آخر الاخبار
ضابط يرفع دعوى ضد الرئيس
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 13 سنة و 9 أشهر و 15 يوماً
الأحد 06 فبراير-شباط 2011 06:57 م
 

• وزير الداخلية استدعاني لمعرفة سر عدم العودة إلى اليمن بعد مغادرة العراق

• من سجن المخابرات إلى السجن المركزي دون أي محاكمة أو تهمة

• تطورت الخلافات على قضية النسب إلى حد بعيد ووصلت إلى القضاء والمحاكم

• تم اقتيادي إلى مقر المخابرات اليمنية في صنعاء وبدأت مرحلة جديدة في حياتي

• مصلحة الجوازات اتهمتني بـالإدلاء ببيانات غير صحيحة وأنني غير يمني

• بعد مضي 6 أعوام من سجني الثاني تمكنت من توكيل مؤسسة هود للدفاع عني

في هذه الحلقة تسلط «الدار» على النهاية المحزنة لرجل المخابرات اليمني العميد أحمد بن عيسى معيلي، خاصة بعد العودة الثانية إلى اليمن وهي العودة التي يبدو من خلال روايته التي رواها لصحيفة «الدار» لم تكن محل ترحيب من قبل المخابرات اليمنية في صنعاء.

وكما سنسلط الضوء على الصراع الذي قاده العميد بن معيلي في محيط اسرته وقبيلته للبحث عن النسب وكيف تكالبت عليه قوة القبيلة إضافة إلى قوة الجهات الأمنية ليعلنا الحرب عليه في تفاصيل أكثر تراجيدية من ذي قبل.

يؤكد العميد أحمد عيسى بن معيلي في شهادته لـ «الدار» أن عودته الثانية إلى اليمن من العراق لم تكن بموافقة صدام حسين أو الرئيس علي عبد الله صالح في حينها. ويضيف أنه غادر العراق في 12/12/ 1995م الساعة العاشرة ليلا حيث توجه في ذلك التاريخ عبر احدى رحلات الطيران إلى القاهرة. ومنها ظل لقرابة ثلاث سنوات متنقلا بين القارة الهندية وأوربا، وأوضح في سياق حديثه الخاص مع صحيفة «الدار» أن هذه الفترة قضاها في مجال التجارة حتى أواخر أغسطس 1998م وقتها فكر في العودة إلى اليمن فكانت العودة في يوم 24/ 8/ 1998م إلى صنعاء قادما من دبي.

في قبضة المخابرات اليمنية

بعد وصوله إلى صنعاء وبعد خمسة وعشرين يوما من تاريخ وصوله تعرض للاعتقال على يد المخابرات اليمنية أي في تاريخ 19/ 9/ 1998م.

وقد مكث العميد بن معيلي قرابة عام في غياهب سجون المخابرات اليمنية بعد أن خضع لعمليات تحقيق مطولة «تحت تهمة» أنه عميل للمخابرات السعودية «لكن دون أن تقدم تلك الجهات أي دليل على ذلك الاتهام حسب روايته.

ويستند حول صدقية روايته بالبراءة من كل التهم التي وجهت له الى القول «ان الشعرة التي كانت تتمسك بها المخابرات اليمنية هي تأكيد زوجته الكويتية إلى أنه مازال لديه ارتباط بالمخابرات السعودية ولم تستطيع المخابرات إلصاق تلك التهمة به لأن المحكمة طالبت بحضور زوجته الكويتية للإدلاء بشهادتها أمام المحكمة ولم تستطع المخابرات إحضارها للشهادة وهو ما يؤكد أن زوجته الكويتية خضعت لعملية تضليل في وقت سابق حتى أدلت بذلك الاتهام حسب روايته.

وبعد مرور أكثر من عام أفرج عنه من سجن المخابرات ليخرج إلى أجواء الحرية، لكنه لم يكن يعلم سوى لاحقا أنه سينتقل من السجن الصغير إلى سجن اكبر.

لكنه يتحدث متحسرا «ان كل هوياته وأوراقه الخاصة لم يسمح له باستلامها ومن بينها ثمانية جوازات سفر يمنية صادرة من داخل اليمن وسفارات اليمن في الخارج ومن بينها أول جواز سفر خاص به الصادر في عام 1959م إضافة على بطاقته الشخصية والعائلية وسجل تجاري، وقال ان كل تلك الجوازات والأوراق استلمها محامي مصلحة الهجرة والجوازات ويدعى «عامر العزاني» حيث فرضت أجهزة الأمن في اليمن على بن معيلي المنع من السفر وقامت بالحجز على كل جوازات سفره وأوراقه الشخصية.

