اليمن ما بعد الرئيس
بقلم/ محمد علي محسن
نشر منذ: 13 سنة و 8 أشهر و 21 يوماً
الثلاثاء 08 فبراير-شباط 2011 09:08 م

على الأحزاب والقوى السياسية والوطنية في الساحة اليمنية الانتقال من حالة المطالبة للرئيس علي عبدالله صالح ونظامه إلى حالة المواجهة لما بعد الرئيس والنظام ، ففي كل الظروف يجب أن يستفيد الجميع من درسي تونس ومصر ، فلا يكفي المطالبة بسقوط رأس الدولة ونظامه وإنما يتوجب مواجهة ما بعد حُكم الرئيس لئلا يجد اليمنيون أنفسهم في خضم فوضى غير خلاَّقه بل كارثية ومدمرة .

ما حدث في تونس ومصر من انفلات أمني ومن غياب لسلطة الدولة بلا شك يدعونا للتساؤل عن ماهية الكارثة المدمرة التي قد تحدث في حال تكرر سيناريو التونسة والمصرنة ؟ فإذا كان هذين الانفلات والغياب قد حصلا في مصر وتونس وتم مواجهتهما بوعي مجتمعي وبمؤسسة الجيش ، فأننا لا نعلم كيف سيكون الحال في اليمن ؟

فالواقع أنه لا توجد ثمة مقاربة بين الحالتين المصرية والتونسية وبين الحالة اليمنية ، ففي اليمن لا توجد دولة كتلك الدولتين القائمتين على أرضي الكنانة والزيتون ناهيك عن أن البون شاسعا بين المواطن المصري أو التونسي الأعزل من السلاح والمدرك بقيمة الدولة المدنية وبين المواطن اليمني المتسلح بثقافة البارود والقبيلة .

لذا لا يمكن التعويل على حيادية المؤسسة العسكرية أو استقلالية القضاء أو وعي المجتمع اليمني بأهمية الدولة المدنية الغائبة بقضائها وسلطتها وقوتها ودستورها وحتى مجتمعها الذي مازالت تفتك به الو لاءات القبلية والطائفية والمناطقية والجهوية .

ولأن الواقع يؤكد بأن الدولة الجامعة لكل اليمنيين مازالت على الورق ، فأنه يستدعي من كل القوى الوطنية العمل من أجل التغيير ولكن مع الأخذ بالاعتبار لما بعد حُكم الرئيس والذي ربما قد يكون أسوأ من سيناريو مصر وتونس ،فنظراُ لكثير من الفوارق المجتمعية والثقافية بين اليمن ومصر وتونس فأنه يستلزم اليمنيين التفكير جلياً بالنتائج التي قد تحدث في المستقبل .

فإذا كانت انتفاضة الشباب في تونس ومصر بدأت عفوية ومباغتة للجميع فأنه لمن البديهي أن تلتحق بها أحزاب المعارضة وكذا النخبة المثقفة فالحركة هنا دافعها اجتماعي مطلبي كالمعيشة المتردية والبطالة والفساد وغيرها من الأشياء الضرورية لتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية وعلى هذا الأساس كان ولابد من بلورة هذه المطالبة الشعبية والارتقاء بها إلى مصاف المطالبة السياسية بالإصلاحات والحريات والعدالة الاجتماعية بل ووصلت إلى المطالبة بإسقاط النظام وبتنحية الرئيس وكل رموزه .

في اليمن الأحزاب والجمعيات والنقابات هي من يخرج المواطن إلى التظاهر والاحتجاج ، فعلى عكس تونس التي لم يتح لأحزابها ونقاباتها التظاهر في الشارع أو مصر التي انتظرت أحزابها طويلا لحتى تلتحق بانتفاضة الشباب المباغتة يوم 25 يناير فأن الأحزاب والنقابات والجمعيات في اليمن كانت سباقة لحركة الشارع وهذه مزية تحسب للمعارضة اليمنية وبذات الوقت تضع على كاهلها مسئولية كبيرة خاصة وأنها هنا الحامل لمسألة التغيير الجذري لمجمل المنظومة السياسية العتيقة .

وإذا كانت المعارضة بكل أطيافها الفكرية تعد حالة متقدمة مقارنة بمعارضة تونس ومصر ، فأن تفردها هذا يعيبه غياب المبادرة الجريئة والحاسمة ، فبقدر ما كانت أحزاب المعارضة سباقة لأية انتفاضة شعبية فأنها من ناحية أخرى استنفدت الوقت والجهد وحتى الكرامة والدم في معركة لا تنتهي مع الحُكم ، فلولا ما جرى في تونس ومصر لما أعلن الرئيس عن تراجعه عن التمديد والتوريث للحكم وكذا التأجيل للانتخابات النيابية .

المطلوب اليوم من المعارضة السياسية ومن كافة القوى الوطنية ألا تكون المهمة الماثلة لها هي مطالبة النظام بالتغيير ،وبحشد قواعدها وأنصارها في الميادين وأمام عدسات القنوات والصحف ، فحسب معرفتي أن مطالبة اليمنيين الملحة اليوم تتعدى بكثير مطالبة الأحزاب ، هذه المطالبة لا تقتصر على الهتاف الغاضب أو التظاهر الكثيف وإنما تجاوزت إلى التغيير الفعلي والموضوعي للنظام الفردي العصبوي والى تحدياته المتوقعة . نقول هذا الكلام بعد رؤيتنا للمشهدين المصري والتونسي ، فإذا كانت معاناة الأشقاء من رأس السلطة ، فكيف بشعب يشكو من غياب الدولة ومن هيمنة حاكم ؟؟ .