الشيخ خالد العواضي: نأمل من السعودية الا تتعامل مع ثورتنا بعقلية كمال ادهم
مأرب برس - متابعات
مأرب برس - متابعات

-الشيخ خالد أحمد عبد ربه العواضي: ساحة التغيير وطن وخارجها غابة، ونحن نريد أن ننظف الغابة من الضباع.. نحن قريبون من الشباب ومستعدون للتضحية

حوار/ محمد عبدالله الجرادي -سلمان الحميدي 

يقال عنه إنه رائد النظرية الاجتماعية الحديثة في القبيلة، أبوه بطل حصار السبعين، وقد جاء الابن لينجز مهمة أبيه في فك حصار السبعين مرة أخرى على شعب بأكمله في نفس المكان الذي أصبح محفوفاً بثلاث منصات وجامع الصالح.. كان أول المنضمين إلى ثورة الشباب والمستقيلين من الحزب الحاكم، وكان أحد أعضاء وفد الوساطة بين الرئيس والشيخ صادق الأحمر الأسبوع الماضي. الشيخ خالد أحمد عبد ربه العواضي يتحدث للأهالي في جملة من القضايا..

* ما دلالة استهداف بيت الأحمر في هذا التوقيت؟

- العادة أن كل ما يحدث في اليمن من خلاف بين أطراف متصارعة تلعب فيه قوى خارجية دورا، بمعنى أنه كان يمكن أن ننهي الثورة كما انتهت ثورة مصر، وتونس، حتى ولو كان الجيش انقسم، الحاصل كما أعتقد وكما قال أستاذي النعمان: لو اتفقت مصر والسعودية ما كان الجمهوريون اختلفوا فيما بينهم لأن الجمهوريين انشق جزء منهم يطالبون بخروج المصريين وجزء يطالبون ببقاء المصريين، فما يحدث في اليمن دائما يأتي انعكاسا لمصالح خارجية، مثلاً الموقف الأمريكي لماذا لا يريد لنظام علي صالح أن يرحل؟ لماذا لا يقول له ارحل الآن مثلما قال لمبارك وبن علي؟ النظام الأمريكي بنى قواعد عسكرية إن صح التعبير في شكل هياكل أمنية، الأمن القومي، وأجهزة لا نعرفها متواجدة في المطارات وفي كل مكان، وضعوا رجال دربوهم وصرفوا عليهم، أنشئ له خلايا من الأمن، اشتغل لمدة خمسين عام ويزيد، والشعب الآن يريد هيكلة جهاز الأمن القومي ويطالب بأن تذهب هذه الأجهزة الأمنية لأن الشعب عانى منها، فالشعب يقول لعلي صالح ارحل.. يشعر الأمريكان أننا نقول لهم ارحلوا مع علي صالح.. إضافة إلى أن الأمريكان ينزعجون حينما يسمعون المحللين والسياسيين يقولون أن ما فيش قاعدة في اليمن وأنها من صنع علي صالح، يعتبر الأمريكان بأننا نقول بطريقة ضمنية: لا داعي ولا مبرر لتواجد هذه الأجهزة، لا يريدوننا أن نقول هكذا بل يريدون أن نقول إن القاعدة موجودة في اليمن وسنكون شركاء مع الأمريكان وسنكون شركاء في محاربة الإرهاب، لأن الهدف هو إيجاد مبرر لوجودهم. هذه هي نظرة الأمريكان للثورة اليوم ولشبابها.