البحث عن النسب

يبدو أن الفراغ الكبير الذي عاشه بن معيلي بعد خروجه من السجن لم يكن معهودا له من قبل، بل أصبح مملا إلى حد السأم ومن هنا حاول أن يبحث عن ماضيه، الذي جاهد مرارا ان يتناساه طيلة أكثر من ستين عاما، فشعوره بالظلم الذي لحق به جعله يعيد التفكير في قبيلته ذات الصيت والشهرة والقوة، التي تقطن احدى المحافظات الواقعة شرق العاصمة صنعاء، لعلها تكون سببا في خروجه من مأزقه ومحنته.

ومن تلك اللحظة بدأت رحلة البحث عن الذات فقام العميد ويمكننا أن نتناسى قليلا هذا الرتبة العسكرية ولو قليلا ولنخاطب بن معيلي بأصله القبلي وهو الشيخ أحمد بن معيلي كونه سليل قبيلة عريقة في محافظة مأرب ذات قوة وشكيمة ومشيخة.

فوجه قبلته صوب محافظة مأرب التي تبعد عن العاصمة صنعاء قرابة 180كم شرقا ليخوض معركة التعريف عن نفسه، وليستذكر عبير أيام خلت من أيام صباه وطفولته.

لكن تلك الرحلة إلى مسقط رأسه مثلت صدمة لم يكن يتوقعها الشيخ أحمد بن معيلي حيث لم يكن يدور بخلده أن يتنكر له أقرباؤه وأهل قبيلته جملة وتفصيلا ورفضوا القبول بدعواه أنه منهم.

رواية من أيام الطفولة

وحول المرحلة يقول أحمد بن معيلي أنه غادر محافظة مأرب بمعية أخيه الأكبر وكان اسمه الحقيقي في حينها هو أحمد بن علي معيلي وقام أخوه الكبير «محمد بن علي بن معيلي (متوفى) بقطع جواز خاص له أيام عهد الإمامة أي قبل الثورة اليمنية وتحديدا في عام 1959م وكان عمره في حينها كما يقول «لا يتجاوز الـ14 سنة ويؤكد أن الجواز لا يزال موجوداً في حوزة محامي مصلحة الهجرة والجوازات في صنعاء.

ووفقاً لأقواله في محاضر التحقيقات فقد ظل يدعى بـ «أحمد عيسى» ويضيف ولكون شهاداتي وزوجاتي وأولادي جميعهم يحملون هذا الاسم فقد استمررت به.

وفي هذه الفترة يتذكر الشيخ أحمد بن معيلي عددا من ذكرياته ويروي منها «رفيق صباه وهو شخص يدعى (حمد بن المصَّيغ) ويقول إنه «صاحبه من أيام الطفولة وهو من الحصون في مارب» مستدلاً بعلامة في رأس الرجل (ضربة) ما زالت ظاهرة على إثر خلاف بينهما إذ كانا صغيرين.

الاعتقال الثاني

تطورت الخلافات على قضية النسب إلى حد بعيد ووصلت إلى القضاء والمحاكم وزادت الضغوط في ذات الوقت على الجهات الأمنية عبر مطالبات قبلية متعددة في الإفراج عن جوازات ووثائق بن معيلي للتخلص منه لكي يغادر اليمن.

وحول تفاصيل عملية الاعتقال يقول العميد بن معيلي «ابلغت عن طريق بعض الشخصيات أن معالي وزير الداخلية حسين عرب (في حينها) يرغب في لقائي شخصيا وتم اللقاء بمعالي الوزير».

ويمضي بن معيلي في حديثة للدار قائلا ان وزير الداخلية أبلغه أن ذلك اللقاء هو بأوامر الرئيس علي عبد الله صالح لمعرفة سر عدم العودة إلى اليمن بعد مغادرة العراق.

وفي ذلك اللقاء وافق وزير الداخلية على منحي جوازاتي وهوياتي، (تمتلك الدار ملفا كبيرا من الوثائق والمراسلات من بينها توجهات خطية لوزير الداخلية وقيادات عسكرية كبيرة أخرى)،حيث تمت مراجعة مصلحة الهجرة والجوازات بصحبة عدد من اقاربي من مأرب.

وحول عملية الاعتقال يروي الشيخ بن معيلي لصحيفة الدار أنه وستة أفراد من قبيلة (لم يكونوا كلهم على خلاف معه بل هناك العديد من قبيلته متضامون معه) وقد وصلوا إلى العاصمة صنعاء بهدف لقاء مع احدى الشخصيات الأمنية في إدارة مصلحة الهجرة والجوازات. وقبيل اللقاء تفاجأوا بعناصر أمنية تقول أين «آل معيلي»؟، فشعرت بأن هناك مؤامرة ضدنا فأومن لمن معي بالسكوت فقلت أنا من آل معيلي فقالوا هل هناك أشخاص آخرون معك؟ فأومأت بالنفي، فتم اقتيادي إلى مقر المخابرات اليمنية في صنعاء ومن هناك بدأت مرحلة جديدة في حياة بن معيلي من داخل السجون وكان ذلك اليوم هو يوم 6/5/ 2001م.

