قناة سهيل والاختراق الثوري
فؤاد سيف الشرعبي
فؤاد سيف الشرعبي

قيل في الأمس :

وسهيل إذا استهل يماني

وقيل اليوم :

سهيل لليمن عنوان

الأول يحكي عن سهيل النجم والثاني يحكي عن سهيل القناة التلفزيونية وما أشبه الليلة بالبارحة , فكليهما نجم , وكليهما يحلقان في الفضاء الرحب , والعلو المتاح للعين , والبعد عن أيدي المتربصين , والأنفة عن الاحتواء والالتواء , والتذكير ببلدة طيبة ورب غفور .

يجمع العارفون أن للإعلام في العصر الراهن دورة في توضيح الحقائق أو تزييفها , وإبراز الواقع أو ابتزازه , وفي ترجيح كفة المعارك أو النكوص بها, بل يوصف بأنه نصف المعركة وقد يزيد .

وقناة سهيل اليمنية حازت الدور الأكبر في نقل الواقع اليمني بمصداقية ووعي , ولها في نجاح الثورة اليمنية الدور الأكبر ولا أريد أن أضع نسبة هنا لحجم مساهمة هذه القناة في دعم ثورتنا السلمية الشبابية الشعبية , لكن باستطاعتي تخيل هذه الثورة بدون سهيل , هل يا ترى ستكون ثورتنا بمثل هذا الألق والعنفوان ولا أقول الجموح, هل كان العالم سيعلم بهذه الثورة , وبمآسي اليمنيين ومعاناتهم .

إننا نظل نرقب القنوات الأخرى العربية والعالمية لنبحث عن برنامج , عن خبر , عن تصريح يخص ثورة اليمن , كلأننا نستجدي ذلك استجداء , مع شكرنا الجزيل لقنوات كثيرة أهمها قناة الجزيرة ثم أخواتها , إلا أن مساحة ما يحكى عن ثورة اليمن ضئيلة جدا , لا ترقى إلى حجم هذه الثورة , وأسبقيتها , وعظمة هذا الشعب اليمني الحر والثائر, بل نجد الخبر عن ثورتنا أحيانا في آخر خمس دقائق من نشرة أخبار وكالات وقنوات الإعلام , وبإشارات باهتة لا تعطي الصورة المطولبة للثورة اليمنية .

شُغلت قنوات العالم ومنها القنوات العربية بأخبار سوريا وقبلها ليبيا , ونحن هنا لا نقلل من شأن المآسي التي تحل بإخواننا في سوريا والتي حلت بإخواننا في ليبيا , إلا أننا نلحظ أن ثورة اليمن مهضومة من قبل هذه القنوات , ربما لان الاهتمام العالمي والنفط والموقع الاستراتيجي كان له الأثر , أو بسبب أن اليمن مغيبة منذ زمن بفعل سياسة صالح , فأضحى الشأن اليمني لا يؤبه له .

لتقوم بالدور المطلوب قناة سهيل , إذ وفرت كافة إمكانياتها البسيطة لرفد هذه الثورة منذ اللحظة الأولى , حتى قامت على ساقها مساندة لشباب الساحات , وناقلة لفعالياتهم المتنوعة , مع تفعيل دور الفن , وسبر غور الإحداث , وتسليط الضوء في كل الاتجاهات , رغم المضايقات المستمرة على مراسليها , والتشيوش على بثها , وإفراغ الحقد الدفين على مكتبها في صنعاء إتلافا وحرقا .

سهيل جعلتنا مع الحدث أولا فأول , علمتنا وعلمت العالم من هي اليمن , من هم شبابها الحر الأبي , أولي الصدور العارية , والهتافات المدوية , أضحت مصدرا للمعلومة , تنقل عنها الفضائيات , أبصر العالم من خلالها الدم اليمني ينزف دون انقطاع وثورة تسقى ثرى هذا الوطن بالدماء الزكية ,

سهيل أعطت الثورة , وأعطتها الثورة حبا في قلوب الملايين وطافت بنا في فضاء رحب من أجواء وطننا الحبيب , عرفتنا كيف يبكي أهل حضرموت مما يحل بأهل تعز , وكيف أن هذا الوطن الواحد إذا اشتكت فيه مدينة تداعت لها بقية المدن في الوطن الواحد بالسهر والحمى .

سهيل حلقت وتحلق بنا في سماء الحرية والنضال ضد الاستبداد والنظام العفن , وعرف العالم من خلالها من هو سفاح اليمن خسة وعنفا وحقدا وكراهية , ومنهم جلاوزته وأزلامه ممن تحركهم الأسرة , وتجمعهم السُفرة , ليعكروا صفو هذا اليمن الحبيب .

سهيل أعطت للشباب أهمية من خلال طاقمها الشاب , والاهتمام بآراء الشباب في الساحات حتى وان تصادمت مع رؤى اللقاء المشترك , لتوازن بين الممكن السياسي , والممكن الثوري , دون تصادم , ودون تهميش أراء الشباب فيما يتعلق , بالمبادرة , والمجلس الوطني , وحكومة الإنقاذ , تبرز تنوع في الاختلاف , دون تضاد في الرؤى .

سهيل وثـَّقـَتْ وتـُوثق جرائم ضد الإنسانية , تستبيح الأرض والعرض , تقشعر منه الأبدان , وهي كفيلة بجر صالح بشاربه وأذنابه إلى المحاكم اليمنية قبل العالمية .

سهيل أضحت لليمن عنوان , يقصدها في العالم من يريد أن يعرف اليمن حضارة وإنسانا , بعد عهد تضليل وتزييف الحقائق من قبل القنوات الرسمية التي ضحكت وتضحك على عقول البلهاء , ونفوس الأغبياء .

سهيل تحاج إلى مزيد من التألق والمنافسة والإبدع , والثورة قد منحتها هالة من التقدير والاحترام والمتابعة , وان كانت ظروفها السابقة والمفتعل أكثرها من قبل النظام أظهرت بعض القصور والبدائية , إلا انه يتحتم عليها بعد الثورة أن ترمي بعض الثياب الخَلِقَة , وتلبس حللا جميلة وبراقة لتحافظ على الزخم الشعبي والثوري , فإن عذرها المشاهد اليوم لضعف الإمكانيات والانشغال بالثورة ومضايقة السلطة لها , لن يعذرها بعد زوال نظام صالح وستكون على المحك , دون الانتقاص من دورها المشرف في ثورة البن .

وخلاصة القول : شكرا سهيل .

fu_55_55@yahoo.com


في الأحد 11 ديسمبر-كانون الأول 2011 04:34:13 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=12766