نأتي إلى الجانب السعودية، السعودية في دول الخليج هي التي لعبت دورا محوريا في اليمن ولها تأثيرات، رأت أنه لا يوجد لها في الأحداث الموجودة من خلال رجالاتها من زعماء القبائل في الحدود الجنوبية للمملكة وبالتالي لهم ارتباطات مع كثير من رجال القبائل وهذا أمر ليس خفي يعلمه الجميع بعضها واضحة وأنا اعتبرها مشروعة ومش عيب عندما تكون واضحة وليس فيها ارتهان أو وصاية وخصوصا حينما يكون نظام مهلهل زي نظام صالح، لكن عندما تقوم دولة مركزية أقصد بالمركزية مركزية السيادة، وليس مركزية الحكم، حينما نشعر أن السيادة متمركزة في هذا النظام الذي وضعه الشعب، فكثير من هذه القبائل ترى السعودية أنها ليست موجودة في المعادلة اليوم مع شباب الثورة وإن وجدت فهي لا تريد الثورة، السعودية ممكن تتعامل مع الثورة لكنها لا تريد أن تتعامل مع أهدافها والنتائج الموجودة بعد الثورة مثل الدولة المدنية الحديثة، هذا شيء مزعج للمملكة أكثر من فكرة الثورة التي ستقبل بها في حالة ما أنتجت نظاما كالسابق، وبمعنى أصح هي لا تريد تغييرا حقيقيا ودولة مدنية في اليمن لأسباب يعرفها الجميع. فسعت لدفع النظام للحرب ضد القبائل حتى تدخل القبائل مع الثورة. 

* هل تعني أن ما يجري حالياً خلفه السعودية؟

- نعم السعودية دفعت النظام للحرب ضد القبائل.

* لماذا؟

- لأنها شعرت أن القبائل الموجودة في صف الثورة وموالية وعندها نوايا صادقة لقيام دولة مدنية حديثة بما فيهم أولاد الأحمر وهو أمر يزعجها جداً..

* سمعنا الخميس أن الملك عبدالله اتصل بصالح ونصحه بالتنحي الفوري..

- السياسة لها خفاياها وتلعب من وراء الكواليس، وأنا أقول وجهة نظري وقد تكون خاطئة، السعودية دفعت نظام صالح لشن حرب على القبائل حتى لا تدخل القبيلة كشريك سلمي في الثورة وشريك في بناء الدولة المدنية. بل تريدها أن تدخل بفاتورة حرب ولهذه الفاتورة استحقاقاتها، بمعنى أن القبيلي باستحقاقات فاتورة الحرب يريد توظيف أبناء قبيلته ويريد رواتب لهم ويريد و يريد.. وهذا بالتالي يتصادم مع فكرة الدولة المدنية الحديثة وبذلك نعود إلى المربع رقم صفر إلى تاريخ عام 62م. لكن لو دخلت القبيلة بدون فاتورة حرب ففكرة الدولة المدنية ومشروع الدولة المدنية سيمضي، إنما لو دخلت القبيلة بفاتورة حرب تأكدوا أنه لن يكون هناك دولة مدنية وبالتالي لا بد من مقاومة مشروع الحرب الذي تسعى له السعودية، ويجب أن نفصل بين شيئين: الحرب أمر مؤكد والأحداث تدفعنا إلى الحرب، نحن الآن في ورطة، الناس قاتلت وضحت وسنرجع في المشاكل الأولى، أنا مع انتقاء شخصيات قبلية بعناية تمثل الجانب القبلي إلى جانب رموز الثورة، هؤلاء الشخصيات وسأقترح أسماءهم وأتمنى أن يصلوا لشباب الثورة، هذه الأسماء إذا قدمت ستقدم بدون فاتورة حرب وأعتقد أن هذه الأسماء مقتنعة بالتغيير الحقيقي والجذري وبمشروع الدولة المدنية الحديثة، هناك ثلاث شخصيات من أبناء القبائل والمشائخ أراها تؤمن بالدولة المدنية ولها تأثير وممكن تتفاعل معنا، وأنا أقترح هذه الأسماء ومتأكد بأن هناك من سيعارضني خصوصا من رجال القبائل فبعض منهم سيقول لماذا اخترت فلان وفلان ولم تقترح اسمي لكن الحقيقة سأقترح وأنا مسئول أمام الله وأمام هؤلاء الشباب بأن هذه الأسماء نظيفة وتستحق أن توضع في هذا المكان وهم الشيخ حميد الأحمر، والشيخ محمد أبو لحوم، والشيخ علي حسن عشال، وهؤلاء شخصيات شبابية تؤمن بالتغيير وقيادية تمتلك قواعد لها فاعلية موجودة لن تعارض مشروع الدولة المدنية ولن تدخل بفواتير حرب. إذا تم إقصاء هؤلاء سيدخل الآخرون بفواتير حرب كبيرة، وهذا ما يخص الحرب على بيت الأحمر الذين دفعوا اليوم إلى هذه الحرب.

