المعصرات الثجاج في نصرة أهل دماج
عدنان المقطري
عدنان المقطري

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعى آله وصحبه ومن والاه وبعد:

فإن النصرة للمستضعفين في الشريعة الإسلامية واجب محتوم , وفرض معلوم وقد تكاثرت النصوص في بيان ذلك فعن ابن مسعود – رضي الله عنه- أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال : (أمر بعبد من عباد الله أن يضرب في قبره مائة جلدة، فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدة واحدة، فجلد جلدة واحدة، فامتلأ قبره عليه نارا، فلما ارتفع عنه وأفاق قال: على ما جلدتموني؟ قالوا: إنك صليت صلاة واحدة بغير طهور، ومررت على مظلوم فلم تنصره \". أخرجه الطحاوي في \" مشكل الآثار \"وصححه الألباني .

وما أحوج أهل الإسلام إلى العمل على نصرة المظلوم في زمن كثر فيه الظلم , وعم البغي وصار الاعتداء على الضعيف شيمة يفتخر بها البعض , وإذا فتشنا عن قرب , وبحثنا عن كثب في واقع المسلمين لوجدنا مايندى له الجبين ويٌدمع القلب من الأنين , وفي وسط هذا الواقع المرير , أطفال تصرخ , ونساء تتوجع , وشيوخ وعجائز تئن , ورجال يتألمون .

- المكان : مركز شيخنا العلامة مقبل بن هادي الوادعي – رحمه الله تعالى – في قرية دماج الخير في محافظة صعدة من أرض اليمن الحبيب .

- المظلومية : حصار خانق , وتطويق قاتل .

- العدد : أكثر من عشرة ألف مسلم ومسلمة من النساء والصبيان والعجائز والشيوخ والرجال .

- المنفذون للظلم : الحوثية الرافضة , أعداء السنة , وقتلة المسلمين , أعوان اليهود والنصارى وكل عدو للمسلمين .

- الزمن : بدأ الحصار لهذه القرية في العشرين من ذي القعدة لعام اثنين وثلاثين وأربعمائة وألف هجرية .

- ماهية الحصار , وذكر الجرائم التي ارتكبت في حق المحاصرين من قبل الحوثيين .

لقد أقدم الحوثيون على جرائم متعددة , ومصائب قاتلة من أبشع ما عرفته الإنسانية عبر تاريخها القديم , وماضيها المنصرم , إن دلت على شيء فهو الحقد الدفين , والكراهية العفنة , والوحشية التي تخلت عن كل معاني الإنسانية , ومعالم البشرية , وأخلاق الآدمية .

هذه الجرائم ينفجع لسماعها كل من تصل لأذنه , ولمشاهدتها كل من رآها بعينيه , ينخلع القلب , وتتفطر الأكباد من شناعتها – فإنا لله وإنا إليه راجعون - .

وهاهي – أخي الكريم - بين يديك , أسردها ويداي ترتجف , وعيناي تدمع , وقلبي يتقطع ولكن ليشهد التأريخ , ويسجل القلم , وليعيش الجسد الواحد هم عضو من أعضائه , وجزء من أجزائه , في حين من فقد هذا التفاعل مع آلام أمته كان ميتا يتحرك بين الأحياء , وحياً في وادي الجبناء .

فمن جرائم الحوثية ضد المسلمين في دماج :

1- منع إيصال القوت الضروري , والمواد الغذائية التي هي شريان الحياة , ومحرك الإنسان , ومنبع القوة في جسده . ولقد حدثنا النبي – صلى الله عليه وسلم – عن امرأة حاصرت حيوانا ومنعته من الطعام حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها , ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض ).متفق عليه من حديث أبي هريرة .

فهذه العدالة الربانية , والقصاص الإلهي لمن حاصر قطة , فكيف بمن حاصر جماعة تدين لله بالإسلام , وتحب نبي السلام ـ صلى الله عليه وسلم – يقتلها صبرا , ويظلمها قهرا.

