الى السيد بيتر ديمتروف ... لم نعد صغاراً فافهمها
بقلم/ توكل كرمان
نشر منذ: 15 سنة و 9 أشهر و 6 أيام
الخميس 19 يونيو-حزيران 2008 09:54 م

الإهداء إلى العزيزة روبن مدريد تقديراً وشوقاً

أخشى أن هناك إحباطاً شعبياً عاماً أضحى يرى في الانتخابات اليمنية مضيعة للوقت، وهو إحباط شامل يتعزز مع كل دورة انتخابية تعيد الفاسدين إلى سدة الحكم وتقدم رسالة خاطئة لجماهير الناخبين مفادها أن البطاقة الانتخابية غير ذات جدوى.

مطلوب من الحريصين على تنمية التجربة الديمقراطية في اليمن من الأصدقاء والأشقاء والمراقبين أن تتجه جهودهم لتعزيز التجربة كثقافة في وجدان الهيئة الناخبة تجعلها تنحاز إلى البطاقة الانتخابية باعتبارها الخيار الأمثل والأوحد للتغيير، لا سبيل لذلك التعزيز مالم يشعر الناخب العادي أن جزءاً من أهدافه قد تحقق مع كل دورة انتخابية . إن أسوء ما قد يعيق التنمية الديمقراطية أن تصل الجماهير إلى قناعة راسخة في أن صوتها الانتخابي ليس له قيمة ولن يأتي بما هو أفضل .   

 * حزمة إصلاحات أولاً
 

أجزم أن هناك حدود دنيا من الانجازات مطلوب من قيادة المشترك أن تنجزها كشرط للتوافق مع الحاكم حول الدخول في الانتخابات القادمة إن أرادت أن تحافظ على تماسك أحزابها، وإن لم فستكون قد اختارت أن تطلق على نفسها رصاصة الرحمة، مانعلمه بالضرورة أن الانتخابات آلية لتداول مؤسسات السلطة الديمقراطية ولا أعتقد أننا مضطرون اليوم لأن نذكر إدارة المنظمات المعنية بالتنمية الديمقراطية أن مؤسسات الدولة الديمقراطية تأتي أولاً في عملية سابقة للانتخابات.

 أيها السادة .. لن تفضي الانتخابات إلى شيء، وستكون غير ذات معنى إن لم تسبقها حزمة من الإصلاحات تكفل قيام مؤسسات الدولة الديمقراطية أولاً ، وتؤدي إلى فصل السلطات وتحقق الحكم المحلي كامل الصلاحيات وتبسط الحقوق وتصون الحريات، هذه الحزمة يتم إنجازها قبل الذهاب إلى الصندوق، بالتوافق مع الحاكم أو بانتزاعها منه أو حتى بإرادة خيرة من الحاكم تبين من التجارب أنها يمكن أن تحدث هنا أوهناك ، عند ذلك فقط صناديق الاقتراع وطوابير الناخبين يمكن أن تؤدي إلى شيئ ويمكن أن تضمن تداول رئاسة مؤسسات السلطة الديمقراطية، بغير ذلك فإن الصندوق سيظل وسيلة فعالة فقط لمسخ التنمية الديمقراطية وإصابة الجمهور بالاحباط الشامل.

* موظف التحويلة وأمناء العموم

أستغرب وأستهجن بحسرة كيف يدعونا أرباب الديمقراطية لدخول انتخابات تنافسية مع الحزب الحاكم وكل إمكانات الاعلام والمال الرسمي والوظيفة العامة مسخرة لصالحه، أجزم أنكم توافقونني الرأي كم يبدوا الأمر مثيراً للأسى عندما نسمع مثل هذه العبارات من مدير مؤسسة عريقة كالمعهد الوطني الديمقراطي الامريكي NDI والتي يقولها بعد أن يبذل مايكفي من الإيحاءات لكي يعطي انطباعاً أنه لا ينطق عن الهوى بل مصدر مسؤول وناطق باسم الأمريكان شعب وإدارة ومجتمع مدني ومارنز أيضاً كما يصر أن يوحي بذلك المدير الجديد للمعهد السيد بيتر ديمتروف!!

