في مأرب: السلطة تخدم القاعدة !!
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: 14 سنة و 4 أشهر و 28 يوماً
السبت 26 يونيو-حزيران 2010 07:56 م

من يتابع الإجراءات التي تتخذها السلطة بذريعة مواجهات عناصر تنظيم القاعدة في محافظة مأرب من مواجهات وتفجيرات وقصف لمنازل المواطنين بالمدافع يصاب بالخوف من المدى الذي وصلت إليه من الإرباك والتخبط والأخطاء تلو الأخطاء الأمر الذي يدفع القبائل لتجميع صفوفها وإخراج أسلحتها لتثأر لشرفها الذي انتهكته سلطة تصنع لها كل يوم أعداء ومشاكل هي غنية عنها .

والحقيقة التي يعرفها الجميع أن عناصر تنظيم القاعدة في مأرب أشخاص قليلون يعدون بالأصابع وهم معزولون اجتماعياً ومنبوذون من قبائلهم التي تبرأت منهم وأصدرت بيانات بذلك أباحت دماءهم ( للسيب والذيب ) ولكن السلطة نفخت في قربة المطلوبين هؤلاء وهولت من شأنهم وبالغت في أمرهم كثيراً بغية إقناع الأطراف الدولية أنها تكافح الإرهاب وأنها بحاجة للدعم المادي والمعنوي وأنها الحارس الأمين على مصالح هذه الدول الإقليمية في هذه المنطقة الحساسة من العالم .

فالسلطة أمام هذا الغليان الشعبي والصحوة الحقوقية العارمة تستقوي بالدعم الدولي وتريد أن تقنع الأطراف الدولية والإقليمية أنهم بحاجة إليها وأنها تخوض حرباً شرسة ضد الإرهاب فيجب دعمها والتغاضي عن الانتهاكات والكوارث التي ترتكبها بحق هذا الشعب الأعزل .

لقد كانت السلطة في بلادنا قبل سنوات تتباهى بالتجربة اليمنية في محاور المتطرفين والمطلوبين على خلفية الانتماء لتنظيم القاعدة وكان القاضي حمود الهتار الذي لمع نجمه لهذا السبب يتحدث في المحافل الدولية عن التجربة اليمنية الناجحة في الحوار مع أعضاء تنظيم القاعدة فماذا حدث لهذا الحوار هل قضى نحبه ؟!! وهل أصبح السلاح والقصف العشوائي هو الحل والسبيل الوحيد لحل ملف المطلوبين على خلفية الانتماء للقاعدة ؟!

مكاسب بالجملة للقاعدة:

من يتأمل الواقع ويدرك أبعاد وخلفيات الوضع في مأرب يدرك أن القاعدة هي المستفيد الأول من هذه الأخطاء والضربات فقد خرجت من حالة الكمون والبيات الشتوي إلى حالة من النشاط والاستقطاب على خلفية رد الفعل فهي تضرب ضربات مدروسة وتختفي فتقوم السلطة برد فعل عشوائي وعنيف ومدمر يفقدها هيبتها ومصداقيتها وحلفاؤها ويكسب القاعدة أنصاراً وحلفاء انظموا إليها بدافع الانتقام من الدولة التي دمرت بيوتهم وقتلت الأبرياء من أهلهم وأقاربهم وأبناء قبيلتهم كما أن هذه المواجهات تظهر القاعدة كنداً للدولة وكقوة لا يستهان بها والذي يتابع زيارات المسئولين والالتقاء بقادة المعسكرات والوحدات الأمنية والتعبئة للأفراد يدرك هذا بوضوح مع أن أعضاء القاعدة هم قلة كثرتهم أخطاء السلطة وحماقاتها فهل عجزت الدولة عن تجنيد مجموعة من أبناء المحافظة لمطاردة المطلوبين أو إقناعهم بتسليم أنفسهم كما فعل اثنان منهم وهم منصور دليل ومبارك الشبواني .

عدم إدراك خصوصية مأرب :

والأمور تسير بهذا الواقع المخيف حيث تدفع السلطة القبائل دفعاً لحمل السلاح والبحث عن المطلوبين من أعضاء القاعدة والالتحاق بهم يتساءل المرء : هل تدرك السلطة أن لهذه المحافظة خصوصية يجب أن تنتبه لها وهي أنها مكان النفط والغاز ومنها تأتي الكهرباء وفيها الثروة والآثار التاريخية وغيرها ؟!!

فعند كل تفجير لأنبوب النفط واستهداف للمحطة الغازية التي تغذي العاصمة وبقية المحافظات بالكهرباء تجري جهوداً حثيثة ومضنية ووساطات قبلية ومراضاة كبيرة للقبائل حتى يتم إصلاح الأنبوب والمحطة الغازية ورفع النقاط على الطريق الرئيسي ومع ذلك تواصل هذا النهج الكارثي وكأن مسعود ما تسوّق !!

لماذا تهميش المشايخ والوجهاء ؟

لا يختلف اثنان على أن للمشايخ والوجهاء والأعيان وخصوصاً مشايخ مراد وعبيدة وجهم والجدعان والأشراف دور كبير في إرساء الأمن والنظام ومساندة جهود الدولة فلماذا يتم تجاهلهم ولو أن رئيس الجمهورية اتصل بهم فرداً فرداً وطلب منهم تولي ملف أعضاء القاعدة وسماهم لانتهت القضية أما أن يقنعوهم بتسليم أنفسهم وأما أن يجندوا كل الأفراد من القبائل للقبض عليهم وحينها سيجدون أنفسهم محاصرين مطاردين وستضيق بهم الأرض بما رحبت وسينتهي أمرهم بأيدي القبائل بلا قصف ولا هدم أما القصف وتدمير المنازل فهي رسالة استفزاز وتحدي واضح من السلطة التي كثرت أخطاءها وحرائقها وتحكميها فمتى تتقي شر نفسها وغضب الحليم ؟!!

الحل بالحوار لا بالسلاح :

كل العقلاء والوجهاء والأعيان والعلماء والمثقفين في مأرب يؤكدون على أن اللجوء للسلاح هو ضعف قاتل من السلطة وهو شر سيدفع لشر أعظم منه وأن الحل هو بالحوار ليقعد الجميع على طاولة واحدة ويتم الحوار والنقاش وعلى السلطة وعقلائها أن يستمعوا للعقلاء والمشايخ والوجهاء من أبناء مأرب حتى يتم محاصرة الفتنة وإيجاد حل للمطلوبين وتعويض المتضررين وتحكيمهم ودرء المشكلة قبل أن تستفحل فلا ينفع معها لا تحكيم ولا وساطة ونندم كلنا ندم الكسعي .