2- منعهم الدواء الضروري وغير الضروري , والعلاج الذي لابد منه عن المحتاجين له , فكم من مريض لا يستطيع الاستغناء يوما عن علاج يهدأ أوجاعه , ويسكن آلامه , ولا يخفى فالسكر وأمراض المعدة وغيرها مما لا يستغني مرضاها عن العلاج يوما واحدا في الأغلب .وزيادة في تنويع العذاب على المحاصرين والاستلذاذ بأوجاعهم , يتم منع كل من أراد الخروج للمستشفيات من أطفال , ونساء , ورجال ولو كان في حالة طارئة , وأمر حرج , فيعاد إلى بيته يذوق مرارة ما يعانيه ليموت مرارا قبل موتته الأخيرة . ولقد مات إلى حين تسطيري هذه الكلمات العديد من الأطفال جراء الجوع , وفقدان الأدوية الضرورية .

إنهم أقوام لا يمتلكون في قلوبهم أدنى رحمة قد نزع الله منهم الشفقة .وأبدلهم بمسوخ الشياطين .

3- عمليات القنص والقتل المباشر للطلاب , فكم هي رخيصة عندهم النفس المسلمة , والتي (زوال الدنيا بأسرها أهون عند الله من قتل امرئ مسلم ).

ولم تسلم من قناصتهم , ورصاصات غدرهم النساء الحرائر ,ففي كل قوانين الدنيا ,وأعراف العالم تجعل للمرأة احترامها إلا عند الرافضة الحوثيين , فهم لا يعرفون لحقدهم حدودا , ولا يلتزمون بقوانين , أو يتأدبون بآداب الشريعة الغراء التي نهت عن قتل النساء والصبيان في الحرب , فعن نافع أن عبد الله بن عمر أخبره : \" أن امرأة وجدت في بعض مغازي النبي - صلى الله عليه وسلم - مقتولة \" فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء والصبيان \".في هذا النص نهى الشارع الحكيم قواد المسلمين أن يتعرضوا لهؤلاء وهم على شرك وعلى كفر، تطبيقاً لأصلٍ من أصول الإسلام، ألا وهو قوله تبارك وتعالى في القرآن: { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى } .

فكيف بمسلم يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

4- منع الحجاج من أهل تلك القرية من أداء الفريضة المباركة , والركن العظيم فردوا قاصدي بيت الله الحرام بكلام بذيء , وألفاظ قبيحة تنبئ عن أخلاق حامليها . ولقد ذكر الله في كتابه نوعاً من أنواع الظلم فقال تعالى : ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ .قال بعض أهل التفسير:إنها في المشركين الذين أخرجوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.وصحابته من مكة , ومنعوه من المسجد الحرام عام الحديبية .

والصد عن المسجد الحرام مما ذكره الله عن المشركين , حعله سببا في عذابهم حيث قال تعالى : { وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ } ، ، وقال تعالى : { هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ } .

فأبرز من شابه المشركين , وسار على طريقة صناديد قريش في الصد عن سبيل الله هم الرافضة الحوثيون , فاليهود وهم اليهود المحتلون لفلسطين يسمحون لأهلها بقصد بيت الله الحرام ودول النصارى نرى منهم المئات في العمرة والحج , أما الحوثيون فقد فاقوا اليهود والنصارى في الظلم والعدوان .

وشابهوا بحصارهم لطلاب العلم في دماج , حصار صناديد قريش , وأئمة الكفر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -ومن ناصره في شعب بني هاشم .

فهل يعي الحوثيون أنهم يحثون الخطى , ويسيرون على نهج صناديد الكفر والضلال , وأن هذه الأعمال لم يسبقهم لها إلا أهل الشرك والوثنية.

لم يحترم الحوثيون شهرا حراما ,ولا أياما فاضلات قال الله فيها: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ الله يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ .

