عاجل : السعودية تشارك في تطوير وتصنيع مقاتلات الجيل السادس مع ثلاث دول أخرى
أعضاء في الكونجرس الأمريكي يقدمون للرئيس ترامب مقترحا حاسما للقضاء على تهديد مليشيا الحوثي .. عاجل
تحرك رئاسي لإجراء مشاورات مع الفاعلين الاقليميين والدوليين حول مستجدات الاوضاع
المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر يكشف عن توقعاته بوضع الطقس في المحافظات الشماليه والجنوبية خلال الساعات القادمة
ملتقى الفنانين والأدباء يُحيي عيد الفطر المبارك بفعالية ثقافية وفنية بمحافطة مأرب
الحكومة اليمنية توجه انتقاداً لاذعاً لزيارة غروندبرغ إلى إيران
العراق يتعهد بمنع أنشطة الحوثيين على أراضيه ... ويقيد حركتهم
العليمي يغادر عدن في مهمة ومصدر في الرئاسة يكشف التفاصيل
وزير دفاع الحوثيين يخاطب الإدارة الأميركية: ستدفعون الثمن باهطاً وستهزمون فنحن قوة جبارة يُصعب النيل منها وتسليحنا متطور لا مثيل له على مستوى جيوش المنطقة وقد أعددنا انفسنا لمواجهتكم. عاجل
بعد عودته من إيران.. المبعوث الأممي يوصي بمقترحات جديدة عقب الضربات الأمريكية على مليشيا الحوثي
هكذا اكتملت الحكاية، ويمكن القول إن صفحة من تاريخ اليمن تُطوى، أو أنّها قد طويت وإلى الأبد. لُفّت بآلامها وحروبها، بفظاعاتها وقهرها، بارتباكاتها وانتكاساتها.
اكتملت الحكاية الجمعية، ولم يكن لخاتمتها، التي لم تنته، إلاّ أن تبدو على هذا النحو.
لقد ظنّ كثيرون أنّ علي عبد الله صالح أقلّ غباء، سيستوعب ما جرى في تونس ومصر ويمضي مبكراً، بلا تكلفة زائدة؛ إلاّ أنّه بدا عكس الظنون، إذْ أراد أن يكون سقوطه مدوياً، تتبعه هالات فرح، من النّاس، أكثر اتساعاً، ومناداة لمحاسبته أشدّ إصراراً.
ثمانية حروب ومئات المعارك خاضها مهووس الحُكم ضد ما يُعتبر شعبه، جنوباً وشمالاً، من عدن إلى صعدة، في أوقات لم يكف فيها الحديث عن أمن الوطن واستقراره. كأنّ الوطن لا يعني ساكنيه، أو أنّه يتمثّل، فقط، في الرايات التي تُوزّع مع صور الرئيس على واجهات وأعمدة الشوارع، في كلّ مناسبة موصوفة بالوطنية. أو أنّه شيء غير مدرك، تتردد صفته مع النشيد (الوطني) كلّ صباح في المدارس.
على أكثر تقدير، بدا الوطن للبعض عبارة عن قبر، فقد قام المقرّبون من الحكم بالاستيلاء على أراض شاسعة من الدولة والناس، لتعمير مشاريعهم، فيما لم يجد كثيرون قيمة أمتار قليلة من الأرض ليدفنوا فيها بعد موتهم. لهذا، فالقبر هو ما يربط معظم ناس اليمن بوطنهم، يحرصون على تحديده وإبرازه، وكأنّهم، هم الذين فقدوا الحياة أو معناها، على الأقل، لا يعيشون سوى في قبورهم.
بقدر ما فرّغ الوطن من معناه، كان يفرّغ معنى الثورة، ثورة 26 سبتمبر 1962، ويغيّب أهدافها في الممارسة، مع أنها مرفوعة يومياً كشعار. لم يقصّر صالح في هجوه فترة حكم الإمامة و(استبداد الإمام)، ولم يغفل إعلامه، بمناسبة وبغيرها، المقارنة بين الحاضر (المزدهر بالانجازات العظيمة) للموصوف بصاحب الفخامة وبين فترة الإمامة، ومضى وقت إلى أن أدرك الكثيرون أن صالح بقي في السلطة ثلاثة أضعاف المدة التي بقي فيها آخر إمام لليمن، وأن الأفضل لهم مقارنة الحاضر اليمني بالمستقبل، ومع ما أنجز في الدول المتقدّمة، وليس مع الماضي وظروفه الزمنية الخاصة.
المنجز المهم، الذي التصق بفترة صالح، وهو قيام الوحدة اليمنية (22مايو 1990)، فُرِّغ، أيضاً، من معناه وضاعت بهجته بعد سنوات قليلة من تحققه، إذْ أمضى صالح إرادته في الانفراد بالحكم، بالقوّة ومراوغتها، فعمل على إقصاء المشاركين له ولحزبه في إقامة الوحدة اليمنية (الحزب الاشتراكي اليمني)، وأصبح علي سالم البيض، الذي تنازل عن السلطة كرئيس دولة في جنوب اليمن لصالح الوحدة مع الشمال، مجرّد حامل صفة نائب رئيس، لا عمل له.
هكذا أوصل صالح الوضع إلى إعلان الحرب في صيف 1994 ضد المطالبين باحترام الشراكة الوحدوية وحق المشاركة السياسية، ورفع شعار (الوحدة أو الموت)، لتصبح الوحدة، كما أرادها، معمّدة بالدم ومجالاً لزيادة نهب الثروات، وليس كما أريد لها أن تحــفل بالتنــوع والحــياة والمشاركة.
وفي ظل ما كرّسه كممارسة لما يسمّيه بالديموقراطية كمّ الأفواه، بزعم القانون أو بدونه، وأدخل منتقديه السجون، وكرّر انتخابات لا يفوز فيها إلاّ هو وحزبه.
مع كلّ ما جرى، لم يقبل مبادرات تعالج مشاكله، ابتداء من وثيقة العهد والاتفاق عام 1994إلى مبادرات لجان الحوار الأخيرة. لم يكن هناك سوى مبادرة وحيدة، مقبولة لديه، يعيد صياغتها بعبارات عديدة، تشير كلّها إلى أنّه متمسّك بالسلطة وباق فيها، إلى حين يحدّده هو.
بقي ناس اليمن يتخلّقون في مواجهة هذا التعنّت بأشكال عدّة، وحين حقّق التونسيون مطمحهم وتبعهم المصريون، صار مثالهم أكثر وضوحاً ووجهتهم أجدى خبرة، ورأى كثيرون أنّ مشكلتهم واحدة؛ وإنّها لا تشير إلاّ إلى هذا الفرد المتفرّد في حكمه علي عبد الله صالح.
اليوم، والحال هكذا فيه، يمكن القول إنه يجوز، كما أظن، التعبير بأية عبارة، ما لا يجوز في أيّ يوم آخر، إذ خلاصة العبارة أنّ صالح، في معظم ممارساته، لم يكن يتفخّم أو يتزعّم أو يقود، وإنّما كان يتسقّط، سقطة سقطة، فيما كان اليمنيون يتخلّقون، يعيدون تشكيل وجهتهم من جديد، بطريقة يمنية مختلفة.
هكذا، إلى أن اكتملت الحكاية، مع أنّها لم تنته بعد.
alialmuqri@gmail.com
*عن (الأولى) و(السفير).