|
وجدت الأخ وزير الإعلام علي العمراني متحمسا جدا لحديث التهدئة، وكاد طرحه أن يقنعنا خصوصا وأنه طلب في ذات الجلسة وسائل الإعلام وشباب الثورة بأن يراقبوا أداء الحكومة وتبيين فسادها.. وهذا طرح لا غبار عليه، غير ان التهدئة التي دعا لها كانت على المحك بعد ان اعترضت قوات "الأستاذ الوسيم" مسيرة الحياة في جولة دار سلم.
كنا نتوقع من قناة اليمن أن تتعاطى مع الحدث بشكل محترم يليق بمسؤوليها الجدد الذين بعثوا من رفات الثورة، ولكن الاستفزاز كان سيد الموقف، كان هناك شهداء وجرحى من أنقى وأبهى شباب اليمن سقطوا في مسيرة كفيلة بأن تحسن من صورة تعيسة بناها النظام طوال فترة حكمه، لكن قناة اليمن تفننت في بث الأغاني الفرائحية، وحين أعذرناها لارتباك مسؤوليها فاجأتنا ببث المؤتمر الصحفي لصالح مرات عديدة.
ظهر صالح بلسانه الرخو يكيل التهم ويجرح ويحقر المسيرة التي خشي من أن تحظى بتناول وسائل الإعلام فسارع ببيع الوهم في مؤتمره الصحفي كي يلفت انتباه وكالات الأنباء والقنوات الفضائية ويشغلها عن عظمة مسيرة الحياة، وبدت قناة اليمن محتفلة بهذا الخطاب المعوج في مقابل لم تشر ولو لمره لهذه المسيرة التاريخية وتضحيات مشاركيها.
تسائلت حينها إن كان عقلانية وزير الإعلام تعني تجاهل دماء الشهداء واعتداءات البلاطجة وسفهاء صالح على مسيرة عظيمة تاريخية يكاد يعجز التاريخ عن كتابتها.
أي تهدئة يقصدها العمراني؟ هل إهانة شباب اليمن بتلك الطريقة وتجاهل هذا الحدث العظيم يعد تهدئة، هل إن ذكر – ولو من باب مهني بحت- بأن هناك حادثة أدت إلى سقوط يمنيين، من شأنه أن تسيء لأناقة يحيى ودلع أحمد وعمليات تجميل صالح؟
توقف يا أخي عن اهدائنا فائض عقلانيتك، وائتنا ببضاعة محترمة، ولا نطالبك بأكثر من المهنية، فإرجاع من كانوا قبل الثورة لا يعني أنك جئت بالحل، فبسبب عدم مهنيتهم شعر الشعب بتهميشه، وهولاء جائوا اما بوساطة التزلف او ببيع الدموع.
عليك ان تدرك اخي الوزير بأننا في اليمن نعاني من سيطرة الأوباش على وسائل الإعلام، فأفقدوها مهنيتها وبالتالي مهمتها في المجتمع، من مراقب متابع إلى متزلف شيطان، ومن تقديم المعلومة إلى تزييفها، ومن تبيين الحقائق إلى تشويهها.. نحتاج يا سيد علي إلى رجال مهنة يفهمون مهمة الإعلام ويدركون مكانته في المجتمع.. رجال يقدسون المهنة كما يقدسون دينهم وصلواتهم، فرسالة الإعلام هي من رسالة الله، فالله اصطفى رسله وزكاهم لإدراكه بأن الرسول في مقام أهمية الرسالة.. ولن تستقيم رسالتنا الإعلامية ما لم يتقلدها رجالها من شرفاء المهنة.
عليك أن تتخذ قرارات جريئة تثبت قدرتك وأهليتك لهذا المنصب، وإن لم تفعل فما بلغت رسالتك، والله يحاسبك والناس، وخطوتك هذه تحتاج إلى شجاعة، فإن لم تسعفك عقلانيتك فلتترك الجنون القيام بمهمته.
يزداد إيماننا ان العقل في الثورة مشكلة، والجنون ضرورة، فيريحينا العقلاء من ثقالتهم، وليتقدم المجانين بشجاعتهم.. فـ "الأعمال العظيمة لا يصنعها إلا مجانين"!
في الإثنين 26 ديسمبر-كانون الأول 2011 03:59:23 م