الى قادة الفشل المشترك
ريما الشامي
ريما الشامي

مأرب برس – خاص

الشعب لم يعد يحتمل صفقات جديدة

التدهور المتسارع الذي وصل الى أقصى حدوده في مستوى الحياة المعيشية للشعب جعلت الناس يفيقون من أحلام اليقظة والأماني الزائفة والوعود الكاذبة لبرنامج الفساد والنهب والعبث الذي ظل يسوق لليمنيين لأشهر مضت ويعدهم بيمن جديد ومستقبل أفضل وبالقضاء على الفقر والبطالة في غضون سنتين ليجد اليمني نفسه بعد كل هذه الوعود عاجزا عن تلبية المتطلبات الضرورية لبقائه على قيد الحياة وصار أمله كله في في توفير قيمة كيس قمح ليشبع جوع اسرته في ظل استفحال البطالة والغلاء الفاحش في المواد الأساسية من دقيق وقمح وسكر التي تضاعفت ووصلت حدودا غير معقولة بعد انتخابات الرئاسة وفوز الحزب الحاكم ورغما عن وعوده وبرامجه التي تجسدت في حياة الناس مزيدا من الفقر والجوع والارتفاع الجنوني في الأسعار

في وسط هذا التردي والانهيار في حياة الناس المعيشية وجدت احزاب اللقاء المشترك وقادتها أنفسهم كمجرد مراقب لما يدور من بعيد وترك الشعب لوحده ليكتشف بنفسه حقيقة برنامج الحاكم ووعوده التي يعيشها اليوم فقرا وجوعا ومزيدا من استفحال الفساد وحسنا فعل محمد قحطان في خطوة ايجابية وان كانت متاخرة عندما وضع يده على الجرح مذكرا الحاكم بوعوده وببرنامجه ( يمن جديد . . مستقبل أفضل ) الذي تحول الى جرعة وغلاء فاحش وفقر واحكام سيطرة واجهار مراكز قوى الفساد على ماتبقى من رمق حياة لشعب يعيش تحت خط الفقر والجوع وكانت بيضة الاستاذ محمد قحطان التي اثارت هستيريا الرئيس وهيجانه هي هموم الناس ومعانتهم التي اغفلتها احزاب اللقاء المشترك وفي المحصلة فأن مطالبة قحطان للرئيس بتنفيذ برنامجه واعادة سعر البيضة الى ماكانت عليه هي القشة التي قصمت ظهر بعير الفساد لانها عبرت عن دور المعارضة الحقيقي في تبني معاناة الناس و استطاعت كشف الأكاذيب وزيف الوعود بالاضافة الى انها وضعت الحزب الحاكم والرئيس وبرنامجه في مواجهة حقيقية لأول مرة مع هذا الشعب الذي يقتات الكذب والخداع والفساد دائما وسط لامبالاة المعارضة .

وقبل بيضة قحطان كانت حكومة ظل المشترك التي تحدث عنها مسؤلين فيه لمراقبة فساد الحاكم وعبثه ونهبه بمقدرات البلد والتي رأى الحاكم في مثل هكذا خطوات جدية وأساليب ديمقراطية حقيقة ينتهجها المشترك خطرا حقيقيا داهما على استمرار الفساد وديمومة مصالحه في النهب والعبث وخداع الناس وتخديرهم بالوعود لتمرير المزيد من الفساد وكان على المؤتمر ابتداءا التشنج والانفعال من بيضة قحطان وحكومة ظل المشترك واعادة التهم الرئاسية الروتينية للمعارضة بالخيانة والعمالة والائتلاف لأجل ( تدمير الوطن ).