* لم يكن خلفهم أي طرف؟

- نعم.. علي عبدالله صالح يتعامل مع النظام السعودي بقذارة من زمان..

* ماذا لو تحركت السعودية فعلياً وأرغمت علي صالح على التنحي الفوري؟

- نأمل ذلك من السعودية، نريدها ألا تتعامل معنا بعقلية الستينات، عقلية كمال أدهم المصري الذي كان مديرا للمخابرات وكان يتعامل مع الثورة اليمنية في الستينات تعاملا غبيا، فهذه الثورة ليست ثورة ضباط، هذه ثورة شعب كامل والذي لا لا يتعامل مع الشعب اليمني الآن سيخسر علاقته مع اليمن غدا في المستقبل، وفي الحقيقة إذا وقفت ضدنا وضد حلمنا للمرة الثالثة كما قضوا على حلمنا في سبتمبر وأكتوبر وقضوا على حلمنا الذي وضعه الحمدي والآن يحاولون أن يقضوا على حلم الثورة الشبابية الشعبية، إذا استمرت السعودية تعاملنا بهذه العقلية فإننا سنتحول إلى خصوم دائمين لها مع احترامي للشعب السعودي، لا نريد وصاية من أحد ويجب على الجميع أن يفهم ذلك، فنحن نردد في كل يوم: لن ترى الدنيا على أرضي وصيا. حتى وان اشترت السعودية بعض المشائخ والكتاب كما نعلم، إضافة إلى الطموحين بإقامة علاقات مع السعودية يجب عليهم أن يترفعوا عن هذه الأحلام إن كانوا يريدون بناء وطن حقيقي.

* ما موقف القبائل اليمنية المختلفة من الحرب التي شنها صالح على بيت الأحمر؟

- نحن مع أولاد الأحمر وكافة القبائل اليمنية معهم.

* لماذا؟

- لأنهم معتدى عليهم، وضربوا في عقر دارهم والبيوت عند جميع الناس لها حرمات، ونحن لنا عادات وتقاليد لا يمكن انتهاكها، هذه العادات لكافة الشعب اليمني دون استثناء، علاوة على أنه تم ضربهم دون مبرر قانوني أو دستوري.

* الإعلام الرسمي يقول بأن الاعتداء عليهم كان في إطار الدستور والقانون؟

- هذا الكلام فاضي ولا قيمة له، هذا النظام همجي..

* مصدر مسئول خرج اليوم قائلا إن على أولاد الأحمر تسليم أنفسهم إلى أقرب مركز للشرطة..

- قالوها من قبل لعلي سالم البيض وهو كان نائب للرئيس وعمل اتفاقية الوحدة، كان الرئيس دائما ما يقول له سلم نفسك إلى أقرب مركز شرطة.. علي صالح رجل سخيف، كيف يفكر هذا؟ عندما يختلف مع أي شخص يقول له: اذهب وسلم نفسك للشرطة حتى ولو كان نائبا له.. البيض كان يقود نظاما أقوى من نظام صنعاء وعندما اقترب من صالح قال له سلم نفسك للشرطة، هذا الرجل يعتقد بأن لا فوق رأسه رأس..

* أشرت أن القبيلة ستدفع الفاتورة بالحرب مع صالح، ويرى بعض الشباب بأن دخول القبيلة في حرب قد تختطف الثورة..

