للمشترك : إذا هبت رياحك فاغتنمها
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 13 سنة و 9 أشهر و يوم واحد
الجمعة 18 فبراير-شباط 2011 03:50 م

الشعب يريد إسقاط النظام شعار تردد في أوساط الشباب بتونس وانتشر كضياء الصبح في ظلام الليل ممتدا إلى مصر المحروسة ومنه إلى كل امة تجددت فيها الإرادة لنيل حريتها من القهر والظلم والفساد .. وفي اليمن يتردد هذه الشعار ولكن مع فارق جوهري هو أن الشعوب الأخرى توحدت وانصهرت طاقاتها في بوتقة واحدة متجاوزة خططها وأهدافها المرسومة داخل كيانها التنظيمي الواحد .. فشهد ميدان التحرير المسلمين والأقباط .. الإخوان واليساريين .. العلمانيين والفقهاء .. الفنانين والعلماء .. جميعهم توحدوا لإسقاط نظام زاد فساده وتجاوز ظلمه مداه كلهم يتغنون في حب مصر الكبيرة لا عصبية لهيئات صغيرة ..

وأما في اليمن فما زال التفرق هو السائد بين الشعب وأقصد هنا الفئات المنتمية تنظيميا أو موالاة إلى المؤسسات السياسية المعارضة فالشعب فيها قد حول المعركة إلى ملاسنة وملاحاة فيما بينهم وصار كل طرف يشكك في هدف الآخر ونواياه وصدق موقفه وثبات مبدأه .. لأن الجميع قد أيقن أن الشارع مل من الحزب الحاكم وممن يقوده فبقيت هناك قوتان تتنازعان عاطفة الجماهير وولاءه فظن كل طرف أن الطريق يمر عبر تشويه مسيرة الأخر وسحب البساط الشعبي من تحته وهز ثقة أعوانه ومريديه .. فصار الاتجاه السائد بينهما هو التشويه وتبادل الاتهامات بالخيانة والضعف والاختراق وعدم التخطيط وسوء التنظيم وغيرها من التهم والإساءات .. ويتابع احدهما فعاليات الأخر ويسعى في خرابها ومهاجمة أفرادها كما حصل في عزان والمكلا .. فمثل هذه الأفعال لا تخدم القضية السامية التي يسعى الجميع لتحقيقها من العدل والحرية والمساواة ونشر روح الأخوة والمحبة بين الناس.. فالمستفيد من ذلك هو الحزب الحاكم لا محالة .. فان كانت المعارضة تتمتع بهذه التهم فهذا يعني أن الحاكم هو الصادق المؤتمن وهذا غير صحيح مطلقا .. فمتى تتكاتف الجهات الشعبية ككيان واحد لتكون قوة ضاربة تدك قلعة الظلم وقصر الظلام ..

وبرغم إعادة الشرح مرات عديدة وعلى يد أكثر من معلم وزعيم فما زال حاكمنا ومستشاروه يكررون الوسائل الفاشلة كالمظاهرات المؤيدة ونشر البلطجية لإرهاب الناس وسن قوانين تساعد على الفتك بهم .. متجاهلين بغباء أن هذه المظاهرات لم تنفع حسني مبارك وهذه البلطجة لم تفد حبيب العادلي .. وهذه البطانة المنظرة والمخططة ذهبت إدراج الرياح وصار كل حاكم مخلوع يلقي اللوم عليهم .. خدعوني .. كذبوا علي .. هم السبب ربنا ينتقم منهم .. فهي كذلك لن تنفعهم في اليمن وليبيا وغيرها من البلدان !

ـ ولكن أكثر ما يحيرني في اليمن أن أحزاب اللقاء المشترك كذلك لم تستوعب الدرس ولم تغتنم الرياح الطيبة التي هبت قبل أن تسكن وتهدأ .. فمطالب الشعوب اليوم رحيل الحكام وبطانة فسادهم .. وقد حققت هذه الشعوب المستحيل مع هامان تونس وفرعون مصر برغم استبعاد الكثيرين حدوث ذلك .. فهل يصعب على شعب اليمن أن يزيح أسوده العنسي وإن ادعى التملك وقوة البنيان ؟! فرأيي الشخصي أن دعوة المشترك للحوار أمر لا يستساغ من قبل الشعب المتوقد حتى وأن علل وحلل لموقفه ذاك .. وهو موضوع لا يواكب أطروحات الأمة في مواطن نزالها اليوم .. أما تكفينا تجربة حوار سنين مضت وخبرات عقود فاتت .. كما أن التخوف من سوء العاقبة والتردد من المجهول لا يصنع الغد المشرق ولا يحقق المأمول .. فاليوم لم تعد تتحرك بالقضية التنظيمات وان كان لها دور فاعل فيها ولكنها قضية شعب .. شباب الجولات والبطالة يتحركون .. رجال لا يعرفون في حياتهم تنظيما ولا تحزبا يثورون .. نساء وأطفال يزأرون .. إن كان فيما مضى نقنع أنفسنا أن الشعب لن يتحرك وان من سيخرج للهبات الشعبية هم أهل العهود والانتماء فقد تحطم سبب الوهن وعذر التهاون وها هي وفود من عامة الناس بدون انتماء تنظيمي ولا حزبي تزحف .. يحركها انتماء الوطن وحب التغيير وكره الفساد .. و يجب التعلم من احد شباب ثورة مصر حينما قال : كانت مطالبنا بسيطة ولم نتوقع أن يتحقق لنا هذا كله .. قلت : نعم تحقق سقوط النظام لأنكم خرجتم فقط فكان الله معكم فوهبكم اكبر مما خرجتم لأجله .. وقد خرج الرسول للقافلة يوم بدر ووهبه الله النصر الأكبر .. ويشهد الله أننا لا ندعو لفتنة ولا إلى خروج مسلح كما يحلو للبعض أن يقول به ولكننا فقط نرفع صوتنا ونعلن موقفنا في وجه حاكمنا أنه يكفيك ما قد سلف .. اليمن ليست آل الصالح فحسب !!

فالحذر أيها المشترك .. من تجاوز شعرة الفصل بين المحمود والمذموم ..

بين الصبر والخنوع.. بين الطيبة والسذاجة.. وبين الحكمة والخضوع .