الحشاشون والخوارج الجُدد في العراق ـ ربط تاريخي مهم
سمير عبيد
سمير عبيد

مأرب برس - لندن - خاص

لقد دار نقاش بيني وبين شخصية إيرانية رفيعة المستوى قبل أيام قليلة، وبوجود ثلاث شهود من النوع الممتاز، وعندما تحاججنا حول ما تفعله الأحزاب والشخصيات والمليشيات التي تدربت في إيران، وتدّعي الولاء لإيران من بطش وقتل وإعتقال وتغييب ونفي وتهجير، وإسكات لأي صوت وقلم معارض في العراق، فرد عليّ قائلا ( أنكم تحسبون عبد العزيز الحكيم يمثل إيران في العراق، فهذا رجل حشاش وأن منظمة بدر والمليشيات التي تعمل بتوجيهات هذا الحشاش هي ظالمه ومجرمة) فقلت له لماذا لا تعلنون هذا على الملأ، فقال لنا( هناك قنابل إعلامية وسياسية في الطريق وسوف تسمعونها قريبا، فعدونا واحد وهم الذين عيونهم زرقاء ويحتلون العراق) وكان يقصد قوات الإحتلال، فعدت فقلت له (وهل هذه تقيّة هي الأخرى؟) فقال لنا ( سوف يكون هناك مؤتمرا قريبا جدا، وسيحضره حتى الشيخ القرضاوي ومعظم شيوخ الدين السنة، وسيكون في طهران وهو مؤتمر المكاشفة ،وسوف تليه مؤتمرات في أكثر من مكان للمفكرين والمثقفين العرب والإيرانيين،وأولهم المعترضين والناقدين لإيران كي تكون هناك مكاشفة والإتفاق على طي أقوال وفتاوى موجودة في كتبنا والتي صدرت عن بعض رجالاتنا السابقين).. والحقيقة أن كاتب المقال من الذين ينادون بحوار المذاهب،وعلى الأقل من أجل تهدئة العواصف التي تنذر بخراب الأمة، ومن ثم سحب البساط من تحت أقدام أصحاب المشاريع الدولية في منطقتنا ،والذين لا يفرقون بين سني وشيعي، وبين عربي وغير عربي، فالنظرة من قبل هؤلاء و للجميع هي الإحتقار والإزدراء، وإن التصنيف والمكان في سلة واحدة، وأن العملاء من هذه التسميات يتعاملون معهم مثلما يتعاملون مع المنديل الورقي ( الكلينكس) في البداية يكون في جيب القميص نظيفا وبعدها يُرمى في سلة المهملات، أو في فوهة التواليت وسحب دورة المياه عليه وأنتهى الأمر ، لهذا ورغم خلافاتنا مع إيران يجب أن لا نقف بجانب الولايات المتحدة وإسرائيل ضد إيران، بل واجبنا هو الضغط على إيران كي تعقلن الذين يسمعونها والموالين لها في العراق،وكي تسحب رجالها وقواتها ومخابراتها المتسللة في داخل العراق، وأن لا يكونوا حجة في تدمير ما تبقى من العراق والشعب العراقي، ومن ثم تدمير المنطقة كلها ، وهذا يحتاج الى مشروع عربي وفيه الذراع الفاعل هم الشيعة العرب في العراق ومعهم السنة العرب ، لذا فنحن مع حوار المذاهب والأديان، ولكن بشرط أن لا يكون الغرض من هذه المؤتمرات وهذه الحوارات هو البرستيج والإعلام وإيصال الهدايا ( الرشاوى) في غرف الفنادق ذات الخمس نجوم نحو الخصوم للترضية والكسب والإسكات، وهذا ما حدث ويحدث للأسف الشديد، أي أصبح كثير من السياسيين والباحثين الإسلاميين أغنياء بطريقة صاروخية، وأصبحوا مهادنين بعد أن ملأوا الصحف ووسائل الإعلام صراخا، وأن كاتب المقال من الذين يتمنون بأن يكون المشروع الإيراني إسلاميا خالصا لكان أول المبشرين به والمدافعين عنه، لأنه المشروع الإسلامي الصحيح سواء كان ايرانيا ام عربيا فهو سفينة نجاتنا كمسلمين وعرب، وسيكون مشروعا انقاذيا للفرس انفسهم وبالتالي فهو وسيلة إنقاذ المنطقة كلها من الإضطرابات الحاصلة والقادمة نحونا، ولكن للأسف الشديد فأن المشروع الإيراني يكتنفه الغموض وعدم الصراحة، ويُغلف بمسحات دينية وأخلاقية وتوحيدية حال ما تنطلي وتظهر الحقيقة التي هي عكس ذلك، ولهذا أصبحنا نطلق على المشروع الإيراني بــ المشروع البراغماتي المتلون، بدليل ومن خلال المتابعة تجد أن لإيران مشروعها الخاص في كل قطر عربي ولأجله صنعت مخلبها الخاص بها في كل قطر عربي تقريبا، وليس بالضرورة هناك تشابه بين هذه المشاريع، وكذلك ليس بالضرورة أن هناك تشابها بالمخالب، حيث لكل مشروع رجاله وأدبياته ومنطقه ومخلبه وطروحاته التي تلائم الوضع في البلد سين والبلد صاد وهكذا، ويتماشى مع ما هو سائد في ذلك البلد،ومن مبدأ التقيّة والحذلكة والتورية، مما يسبب نوعا من القلق والتوجس، ولهذا نكاد نجزم بأن جميع المشاريع الإيرانية لها صورة ظاهرية تختلف عن الصورة الباطنية، وهذا يُحتّم علينا وعلى جميع المتعاملين مع هذه المشاريع، ويحتّم على السياسيين العرب الحذر والتدقيق في أي دعوة أو مؤتمر أو ندوة أو مشروع يطرحه الطرف الإيراني، والقضية ليست كراهية أو عِرقية ،بل القضية تنحصر في خانة عدم الثقة وضعف المصداقية من الجانب الإيراني، وإصراره على الجانب التقوي ( التقيّة) في التعامل مع الناس والدول والدوائر والمؤسسات والمراكز المختصة، ولهذا فعندما نقول بأن إيران لها مشاريعها التي تلائم كل دولة فلدينا أدلة كثيرة، فعلى سبيل المثال نعطي لكم شهادة طرفيها هما حزب الله في لبنان بزعامة السيد حسن نصر الله، والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في إيران بزعامة عبد العزيز الحكيم الطبطبائي.

