لي إن العرب يمارسون دينهم، أم يمارسون الدين الذي يصنعه وتفرضه عليهم حكوماتهم وكفلاؤها في الخارج بما يناسب الوكلاء والكفلاء؟
هل هناك إسلام واحد يا ترى يمارسه كل العرب مثلاً، أم إن الإسلام السوري مثلاً يختلف كلياً عن الإسلام السعودي وغيره؟ ألا يصنع كل نظام الدين الذي يناسبه ويستخدمه لأغراضه السياسية والاجتماعية الخاصة؟ شاهدوا مثلاً مفتي سوريا كيف يزايد على عتاة العلمانيين في فتاواه. ألم تسمعوه وهي يقول لوفد أمريكي يهودي في قلب دمشق: «لو طلب مني محمد بأن أكفر بالمسيحية واليهودية لكفرت بمحمد؟» هل هذا يمثل الإسلام أم مجرد طرطور في خدمة أجهزة مخابرات ونظام فاشي قذر ويفتي بما يملي عليه النظام السياسي وليس الدين لغايات سياسية بحتة؟
هل يستطيع أي نظام عربي أن يصنع إسلاماً لا يقبل به أسياده في الغرب؟ أم إن كل أشكال الدين المفروضة على الشعوب تناسب المصالح الغربية؟ ألم نشاهد كيف نجحت إسرائيل وأمريكا في تغيير المناهج الدراسية في الكثير من البلدان العربية؟ ألم يفرضوا على أنظمة كثيرة حذف آيات وأحاديث دينية من مناهجها؟ أليس العرب منذ عقود وعقود مجرد فئران تجارب في المسألة الدينية؟ ألا تخضع المجتمعات العربية للتفكيك وإعادة التركيب حسب المصالح الغربية؟ ألم يقل أحد الزعماء العرب قبل فترة في مقابلة شهيرة مع مجلة أمريكية مرموقة عندما اتهموه بأن بلده ترعى إسلاماً متطرفاً، ألم يقل لهم بالحرف الواحد إن بلاده لم تكن يوماً مسؤولة عن نوع الإسلام المتطرف الذي يمارسه شعبها، بل إن نوعية الدين المفروض عليها جاء لأغراض أمريكية استراتيجية وسياسية؟ ألم يقل لهم إن أمريكا فرضت على نظامه أن يرعى إسلاماً متطرفاً كي تواجه به النفوذ السوفياتي في المنطقة العربية؟ انظروا كيف تغير وجه الإسلام في بعض الدول الآن مائة وثمانين درجة! عندما كانت أمريكا تحتاج لإسلام متشدد لمواجهة خصومها في العالم العربي، كان الإسلام المتطرف مرغوباً به أمريكياً، لكن عندما انتهى الاتحاد السوفياتي ولم يعد هناك حاجة للإسلام المتشدد، فلا بأس أن يوضع المفكرون الإسلاميون القدامى في السجون وأن يبدأ العمل على إسلام «حديث» يقبل بالكاسيات العاريات ويشجع على الانفتاح الصارخ وينقلب مائة وثمانين درجة على الإسلام الذي كان سائداً أيام الحرب الباردة.
هل يذكر الرئيسان الفرنسي ماكرون والأمريكي ترامب اللذان يهاجمان الإسلام هذه الأيام أن الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغان كان يستقبل «المجاهدين الأفغان» في البيت الأبيض ذات يوم ويصفهم بأنهم مقاتلون من أجل الحرية عندما كان يستخدمهم لطرد السوفيات من أفغانستان؟ هل يتذكران كيف انقلبت أمريكا على «مجاهديها» عندما انتهت مهمتهم القذرة وصارت تشحنهم إلى معسكر «غوانتنامو» بحجة أنهم إرهابيون؟ من الذي صنع الجماعات الإرهابية كالقاعدة وداعش؟ ألم تعترف مرشحة الرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون بعظمة لسانها بأن أمريكا صنعت تنظيم القاعدة ومجاهديه ودعمته بمليارات الدولارات العربية؟ ألم يقل أشهر مستشار للأمن القومي الأمريكي بريجنسكي إنهم صنعوا واستخدموا المتطرفين المسلمين لطرد السوفيات من أفغانستان، وإن أمريكا تعتبر انقلاب المتطرفين عليها ثمناً بسيطاً مقابل الخدمة العظيمة التي أسدوها إليها في حربها ضد السوفيات؟
وبدورهم تلاعب الطواغيت العرب ومخابراتهم بالإسلام لمصالحهم الخاصة مثل الغرب. وأتذكر ذات يوم سألت مسؤولاً سورياً كبيراً: «كيف لنظام يدعي العلمانية مثلكم أن يتحالف مع جماعات متطرفة» فقال ساخراً: «هؤلاء يريدون أن يقابلوا الحوريات في أسرع وقت، ونحن نسهل لهم الطريق كي يصلوا إلى حورياتهم». ولا ننسى كيف كانت المخابرات السورية تسجن المتطرفين الإسلاميين في فنادق خاصة. ويذكر أحد الذين كانوا يرون الأمور عن قرب في دمشق كيف كانت المخابرات تجلب صناديق مملوءة بالكتب الدينية الممنوعة وتتركها أمام المساجين وتقول لهم: «بإمكانكم إن تتسلوا بهذه الكتب» وهي كتب كلها تحرض على التطرف والعنف والإرهاب والدعشنة كي يكون هؤلاء جاهزين لأي مهمات مخابراتية قذرة لاحقاً. وقد شاهدنا كيف كان نظام الأسد يشحن «الجهاديين» عبر أبو القعقاع إلى العراق، وشاهدنا العلاقة الوثيقة بين الأسد والدواعش في سوريا.
هل تريدون أن تقولوا لنا بعد كل ذلك إن الجماعات الإرهابية التي تشوه المشهد العربي والإسلامي هي صناعة إسلامية أم صناعة مخابراتية قذرة؟ لماذا لم يشهد التاريخ الإسلامي على مدى عقود وعقود مثيلاً لداعش مثلاً؟ لأن داعش وأخواتها صناعة مخابراتية وقد قتلت وأساءت للمسلمين أكثر مما أساءت لأي جهة أخرى؟
ألم تسمعوا ما قاله جيمس ولسي رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية عام 2006؟ ألم يقل حرفياً: «نحن نصنع الإسلام الذي يناسبنا؟» لماذا إذاً تتهجمون على الإسلام طالما أنكم تعرفون أن كل مظاهر الإسلام المتطرف منذ عقود هي صناعة مخابراتية غربية وعربية لأغراض سياسية واستراتيجية قذرة ومفضوحة؟ ألم يقل المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد ذات يوم أن أكبر نعمة نزلت على إسرائيل في العقود الماضية «الجماعات الجهادية»؟
وأخيراً: سؤال سريع للقادة الغربيين الذين يتطاولون على الإسلام ويريدون إعادة تشكيله؟ وهل توقفتم يوماً عن التلاعب بالدين وتوجيهه لأغراضكم الخاصة؟ ألم تفصّلوا إسلاماً على مقاسكم؟ هل توافقون لو أننا أردنا عصرنة الإسلام وتحديثه؟ أم إنكم ستفرضون على الأنظمة العربية أن تحافظ على الإسلام الذي يتهمه ماكرون بالتطرف والتخلف والانعزالية لأنه يخدم مصالحكم أكثر بكثير من الإسلام العصري المتحرر المعتدل الذي يحلم به السواء الأعظم من المسلمين؟