في اليمن .. من هو الحزب الحاكم3 ؟
حسين السقاف
حسين السقاف

" وادي حضرموت انوذجا"

لمعرفة الكيفية التي جرت بها الانتخابات اللاحقة لما ذكرنا سابقا دعني أثبت لك أن اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام تأتي بمؤتمرين ليس لديهم قدرة على المنافسة فحسب بل أنها تعمل فوق ذلك على إفشالهم ( من خلال سير الانتخابات الشكلية) والتواطؤ ضد مرشحها هذه العمليات يتم فيها تزوير إرادة الناخبين فعند ما يصل هذا القيادي المؤتمري إلى حالة من اليأس بعد فشله في الانتخابات والهدف من ذلك هو إشعار هذا المؤتمري بأنه مُفلس وأنها لم ولن تنفعه قبيلته ولا شهادته ولا جماعته ولا أي شيء أخر..ولكن النظام - فقط - هو الذي صنعه من العدم بهذه الوظيفة التي يمنحها له بعد فشله ، ليكون خالص الولاء لأولياء نعمته هذا "السيناريو" يتم تطبيقه في الدوائر الانتخابية لحاضرة وادي حضرموت وغيرها . واقصد سيئون، تريم ،القطن ، وربما استثنيت مديرية شبام من حيث السيناريو النمطي ، قبي الانتخابات النيابية الأخيرة سُؤلَ النائب عبد الرحمن بافضل في قناة اليمن عن نيته في ترشيح نفسه فقال : أذا أمرني السيد الرئيس . لذلك فأن انتخابات النيابية في دائرة القطن تعد تزويرا لإرادة الناخبين فبالأوامر الرئاسية لأفراد القوات المسلحة يحوز مرشح الإصلاح كل أصواتهم .لذلك فأن صناديق القوات المسلحة التي كثيرا ما تستخدمها السلطة كضربات ترجيحية لصالح المرشح الذي تريد وعلى النقيض من ذلك كانت كل هذه الأصوات ضد بن شملان ، وضد مرشح المؤتمر لدائرة سيئون (علي السقاف) بشكل إجمالي رغم أنهم وعدوه بمنح أصواتهم كلها تحفيزاً له كي يوافق على ترشيح نفسه عن المؤتمر ، ناهيك عن أن هناك مقايضة قد تمت بين القيادات العلياء في الإصلاح وبين رئاسة الجمهورية على أن يتم تسليم الإصلاحيين عدد من الدوائر في المجالس المحلية مقابل أن يمنحوا أصواتهم للرئيس علي عبدالله صالح بدلاً عن فيصل شملان ولذلك ذهب القيادي في الإصلاح (أحمد قحطان) في تأكيده العاجل في مؤتمره الصحفي الذي أطنب فيه بذكر نزاهة الانتخابات وتأكيد فوز الرئيس علي عبدالله صالح على المناضل الجسور فيصل بن شملان الذي عرف هذه اللعبة ولم يعترف بالنتيجة حتى آخر يوم في حياته. ومشكلة أن حزب الإصلاح وفقهائه الوهابية يرون بأن الوطن "وثن " فلا يكون إلا لمشايخهم الذين يحق لهم دون غيرهم تحديد مصير أعضائهم وقواعدهم فالشيخ الزنداني الذي حرَّم مظاهرات الحراك قبل سنوات تجده اليوم يجعل منها فرض عين. هذا الشيخ جاء إلى حضرموت مدججاً بحراسات لم يشهد الناسُ هنا لها مثيلاً وأطلق الشيخ لخياله العنان وهو يروي لهم كرامات الجاهدين في أفغانستان وفي فتح الجنوب ، وجلس في جامع سيئون يلقن الناس الشهادتين نسي الشيخ إن هؤلاء هم الأحفاد الذين سُجلت في صحائف أبائهم ما يقارب ثلث عدد المسلمين في العام ..كيف لهؤلاء أن يلقنوا اليوم الشهادتين. كان الشيخ في ذلك أشبه بمن يبيع الماء في حارة السقايين . دعني أسرد لك حكاية حقيقية وهي أن زميلي الأديب والمثقف عمر عبدالله بن سالم العامري أخبرني انه وجد في مذكرات جدة الذي كان يعمل تاجراً جوالاً للقماش في اندونيسيا حين ما كان ذالك اليوم برفقة زميلين آخرين في المهنة أحدهم من آل عيدروس والآخر من آل جفري كانوا يؤدون فرضهم في عراء إحدى الجزر فالتف حولهم عددٌ من أهل الجزيرة وطلبوا منهم الدعاء بنـزول المطر التي هجرتهم لسنوات مما هددهم الجفاف بمغادرة جزيرتهم فعمد الثلاثةُ إلى صلاة الاستسقاء ثم عمدوا إلى وضع إطار سطحياً من الحجارة على مصلاهم ليهتدوا إليه في السنة المقبلة ، وما هي إلا ساعة وهم يقومون بذلك حتى نزل المطرُ مدراراً فتهافت القرويون إليهم ليتعرفوا على أسس دينهم . وبعد أن حال حول عودتهم إلى الجزيرة في السنة المقبلة وجدوا أن مصلاهم أصبح مسجداً عامراً.