فعند التحليل والمراجعة نجد أن السيد حسن نصر الله عربيا يوالي إيران، وعبد العزيز الحكيم إيرانيا من أم لبنانية يوالي إيران، أما الدعم المادي والإعلامي واللوجستي لحزب الله والمجلس الأعلى فهو من إيران ، ولكن حزب الله ليس له علاقة مع الولايات المتحدة والمخابرات المركزية الأميركية ـ سي أي ايه ــ ولكن المجلس الأعلى له علاقة مع الولايات المتحدة والمخابرات المركزية الأميركية ــ سي أي أيه ــ، والسيد حسن نصر الله لم يطالب بتقسيم لبنان، ولكن عبد العزيز الحكيم يطالب بتقسيم العراق، وأن السيد حسن نصر الله لم يقبل أن يُقتل لبنانيا ومهما كانت ديانته ومذهبه ومعتقده ولكن عبد العزيز الحكيم يدعم المليشيات وفرق الموت لقتل العراقيين مذهبيا وسياسيا وفكريا ودينيا، وليس لدى حزب الله خلايا سرية ترعب الشعب اللبناني على أساس مذهبي، ولكن عبد العزيز الحكيم لديه خلايا سرية مهمتها إسكات أي صوت وقلم معترض وقتل أي مخالف له بالرأي والسياسة، والسيد حسن نصر الله لم يتاجر ليل نهار بقضية الإمام الحسين وأهل البيت عليهم السلام ولم يطرح مشروعا طائفيا ،ولكن عبد العزيز الحكيم يتاجر ليل نهار بقضية الإمام الحسين وأهل البيت عليهم السلام ، ويطرح مشروعا طائفيا تقسيميا على غرار مشروع بن غوريون الصهيوني ، والسيد حسن نصر الله لم يعذب أسرى الكيان الإسرائيلي بيده ويُجلسهم على الخوازيق والأواني الساخنة، ولكن عبد العزيز الحكيم كان يعذب الأسرى العراقيين أثناء الحرب العراقية الإيرانية 1980 ــ1988 ـ حسب الشهادات والتقارير والصور ـــ ويُجلسهم على الخوازيق وعلى الأواني الساخنة جدا كي تحترق مؤخراتهم، وأن السيد حسن نصر الله أعطى ولده الشهيد هادي رحمه الله في سبيل تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة، ولكن عبد العزيز أعطى آلاف العراقيين لكي يُحتل العراق،ونصّب ولده عمار الحاكم المطلق في إقليمي الفرات والجنوب، بحيث يعده رئيسا للوزراء في إقليمي الجنوب والفرات، حزب الله قاتل الكيان الصهيوني وفي مناسبات كثيرة وآخرها في 12 تموز/ يوليو 2006 ولكن المجلس الأعلى قاتل الجيش العراقي لجانب إيران أثناء الحرب العراقية الإيرانية وقاتل الشعب العراقي ولا زال يذبح به ليل نهار،ولم نسمع بأن السيد حسن نصر الله كان حشاشا أو ساديا، ولكن عبد العزيز الحكيم ساديا بشهادة الأسرى العراقيين وحشاشا بشهادة القيادات الإيرانية نفسها، والسيد حسن نصر الله يسمي القوات الأميركية في العراق بالقوات المحتلة والغازية ويطالب برحيلها من العراق والمنطقة، وأن عبد العزيز الحكيم يسميها بالقوات الصديقة والحليفة ويتوسل عند إمامه الثالث عشر جورج بوش من أجل بقائها في العراق، وأن وسائل الإعلام لدى حزب الله متزنة ولم تتطرق لمشروع طائفي أو تقسيمي، ولكن وسائل الإعلام لدى المجلس الأعلى تثير الفتن والنعرات وتشوش الأفكار، وأن خطاب السيد حسن نصر الله خطابا شاملا يستند على وعي سياسي وفيه التكتيك والإستراتيجيا ناهيك عن إلمامه بعلم الإعلام ،أما عبد العزيز الحكيم فثقافته محدودة وسطحية ويستند على الخزعبلات والروحانيات التخديرية ،وليس له ثقافة واسعة بحيث ذات مرة ومن خلال مؤتمر صحفي مع الأمين العام للجامعة العربية الأستاذ عامر موسى عندما صحح له الأخير وقال له إن الثائر عمر المختار ليبيا وليس جزائريا لأنه قال نحن نستند على تاريخ عربي أبطاله عمر المختار في الجزائر، لهذا فالرجل لديه ثقافة روزخونية وليس ثقافة علمية شاملة ، وهنا لسنا بصدد التبشير بزعامة السيد حسن نصرالله ولا بحزب الله، ولكننا بصدد كشف الإزدواجية الإيرانية،وكشف الفرق بين الحركات الإسلامية التي توالي إيران، وكذلك لسنا بصدد الدفاع عن حزب الله والسيد حسن نصر الله، فلدينا كثير من التحفظات و الإختلافات معهم مع العلم أننا دعمنا جميع معاركهم ضد إسرائيل ولا زلنا ندعم كثير من توجهاتهم عندما تصب في خانة الوحدة والتحرك ضد المخططات الأميركية والغربية في المنطقة، ولكن المهنية وإحقاق الحق والحقيقة يحتمان علينا قول ما في ضمائرنا، ومن ثم مهما إختلفنا معهم لن نكون ضدهم لصالح المشاريع الأميركية والغربية مهما كانت الظروف،وإن كانت الضريبة السكوت وكسر القلم، ولكن بنفس الوقت لنا الحق بإنتقادهم وتصويب الأخطاء إن وجدت ،علما أنهم لا يرفعون شعار التصفية ضد الخصوم والكتاب والصحفيين مثلما يفعل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ومنظمة بدر في العراق وخارجه، ومن هنا نؤرخ بأن عبد العزيز الطبطبائي الحكيم هو زعيم حركة الحشاشين الجُدد في المنطقة، وهو رافع راية ومشروع زعيم الحشاشين ( الحسن الصباح) وأن المجموعات التي تواليه وتأتلف معه تمثل ( الخوارج الجُدد) وعبد العزيز الحكيم يقود جناح ( خوارج الشيعة الدمويين) وهيا ندخل في الأدلة والربط التارخي.

