سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل ''أكد أنه لا أحد فوق القانون''.. أول مسئول كبير يحيله رئيس الحكومة للتحقيق بسبب قضايا فساد ومخالفات
يحاول البعض وخاصة الذين لا يعرفون من السياسة سوى قشورها، يحاولون تصوير الديمقراطية، وخاصة بشكلها الغربي، على أنها نظام الحرية والحضارة بامتياز، لا بل يقدمونها للناس على أنها نظام قائم بذاته ويتحرك تلقائياً، أو يدير نفسه بنفسه بإرادة حزبية أو شعبية حرة. وقد يتراءى للبعض أحياناً أن الحاكم الحقيقي في الديمقراطيات الغربية هي الأحزاب المتصارعة على السلطة عبر صناديق الاقتراع، وهي التي تقرر مصير البلاد والعباد، وهي الحاكمة بأمرها، بينما الحقيقة أن كلمة «نظام» التي يستخدمها الإعلام الغربي للنيل أو احتقار الأنظمة العسكرية أو الديكتاتورية أو الدينية يمكن استخدامها لوصف كل الأنظمة في الغرب «الديمقراطي» نفسه، فأي سلطة حاكمة في أي مكان في العالم هي في نهاية النهار «نظام» (ريجيم) حتى لو قالت عن نفسها إنها ديمقراطية أو منتخبة أو حرة. بعبارة أخرى، لماذا يصفون الأنظمة الديكتاتورية وصفاً مهيناً بكلمة «نظام» ولا يستخدمون الوصف ذاته مع الديمقراطيات الغربية؟ أليست تلك الديمقراطيات في نهاية الأمر «أنظمة» متحكمة ومتمكنة ومهيمنة كاملة الأوصاف بالمفهوم المُهين والمُشين للكلمة؟
هل الديمقراطية هي النظام أو المؤسسة أو المرجعية الحاكمة في الغرب؟ هل هي نظام مُنزل؟ أم هي مجرد أداة أو وسيلة حكم اختارتها الطبقة أو المؤسسة أو النظام المسيطر لإدارة شؤون البلاد؟ بالطبع فهي طريقة حكم في يد الدولة القائمة والمتحكمة أصلاً، وقد وجدت في هذا النوع من الحكم الديمقراطي (بين قوسين) الوسيلة الأفضل لخدمة مصالح الدولة أو النظام. باختصار، لكل نوع من أنواع الديمقراطية مرجعية قد تكون ملكية أو رئاسية أو عائلية أو دينية أو اقتصادية أو حتى عسكرية أو أمنية أو اجتماعية. ولا يجب في هذه الحالة أبداً التمييز أو المفاضلة بين تلك الديمقراطيات لأنها في آخر المطاف هي مجرد أدوات بأيدي مرجعيات معينة كل يديرها بما يتلاءم مع النظام العام الذي وضعه لإدارة الدولة. بعبارة أخرى، فإن كل الديمقراطيات مهما اختلف شكلها تخدم بالنهاية النظام القائم في الشرق والغرب.
