خالد الرويشان يتحدث عن تصرفات حوثية لن يتخيّلَها حتى الشيطان:عارٌ علينا أن نصمت اللواء العرادة يطالب المجتمع الدول بإتخاذ تدابير عاجلة تجفف منابع الدعم الخارجي للمليشيات مليشيات الحوثي تحول مدارس صنعاء إلى معسكرات تدريب للطلاب حزب الإصلاح يلتقي بعيدروس الزبيدي مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية
هذه الحلقة (1- 5) نقدية أدبية تدرس رواية (شيئٌ من الخوف) للكاتب المصري الكبير ثروت اباظة (1927-2003) كرواية اجتماعية سياسية، الرواية حققت نجاحاً كبيراً منذ إصدارها عام 1969 ثم تجسيدها سينمائياً على يد المخرج حسين كمال، من بطولة محمود مرسي (عتريس)،شادية (فؤادة)،يحيى شاهين (الشيخ إبراهيم) ومحمد توفيق (حافظ، ابو فؤادة)..
أود أن أقدم للقراء والقارئات –مختصراً- نبذة عن الكاتب الروائي ثروت اباظة..هومن الكتاب الأدباء المدافعين عن جمال اللغة العربية الفصحى بمصر واستعمالها كلغة للكتابة الأدبية، ويمثل ثروت اباظة مدرسة الإنتماء العريق للثقافة العربية والإسلامية في مواجهة انصار العامية والتغريب والفرنكفونية الفرنسية من امثال طه حسين وسلامة موسى وغالي شكري ولويس عوض، ظلمه النقاد والإعلام الغربي والعربي بسبب اعتزازه بأصالة الإنتماء، وله مقالات ومناظرات ترد على تيار طه حسين التغريبي ومدرسة التقليد للغرب..
عنوان الحلقة التحليلية الروائية هذه لم يكن حديثاً عارضاَ ولا موجةَ عابرةَ في دراسة شخصية توكل كرمان، أبرز معارضة سياسية عربية يمنية في مستهل القرن الواحد العشرين...موضوع الدراسة المختصرة هذه توحي أن الكاتب ثروت اباظة جسَّد بشخصية (فؤادة) في روايته (شئٌ من الخوف)أنموذجاً للشخصية النسائية المعارضة لواقع الظلم الإجتماعي وينطبق أيضاً على واقع الظلم السياسي كشخصية يمكن قراءتها في أكثر من مناسبة وفي أكثر من بلد ببدائل نسوية قابلة للتكرار أو الإضافة أو الزيادة أو الإثراء...
في ميدان النقد والتحليل الأدبي يتكلمون –بإيجاز واضح وبسيط للقراء- عن فكرة مفادها أن الروائي أو الكاتب يعرض بدائل شتى للواقع الإجتماعي والسياسي سواءً من حيث الشخوص أو البيئة الإجتماعية أو الواقع الإجتماعي والسياسي، حيث يتخيل الكاتب الروائي هذا الواقع بصور كثيرة يمكن حدوثها، فهي قابلة للحدوث في الواقع وممكنة التصور بتصويرات كثيرة وصور وبدائل كثيرة للحدث وللشخصية أو الشخوص..، حتى قالوا أن الوظيفة الأساسية للكاتب هي التفكير ببدائل ممكنة لتغيير الواقع أو التعبير عنه..
ببساطة أكثر واقعك الإجتماعي والعائلي في صنعاء صورة محددة لكنها ستختلف لو كنت في عدن أو دمشق أو بيروت مثلاً،حيث لا يوجد صورة نهائية لواقع أجتماعي محدد ولا فكرة تخيلية واحدة لأنشطة وإنجازات الفرد والمجتمع، ومن ثم يتنوع حتى أشكال الظلم السياسي والإجتماعي بصور وبدائل ونماذج كثيرة يمكن للكاتب تخيلها وإنتاج صور كثيرة لها تشترك وتتفق خصائصها في أكثر من زمان ومكان بتنوعات متشابهة أو مختلفة ..
وعلى هذا الأساس شخصية العُمدة الظالم (عتريس)- في رواية ثروت اباظة المذكورة- يقتنع بها كل من قرأها أو شاهد الفيلم لأنها نسيج روائي معقول ومصدق ويمكن حدوثه ومشاهدته في واقع المجتمع سواءً في مصر أو غيرها...، وكذا شخصية (فؤادة)التي تصدتْ لظلم عتريس ورجال عتريس، شخصية يتفاعل المشاهد أو القارئ معها بكل عفوية وانسيابية، فهي شخصية موجودة في الواقع بنماذج نسائية كثيرة تلعب نفس الدور في المقاومة والتصدي لظلم العُمدة (مصر) أو الشيخ (اليمن) مثلاًُ... ، ولهذا لو عاش الكاتب ثروت اباظة في اليمن ورأى( توكل) لما تردد أن يتخذها شخصيةً بديلةً لـ (فؤادة) بعرض آخر مختلف عن (فؤادة) أو مقارب لها، ... الفرق هنا في الزمان والمكان، لكن السيكولوجية البديلة واحدة، وقلتُ في حلقة سابقة بعنوان (توكل كرمان في تناص مع الشابي)-حيث أطلقتْ توكل عبارة انفعالية عفوية (عدو الحياة)- قلتُ ان (توكل) في لحظة فكرية وشعورية من التوافق والتناص والإقتباس العفوي في اللا شعور مع قصيدة ابي القاسم الشابي التي مطلعها :-
الا أيها الظالمُ المستبدُّ *** عدوُّ الإلهِ عدوُّ الحياه
التأمل الكوني للنص المنظور: شخصية المناضلة الفريدة في تكوينها الإنساني الثائر النبيل توكل كرمان، ثم عبارتها في مقالتها المكتوبة: ((عدو الحياة))، والقراءة المتأملة للنص المكتوب المسطور للشابي الا أيها الظالم المستبد، تناص كوني وإنساني وتناص إبداعي امتزج فيه المسطور بالمنظور كلفتة كونية بديعة أسرتْ لب وفكر المشاهد أو القارئ أو المتذوق أو الجمهور أو جماهير الشعب أو عشاق الشعر والفكر والنقد أو أنصار النص وعشاقه ...الى آخره..