بدايات تأسيس طبقات الحشاشين والخوارج الجُدد!

إن الملف العراقي ليس غريبا علينا، بل هو من إختصاصنا لهذا فقبيل بدء العدوان على العراق، كان هناك فرزا بين صفوف المعارضة العراقية،وبين الجاليات العراقية في الخارج، فكان هناك تركيزا واضحا على الأصناف المغمورة، والتي لها ملفات فساد ورشاوي ومحاكم وجنايات وسوء بالأخلاق،وقسم من المطرودين من أحزابهم وظائفهم لأسباب الإختلاس والرشاوى والخيانة والتعامل مع الأعداء، وكان هناك تركيزا شديدا أيضا على الذين من اصول وجذور غير عربية وغير عراقية، والذين هم في المرجعية الشيعية والحوزة العلمية وفي التجمعات العراقية في الخارج والداخل ليكونوا الرديف القوي للقوات الأميركية والغربية المحتلة، لأن هؤلاء المستوطنين والمستعرقين قدموا نحو المرجعية والحوزة العلمية من إيران والهند وأفغانستان وأذربيجان وباكستان وغيرها و ضمن مخطط إستراتيجي قديم، وخصوصا عندما أقنعوا السواد الأعظم للشيعة والشعب العراقي بأن الإسلام والتشيّع يحرّم النظر لأصل وعرق وجنسية المجتهد والعالم والمرجع،ومن هنا بدأ التسلل والتسيّد على الشيعة العرب في العراق، وعلى العراقيين عموما ومن باب عاطفتهم ومسالمتهم، ولقد بدأ الفرز طيلة عام 2002 بحيث كانت هناك دورات تدريبية ومؤتمرات وهدايا ومحفزات ،وحتى بالنسبة لقادة المعارضة العراقية حيث بدأ الفرز بين صفوفها هي الأخرى ،فتم إختيار سبعة فصائل من أصل 74 فصيل معارض حسب إحصائية صاحب نظرية الإحتواء المزدوج حول العراق وإيران ( مارتن إندك) وهي الفصائل السبعة التي حجّت الى البيت الأبيض، وسمعت خطة العدوان والإحتلال وهي ( المجلس الأعلى للثورة الإسلامية بزعامة عبد العزيزالحكيم والذي أسسته إيران عام 1982، وحزب المؤتمر الوطني بزعامة أحمد الجلبي والذي أسسته المخابرات المركزية الأميركية عام 1992 ، وحزب الإتحاد الكردستاني بزعامة جلال الطالباني الذي تأسس في سوريا على أنقاض ماركسية ثم تحول الى حضن المخابرات المركزية وله علاقة مع إسرائيل، والحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرازاني وهو تركة عشائرية وله علاقة قوية وتاريخية جدا مع إسرائيل، والحركة الملكية الدستورية بزعامة الشريف علي والتي أسستها المخابرات البريطانية، وحركة الوفاق بزعامة أياد علاوي التي تأسست في السعودية عام 1991 ثم إنشقت لتكون تحت رعاية المخابرات البريطانية التي تنازلت عنها لصالح المخابرات المركزية الأميركية، وحزب الدعوة الإسلامية بزعامة إبراهيم الجعفري وهو الجناح الذي ترعاه المخابرات البريطانية) فعندما تلقون نظرة فاحصة ستجدون أن الخلطة تتكون من مجموعات توالي وتعمل لصالح ( أميركا وبريطانيا وإسرائيل وإيران)وعندما تنقلون النظرة نحو داخل العراق فماذا ستجدون؟... ستجدون أن تشكيلة اللاعبين في العراق فرضتها الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل وإيران.