من حق "بيتر" أن يزعم أن لديه ما شاء من الهيلمان وسعة السلطان ، لكنكم قد تتسائلون معي إن كان بيتر مضطراً لأن يبدوا وكأنه نسخة مكررة للبركاني وافتتاحية صحيفة الثورة . نتفهم أن يكون للمعهد الديمقراطي خططه وبرامجه الخاصة التي أعدها للموسم الانتخابي القادم كمنظمة مدنية يفترض أنها مهتمة بالحقوق السياسية والتربية الديمقراطية، وهي أنشطة وفعاليات إن لم تنفذها في المواسم الانتخابية فمتى إذاً؟ يزيده زخماً رؤية أمناء عموم الأحزاب وقيادات من الوزن الثقيل يترددون على منظمة "بيتر" يستدعيهم عامل التحويلة فيها .. أية عظمة هذه ..وأي إنجاز يحققه بيتر لمنظمته المدنية أكبر من ذلك ؟! هذا يكفي .. ولتذهب التنمية الديمقراطية إلى الجحيم! فكمنظمة مدنية تلك حساباتها تكون أهدافها قد تحققت والمطلوب قد حصل، ما أعلمه أنا ويعلمه بيتر ويجب أن تشاركوننا المعرفة والعلم به أنه إن غاب أصحاب الوزن الثقيل عن الطاولة التي يدعو إليها معهد بيتر طبقا للاءات مؤتمرية غلابة، وإن قاطع المعارضون الانتخابات استجابة لمزاج عام رافض من قبل القواعد، ونزولاً عند مبادئ ديمقراطية لاتقبل أعشار الحلول فإن ذلك ينذر بكساد كامل لكافة البرامج التي أعدها المعهد الديمقراطي للموسم الانتخابي.

والخلاصة أن بيتر إزاء ذلك أمام خيارين اثنين ، إما أن يختار الدورات والبرامج التي أعدها لينفذها هكذا كيفما اتفق وباعتبارها غاية لا وسيلة، أو ينحاز إلى معايير ومبادئ ديمقراطية كلها خطوط حمراء إن غاب بعضها فليس هناك ماهو أسوأ ولتذهب البرامج والدورات إلى الجحيم، ولا مانع أن يرحل بيتر ويقفل مكتبه أبوابه إن اقتضى الأمر كما فعلت منظمات أمريكية أخرى أكثر عراقة كالآيفس مثلاً.

أنصح الآن قادة أحزاب المعارضة بمقاطعة جلسات وبرامج معهد بيتر بعد أن تبين فساد منهجه في الحكم على التجربة اليمنية قياساً على ماهو أسوأ لا استناداً لماهو أفضل ولما يجب أن يكون !! ولعدم حياديته وإخلاله بمبادئ الشراكة مع اليمنيين أحزاب ومنظمات في الدفاع عن الحقوق الديمقراطية ويظل هذا الموقف ثابتاً حتى يعود إلى الحق أو يحمل حقيبته ويرحل عن صنعاء. 

أنصح السفارة الأمريكية أن تجود علينا بتوضيح يزيل اللبس لدى الكثيرين يبين أن المعهد الديمقراطي منظمة مدنية غير حكومية وأن تصريحات مدراءه وأنشطته لاتعبر عن وجهة النظر الأمريكية وأن مدير الـ ( NDI ) بالكاد يعبر عن موقف منظمته غير الحكومية.

ديمقراطية بدون حرية تعبير وانتخابات نزيهة وحكم محلي

يصر "بيتر" على القول أن معهده معني بالتنمية الديمقراطية لكنه يصر أكثر على القول بان لا علاقة له بحرية الرأي والتعبير، وأن ليس علينا أن ننتظر منه أي موقف مساند إزاء الانتهاكات الشاملة التي تطال أصحاب الرأي ومن يمارسون حقهم في التعبير، هكذا قال بيتر في تصريح له حرص أن يدلي به إلى أحد أكثر وسائل الإعلام المستقلة حضوراً ومنها إلى الجميع.. علينا أن نتعلم الديمقراطية من الأستاذ ديمتروف على هذا النحو" التنمية الديمقراطية منظومة ليست منها حرية الرأي والتعبير " غير ذلك فإن بيتر يرى أن الحكم المحلي تجربة خطرة سيكون لها أثر مدمر على الإنسان والبيئة إن تم الأخذ بها هنا، هذا معنى أحد تصريحاته قبل أشهر .

انظروا كيف أن القادم من بلاد الفدرالية والكنفدرالية حيث الأقاليم والولايات مطلقة الصلاحيات .. جاء يعلمنا أن هناك ديمقراطية لها شروط ومعايير ليس منها الحكم المحلي !!