- لا، لا تقولني ما لم أقل.. الفاتورة ستدعو بالتالي إلى تصادم مع الدولة المدنية، مثلاً أنا عندما آتي ومعي عشرة آلاف من آل عواض ضحايا، سأقول قدمنا ضحايا.. هذا ابن عم وهذا ابن جد، نريد أن نوظفهم في السلك العسكري تحت مبرر «أنا ضحيت».. نحن نريد شهادات ونريد كفاءات..

* الجانب الآخر المتمثل في شباب الثورة أيضاً ضحى؟

- هذه الفاتورة تتصادم في النهاية عندما أنت تأتي بحجتك وأنا آتي بحجتي، وبالتالي لا يمكن الحديث عن دولة مدنية.. القبائل ممتدة من حضرموت إلى صعدة ودعاة الدولة المدنية قليلون، يجب فهم هذه المسألة كي لا نكرر ما حدث في الستين والسبعين ونعيد التعامل وفق منطق كم معك وكم معي. أنا أتحدث عن واقع موجود، القبائل تشكل غالبية المجتمع اليمني، الدولة المدنية موجودة في المناطق الوسطى في عدن، وتعز، وإب، لكن البقية قبائل، بالتالي يجب التعامل معها بحنكة، لا تضغط على الزر الخطأ لأن الضغط على الزر الخطأ قد يؤدي إلى الانفجار، المسألة بحاجة إلى حكمة وحصافة في التعامل.. أنا من هذه الشريحة وحريص على هذه الثورة وأشعر أنها جزء مني وأنا جزء منها، وإلا ما دخل لي بالتكلم بهذا الكلام وكسب عداوة القبائل إلا من شعوري بأن هذه الثورة لو تم وأدها الآن قد تقتل خمسين سنة قادمة، وأنا أريد أن يعيش أولادي وكافة الشعب وأن ينعموا بالمستقبل..

* هل هذا التصادم يمكن أن يفرغ الثورة من مدنيتها كاملاً؟

- حتماً، هذا ما حدث.. لو تستقرئون التاريخ منذ 1962م منذ قيام أول ثورة في اليمن إلى اغتيال الحمدي ستجدون أن هذا فعلاً ما حصل.. أراد الحمدي أن يحيد القبائل من كثير من الأشياء وهم كانوا يشعرون بأنهم أكثر ناس دفعاً للضرائب.. بالتالي تصادمت فاتورة الحرب مع ما أراده الحمدي (الله يرحمه) في إقامة دولة مدنية حديثة، وهنا يجب أن نكون أكثر حرصا، وأنا قلت الورطة موجودة وقد تقدم فاتورة الحرب، لكن الذي يمكن أن يخرجنا من هذا المأزق هو اختيار شخصيات قبلية بعناية لا يمكن أن تتقدم بفاتورة حرب، وأنا أعرف شخصيات كثيرة عن كثب والمجتمع أيضا يعرفها.. هناك عقول قبلية مستنيرة..

* الشارع يخاف من أن تتحول هذه الشخصيات إلى «سُراق ثورة» أو متحدثين رسميين باسمها؟

- الثورة ليس لها سراق ولا يجب أن يكون هناك متحدثون رسميون باسمها، يجب أن يشعر الجميع بأنهم شركاء، ولا ينبغي التعامل بسياسة الإقصاء، إذا أراد أن ينضم إلى الثورة والقول له "لا أنت ستسرق الثورة"، هذا اتهام مبطن واستعداء للآخرين بدون داعي، هذه معارك جانبية ليس لها داعي، هذه الشريحة مهمة يجب أن يكسبها الشباب إلى صفهم.. يجب أن يكون شباب الثورة ساسة أكثر من إعلاميين ومدنيين.. يجب أن يكون هناك حكمة وكياسة في التعامل مع القبيلة، اليوم أبناء القبائل يتعاملون مع الحاسوب، أنا عندي شهادة جامعية وأجلس على الحاسوب يوميا ومع ذلك أنا شيخ قبيلة، وبالتالي حينما أراك تستبعدني أنت تستفزني وسأدافع عن نفسي، وعند تقربني سأكون مثل أي واحد ضمن المجموعة.. أصبح الكثير يتقزز من كلمة شيخ، وعلى الجميع أن يدرك بأنها رتبة اجتماعية ليس إلا.. لماذا يتقززون من كلمة شيخ ولا يتقززون من لفظة دكتور أو مهندس؟

* الشباب اليوم في الساحات مذهولون من دور القبيلة..