لذا فعندما بدأت الحرب وأهوالها وأيامها ، كانت هناك نسبة 90% من المعارضة العراقية تظن بأن القضية مجرد مساعدة من الولايات المتحدة لمدة 6 أشهر، ومن ثم حكومة إنتقالية لمدة عام ( وهذا ما تم تبليغه من قبل الولايات المتحدة الى الفصائل الــ 67 التي لم تشترك برحلة الحج الى البيت الأبيض في الربع الأخير من عام 2002) ولكن الفصائل السبعة كانت تعلم بأن هناك المشروع الإسرائيلي هو الذي سيُبسط في العراق حال سقوط النظام العراقي، ويتم الإلتفاف على الـ 67 حزبا وحركة، وهذا ما تم بالفعل حيث برزت الوجوه التي فرزوها طيلة عام 2002 والتي تكلمنا عنها ،وكانت نسبة 70% منها من أرباب السوابق والمشاكل والدعاوى الجنائية والأخلاقية، ومن المطرودين والمفصولين من الأحزاب الإسلامية والشيوعية والقومية وغيرها، ومن المطرودين من وظائفهم لأسباب أخلاقية ووظيفية وجنائية والتي خلطوها مع مجموعات إنتهازية ونفعية من الداخل ثم إستقبلوا معها من سال لعابة من حركات الــ 67 وبدأت عملية مزج الخلطة كلها فكان الناتج هو( مشروع طائفي + مشروع عرقي) ولقد تم خلطهما أيضا، أي المشروع الطائفي والعرقي فكان الناتج ( مجموعات الحشاشين ، والخوارج الجُدد الشيعة، والخوارج الجُدد السنة، والخوارج الجُدد الأكراد) وسرعان ما حصل هؤلاء على دعم معنوي ولوجستي ومادي ليس له حدود ،ومن قبل الدول الأربعة نفسها (الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل وإيران) لتشرع بتكوين المليشيات الخاصة والعصابات السرية، ومن هذه المليشيات والعصابات تم بناء قوات وزارة الداخلية ووزارة الدفاع في العراق الجديد والديموقراطي جدا، وطبعا هناك قسما من الشرفاء العراقيين الذين إضطروا للتطوع في وزارة الدفاع والداخلية نتيجة سياسة التجويع والحصار والبطالة التي إتبعتها هذه الأحزاب للإيقاع بالشرفاء، وتحت شعار ( جوّع كلبك يتبعك) وحاشا الشعب العراقي، ولكنها حقيقة وللأسف الشديد، ومن هنا برزت قيادات الحشاشين والخوارج على مذاهبهم وأعراقهم ومجتمعاتهم.

الربط التاريخي بين الحشاشين والخوارج السابقين والحشاشين والخوارج الجُدد!

فالقضية تبدو انها ناتجة عن قراءة تاريخية من قبل الأعداء، وهذا يؤكد لنا مقولة وزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشي دايان عندما قال عنا ( نحن أمة لا تقرأ وأن قرأت لا تفهم وإن فهمت لا تفعل شيئا) لذا فلو جئنا الى ربط التاريخ على شكل حلقات ،أي ربط الماضي بالحاضر سوف نجد أن التاريخ يعيد نفسه، ولكن هذا الكلام ليس معناه أن نستسلم وكأن التاريخ قدرا سماويا، فليس القصد هذا بل القصد التحليل والتنبيه، لذا فحركة ( الحشاشين) التي أسسها (الحسن الصباح) والمنسوب الى الطائفة الإسماعيلية النزارية في جبال الدليم شمال إيران بعد إنشقاقهم عن الدولة الفاطمية رفعت شعار الإغتيال بديلا عن الحوار والتفاهم مع الخصوم السياسيين، لهذا أصبح تعريفها من قبل الباحثين والمتابعين هو ( حركة إرهابية تنتمي الى الإسلام وأتخذت من العنف وسيلة للوصول الى الأهداف) لهذا كان عهد مؤسسها الحسن الصباح عهد فتن وإضطرابات في بقاع كثيرة من العالم الإسلامي ، وهو الذي أتبع نظام الفدائيين ، وكان يأمر بإغتيال كل من يقف في طريقه أو يخاصمه ، وهو مؤسس ومالك قلعة ( الموت) في جنوب بحر قزوين، لذا فلو ربطتم أفعال ومشاريع وأفكار عبد العزيز الحكيم الحالية في العراق، وأفعال ومشاريع وبرامج القوى المؤتلفة معه، فبربكم ألا تشاهدون أن الأفعال التي يقومون بها توأما الى أفعال الحسن الصباح ورجاله؟

فلقد قال الرحالة الإيطالي ( ماركو بولو) عن حركة الحشاشين بزعامة الحسن الصباح ما يلي ( لقد مررت بهم في ذلك الوقت، فكان يأخذ شيخ الجبل ( الحسن الصباح) الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والعشرين فينشئهم نشئة خاصة، ثم يأتي بهم ويخدرهم بمخدر خاص يقال أنه ( الحشيشة) ويدخلهم بعد ذلك في حدائق غناء مليئة بالملذات والكواعب الحسان، ويطلقهم فيها ليتمتعوا بكل ما احتوت ثم يقيدهم الى حضرته ويطلب اليهم بعدما يفيقون أن يغتالوا من يريده شيخ الجبل من أعدائه وجزاؤهم على ذلك الخلود في جنة الإمام التي تذوقوا نعيمها، لذا فقد تميز عهد الحشاشين بسفك الدماء والإرهاب حتى أصبح الناس يخشونهم وخاصة الحكام والوزراء /// أنظر كتاب الأباضية للدكتور صابر طعيمة ص17) .