تقرر الدراسات الموضوعية عن النظم الانتخابية أن القائمة النسبية والانتخابات النسبية تكفل حضوراً أكبر للمعارضة في المجالس المنتخبة ، وهي الأجدى من نظام انتخابي يعتمد الدائرة الفردية رأينا بالتجربة كيف لم تحرز فيه المعارضة اكثر من 7% في المجاس المنتخبة في حين حصدت أكثر من خـُمس أصوات الناخبين في الانتخابات الأخيرة ، لكن للتطور الديمقراطي مقاييس أخرى لدى بيتر وهو ينصح بل يأمر بالإبقاء على نظام الدائرة الفردية " وكل شيئ تمام " حتى ولو قال عكس ذلك من هم أطول باعاً منه في " المقرطة والانسنة " كبعثة الاتحاد الاوربي غير ذلك!

* عضو لجنة عامة

 اعتدتم أن تقرأوا في صحف الحزب الحاكم تصريحات لبيتر تستهلها بالبنط العريض في رأس صفحتها الأولى أما التفاصيل في الداخل فستخبركم ان "بيتر" شدد على ضرورة استمرار الحوار ووصف "مقاطعة المشترك للانتخابات النيابية القادمة بالقرار الخاطئ وغير الموفق " ويدل "على عدم تحرر قيادات تلك الاحزاب من قوالبها الفكرية " والخاسر الوحيد هي تلك الأحزاب وليس العملية الديمقراطية "، وهكذا يمضي بيتر " يشدد " مذكرا ببوش وهو ينذر بالعواقب الوخيمة، " ويصف " قرارات الأحزاب بالخاطئة محتفظاً لنفسه حق إصدار قرارات الأحزاب بالنيابة عن قياداتها ومؤسساتها الحزبية، وهو وحده من غدا يقرر ماالضروري وما ليس ضروري في هذا البلد، وتمضي صحف الحاكم ناقلة عن المدير  للمعهد الديمقراطي في صنعاء من مثل هذه العبارات " أشاد بتطور العملية الديمقراطية " و" الانتخابات المحلية خطوة جريئة تحسب للمؤتمر" و" مقاطعة المشترك دليل على عدم نضجه " و " من الضروري أن تتعامل أحزاب المشترك بمسؤولية تجاه القضايا الوطنية كفتنة التمرد " مؤكداً أن "الجيش للوطن وليس جيشاً يتبع حزب معين " !! هل نحن أمام رجل يمارس صلاحياته كعضو في اللجنة العامة للمؤتمر بعد أن نسيَ أنه مدير إقليمي لمنظمة مدنية معنية بتنمية الديمقراطية؟! وراح ينافس البركاني في التصريحات وسرد المآخذ على المعارضة!

جمعتنا بالعزيزة روبن مدريد صحبة وأيام خوالي كنا فيها شركاء حقيقيين في الدفاع عن الحقوق وتنمية الديمقراطية، لسوء حظنا ولسوء حظ بيتر أنه جاء خلفاً للرائعة مدريد عليها السلام أينما وحيثما حلت.

هل نحن بعد ذلك مضطرون لأن نقول للمحترمة مادلن اولبرايت رئيسة المعهد الديمقراطي بواشنطن أن مديركم في صنعاء المستر بيتر ديميترويف ..التبس عليه الأمر وهو إذ يرى أن المبادئ الديمقراطية تقبل أنصاف الحلول ، وتحتفي بأعشار الحقوق، وتمنح المستبدين وأنظمة القمع الألقاب والنياشين، فقط لأن هناك في الجوار لدى الأمراء والسلاطين ماهو أسوأ !!

هل نحن مضطرون لأن نقول لها أن مدير فرع منظمتكم المدنية في اليمن خطر على المقرطة وعلى الإصلاح من الداخل و من الخارج على السواء، وهو لذلك غدا غير مرغوب فيه .

أما إذا مضى "بيتر" مصراً على القول أنه الآمر الناهي في الإدارة الأمريكية والناطق باسم الشيوخ والبيت الأبيض فقد نجد أنفسنا بالنيابة عن أحزابنا، وبالأصالة عن أنفسنا مضطرون لأن نهمس في أذنه "رجاء يابيتر لا تسبب لنا مزيدا من الصداع بجنون العظمة هذا "، و ياديمتروف لم نعد صغاراً فافهمها.

=============

صحيفة الثوري