مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل ''أكد أنه لا أحد فوق القانون''.. أول مسئول كبير يحيله رئيس الحكومة للتحقيق بسبب قضايا فساد ومخالفات الحكومة اليمنية تتطلع إلى شراكات استثمارية وتنموية مع الصين حضرموت.. وزير الدفاع يشدد على مسئولية المنطقة الثانية في تأمين السواحل ومكافحة التهريب أوتشا باليمن: نحو 10 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية حماس توافق على تشكيل لجنة لإدارة غزة بشرط واحد عيدروس الزبيدي يستبعد تحقيق سلام في المنطقة بسبب الحوثيين ويلتقي مسئولين من روسيا وأسبانيا النقد الدولي: قناة السويس تفقد 70% من الإيرادات بسبب هجمات الحوثيين
قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية يعكس مدى قيمة العرب وزعمائهم، معتدلين كانوا أم ممانعين، في نظر الغرب والمؤسسات الدولية التي تخضع لنفوذه.
قبل ان يساء فهمنا، لا بد من التأكيد بأننا، نحن ضحايا المظالم الاسرائيلية، وما يتفرع عنها من مجازر، وتشريد، وتعذيب، ونهب أوطان، لا يمكن ان نقف مع الجرائم التي تعرّض، ويتعرّض لها، أبناء دارفور، وسواء كانت من قبل أطراف تابعة للحكومة السودانية، أو المتمردين عليها.
معالجة الحكومة السودانية للأوضاع في دارفور اتسمت بالعجرفة، واستخدمت العنف المفرط ضد خصومها، الذين تمردوا عليها، وارتكبوا جرائم ضد الانسانية أيضاً بدعم خارجي، واسرائيلي في بعض جوانبه، فهذه الحكومة لم تقدر حجم الأزمة، ولجأت في البداية إلى تسطيحها وتبسيطها، ولم تعطها الاهتمام المطلوب، وتعاملوا معها بأساليب واجراءات غير علمية وغير منطقية، الأمر الذي دفع العالم الغربي إلى التدخل، واستخدام هذه المسألة كورقة ابتزاز ضد حكومة وقفت دائماً إلى جانب القضايا العربية والافريقية العادلة، وحافظت على وحدة السودان.
السودان مستهدف لأن ثورة الانقاذ التي أخذت بيده في ظرف حرج، ومنعت انهياره، رفضت العدوان الأمريكي على العراق، وكل مشاريع الهيمنة على مقدرات العرب وقضاياهم، واستخرجت النفط رغم الحصار الغربي، وحققت مصالحات داخلية بالتزامن مع تطوير لافت في خطط التنمية، وترسيخ الخيار الديمقراطي، وترتيب انتخابات حرة ونزيهة، وفتح أبواب البلاد مجدداً أمام جميع فصائل المعارضة للعودة والمشاركة في العملية السياسية.
المخطط الأمريكي - الاسرائيلي نجح جزئياً في فصل الجنوب عن الشمال، وهو الآن يريد تقسيم الشمال بسلخ دارفور عنه، في اطار عملية تفكيك محكمة ومدروسة بعناية يتم رصد المليارات لها. وليس غريباً ولا مفاجئاً ان يتخذ السيد عبد الواحد نور زعيم حركة تحرير السودان الدارفورية من اسرائيل الداعم الرئيسي، ويفتتح مكتباً لحركته في القدس المحتلة.
'''
مشكلة الرئيس البشير ليست محصورة في دارفور، وانما في عدم انضمامه إلى محور الاعتدال العربي، واختياره الخندق الآخر المقابل لمشاريع الهيمنة الأمريكية، فلو فتح سفارة لاسرائيل في الخرطوم، وأيّد الغزو الأمريكي للعراق، ووقع معاهدة بوصول مياه النيل إلى فلسطين المحتلة، لربما عندها كان باستطاعته ابادة شعب دارفور عن بكرة أبيه دون أن يعترض أحد.
تفكيك السودان لو تم، وفق المخططات الأمريكية الغربية، يعني تحويله إلى دولة فاشلة على غرار ما حدث في الصومال وافغانستان وجزئياً في العراق، وتهديد أمن واستقرار تسع دول أفريقية تحيط به وعلى رأسها مصر، وتفجير حروب أهلية وعرقية قد تمتد لسنوات وربما لعقود.
تدمير افغانستان واطاحة نظامها حوّلاها الى دولة فاشلة وملاذ آمن لاكثر تنظيمين متطرفين في العالم، اي 'طالبان' و'القاعدة'، وتغيير النظام في العراق ادى الى القاء عجلة انقاذ للتنظيم الثاني، اي 'القاعدة'، وقد كلفت هذه المغامرات الدموية الولايات المتحدة اكثر من 800 مليار دولار حتى الان مرشحة للارتفاع الى خمسة تريليونات دولار، مثلما كلفت العالم الانهيار المالي الذي يعيشه حاليا، ومن المتوقع استمراره لعامين آخرين.
