هشكة الثورة
عبدالملك الحاج
عبدالملك الحاج

عندما قامت الثورة الشبابية لم تقم بهندل أو دهفة.. وإنما قامت (استاد) وفحطة من أول قرعة، بكل قواتها تاركة خلفها مراغ الفحيط المشبوب بغبار الزوابع، ولم تهدئ السرعة إلا في مطناج القناصة، وهي المحطة الأولى التي مونت منها 54 جالونا من الوقود الثوري الممتار، وكان بإمكانها التفحيط بسرعة فائقة ولكن السقوط المباغت لتلك الوزارات والسفارات والقادة والنواب، وعتاعيت النظام المخلوس وعتاولة الفرقة المدرع جعلها تتهشك.

فالفرقة التي رفعت بانضمامها معنويات الثوار، سببت في الوقت نفسه هشكة قوية للثورة، فتعامسنا وقلنا لكل ثورة هشكة.. ولكل هشكة خصوصيتها وكربونها الخاص بها، ولكن لم تقف الأمور عند هذه الهشكة المدرعة وحسب، وإنما أصيبت أيضاً بأربع هشكات خليجية على دفع، كل هشكة أضرط من أختها.

تهشكت الثورة ولكنها لم تلصص، بل توسع نطاقها وارتفع معدل وقودها في عدن وأبين ونهم، وأما في صنعاء فقد تهشكت أكثر وكادت أن تفقد سلميتها بسبب الصراع الذي تفجر، بين صالح وبين الأحمر.

أتت بعدها محرقة تعز.. فلم يقم صالح بتعطيف فرشه، ولكنه قام بدق آخر مسمار من مسامير نعشه، عندما أراد أن يخمد النار بالنار، وأمر بحرق الثوار، ولم يتوقع أن الثورة التي أشعلت تعز شرارتها الأولى ستصل نيرانها المحرقة إلى دار الرئاسة بهذه السرعة.

وهكذا تحولت الهشكة الثورية بوادي القاضي إلى انفجار مدوي في النهدين، قيل بعدها أن النظام تهشك فيما بينه البين في ظل ظروف غامضة، وأن تلك القوارح كانت ناتجة عن لذعات الفضة وكربنة البلاكات.

بعد رحيل صالح دخلت الثورة مرحلة الكلوسة، والابتزاز المهشك، وحدث ما كان يجب أن لا يحدث، فقد انفرد البعض بالتنسيق وهرع البعض الآخر للحوار، منهم من يريد مجلس انتقاءلي.. ومنهم من أراد مجلس انتقاء له، وهناك من يريدها فدرالية، وهناك من يقترح حكومة اعتلافية.. وبطريقة سرية تمارس السعودية ضغوطاتها الأمريكية على أطراف الصراع بالقبول بالمبادرة الخليجية والنقل السلس للسلطة بموجب الدستور للنائب بالإنابة.

ولا غرابة، فالتآمر يحاك على مستوى كبير لوأد الثورة التي أسقطت النظام والدستور، بما فيهم صالح وعبده ربه منصور.. فعلى أي أساس هذه الحوارات تدور؟ وإذا كان المشترك والشيخ والفرقة، والمنسقية المنشقة، لم يفهموا أبعاد ما يدار بدقة، فإننا نهمس بآذانهم ونقول بأن الثورة لم ولن تتحول إلى صفقة، وأن هشكاتكم المنبعثة من إجزاز المفاوضات، قد تكربن أجواءنا الثورية، ولكنها لن تستطيع تلصيص الثورة.

وهنا ندعو جميع الأطياف والأطراف، وعلى رأسهم المشترك إلى الخروج من قمقم

المدواعة، وإعادة الحسبة بقناعة، والتركيز أولاً على إجراء الإصلاحات الفورية لهشكات الثورة والمتمثلة بضبط ميزانية الفضة، وتنظيف جميع البلاكات، وتصفية الكربيترات الذهنية المكربنة، والأمخاخ المشحمة بشحم الغباء السياسي المتقع، وتجليس ديلكو الثورة بالشكل الصحيح، لكي تستمر بكوارتها نحو أهدافها دون هشكات أو كسكسة أو وقوف متكرر.

أما إذا أخذت الأمور منحى آخر، ففي هذه الحالة فإنها ستتخبط لا محالة، وساعتها ستتحول المنسقية الى مطبقية، والحمر إلى غُبر، والحوثيين إلى انتقاميين، والحراك إلى عراك، والمشترك إلى مفترك، والذي يقول إنه يستطيع أن ينفرد أو يقود المرحلة، أو يتطفل على الثورة أو يحاول أن يركب موجة الثوار، فهذا إما مغفل أو بلا شك عقله سليطي.


في الأربعاء 29 يونيو-حزيران 2011 04:06:55 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=10846