َيعني ببساطة وإيجاز، امتزجتْ إنسانية وثورية وكونية الشاعر الشابي بلحظة انفعالية غير مقصودة مع كونية انسانية انفعالية نبيلة ومع عبارة مكتوبة في اللاشعور (عدو الحياة)لـ توكل ومع شخصية توكل نفسها كـ كتاب إنساني منظور أو كـ نص مشهود يقرأه الشعب ...
وكقراءة أزلية لحركة الكون يصح في هذا التناص العكس ولا يهم هنا من بدأ كتابة النص أولاً، لأن مقاييس الزمان والمكان المادية الأرضية يتم تجاوز حدودها وكسر نواميسها لمصلحة تناص أزلي مدون ومسطر مسبقاً في الفطرة الإنسانية السرمدية...
مثال آخر يوضح مفهوم اختراع البدائل التصويرية الروائية للواقع الإجتماعي والسياسي والتاريخي أحياناً، قصة (عنترة بن شداد) بطولة فريد شوقي (عنترة) و كوكا (عبلة)..مشاهد ووقائع الفيلم أو القصة تقنعك كمشاهد أو قارئ أن هذا بالضبط هو ماحصل من قصة الفارس عنترة بن شداد مع قومة بني عبس وقصته مع حبيبته (عبلة) علماً أن الواقع التاريخي الحرفي للقصة ربما يكون مختلفاًُ تماماً لكنْ ما شاهدناه في السينما من خيال روائي تصويري وحواري كان مقنعاً جداً...، هذا هو البديل الروائي السردي للواقع التاريخي ..
"توكل" كشخصية بديلة لـ "فؤادة" في رواية ثروت اباظة
شخصية (فؤادة) في رواية ثروت اباظة- من هذا المنطلق-ليست هي الشخصية النهائية لهذا الدور بل هي بديل واحد من مئات البدائل لشخصية ودور (فؤادة) بوقائع بديلة كثيرة مشابهة ومقاربة وممكنة الحدوث في الواقع السياسي والإجتماعي..
الفكرة العامة لقصة ثروت اباظة " شيٌ من الخوف"
ملخص رواية (شيٌ من الخوف) أن فتاة ريفية اسمها (فؤادة) تحب ابن العُمدة الفتى الريفي البريئ الشهم (عتريس)، لكن والد الفتى (العُمدة الأب) رجلٌ ظالمٌ شديد القسوة والظلم على الفلاحين، ومسكونٌ بهاجس من سيرث العمادة أو العمودية من بعده فلا يجد غير ولده البريئ الذي يحب السلام والحَمام، فأول شيئ يفكر فية العُمدة الأب هو كيف يحيل ولده عتريس من حياة البراءة الى حياة القسوة والعنف كتدريب عملي له ليرث العمودية من بعد أبيه كعُمدة قوي لا يرحم، فأول ما يفاجئ به الفتى البريئ أن ينزع والده الحَمامة من يده ثم يذبحها بالسكين بقسوة فيرميها مضرجةً بالدم على وجه الفتى البريئ، كأنما يقول له ( ان خليفتي من بعدي لا ينفع أن يكون في مثل حبكَ للحَمام والطيور والطهر البريئ الساذج)..
ويشب عتريس ويشب معه حبه لرفيقة صباه (فؤادة) لكن عتريس اليوم لم يعد ببراءة الأمس، براءة الصبا فهو العُمدة الشاب من بعد أبيه، فقد قتلتْ البراءة بداخله وصار شخصاً آخراً وعتريساً آخرأ، يسلك مسلك ابيه في القسوة على الفلاحين وممارسة كل أصناف التخويف والظلم والبطش عليهم، أرهبهم، وداس رجاله بحوافر الخيل على أكواخ الفلاحين الضعفاء والغلابة، ولم يوجد من يوقف هذا الخوف ومن يوقف (عتريس) وظلمه لأهل البلدة غير (فؤادة) حبه القديم..
تتصدى له (فؤادة) بعد أن خاف كل الفلاحين،ولما لم يستطع ان يقتلها راح عتريس يريد أن يتزوجها بعقد زواج مزور بتخويف والدها الفلاح الضعيف المغلوب على امره(حافظ) لكن (عتريس) لم يفلح في تملكها كزوجة لأن (زواج عتريس من فؤادة باطل) كتبتْ هذه العبارة على الجدران، أول من كتبها (الشيخ ابراهيم)إمام مسجد القرية بعد القاء كلمته بالمصلين من اهل القرية في المسجد يشرح فيها ان المؤمن الحق لا يسكت عن الظلم، ثم كتبها الفلاحون المقهورون ببطش وتنكيل عتريس بعد ذلك، بعد مراحل طويلة من استسلامهم للخوف والرعب من (رجال عتريس) ومن بطش (عتريس) وجواسيسه .. قتل عتريس زين شباب الفلاحين (محمود) ولد (الشيخ ابراهيم)ليرهب الشيخ عن قولة الحق في المسجد وتحريضه على عتريس بالعبارة التي اسقطت عتريس في نهاية القصة : (( زواج عتريس من فؤادة باطل))..
شاعر وناقد أدبي
a.monim@gmail.com