الذين يسعون الى تفكيك السودان ينسون ان الضغوط التي مورست على هذا البلد من قبل الولايات المتحدة وحلفائها العرب، وادت الى ابعاد زعيم تنظيم القاعدة الشيخ اسامة بن لادن ونائبه الدكتور ايمن الظواهري، ادت الى حدوث نقطة تحول في تاريخ هذا التنظيم وما يسمى بالارهاب في العالم بأسره، فقد كان الرجلان منخرطين في معارضة سلمية، واقامة مشاريع زراعية وعمرانية، ولو لم يطردا من السودان لما سمعنا بتنظيم القاعدة، ولما جرى ما جرى في احداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) عام 2001.
الامريكيون قادة العالم الغربي يريدون عملاء وليس حلفاء، فقد تجاهلوا أبعاد الرئيس البشير نفسه للاسلاميين وقادة القاعدة في بلاده، مثلما تناسوا تسليمه لكارلوس الذي يقبع حاليا في احد السجون الفرنسية، وانخراطه في مفاوضات مهينة مع المتمردين في الجنوب وتوقيعه اتفاق مصالحة مذلاً معهم، وجاءت مكافأته بتفجير ازمات دارفور.
السودانيون شعب يتمتع بأعلى درجات الكرامة وعزة النفس، ولا يمكن ان يسمح بتسليم زعيمه ليقف امام محكمة الجنايات الدولية كمجرم حرب، وسيجد دعما من كل الشعوب العربية والافريقية، وسيجد العالم نفسه امام حرب حقيقية بين الشمال المتغطرس والجنوب المتمرد.
\نحن مع القانون الدولي وتطبيقه شريطة ان لا يكون هذا التطبيق بطريقة انتقائية، او ان تكون العدالة الدولية 'عوراء' ترى 'جرائم' العالم الاسلامي وتضخمها من خلال آلتها الاعلامية الجبارة، بينما لا ترى جرائم الغرب والاسرائيليين في حقنا، وهي موثقة بالصوت والصورة، وآخرها مجازر غزة.
قالوا لنا وعلى مدى الاعوام الثلاثة الماضية، ومن خلال حملات اعلامية مكثفة، ان النظام السوداني ذبح 600 الف شخص في دارفور، لنكتشف ومن خلال قرار المحكمة الاخير ان العدد تراجع الى 35 الفاً فقط، فكيف نثق بهؤلاء وعدالتهم واعلامهم وفرق تقصي الحقائق التابعة لهم التي جاء بعضها بمثل هذه الارقام؟
مقتل انسان واحد هو جريمة يجب ان يعاقب مقترفها، لا شك في ذلك، ولكننا نتحدث هنا عن عمليات التسييس المتعمد لقضايا حقوق الانسان من اجل أجندات انتقامية، ولاستهداف انظمة وشعوب لتحقيق مصالح استعمارية، جوهرها الهيمنة السياسية والاقتصادية في معظم الاحيان.
نحن مع تسليم الرئيس البشير الى المحكمة الجنائية، بعد تجميد قرار اعتقاله هذا لمدة عام، شريطة ان يتم خلال هذا العام اصدار المدعي العام نفسه قرارات باعتقال الرئيس الامريكي جورج بوش، وحليفه توني بلير مبعوث السلام بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية لمسؤوليتهم الموثقة عن قتل مليون ونصف المليون عراقي أثناء الاحتلال ومليون طفل قبله بسبب الحصار، بعد ان تأكد وبعد خمس سنوات من هذا الاحتلال اكذوبة اسلحة الدمار الشامل التي اتخذت ذريعة لشن هذه الحرب وفرض الحصار قبلها، مثلما نطالب ايضا باعتقال قادة اسرائيل الثلاثة المتورطين في جرائم الحرب في قطاع غزة، وهم ايهود اولمرت رئيس الوزراء، وتسيبي ليفني وزيرة الخارجية، وايهود باراك وزير الدفاع، وجرائم هؤلاء موثقة، واستخدامهم للفوسفور الابيض شاهده العالم بأسره عبر شاشات التلفزة.
اننا نقف الآن امام سابقة تاريخية قد تغير شكل القارة الافريقية، والمنطقة العربية، ايضا، وتخطئ الولايات المتحدة والدول الغربية الاخرى اذا كانت تعتقد انها بتعاملها الانتقائي في مسائل العدالة وانتهاك حقوق الانسان، واستهدافها العرب والمسلمين على وجه الخصوص، ستخرج رابحة هذه المرة، لان عواقب هذا التمييز العنصري في تطبيق القانون الدولي قد تكون اكبر بكثير مما تتصور، اذا لم تتم معالجة هذه المسألة بحكمة ومرونة، فقد طفح كيلنا والطوفان قد يكون وشيكاً.