وهكذا فعل ويفعل عبد العزيزالحكيم ومن معه ،حيث يأخذون الأطفال من المدارس والطرقات والبيوت لتتم تنشئتهم في مساجد او حسينيات وأماكن خاصة اخرى في العراق وأيران ليكونوا رافدا لخلايا الموت والمليشيات أي يكونوا السيف البتار ضد خصوم آل حكيم وخصوم مشروع الحشاشين الجُدد بزعامة عبد العزيز الحكيم، لهذا أصبحت هذه المجموعات لا تعرف غير الحشيش والإغتيال وسماع أوامر وأقوال عبد العزيز الحكيم ورجاله وعلى طريقة الحسن الصباح ، لذا فعليكم العودة الى الأفعال اليومية التي تقوم بها خلايا وعصابات الحكيم وقوات بدر والعصابات التابعة للبيشمركة الكردية وللجلبي وغيرها من العصابات التي توالي الأحزاب الأخرى،فأنها أفعال إحتار الشعب العراقي كيف يفسرها لأنها أفعال لا يتخيلها العقل ، وليس لها علاقة بأخلاق الشعب العراقي والعرب جميعا ، ومنها عندما وجدوا سكان العاصمة بغداد كلابا ميته رؤسها رؤوس نساء ورجال، أي أجريت عملية قطع لرؤوس الكلاب ليكون بدلها رؤوس النساء والرجال العراقيين وترمى في الطرقات، وحادثة الطفل وهو نجل أحد الخبازين العاملين بفرن لصناعة وبيع الخبز في بغداد حيث أخذوا إبنه ووضعوه في الفرن ليشوى، وبعدها وضعوا الجسد المحترق في صحن كبير مليء بالرز وحملوه الى أهله ، وعمليات الإغتصاب الجماعية إتجاه بعض السيدات ثم يتم تقطيع أوصالهن ورميها في الطرقات، وطبعا هنّ نساء الخصوم السياسيين أو من الطوائف الأخرى ، إما مسألة قطع الرؤوس فلقد إنتشرت في العراق وأصبحت نوعا من ثقافة المليشيات، أما مسألة حفر جماجم المعتقلين من السنة والعرب الشيعة بالمثقب ( الدريل) وهم أحياء، وبعدها سلخ جلودهم وهم أحياء أيضا، فلقد أصبحت حديث الشارع العربي والعالمي، ومن ثم أصبحت وثيقة دامغة لدى المنظمات الدولية، ألم يكن هذا بفعل الحشيش والمخدرات القادمة من إيران، والتي أصبحت تباع حتى في الأضرحة المقدسة في كربلاء والنجف والكاظمية ، وعلى بعد أمتار من مقر السيستاني ومكاتبه في المدن الأخرى ، وهناك وثيقة تثبت بأن هناك حشيشة أطلقوا عليها ( حشيشة المهدية) وإدعوا بأن الإمام المهدي يتناولها وأمر بتناولها ــ الله أكبر ما هذا الهراء والإعتداء ــ وهي من بدع منظمة بدر والمجلس الأعلى والتي أتهموا بها مقتدى الصدر، وأمور أخرى تحدث يوميا وفي الليل والنهار، بحيث أصبحت مسلسلا مرعبا وغريبا لا يتخيله العقل، ولكن العالم لايتحدث عنه ما دام محميا من قبل قوات الإحتلال، وبأوامر من الإدارة الأميركية،لأن عبد العزيز الحكيم يمثل الآن ( بن لادن الشيعة) عندما كان بن لادن صديقا للولايات المتحدة، والسؤال هل ينتظر الشعب العراقي لحظة الطلاق بين بوش والحكيم مثلما حصل الطلاق بين بوش وبن لادن؟ ولكن الى متى سيستمر هذا الرعب ومسلسل الإغتيالات والتصفية والإجتثاث ،بحيث ان قوات وخلايا الحشاشين الجُدد تمارس أبشع الجرائم في العراق مثلما كان يستعمل الحشاشين في ظل الدولة العباسية!.

