ربيع الفكر وإعادة هيكلة الثقافات اليمنية
بدر الشميري
بدر الشميري

أسدل الستار عن نظام انتهى اجله،ورفع ستار لنظام جديد يرتجى عمله، تولى رئيس جديد على عهد قديم بثقافات وممارسات خاطئة، لم تضع لها الأنظمة السابقة تشريعات للخلاص منها، بل جعلتها أدوات للبقاء في الحكم والتحكم بالشعب،ثقافات وممارسات شوهت وحجبت كل الصور المشرقة الجميلة لليمن وللإنسان اليمني...

ثقافات وممارسات غير مقبولة -منها ثقافة التخلف، وتمجيد الأشخاص، والإقصاء والتعصب، وثقافة رفض النقد البناء لتصحيح الأخطاء، والمكابرة على بقاءه-بدولة تاريخها عظيم ،حافلا بالحضارات،وشعبها عريق حكيم، شهدت بمناقبه وفضائله عشرات الأحاديث الصحيحة والآيات،ثقافات وممارسات سيئة تفسد كل نظام نؤمل فيه التغيير والتطوير، فيطيل بقاءها بحجة أنها عادات وتقاليد تغضب الشعب إن تعرض لها، ليستخدمها بعد ذلك في ترسيخ سلطته وبقاء حكمه،تعكس صور للآخرين عن اليمن أنها بلد تعيش القرون الوسطى،تسئ لتاريخنا وحضارتنا وحكمتنا،وتؤثر سلبا"على اليمنيين في الخارج قبل الداخل...

بعد ربيع تغيير النظام السياسي،وهيكلة بنيته ،والتخلص من رموز الفساد،واعادت توزيع الأدوار ،لكل ما سبق ذكره، يجب أن يلحق به ربيع الفكر والتوعية ،ربيع إعادة هيكلة الثقافات القائمة،وللعلم تغيير النظام السياسي لا يكفي لبناء يمن جديد، يجاري ما هو قائم على المستوي العربي والعالم،فالتجارب اليمنية بالتغيير ليست بالقليلة...

من أربعينيات القرن الماضي والى الآن واليمن يعيش حالات التغيير، ثورة 48،ثورة55،ثورة62،والانقلابات ،جميع فصول السنة تعاقبت لإسقاط حكام اليمن ،والأهداف نفس الأهداف،ومع ذلك لم يطرأ جديد يحقق التغيير الحضاري والبناء، ويجعل اليمن بأحسن حال،أو على الأقل كغيرها،يحترم قدرها ومواطنيها..

نحن بحاجة الى ربيع الفكر والوعي،وصفة فكرية ممزوجة بعبق التاريخ اليمني الزاخر بالأمجاد ،تاريخ بناء الحضارات لا هدمها،ومن معين الحكمة والإيمان،فالحكماء يبنون ويتقنون،يحسنون الأقوال والأفعال ،ربيع يحمل القيم والعادات السليمة ويعكس الصورة الحضارية لليمن...

أمامنا مرحلة جد مهمة،تطلب تنشئة جيل لا يحمل رواسب الماضي السيئة وأخطاءه،وتثقيف أجيال متأثرة بما كان ومازال،مرحلة تغيير الممارسات الخاطئة لعادات وتقاليد تسئ لنا،لا يقبلها العقل والواقع ولا تواكب الحاضر،ونشر ثقافة البناء لا الهدم،ثقافة تأصيل أصالة الإنسان اليمني التي غيبت كثيرا عن الواقع ،وتجاهلها الإعلام ورسم صورة مغايرة تماما في أذهان الآخرين،،ثقافة نبذ الغلو والتطرف، ،ورفض العصبيات القبلية،والمناطقية والمذهبية،والتخلص من الممارسات الخاطئة، ثقافة صقل الصداء عن الجوهرة (اليمن) ،حتى يعود بريقها يضئ الآفاق،ويصدح ذكرها الحسن أرجاء الكون،ثقافة تعيد الاعتبار للإنسان اليمني وللقبيلة اليمنية الأصيلة بدحض سلوكيات ليست من القبيلة بشئ ،فالاختطافات والتقطعات وأعمال التخريب والإضرار بمصالح الناس ليست من أخلاق القبيلة.

ينبغي أن تكثف جهود التوعية، ونشر فكر اليمن الجديد، بجميع المؤسسات والهيئات، في الجامعات و المدارس والمنتديات، وعلى الإعلام اليمني أن يلعب الدور الحقيقي، ويقدم البرامج الهادفة بما تحمل من قيم التصحيح والتثقيف، ليقدم اليمن للآخرين بأجمل حله...

يجب أن نقف جميعا على صعيد واحد من اجل اليمن، نعمل بيد واحدة وبقلب واحد،يد تصلح ما أفسده الفاسدون،وقلب يخفق بأمل المستقبل المشرق، بطموح التجديد النابع من النفس، بدافع التخلص من الإرث السلبي والسلوك الغير حضاري،من أجل أن نبني يمن جديد ،ونلجه بفكر جديد ....

badrhaviz@hotmail.com


في السبت 10 مارس - آذار 2012 03:44:01 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=14418