- سينذهلون أكثر عندما يتعاملون معهم بهذه العقلية، بعقلية التقدير والمرونة وفقا لمكانته.. من مثل: أنتم شركاء في التغيير ولا يمكن أن يحدث تغيير إلا بمشاركة الجميع، وقد قيل قديماً إن الكلمة الطيبة تكسر العود اليابس، والقبيلي بطبعه قاسي تستفزه الكلمة العنيفة، فكلمة واحدة كفيلة بأن تحوله من أدنى طرف إلى أدنى طرف آخر، والقبيلي صادق وبعد كلمته إذا تم استثماره جيداً، وفي مسألة التحول المدني سيكونون أفضل من غيرهم، نحن نتفاعل مع الأحداث أكثر من الآخرين ونتحمس لها، وستلحظون هذا عندما يبدأ شباب التغيير بالتعامل مع القبائل، ولكن مسألة الاستفزاز ستدفعهم إلى جانب آخر وبعيد، وقد كان لي لقاء مع الدكتور محمد المتوكل وهو شخصية ليبرالية، وأتمنى من الليبراليين أن يجلسوا مع هذا الرجل ويسألونه كيف كانت القبيلة في الأمس وكيف أصبحت اليوم؟ قال الدكتور المتوكل بأن الشيخ كانت بيته أشبه بالمقهاية مفتوح للجميع، كان الجميع يتمنى بأن لا يصبح شيخ حتى لا يتحمل أعباء استضافة الآخرين، لا تنظروا للمشائخ في عهد علي صالح، إذا قيمنا المشائخ في عهد علي صالح فإن تقييمنا سيكون ظالما لأن علي صالح شوه القبيلة كما شوه كل قيمة جميلة في اليمن.. مثلاً أنا لو قيمت الصحفيين بناءً على شخصية أحمد الصوفي فإن الصحفيين سيكون كلهم سيئون، وإذا قيمت السياسيين بناء على عبده الجندي فسيكون جميع السياسيين وقيادات الأحزاب.. بصراحة لا أدري ماذا أقول.. يجب أن لا نقيم القبيلة كحالة اجتماعية غير سوية بناء على مشائخ ملتصقين بالنظام، عندما نفعل ذلك نظلم القبيلة، علينا أن نقيم القبيلة وفقاً للوضع الذي أفرزته الثورة اليوم. كيف تشعرون بالمشائخ والقبائل في ساحات التغيير والحرية، هل تشعرون أنهم إيجابيون؟ هل تشعرون بنقاوة هذا المعدن الذي حاول علي صالح أن يلوثه؟ إذا وصلتم إلى هذه القناعة بإمكانكم أن تتعاملوا معه بإيجابية وتخطفوا الورقة من يد علي صالح وأنتم بالفعل خطفتموها من يده وتصنعون ما تريدون بهذه الورقة القوية التي أُتيحت لكم.

