آخر الاخبار
طموحات طهران تبدد الأمل في السلام
بقلم/ كاتب صحفي/حسين الصادر
نشر منذ: 5 سنوات و شهر و 26 يوماً
الخميس 31 يناير-كانون الثاني 2019 08:28 م

التعريف لأي صراع على قدر كبير من الأهمية , أستطاع المشروع الإيراني في اليمن التخفي والمراوغة بشكل كبير منذ انطلاقه في العام 1996 م كحركة مذهبية محلية تخشى الاندثار على ما تسميه بالخصوصية الثقافية حتى العام 2004م عندما تحول الى تمرد مسلح وعلى الرغم من إشهاره السلاح ضد الدولة فقد ظلت التعريفات قاصره فقد أنصب جهد بعض الكتاب على التأصيل لهذه الحركة أنها زيدية جارودية  

وكان هناك جدل بين الباحثين ما اذا كانت هذه الحركة على صلة بالاثني عشرية , وقد انكر مؤسس الحركة حسين بدر الدين الأبن صلتها بالاثني عشرية .وقال ان حركته زيدية فقط والحقيقة ان الحركة ذهبت الى ابعد من ذلك وارتبطت روحياً بفكر الخميني 

شنت الجماعة المسلحة أول حروبها بعد الحرب الأمريكية على العراق بعام واحد وهذا التوقيت بحد ذاته يحمل دلالة ذات مغزى .

لقد كانت وجهة نظر اليمنيين مختلفة فقد قدم اليسار الدعم الإعلامي للحركة في الحربين الخامسة والسادسة ,وفتحت لها احزاب المعارضة التي هيمنت على الانتفاضة الشبابية في ساحة الجامعة أبواب الساحات من جهة وخاضت بعض الأحزاب مواجهات مسلحة في الجوف وكان هذا المشهد بحد ذاته يحمل الكثير من التناقض .

شاركت الحركة في مؤتمر الحوار من جهة تحت مسمى قضية صعده والتي كانت احد قضايا الحوار الجهوية أضافة الى القضية الجنوبية وعلى الجانب الأخر قاطعت الانتخابات أو التصويت على نقل السلطة الى الرئيس هادي .

أما الطامة الكبرى هو انخراط الرئيس السابق في تحالف مع حركة التمرد والانقلاب على هادي والدولة اليمنية وعلى الرغم ان الساسة من خلال ما ذكرنا يبتعدون ويقتربون من الحركة ببرجماتية متبلد ه ,لم تقع الحركة ولو لمرة واحده في أي خطاء والذي كان من الممكن ان يكون قاتل .

اعود هنا الى التعريفات وكيف كانت غامضة فالبعض أجهد نفسه انها حركة زيدية جارودية منقطعة الصلة بالاثني عشرية ,مع استخدمها خطاب يساعدها على التكييف في البيئة المحلية وصنع بيئة حاضنة عبر أحياء شعارات المذهب والنعرة الطائفية , لقد وظفت الحركة كل ماهو تاريخي لاستنبات الثورة الخمينية وايجاد المشتركات التاريخية المنسجمة مع خط الثورة في ايران وكانت أشد وضوحاً في اتخاذ الصرخة شعاراً لها وهو الشعار الذي يتردد من قبل انصار الخميني في طهران .

لقد ساعد الساسة بدرجات متفاوتة في صنع ضبابية حول الحركة مما ساعدها على التخفي .

التحول الكبير جاء بعد مقتل الرئيس صالح على يد الحركة وتغيير المعادلة لصالحها في نهاية العام الماضي , كان صالح يصنف الى حد ما على التيار القومي وشارك بوحدات عسكرية رمزية من الجيش اليمني الى جانب العراق في حربه مع ايران في حرب الثمان سنوات .وكان صالح الذي امضى عقود في السلطة قد اوجد التباس كبير في ذهنية اليمنيين وقام بتضليلهم بشكل مستمر حيث انكر أي صلة لأيران بتحالف الانقلاب الذي شارك فيه الى جانب الحركة 

بعد مقتل صالح ازاحت حركة التمرد القناع عن وجهها كمكون أساسي وذراع لأيران ونموذج مصغر وفرع من الثورة الإيرانية ,ببنيتها الايدلوجية برؤية ولاية الفقيه ويرى بعض الباحثين في الثورة الإيرانية على الرغم من الجلباب المذهبي والشعارات الدينية أنها حركة فوضوية تحت عباءة الدين من جهة وتخفي الطموحات الفارسية والحنيين التاريخي الى المجد الفارسي .

في الغالب تعطي الجغرافيا سمة الهيمنة لأي دولة تسيطر أيران على مضيق هرمز ومن الجهة الأخرى على المضيق يقع رأس مسندم يتبع سلطنة عمان 

تعتمد الاستراتيجية الإيرانية ضرورة السيطرة على (خليج-عدن وخليج عمان ) والمضيقين (باب المندب –وهرمز) وبين الخليجين بحر العرب المفتوح على المحيط الهندي )

فمنذ انطلاق ثورة الملالي كان الوصول الى اليمن هدف استراتيجي وظلت تعمل السياسة الإيرانية للوصول الى هذا الهدف حاولت ايران تعزيز الروابط مع نظام اليمن الجنوبي غير ان صراع 13 يناير من العام 86 اوقف 

زيارة الرئيس الأيراني لعدن وكانت ايران تخطط لشغل الفراغ المحتمل الذي سوف يتركه السوفييت والذي كان من الواضح انهم على مقربة من أفول الزمن الاشتراكي وظلت هذه السياسة ثابته ودعمت ايران فصائل من الحراك الجنوبي امتداد لتلك الاستراتيجية 

وفي الشمال عززت ايران روابطها عبر استقطاب الطلبة لدراسة في ايران منذ وقت مبكر , واستمرت في دعم الحركة الحوثية والتي تعتبرها طهران ذراع الثورة

الإيرانية في جنوب الجزيرة العربية .لقد وقعت الجغرافيا اليمنية مرة اخرى بين مطرقة الهيمنة بواسطة الايدلوجيا الفوضوية وهشاشة البنية السياسية الداخلية .

ويتطلب الخروج من هذا الوضع الصعب استقراء المشهد بشكل دقيق وتحديد الأولويات الوطنية لبلد انهكته الصراعات .

على الرغم من الضجيج حول عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة الا انه وبالنظر الى تاريخ الصراع وأبعاده وتأثيراته فمن المستحيل ان تقدم مليشيات ايران تنازلات ذات قيمة وهناك شكوك في ان تتخلي طهران عن اهدافها الاستراتيجية ولن تسمح لأتباعها بالذهاب بعيداً باتجاه السلام.