تجدني أجزم هنا بأن ما صُرف من خزينة الدولة على تكوينات لحزب الإصلاح العليا والقاعدية يفوق مالا يقل عن ثلاث أضعاف ما صرف على التكوينات الحزبية ليس لحزب المؤتمر الشعبي فقط بل لكل الأحزاب مجتمعة. هذا إن لم نستثن الصرف على موازنة المعاهد العلمية والتي كانت الدولة تدفع لها موازنتها المقدرة بـ مليارين وست وثمانين مليون ريالا. وهذا المبلغ يفوق كثيراً موازنة وزارة التربية والتعليم.

تقوم السلطة بدعم عمليات قرصنة يقوم بها قياديون في حزب الإصلاح مثل شركة المنقذ التي بسطت عن طريق النصب على مساحات شاسعة غرب جولة "كالتكس" في محافظة عدن والتي تعد من أكبر جرائم الفساد ، والسكوت على بسط جامعة الأيمان على مساحات شاسعة للأوقاف في العاصمة صنعاء ، وأغلقت السلطة أذنيها عن مطالبات المساهمين بأسهمهم في شركة الموارد البحرية ، وسمحت السلطة لعناصر الإصلاح بالبسط على أصول بعض الجمعيات الناجحة في الجنوب كجمعية الشط وبيع حزب الإصلاح مطابع خردة على وزارة الأوقاف وإلزام الوزارات التي يرأسها وزراء من الإصلاح بالمساهمات في شركة الموارد البحرية !! وكذا السكوت على البسط على مساحات شاسعة جدا في صنعاء لصالح جامعة الإيمان . أما المنح الشخصية التي تحصل عليها قيادات الإصلاح فحدث ولا حرج ولعل أطرفها أرضية "البرتقالة" الواقعة غرب مركز بالفقيه في منطقة "فوَّة" المكلا والتي باعها عبد الوهاب الآنسي علي بنك التضامن التابع للحزب بمليون دولار بحسب تسجيلها في المحكمة التجارية بالمكلا.

عزيزي القارئ لا أظن بعد كل ما تقدم أنك بحاجة لأن أخبرك بالمواصفات المطلوب توافرها في قيادي المؤتمر الشعبي العام في الجمهورية بشكل عام وفي وادي حضرموت بشكل خاص. واعتقد انك قد أدركت أيضا من هي الجهة السياسية التي تقوم باختيار هذه العناصر في هذه المناصب في وادي حضرموت بشكل خاص . ولا أظنك بحاجة إلى أن أخبرك لماذا تم التهميش والإقصاء والتنكيل بالقيادات المؤسسة للمؤتمر الشعبي ليصل الحد إلى أن يطلقوا على بعضهم النيابات المسعورة لترفع على الواحد أكثر من أربعين قضية تُثبِت الأحكامُ الباتة بأنها قضايا كيدية وانتقائية ملفقة . وتمت أحالة بعض هذه القيادات إلى التقاعد قبل بلوغ أحد الأجلين في حين يتم تمديد فترة التقاعد لآخرين من الطرف الأخر.

لقد أوجدت السلطة والمعارضة بذلك أحد أهم الأخطاء الشائعة في القاموس السياسي اليمني ، طبعا هذا الحيز البسيط الذي أوردته يكشف بجلاء زيف الانتخابات في اليمن وزيف عبارة "الحزب الحاكم" كضرورة اقتضتها اللعبة أو قل المسرحية الديمقراطية في اليمن. خلاصة القول فإن حزبي المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح قد أوجدتهما السلطة واستطاعت بهما إفساد البلاد والعباد وان الحزبين وجدا-فقط- لمخادعة الشعب. لذلك فانه من الجرم غير القابل للغفران أن يمارس الحزبان أي نشاط سياسي في المستقبل الحقيقي الذي ننشده فهما ينسبان ويحسبان على النظام المتداعي وهما من أهم أدواته. ولذلك فإن من أهم أولويات النظام الجديد هو حل الحزبين ومحاكمة قياداتهم كل بحسب جرمه بمحاكمات نزيهة وعادلة. لذلك فان كوادر وأعضاء حزب الإصلاح إذا ما أردوا أن يتعايشوا في حضرموت عليهم أن يعلنوا توبتهم على عن كل تلك التـزويرات التي تمت والتي شوهت بشكل أو بأخر إرادة الناخب في حضرموت كما عليهم أن يدكوا أن المكانة التي وضعوا فيها قد بنيت على مغالطات النظام السياسي الباطلة و عليهم أن يكونون أكثر ولاءً لمحافظتهم ولأهلهم وأن يخففوا من التبعية المطلقة لمشايخهم.وأن عليهم رعاية مصلح محافظتهم بدلاً من رعاة مصالح مشايخهم في محافظتنا.

hhsaggaf@yahoo.com


في الإثنين 09 مايو 2011 05:21:26 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=10185