ومسألة الدولة المدنية الحديثة لم يكن جميع الناس يؤمنوا بها في الستينات لأن الشعب اليمني آنذاك كان أميا، وخمسين سنة غيرت الشعب اليمني، وقد وضع أقدامه في تراب القرية الكونية حين أصبح العالم قرية واحدة وأبناؤه التحقوا في كافة التخصصات.. اليوم القبائل اليمنية قابلة للتغيير والتحديث والدولة المدنية الآن أصبح أمرها ميسر ولا يمكن محاكمة اليوم بناءً على الأمس.. فـ2011م غير 1962م، هناك تحول اجتماعي وثقافي كبير، اليوم القبيلة جاهزة مائة في المائة للتعاطي مع الأفكار الكبيرة ومن بينها مشروع الدولة المدنية الحديثة ممارسة وسلوكا وليس كلاما مكتوباً على الأوراق، نحن قريبون من الشباب ومستعدون بأن نضحي من أجل مشروعهم في بناء الدولة المدنية.. شخصياً كنت مع الشباب في الأيام الأولى للثورة.. في اليوم الذي كان يترصدنا البلاطجة إلى المنصة، وكنا على استعداد ومازلنا بأن نموت من أجل هذا الحلم الجميل.

* أين ستكون القبيلة بعد الثورة؟

- هم جزء من هذا النسيج، سيندمجون في النسيج الاجتماعي أكثر وستكون المواطنة المتساوية هي راية الجميع، لن يكون هناك قبيلي وآخر مدني، سنصل إلى مراحل بعيدة، إلى الهوية الوطنية الجامعة وتتلاشى الهويات الصغيرة وتختفي أسئلة مثل: من أي قبيلة أنت؟ وهذه الصورة المثالية تحتاج إلى جهد، وللإفادة الغربيون كانوا قبائل مثلنا وكانوا عنيفين في صراعاتهم حتى وصلوا إلى مرحلة استيعاب بعضهم البعض.. وأنا أطمح أن يصل إلى سدة الحكم رجل من الشريحة الاجتماعية ممن بات يعرف بالفئة المهمشة، ولابد من إحداث تفاعل اجتماعي وتغيير في الفكر يتكمن فيها ما يعرف بـ»المهمش» بأن يصل إلى الحكم كما يحدث في أمريكا.

* ما هي الرسالة التي يمكن أن نفهمها من استهداف لجنة الوساطة؟

- هذا النظام حاصر سفراء أكبر دول في العالم، دول الخليج التي تمتلك أكبر ثروة في العالم وسفير الاتحاد الأوروبي، أعتقد أن محاصرة هؤلاء لا تقل فداحة عن ضرب وسطاء يمنيين، هذا الرجل لا يضع لأحد اعتبارا..

* هل تلمس أن شباب الثورة ينظرون للقبيلة نظرة قاصرة؟

- ليس جميعهم. سأكون صريحا.. هناك إيجابيون ولدى البعض تقزز من القبيلة وليس تهميشاً لها.. تصور مرة كنت في مناقشة مع أحد المنتسبين إلى إحدى منظمات المجتمع المدني، سألته من أين أنت فرد: الحمد لله، لست قبيلي. يعني وصلنا إلى هذه المرحلة، مُصفّف الشعر الذي يتقزز لا يمكن أن يحجز عنده اسم وتقصده زبائنه.. هذه المرحلة هي مرحلة التنظيف من أوساخ النظام التي تركها والذي سيتقزز من مرحلة التنظيف ليس أهلا لأن يقود المرحلة.. نريد أناسا لا يتقززون من تنظيف وساخة نظام صالح التي خلفها.. وهذه الوساخة ليست محصورة في فئة معينة وإنما طالت الجميع..

* صرحت لإحدى وكالات الأنباء العالمية بأن القبائل اليمنية أهدرت دم الرئيس عملا بعرف «العيب الأسود»، هل يمكن أن تنفذ القبيلة هذا العرف؟

- أنا في تخيلي أن القبائل إذا وصلت إلى مكان صالح فإنها ستأخذه وتحضره إلى منصة ساحة التغيير، ونقول للشباب أنتم المحكمون في هذا الرجل، حاكموه أو سامحوه. في الحقيقة شباب التغيير هم من يجب عليهم إرساء دعائم المدنية فيما يريدون وأظن أنهم سيحاكمونه.

* كيف تقيم شخصية علي صالح هذه الأيام بالذات؟

- علي صالح في سلوكياته هذه الأيام يقترب من سلوكيات فصيلة الضواري، يمين ويسار، ومستعد أن يبطش بكل من حوله ولو كان أقرب المقربين، وفي أي لحظة..