أما عندما نتكلم عن الخوارج الجُدد ،والذين هم نتاج المحافظون الجُدد في البيت الأبيض الأميركي، فلابد من المرور على التاريخ وربط الماضي بالحاضر، لذا فالتاريخ يقول عن الخوارج ما يلي (:أنها أول حركة متطرفة ظهرت بين المسلمين وكانت هي حركة ــ الخوارج ــ وهي أخطر أنشقاق ظهر في حياة المسلمين أثناء خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، ولقد كانت في بداية الأمر حركة سياسية ثم تحولت الى حركة عقائدية متطرفة حتى واقعة النهروان)، ولقد وصفهم ( يوليوس فلهوزن) وصفا دقيقا عندما قال ( كانوا حزبا ثوريا يعتصم بالتقوى، ولم ينشأوا عن عصبية العروبة بل عن الإسلام وكانوا ينظرون الى حذاق التقوى الإسلامية وهم القراء كما ينظر المتحمسون اليهود الى الفريسيين) والقضية تنطبق على المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ومنظمة بدر والذين معهم في ما يُطلق عليه بــ ( الأئتلاف الشيعي) أو ( إئتلاف الشمعة) في العراق ،حيث كان خلافهم مع الخصوم وإئتلافهم لأغراض سياسية، ولكن سرعان ما تحول الى خلاف عقائدي لا يقبل النقاش ويؤمن بالحلول الإجتثاثية والإقصائية والتدميرية،لا بل قدموا مشروعا إنفصاليا يرتكز على المذهبية والطائفية، بحيث برز عبد العزيز الحكيم قائدا لدولة داخل دولة ،فبعدما كان رئيسا لهذا الأئتلاف ويفترض أن تنتهي رئاسته حال إنتهاء الإنتخابات، ولكنه بقي يمارس سلطاته العليا على الحكومة والأئتلاف وعلى الشعب العراقي والبرلمان، ولا زال بل يُستقبل من قبل الرئيس الأميركي ومساعديه على أنه العمامة الشيعية الصديقة (عمامة المارينز) ويُستقبل على أنه زعيم الخوارج الجُدد، والذين يتعاملون مع الإدارة الأميركية والمشروع الأميركي في العراق والمنطقة، ومن الخوارج الجُدد أيضا السيستاني الذي يتزعم الخوارج الجُدد في المرجعية الشيعية، وهناك خوارج جُدد من الشيعة العلمانيين والسنة والتركمان والأكراد وغيرهم، فمثلما تطور مذهب الخوارج سابقا وأدى ذلك الى تعدد فرقهم، فيبدو أن الشيعة في العراق سوف تتعدّد فرقهم نتيجة حركة الخوارج الجُدد بزعامة عبد العزيز الحكيم والسيستاني، ولهذا برزت مرجعيات منافسه لهم سياسية ودينية، فلقد مثل الخوارج سابقا جانب الغلو والتطرف في التاريخ الإسلامي، وهكذا مثل عبد العزيز الحكيم جانب الغلو والتطرف في التاريخ العراقي والتاريخ الشيعي في العراق، فلقد كان الخوارج سابقا متشددون في معاملة مخاليفهم و كان منهم من لا يرحم المرأة والطفل الرضيع ولا الشيخ الكبير، وكانوا يظهرون بمظهر الزهاد والعباد لكنهم كانوا لا يتورعون في إرتكاب أشد الأعمال قسوة، وكانوا ينظرون الى مخالفيهم من المسلمين على أنهم كفارا ، وما أشبه اليوم با لبارحة ، حيث أنها السياسة التي يتبعها عبد العزيز الحكيم قولا وفعلا وإعلاما من خلال إطلاق تسمية التكفيرين على أي معارض وخصم سياسي،وهكذا رفاقه في المجلس الأعلى ومنظمة بدر وفي المرجعية السيستانية، حيث تشاهدون عبد العزيز الحكيم متواضعا كريم النفس يلطم على الصدر، وتشاهدون نجله عمار الحكيم ( كتكوت الحوزة) يقرأ القرآن وكتب مقتل الحسين ويلطم على رأسه وهو يقود النهب والسلب في العراق، ووالده يشرف عى مشروع التقسيم والتلغيم في العراق.