ومن ثم فأن المؤتمر والرئيس وجدوا أنفسهم في مواجهة هذا الشعب بحقيقة وعودهم له بيمن جديد ومستقبل أفضل- الذي تحول الى مادة للتندر والنكتة ودليل مادي على مأساة الأكاذيب- وفي وضع لايحتمل الهروب من مسؤليتهم عن هذا الانهيار في حياة الناس المعيشية الا بصناعة ازمة جديدة كما هي العادة وكان امامهم أسلوبهم التقليدي الناجع الذي يحبط الشعب وينقذ سلطة الفساد دائما من حسابه وطريق السلامة والنجاة والهروب الى الامام وضمان التأسيس لفترة فساد قادمة بكل طمأنينة أنها الوصفة السحرية : الدعوة الى ( الحوار ) مع المعارضة

نعم هذا هو بالضبط سيناريو الحياة السياسية اليمنية المكرر والمألوف والذي لم تستوعبه المعارضة ولو مرة واحدة في حياتها والمشهد السياسي اليمني الراهن يقول ان الحاكم سيدخل دورة حوار ولديه اهدافه واجندته وسيكرر النتائج المألوفة ائما بكل بساطة مع معارضة قدرها دائما التشريع للفساد وحمايته واطالة امده ودون استيعاب لأي دروس من تجارب هذه المناورات ( والحوار ).

المؤتمر يهرب كالعادة دائما من فشله الى ( الحوار ) ولديه اجندته واهدافه المعتادة والتي منها التنصل من المسؤلية ازاء صعوبة موقفه الحالي في مواجهة هذا الشعب الذي يحاكمه اليوم على أكاذيبه ووعوده الزائفة وكذلك للهرب من مواجهة الشعب باستحقاقات برنامجه ( يمن جديد . . مستقبل أفضل ) الذي صار جزءا من اكبر وافظع الاكاذيب التأريخية في حكم اليمن والسيناريو روتيني جدا ابتداءا من غضب وتشنج وتخوين رئاسي للمعارضة ثم دعوة للحوار وكأن ماتعانيه اليمن اليوم هو مشكلة خلاف بين السلطة والمعارضة وليس فساد حكم أوصل البلد الى الانهيار الشامل في كل مناحي الحياة .

الشعب يعي جيدا بحكم تراكم الخبرات والتجربة لديه في مجال ( الحوار ) ماذا يعني الحوار في قاموس سلطة الفساد والاستبداد وصانعة الازمات ؟و الى مايهدف اليه هذا الحوار ؟ وماهي نتائجه والى أين سيصل ؟

لكن قادة المعارضة سيذهبون كالعادة الى ( حوار ) مع الحاكم رغم انهم لم يفيقوا بعد من اخر حوار جرى قيبيل انتخابات سبتمبر ولاندري هل هم قاصرون سياسيا وسذج ولم يستوعبوا بعد كل دروس ( الحوار ) الماضية ام ان حوار هذه المرة سيكون استثنائيا ونوعيا ومختلفا بالمرة عن كل جملة ( الحوارات ) السابقة اذن فليخبروا هذا الشعب ماهي اجندتهم وحساباتهم خاصة وان هذه الحوارات تأتي دائما على حساب الشعب وحقوقه أم ياترى يرى قادة المعارضة ان هناك تفويضا مطلقا لهم في المتاجرة بمعاناة الناس وقضاياهم .

الشعب يدرك من كل تجارب الخيبات والهزائم التي مني بها بسبب المساومة به على مائدة ( الحوار ) أن فلسفة ( الحوار ) بين السلطة والمعارضة هو جزءا اصيلا من اليات أدارة الوطن بالأزمات تستخدمه بامتياز سلطة الفساد لاعادة انتاج نفسها والدفاع عن مصالحها وتمرير مشاريعها من خلال اضاعة المزيد من الوقت بمانورات لاجدوى منها ولايترتب عليها الا النجاح في التملص والافلات من المسؤلية وباتجاه خلق ازمات جديدة تفضي الى قناعة شعبية بانه ليس هناك افضل من استمرار الوضع الراهن وعلى هذه الراضية يتم تمرير مشاريع الفساد خاصة و( حوار ) هذه المرة ياتي والعمل جار على تنفيذ مشروع التوريث والعودة بالبلاد الى الحكم الأسري الملكي.