* هل مازال يحكم؟

- هو لا يحكم، هو يملك أدوات معينة يستطيع بها أن يستمر إلى فترة محددة.

* ما هي هذه الأدوات؟

- جزء من المال، وبعض البلاطجة الذين يقاتلون معه، وجزء يسير من المؤسسة العسكرية، والعلاقة الاستخباراتية مع الولايات المتحدة الأمريكية التي يستخدمها لتوظيف ولعب ورقة القاعدة.. ولكن المال -في النهاية- سينفذ والقيادات في الأمن المركزي والحرس سينضمان إلى الشعب.

* الحرس الجمهوري في نهم سلم نفسه للقبائل، وفي أرحب وفي البيضاء لا يستطيع أن يتحرك..

- أتمنى أن نجيد السلم أكثر من إجادتنا للحرب، وأتمنى أن تنقلنا الدولة المدنية القادمة من مجال إتقان الحرب إلى مجال إتقان السلم والبناء والتنمية وهذا يعتمد على من سيقودون المرحلة القادمة..

* يبدو صالح قاسيا في نهم وبعض المناطق، وفي بعض المناطق سلم بعض المعسكرات لمجاميع مسلحة كما حصل في أبين.

- من أشرس القبائل اليمنية تجدها في أبين، وبالتالي لا يمكن أن يستخدم هذه الورقة للمزايدة على أبناء أبين، كل ما في الأمر أن أبناء أبين حريصون على السلم، والآن عندما بدأت ورقة العنف سيحسمون أمرهم بسرعة، لا خوف.

* هل ستنجر البلاد إلى حرب أهلية كما يهدد صالح؟

- لا، لا يمكن، هي حروب خاطفة، لقد تدربنا في ساحات الحرية والتغيير على مدى أربعة أشهر أن السلم هو الذي يحقق الهدف، وما يحدث خارج الساحة لا يمثل الساحة ولا شباب الثورة، وباعتقادي أن القبائل تتطوع إلى خدمة شباب الثورة في مسألة الخلاص من النظام أكثر بكثير من الوساطة الخليجية، بمعنى أن ما يجري خارج الساحة يمكن اعتبارها وساطة قبلية للخلاص.

* هذا ينزع الطابع السلمي عن الثورة..

- لا، لا.. شباب الثورة ليسوا مسؤولين عن تصرفات تجري خارج الساحة..

* ولكنكم منضمون إلى الساحة..

- نحن منضمون وسنظل، ولكن عندما نخرج لا يستطيع أحد أن يقول لي: لا تدافع عن بيتك.. عندما يقول أحد ذلك، فليس هذا سلم وإنما استسلام. ونحن كما قال نيلسون مانديلا: خيار الحرب والسلم لدينا، اخترنا السلم ولكن خيار الحرب لا يمنعنا من استخدامه.. أنا أعبر عن نفسي ولا أعبر عن شباب التغيير، وكما يعلم الجميع فنحن نسلم أسلحتنا عندما نذهب إلى الساحة ويفتشوننا كما يشاؤون نشعر براحة تامة لهذا العمل لأن الساحة وطن وخارجها غابة، ونحن نريد أن ننظف الغابة حتى تأتي ثورة التغيير والدنيا نظيفة.. بصراحة القبائل مستعدة لأن تقدم التضحيات من أجل حماية الشباب باعتبارهم البرعم النقي الطاهر الذي سيؤتي ثماره في المستقبل، ولا يمكن لأحد ترك الشباب لهذا الرجل أن يبيدهم..