عميد في السجن بمسمى وديعة

لم يدم الوقت طويلا حتى تم نقل العميد أحمد بن معيلي من سجن المخابرات اليمنية إلى السجن المركزي في العاصمة صنعاء دون أي محاكمة أو دون تهمة محددة ودون أي مسوغ قانوني. ذلك السجن غير المبرر أدخل العميد أحمد في دوامة من الصراع النفسي هل هو في الوقت الحالي مسجون تحت أوامر رئيس المخابرات اليمنية أم أن أهله وأقرباءه قاموا بوضع الحيل والتنسيق مع جهات أمنية عليا في الدولة حتى يتم الزج به في غياهب السجون.

وفي هذه المرحلة دخلت مصلحة الهجرة والجوازات في المواجهة مع رجل المخابرات، حيث اتهمته مصلحة الجوازات بـ«الإدلاء ببيانات غير الصحيحة» وأنه غير يمني، لكنها لم تقدم أي دليل مادي يسند ادعاءها.

ومع ذلك فقد صدر قرار بتاريخ 18يناير 2003 من نيابة الجوازات والأحوال المدنية يقضي بالإفراج الفوري عن المتهم بن معيلي، لأنه، والكلام مسند إلى الملف الذي حصلت عليه الدار «أن الثابت في الأوراق خلو التهمة من أي دليل مادي ولم تقدم المدعية (مصلحة الجوازات) ما يثبت دعواها بدليل لإسناد التهمة»، لذلك السبب، واستناداً إلى تقديم المتهم (أحمد بن معيلي) ما يثبت جنسيته اليمنية من صور لبطاقة شخصية، عائلية، جوازات سفر يمنية؛ قررت النيابة إسقاط الدعوى بالتقادم، بل أكدت: «الثابت اكتساب المذكور للجنسية». هذا القرار من النيابة المختصة عُزِّز بتوجيه خطي من وكيلها، فؤاد النجار، إلى مدير السجن المركزي بالإفراج الفوري عن احمد بن معيلي «تنفيذاً لقرار النيابة، وتضيف احدى المذكرات «ونحملكم مسؤولية تأخير تنفيذ هذا»،. لكن كل تلك التوجيهات تبخرت في السماء.

بعد ذلك قاد العميد المسجون حملة من النضال من داخل سجنه للبحث عن الحرية، حيث قام بمراسلة العديد من الجهات ذات العلاقة في الدولة باحثا عن أي بارقة أمل ليخرج من ظلمات السجن بأي حال من الأحول.

كما طالب من إدارة السجن المركزي مبررا حول سجنه وتحت أي مسمى وهو الأمر الذي أحرج إدارة السجن وقامت بالتواصل مع أكثر من جهة لمعرفة لماذا وضع أحمد بن معيلي في السجن.

حيث وجه وكيل نيابة السجن المركزي خطاباً إلى رئيس نيابة استئناف شمال الأمانة بتاريخ 1/1/2006 برقم (1350) مع شكوى للسجين، جاء فيها «إن أحمد بن معيلي مسجون بدون تهمة محددة وبدون أي مسوغ قانوني».

وأضاف في شكواه الشخصية المرفقة أيضا ««إذا كان احتجازي إرضاءً من اجل إخواني في مأرب مقابل مصلحة متبادلة بينهم ورئيس الجهاز فأنا مستعد لأن أعلن رسمياً بأنه ليس لي أي علاقة بهم وانسحب منهم إلى الأبد»، وإذا كان الجهاز- المخابرات اليمنية - يدعي أنني غير يمني فعليهم تقديم ما يثبت ذلك.. هل النظام والقانون يستطيعان أن يمنعا عني ظلم رئيس جهاز الأمن السياسي؟ وهل يستطيعان رفع الظلم وإطلاق سراحي؟!

وترجع بعض المصادر المحلية في حديثها لـ «الدار» أن سبب تخوف بعض أفراد أسرته الاعتراف بنسبه هو خوفا على التركة الكبيرة التي تملكها تلك الأسرة.

منظمة حقوقية تبنت قضيتي

بعد مضي 6 أعوام من سجنه الثاني تمكن من توكيل مؤسسة «هود» للدفاع عنه، فرفعت المؤسسة فوراً دعوى تعويض ضد رئيس الجمهورية إلى محكمة جنوب غرب الأمانة عبر مؤسسة علاو للمحاماة والاستشارات القانونية باعتباره مسؤولاً عن الجهاز المركزي للأمن السياسي والمخابرات، وطالبت فيها بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت به جراء الأفعال غير المشروعة التي قامت بها تلك الجهة وإخلال رئيس الجمهورية بأداء الواجب الملقى على عاتقه بنص الدستور وذلك بعدم كفالته حرية موكلها الشخصية والحفاظ على كرامته وأمنه كما جاء في المرافعة التي قُدمت إلى المحكمة المذكورة بتاريخ 18 يونيو الجاري.