باختصار هناك دائماً نظام (مرجعية) يدير اللعبة الديمقراطية بطريقته ويؤطرها ويبرمجها وبما يخدم مصلحته. وكما أن الملك أو الملكة في الغرب الديمقراطي هو رأس الدولة، قد تكون المرجعية الدينية أو العسكرية أو الأمنية هو رأس الدولة في مكان آخر. قد يقول البعض إن الجيش أو المرجعية الدينية أو العائلية لا يمكن أن تكون ديمقراطية وهي بالنهاية تدافع عن نظامها وتفبرك الديمقراطية لصالحها وتتلاعب بالنتائج. طيب، ومن قال لك إن النظام الملكي أو العائلي أو الرأسمالي أو الاقتصادي الذي يرعى الديمقراطيات في الغرب لا يدافع عن مصالحه ولا يدير الديمقراطية بما يخدم النظام القائم، وأن النزاهة الانتخابية وحرية الانتخابات تخدم النظام القائم بالدرجة الأولى؟ لماذا لا نقول إن الديمقراطية بشكل عام متاحة ضمن أطر تخدم الذين يديرونها لمصالح تجارية وسيادية لطبقة متنفذة تحكم من وراء الكواليس كدولة عميقة؟
ولا ننسى أن الديمقراطية تخلق وتشكل ناخبيها على مقاسها وهواها، والناخب الغربي ليس حراً كما يعتقد، بل هو صنيعة النظام السياسي والتربوي والتعليمي والاجتماعي والثقافي والديني والرأسمالي والاقتصادي الذي يؤطر الشعب ويوجهه حسب مصلحته وتوجهاته. هل قرأتم كتاب «التلاعب بالعقول» لروبرت شيللر؟ وبالتالي، فإن الناخب الغربي لا يختلف عن التركي أو الإيراني أو حتى العربي في الديكتاتوريات، لأنهم جميعاً مصنوعون ومبرمجون حسب مصلحة النظام القائم في كل بلد. لا شك أن الناخب الغربي سيصوت لمرشح مصنوع أيضاً حسب مقاس الديمقراطية الغربية، ولو سألت الناخب الغربي نفسه عن «الديمقراطية» الإيرانية أو أي ديمقراطية غير غربية لربما سخر منها واعتبرها غير ديمقراطية بالمفهوم الغربي، دون أن يعلم هذا الناخب الذي يعتبر نفسه ديمقراطياً أنه كالناخب الإيراني أو التركي أو العربي ليس حراً، بل مصمم حسب تركيبته الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية لينتخب هذا النظام دون غيره.
قد يقول البعض إن النظام في إيران أو في تركيا أو أي بلد عربي هو الذي يختار الأعضاء المرشحين للبرلمان أو الرئاسة أو الحكومة قبل أن يطرح أسماءهم للانتخابات، وهم بالنتيجة كلهم مرشحوه، وما على الناخبين إلا أن يختاروا من المرشحين الذين صادق عليهم النظام. طيب، وهل الوضع مختلف في الديمقراطيات الغربية؟ أليس المرشحون الذين تطرحهم الأحزاب في الانتخابات مختارين بعناية أيضاً، وهم في نهاية المطاف معتمدون حزبياً ونظامياً قبل طرحهم للانتخابات؟ هل يسمح النظام «الديمقراطي» الغربي إلا للأحزاب والمرشحين المعترف بهم والمنضوين تحت عباءته بخوض الانتخابات مثلاً؟ فلماذا يعتبرون المرشحين الذين تطرحهم الأحزاب الغربية «ديمقراطيين» ولا يعتبرون المرشحين الذين يطرحهم الإصلاحيون في إيران مثلاً «ديمقراطيين». طبعاً سيقولون لك إن المحافظين والإصلاحيين في إيران مثلاً هم أدوات في أيدي الولي الفقيه، وهم في نهاية الأمر أدواته. طيب لا نختلف. لكن لماذا لا تقول الشيء نفسه عن المرشحين في الديمقراطيات الغربية؟ ألا يسمون أحزاب المعارضة في بريطانيا بـ «معارضة جلالة الملكة» أي المنضوين تحت قيادتها؟ لماذا حلال على أحزاب المعارضة في الغرب أن تنضوي تحت جناح النظام القائم وحرام على غيرهم مثلاً الانضواء تحت جناح الحاكم الذي يمثل الدولة أو النظام القائم. وبالمناسبة حتى النظام العسكري الذي يسيطر على بلد معين يستطيع أن يثبت لك أن انتخاباته ديمقراطية مثل الانتخابات الأمريكية أو البريطانية، ويمكن أن يجادل بأنه مرجعية مشروعة للديمقراطية تماماً كالمرجعية الاقتصادية والمالية والعسكرية التي تتحكم بالولايات المتحدة من وراء الستار ويمكن أن يقول لك إن الحزبين الجمهوري والديمقراطي ليسا سوى أداتين من أدوات إدارة الدولة الأمريكية العميقة (المرجعية) المتمثلة بالشركات الكبرى والبنوك والبنتاغون وغيره من مفاصل التحكم؟
طبعاً شتان بين الديمقراطيات العسكرية والدينية من جهة والرأسمالية من جهة أخرى، لكن لا ننسى دور المرجعية المتمثلة بالدولة العميقة أو النظام الحاضن في كل الدول دون استثناء.