ومما زاد عتوهم في هذا الحصار السكوت المطبق , والتجاهل المخيف لأعمال القتل والتشريد , من قبل الجهات الرسمية في الدولة , والأطراف الفاعلة في المعارضة , فرغم خلافاتهم إلا أنهم اجتمعوا على خذلان المسلمين في أرض دماج , في الوقت الذي يشجبون ويستنكرون جرائم أقل خطرا , وأخف جرما , لربما كانت ضرب رصاص على سيارة أحدهم وهو غير موجود فيها , وإن كان من إنكار في أمور كهذه فهو لمن والاهم ووقف في صفهم ,ولهم منفعة من ذلك الإنكار . لكن أن يكون طفلاً , في دماج الخير يتضور جوعا , أو مريضا يحتاج إلى علاج يخفف ألمه ’ أو شيخاً يتوجع أنيناً , وأباً أو أماً يشاهد جوع أولاده أمام عينه فلا يملك لهم شيئاً فهؤلاء لا بواكي لهم .

أضاعوا القيم , وتناسوا النصرة للمسلم المظلوم , ذاب كل هذا في وسط الصراعات الحزبية , واللهث وراء كراسي وسلطة غرمها أكثر من غنمها . بالصراعات الحالية , والفتن القائمة .ضربت الحوثية بأطنابها , ورمت بحبالها في الطرفين , وبين الجماعتين لتكون أسعد الناس.ولكننا نذكر الجميع بحديث جابر – رضي الله عنه - قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: \"ما من امرئ يخذل امرءا مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته،وما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته\".رواه أحمد وأبوداود.

يامعاشر المسلمين هل ننتظر أن تصير دماج صبرا وشاتيلا أخرى , ذبح فيها الأطفال والنساء والرجال من قبل رافضة إيران – حزب الله وحركة أمل – , ماهو العدد , والضريبة التي يحتاج لدفعها أهل دماج لتنطق الأفواه الساكتة , وتتكلم الأقلام المحجمة , ووسائل الإعلام المتخاذلة ؟!!!!.

هل عجز المجتمع اليمني الأبي منذ أكثر من شهر وإلى اليوم عن نصرة آلاف المظلومين من النساء والصبيان والرجال , وهل سيسجل التاريخ مواقف على أقله تكون كمواقف توازي موقف أهل الشهامة والنخوة من رجالات قريش في حصار شعب بني هاشم ؟.

لا شك ومهما تخاذل المتخاذلون وطغت العصبية والحزبية المقيتة إلا أن في الأمة من سيجعل الله على يديه فرجا ومخرجا لإخواننا في دماج الحبيبة .وسيسجل التاريخ , وتكتب الدنيا بمداد الخزي والعار مواقف كل من تشفى , ووقف صامتا أمام مجازر الحوثية للآلاف المؤلفة من المسلمين , في الوقت الذي يرفعون فيه رايات وشعارات العدالة والحرية إلا أنها حرية تصير أضيق من خرم الإبرة لمن خالفهم , وعدالة لا يرونها إلا لمن يشاءون فميزان أهوج , وكيل بمكايل كان لمحنة دماج الدور الأكبر في كشفها , وبيان حقيقتها للناس .

وفي الأخير :لابد أن ندرك أن أمريكا وإسرائيل التي تدعو عليها الرافضة بالموت في اليمن ولبنان وإيران والعراق والبحرين والكويت هم أهل السنة والجماعة , فأهل السنة - وليست أمريكا ولا اليهود - هم من مات على يد حزب الله في جنوب لبنان , وفي العراق على يد مليشيات جيش المهدي وحزب الدعوة , وفي اليمن على يد الحوثيين , وأمهم إيران تقتل الأهواز دون رادع أو مانع .وتثير الفتن في الخليج , واليمن , والعراق , والشام .

أما أمريكا واليهود فهم حلفائهم , والأوفياء لهم في تطبيق خططهم , وتنفيذ أجندتهم , وإثارة القلاقل , وزعزعة الأمن في بلاد المسلمين .

وما خلافاتهم أمام الملأ إلا كقول القائل :(أسمع جعجعة ولا أرى طحنا).

فاللهم فرج عن المسلمين عامة , وأهل دماج خاصة , وارفع الفتن والمحن عن بلاد نا وسائر بلاد المسلمين .


في الأحد 27 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 06:09:39 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=12533