آخر الاخبار
اعترافات اللحظة الأخيرة
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 6 سنوات و 3 أسابيع و 5 أيام
الجمعة 02 مارس - آذار 2018 04:38 م

في كل دول العالم يلعب المبعوثون الدوليون أدورا مشبوهة تصب في مجملها لصالح أطراف دولية ما, دائما تخطط بهدوء لصناعة مصالحها التي يأتي طليعتها إطالة أمد الحرب أو تمديد الصراعات , رغم أنها تقدم نفسها دائما كحمائم للسلام , وأيادي بيضاء ترفع أغصان الزينون .

ولد الشيخ المبعوث الدولي الذي أنهي مهمته في اليمن بعد ثلاث سنوات من مارثون طويل عريض من المفاوضات داخل اليمن وفي عدة دول من بلدان العالم , أعلن في أخر تقرير له وقال كلمة الفصل في أخر إحاطة له في مجلس الأمن وفي الوقت الضائع , حيث أعلن أن الحوثيين رفضوا التوقيع على اتفاق شامل وكامل لحل الأزمة اليمنية مؤكدا للمجتمع الدولي أن الحوثيين يشكلون معضلة أساسية للتوصل إلى أي حل ويرفضون كل المقترحات.

ولد الشيخ الذي ظل معايشا للحوثيين في كل مباحثاته ونقاشته , داخل اليمن وخارجه , كان دائما يجد تمردا وتقلبا من هذه الجماعات المسلحة بعدد أنفاسه التي كان معايشا لهم .

لكنه صمت طوال كل هذه السنوات , رغم علم كل الأطراف السياسية في اليمن أن الحوثيين جماعة لا تعرف في قاموسها السياسي أو معجمها الأخلاقي أي احترام لأي أتفاق سياسي أو قبلي أو عسكري طوال تاريخها الإجرامي ومسيرتها الكهنوتية.

المبعوث الأممي ولد الشيخ ظل متكتما ومتسترا عن إظهار الحقيقة للمجمع الدولي طوال سنوات مهمته الفاشلة في اليمن, بل ظل في كل إحاطة له أمام مجلس الأمن يحمل الأطراف التي كانت تبدي تعاونا وتفاهما ومرونة في التعامل مع القضايا السياسية والعسكري المسئولية في تدهور الأوضاع بنفس درجة الانقلابين , بل كان يحملها نفس الأخطاء التي يمارسها الحوثيون , ورأيي في تلك الإحاطات السابقة كانت تتضمن قدرا كبيرا من الروايات الغير صادقة والتضليل المتعمد للمجتمع الدولي , حيث كان يتعمد في مساواة "لضحية والجلاد".

مالذي كان يمنع "ولد الشيخ" من مكاشفة المجتمع الدولي بحقيقة التمرد والتحدي لهذه المليشيات القذرة على قرارات الأمم المتحدة والإجماع الدولي .

ثمة أمر يدركه العقلاء والمراقبون أن كل "رسل الحرب والسلام " للأم المتحدة في عموم البسيطة مهامهم غير نظيفة وكل طرقهم في احتواء الحرب والصراعات في العالم تتم بطرق تسمح في نهاية مطافها إلى انفجار الأوضاع في مناطق النزاع مجددا متى ما أراد المخرج.

المبعوث الدولي الأول لليمن "جمال بن عمر" أنهى مهمته بالأشراف المباشر على تفاصيل انقلاب الحوثيين على الشرعية في اليمن , حيث كان متواجدة في مديرية مران بمحافظة صعدة بجوار عبدالملك الحوثي وكانا معا يرتشفان القهوة وهما يتابعان تدفق الدبابات والمدرعات والمليشيات الحوثية التي يقودها الانقلابين للانقضاض على الشرعية في العاصمة صنعاء وهم صامت دون أن ينكر شي من ذلك, بعدها غادر صنعاء , لتقوم الأمم المتحدة , بتعيين شخص أخر يستكمل مهمة التلاعب بمصير اليمن بعد دخولها تحت البند السابع .

فاليمن باتت اليوم من أهم أسواق العالم استهلاكا للسلاح , وثمة أطراف وهوامير يسعدهم هذا الوضع ويضع في جيوبهم وخزائنهم مليارات الدولارات.

وها هو المبعوث الدولي الثاني ولد الشيخ , ينهي مهمته في اليمن , وقد نجح في الإبقاء على هذه المليشيات صامدة أمام المجتمع الدولي طيلة السنوات الماضية وغادر المشهد اليمني , وقد تمت تصفية الرئيس السابق "علي عبدالله صالح " على يد "الحوثيين" بطريقه خاطفة وسريعة وغريبة, وكذلك انقلاب عسكري في الجنوب ـتم تغاضي ولد الشيخ عنه جملة وتفصيلا كما تغاضي جمال بن عمر عن انقلاب الحوثيين يومها.

يبدو أن أطرافا دولية تحاول اللعب بالملف اليمني على غرار حكاية ألف ليلة وليلية, في كل ليلة تفتتح شهرزاد حكاية جديدة مع شهريار, واليوم اليمنيون ينتظرون مهمة موفد دولي ثالث قادم إلى اليمن , يحمل أجندة وحكايات جديدة ربما يخلط في ملفاتها قضايا الجنوب مع الشمال , حتى تستمر الإثارة وتستمر الحكاية , لتبقى في النهاية المصلحة تصب في صالح أولئك الهوامير الكبار الذين يعيشون على جثث الإحياء من الشرق الأوسط .

اللعبة بكل أبعادها يمكن حسمها نهائيا عبر قرار حاسم وعاجل من دول التحالف العربي والشرعية في اليمن بعيدا عن الحسابات الضيقة للبعض ,كي يخلص لجميع من هذا الكابوس لإنقلابي .

نتمنى أن يكون هذا العام حافلا بالنصر السياسي والعسكري ومعجلا بغلق كل الملفات التي يحاول البعض فتح أوراقها كي يعيش هو ويموت الأخرون .