لذا فالخوارج سابقا كانوا فرقة كثيرة منشطرة الى عشرين فرقة يجمعهم الخروج على الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام،ولكنهم يعترفون فيما بينهم حيث يكفر بعضهم بعضا ، وهكذا بالضبط في الأئتلاف الشيعي حيث هو إئتلاف الإخوة الأعداء، فهم يجتمعون على كراهيتهم للعرب في العراق والعرب جميعا، ومن ثم يجتمعون على كرههم لوحدة العراق جغرافيا وإجتماعيا ،ولكنهم يكره أحدهم الآخر ويكفر ويخوّن أحدهم الآخر؟

 وهكذا الخوارج الجُدد السنة من الحزب الإسلامي والتوافق والحوار فجميعهم إجتمعوا على أخذ الحصة من الكعكة العراقية، ومن خلال الإتفاقيات السرية مع السفارة الأميركية ،وبإشراف السفير خليل زاده بحيث أنهم أصبحوا من طبقات المجتمع المخملي في القاهرة وعمان ودبي وبغداد وغيرها من العواصم نتيجة الملايين والصفقات التي أعطتها السفارة الأميركية لهم نتيجة موافقتهم على سيناريوالإحتلال، لذا فإجتماعاتهم فيما بينهم هي إجتماعات الخصوم الأعداء حيث يكره أحدهم الآخر، بل يخونه ليل نهار ،ولكنهم يجتمعون عند الكعكعة حتى مع عبد العزيز الحكيم ومع منظمة بدر، وأن هذه المعلومات ليس من مخيلة الكاتب بل من خلال زملاء لهم قرروا العمل خارج التركيبات السنيّة خوفا من الله والشعب والمستقبل والفضيحة وإحتقار الشعب القادم لا محال ،لهذا فهؤلاء تمذهبوا أيضا لسنيّتهم وأصبحوا خطرا على السنة والشعب العراقي.

 أما الخوارج الجُدد الكرد فلا يجمعهم إلا المصالح، خصوصا وهم يحتلون نصف العراق، ويشاركون بحكمم النصف الآخر وأستولوا على وجه العراق الداخلي والعربي من خلال الرئاسة الكردية،مثلما إستولوا على وجه العراق الخارجي من خلال وزارة الخارجية، لهذا أصبحت الدولة( الكربية) وليس الدولة العراقية ،ولكن أحدهم يكره الآخر، وهم هاربون نحو بغداد من إستحقاقات فيما بينهم، فإن حال إنفصالهم عن العراق أو بقاءهم في الشمال سوف يتقاتلون فيما بينهم لأن هناك ملفات عويصة عالقة بينهم يؤججها الثأر والإنتقام.

 وفي الجانب الآخر فهناك عبد العزيز الحكيم والأئتلاف الشيعي الذي سيطر المذهب وهو ( مذهب الخوارج الشيعة الجُدد) على عقولهم فأصبحوا لا ينظرون الى القرآن إلا على ضوئه، ولا يدركون شيئا من معانيه إلا تحت تأثير سلطانه، ولا يأخذون منه إلا بقدر ما ينصر مبادئهم ويدعوا إليها، وهنا تنطبق عليهم مقولة المفكر المصري حسن حنفي أي يستعملون القرآن كــ ( سوبر ماركت) أي يأخذون منه ما يعجبهم ليضعوا عليه البهارات المناسبة لأذواقهم.

 لذا فالأئتلاف الشيعي الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم هو ظاهرة سياسية دينية شيعية مغالية ومتطرفة، وتؤمن بالتقسيم والتفتيت ونشر النعرات والفتن، فيجب الوقوف بوجهها وتجسيدا لقول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلّم عندما قال ( من خرج من الطاعة وترك الجماعة فمات، مات ميته جاهلية ، ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبية أو يدعو لعصبية أو ينصر عصبية فقتل قتلة جاهلية ، ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد فليس مني ولست منه)

 ولكن بالمقابل هناك القرامطة الجُدد،والذين بالغوا بالفرائض وحرموا الحلال وأباحوا المحرمات بحجة مبالغتهم بحب أهل البيت عليهم السلام،ومثلما فعل القرامطة الأوليين، بحيث أصبحوا من الغلاة والذين لا يتورعون من فعل أي شيء وصولا لتقديس الأفراد والجماعات، فهؤلاء أيضا أصبحوا في العراق وأنهم خطرا مضافا على المجتمع العراقي ، وربما سنتحدث عنهم لا حقا.

مركز البحوث والمعلومات

samiroff@hotmail.com


في السبت 03 فبراير-شباط 2007 07:30:38 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=1103