الثوار في عيد، والغاز في تبديد
عبدالله عبدالرحمن الدربجي
عبدالله عبدالرحمن الدربجي

أعيش في هذه اللحظات، مثل غيري من أبناء الوطن، أجواء عيد الفطر المبارك بالعاصمة صنعاء، بعد أن غبتُ عن هذه الأجواء لعامين بسبب غربة العمل. و أثناء متابعتي للثوار يؤدون صلاة العيد في ساحة التغيير و يبتهجون به متوعدين بمواصلة ثورتهم حتى تحقيق أهدافها، تذكرت مشهد الغاز الطبيعي اليمني المسال و هو يُحمَل على متن ناقلة الغاز العملاقة "ميرسك مأرب"، من مشروع تصدير الغاز في بلحاف إلى الأسواق العالمية في الشرق الأقصى و أوروبا و أمريكا. هذه الثروة الوطنية العملاقة، و التي تُقدَّر بنحو 6.2 تريليون طن متري على مدى عشرين عاماً، قد تم تبديدها على يد من باعوا هذا الوطن بثمن بخس، و هي مثل غيرها من ثروات كثيرة طالتها يد العبث و الفساد حتى تقطعت أوصال بلادنا الحبيبة.

من حق الثوار أن يفرحوا بالعيد مثل جميع المسلمين في أنحاء العالم. و لكن المرحلة الحساسة التي يمر بها الوطن، تقتضي وعياً و إدراكاً أكبر بعظم حجم المسئولية الملقاة على عاتق الشباب الذين أخذوا على أنفسهم تخليص الوطن من شرذمة الفساد و الطغيان التي عبثت بثروات الوطن أياً كانت مللهم و نحلهم. كنتُ، مثلي غيري من أبناء الوطن، نمني النفس أن يكون احتفالنا اليوم مزدوجاً بعيد الفطر المبارك، و كذا بإسقاط النظام و تحقيق أهداف الثورة المباركة.

غاز الوطن، أيها الإخوة شباب الثورة، تم تبديده في اتفاقية جائرة بحق الوطن يعلم عنها الكثيرون. و أنتم أيها الثوار تحتفلون بعيد الفطر، تتوجه ناقلة الغاز العملاقة ميرسك مأرب في هذه الأثناء، و التي أتوقع أن تكون الآن في أعماق المحيط الهندي بعد عبورها مضيق ملاكا، إلى ميناء بلحاف في لتصل في التاسع من سبتمبر من أجل القيام بتحميل شحنة جديدة من الغاز مقدارها 163 ألف متر مكعب، المعادلة لـ 72 ألف طن متري تقريباً. و هذه الناقلة ليست وحدها في الأسطول، فهناك ما يقارب 11 ناقلة لهذا الغرض، من بينها أربع ناقلات مستأجرة على مدى 20 عاماً تقريباً لمشروع بلحاف الغازي. أين نصيبكم و نصيب الوطن من هذه الثروة الهائلة؟ بلادنا التي دخلت حقل الدول المصدرة للغاز تعاني من أزمة في غاز الطبخ المنزلي (الغاز النفطي المسال المشتق من الغاز الطبيعي المسال و كذا من النفط الخام)! أي منطق هذا و أي حال هذه؟!

لا تغرنكم أجواء الاحتفال و البهجة بعيد الفطر المبارك عن هذه الحقائق و هذا التبديد و العبث في ثرواتكم، التي هي من حقكم و حق الأجيال القادمة من بعدكم. و لتعلموا أن الغاز هو جزء من ثرواتكم الكبيرة، التي تضم أيضاً النفط الخام و الثروات السمكية و غيرها مما عُلِم أو خُفِيَ أمره. فليكن هذا حافزاً لشباب الثورة لأجل الحسم الثوري، العاجل غير الآجل، البعيد عن الوصاية و التدخلات التي أبطأت من مسيرة الثورة و أخرت تحقيق أهدافها، بينما إخوانكم الثوار في تونس و مصر و ليبيا مؤخراً قد أنجزوا أمر الثورة في بلدانهم و ها هم الآن يحصدون ثمارها يانعة طيبة.

إن التأخر و التباطؤ في حسم الثورة يعني المواصلة في تبديد الغاز و بقية الثروات التي ما نال الوطن منها إلى الفتات و الفضلة. فلتكونوا جميعاً يداً واحدة على قلب رجل واحد للذود عن ممتلكات وطنكم الغالي لنصل باليمن إلى المعالي إن شاء الله.

aaldirbijy@hotmail.com


في السبت 03 سبتمبر-أيلول 2011 01:04:03 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=11484