* لماذا لم يخرج علي صالح هذه الجمعة في السبعين؟

- لم يخرج للاحتفال بعيد الوحدة وهو أكبر من السبعين واكتفى بحفل خاص داخل جدران مغلقة في معسكر الأمن المركزي في 21 مايو لأن الشعب قرر أن يحتفل بعيد الوحدة بعيدا عن هذا الرجل الذي صار منبوذاً من قبل الشعب.. لقد ضغط على الزر الخطأ عندما حاول أن يضرب القبيلة مما حتم على بعض القبائل التي كانت تحضر إلى السبعين من مقاطعته بل والانضمام إلى الشباب..

* حتى ينحاز المجتمع الدولي كلياً لدعم الثورة وإرغام صالح على الرحيل ما هي التطمينات التي يجب على شباب الثورة أن يبعثوها لهم؟

- إذا كنا نتحدث عن المجتمع الدولي الأصدقاء كما نسميهم، هؤلاء يمكن أن نحل مشكلتنا معهم، مسألة سياسية يستطيع السياسيون وضع تصور للتخاطب معهم، هم أكثر قدرة وخبرة ويدركون ماذا يريد الغرب بالتفصيل. أما فيما يخص المملكة فهذا علينا نحن القبائل لأنها تتعامل معنا أكثر من السياسيين، يجب أن يضغط عليها مشائخ القبائل خاصة الدين تربطهم بها علاقة حتى يتركوا الشعب اليمني هذه المرة يحدد خياراته. نقسم الأدوار: الساسة المشترك والذين استقالوا من المؤتمر، هؤلاء يتولون دور التعامل مع الغرب لأن الغرب يتعامل مع سياسيين لأنهم أكثر حرصا وأكثر خبرة في التعامل. والقبائل دورهم مع السعودية يضغطون عليها بأن تدع الشعب يحدد خياراته.

* أين موقع صعدة والجنوب مما يحدث؟

- مشكلة صعدة والجنوب هي في الأساس أوجدها النظام، والجنوبيون شركاء وليسوا بحاجة إلى فتح ملف منفرد لأنهم شركاء في القضية اليمنية عموماً، والذي جعل للجنوب قضية ولصعدة مشكلة هو النظام. يجب أن لا نتعامل مع أي قضية كجزء خارج المنظومة الاجتماعية.. نحن لا نريد ملفات وانحيازات، نحن نريد أن نتعامل مع الجميع باعتباره جزءاً من الشعب.. اليمن ملف كبير وقضية كبيرة تخصنا جميعاً.

* رسالتك إلى شباب الثورة في مختلف الساحات والميادين..

- نعدكم بأننا سنقف معكم وأنكم ستكونون أصحاب القرار ولن نسمح لأحد أن يفرض عليكم وصايته أو يمثلكم بدون رغبة منكم وسنناضل سلمياً من أجل اختيار القيادات وفق ما ترغبون.. هذه فرصتكم التاريخية يا شباب الثورة، هدية السماء، عضوا عليها بالنواجذ. وعلى الشباب التشبيك مع القوى الاجتماعية لإنشاء سياج يحمي الثورة.

* رسالتك إلى دول الخليج..

- نرجوكم مرة واحدة أن تتركوا لنا شأننا.. فإذا لم تستجب الأنظمة سننادي الشعوب ونقول لهم اضغطوا على أنظمتكم إذا لم يساعدونا في تحديد الخيار فعليهم تركنا..

* وإلى المجتمع الدولي..

- نأمل من دعاة الحرية والعدالة الذين يتشدقون بقيم الحرية والإنسانية أن يكونوا أكثر صدقا في التعامل مع اليمنيين، نأسف على هذا التصادم بين المصالح وبين الشعارات التي يرفعونها.

* وإلى من لازالوا في صفوف النظام..

- هؤلاء الناس إما مغرر بهم أو مغريات تلعب أو ضغوط وأساليب قذرة يستخدمها النظام للضغط على بعض القيادات.. أشياء لا أحب أن أفصح عنها.

* كلمة أخيرة تود أن تقولها..

- لن ترى الدنيا على أرضي وصيا..

*صحيفة (الاهالي)


في الأربعاء 01 يونيو-حزيران 2011 08:15:46 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=10466