قبل الانتخابات الأخيرة خاضت المعارضة تجربة حوار انتهت لأن تكون تأسيسا وسببا لتكريس نهج الاستحواذ والاقصاء و الاستبداد و تهيئة ظروف توريث الحكم وكان ذلك الحوار سببا مباشرا لاغتصاب الارادة الشعبية في انتخابات سبتمبر التي زورت فيها ارادة الشعب واماله لصالح مشاريع الاستبداد والتوريث و كانت النتيجة ان ذبحت ارادة الناس على مقصلة نتائج حوار شرع التزوير .

وحتى لا اكون متجنيا على الحوار وأهدافه السامية فانني اذكر بموقف المعارضة الواضح في الانتخابات الماضية والذي كان رافضا للمشاركة في انتخابات غير نزيهة ولا تتوفر لها أدنى شروط التكافؤ والعدالة فكان الحوار هو الحل بين معارضة كانت الى ماقبل ( الحوار ) تمتلك موقفا مبدئيا يمثل راي الشعب وحقوقه وحكما لايعرف الا شرعية القوة والقهر في اغتصاب السلطة ومقدرات الوطن وافضى الحوار الى ( اتفاقية مبادئ ) تم توقيعها برعاية الرئيس شخصيا وحضوره ثم انقلب عليها المؤتمر وكأن شيئا لم يكن واعتبرها الرئيس نفسه بانها ( وثيقة عهد واتفاق جديدة ) تأمرية على الوطن وبرر قبوله بها فقط لاجل اقناع المعارضة بدخول انتخابات محسومة سلفا وليس عن اقتناع وفي المحصلة لم يكم امام اللقاء المشترك الا قبول الأمر الواقع الذي تأسس على ( الحوار )أو بنظر المعارضة على القوة المحتشدة في وجه الشعب والتي ياتي من ضمن مكونات هذه القوة هو نتائج ذلك الحوار الذي أفضى لتحديد موقف المعارضة ونسبتها في الانتخابات كما أراد الرئيس..

واليوم المعارضة وقيادييها المدعويين ( للحوار ) يبدون وكانهم نازلون من كوكب أخر وليس لهم أدنى علاقة بتأريخ تجارب الحوار التي ظلوا يذبحون بها حقوق الشعب قرابين على مائدة الفساد فالى اي حوار هم ذاهبون وعلى ماذا سيحاورون؟

وماذا بأيديهم ليحاوروا عليه أصلا الا مزيدا من التهميش والاقصاء الذي سينالونه والتي ستكون أبعد اقصاء مما حدث في انتخابات سبتمبر و في المحصلة المزيد من الاستحواذ والاستبداد والتهيئة لتوريث الحكم تحت يافطة ( الحوار ) مع معارضة واق الواق

والى أين سينتهي هذا الحوار ؟

هل سيفاوض قياديو المشترك على حياة الناس وعلى اخر رمق من أمل فيهم يضعونه في معارضة يرون انها لن تكرر أخطائها الفادحة السابقة في حق هذا الشعب.

هل سيفضى هذا الحوار المقبل الى صفقات انتهازية او الى اتفاقية مبادئ جديدة لاحول لها ولاقوة و من ثم سيطلق الرئيس عليها رصاصة الرحمة .

اذن فلتترك هذه المعارضة وقياديوها الشعب ليواجه سلطة الفساد والاستبداد بدلا من مناورات وحوارات و مساومات واضاعة الوقت .

ليفاوض قياديو المشترك الرئيس على انفسهم وبعيدا عن ادعاء تمثيل الشعب

وليفاوضوه ان شاؤا على اعتزالهم الحياة السياسية دون المساس بحقوق الناس وليتركوا طرفي المعادلة وجها لوجه الشعب في مواجهة الفساد .

ان هذا الشعب على مستوى مواجهة هذا الفساد الذي يسيمه الفقر والجوع ويجرده من انسانيته وكرامته وهو ليس بحاجة الى حوارات وصفقات ترفع اسهم سلطة الفساد لتنفذ مشاريعها في الشعب بواسطة قادة الفشل المشترك .


في الأحد 28 يناير-كانون الثاني 2007 10:58:18 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=1078