رفقاً باليمن ..لا إمامة في البطنين...
بدر الشميري
بدر الشميري

حينما يوظف الدين والنسب،ببيئة قابلة للتدين،وشعب قلبه عامر بحب الله ورسوله،و آل بيت نبيه(ص)،توظيفا غير عادل ،بطريقه تخدم أفراد،وتوصلهم الى الحكم،وتؤلههم باسم الدين، لينسجوا حولهم هالات من القداسة،ويطلقوا على أنفسهم ألقاب،ومسميات لتميزهم عن الشعب، فسَيد مطاع ،وشعب ينقاد له بأمر الله حسب زعمهم،واجب في حقهم الطاعة ،بحجة أنهم يستمدون سلطتهم من الله،تكون النتيجة تمزق وتشرذم نسيج المجتمع،وخلق الفرقة والاقتتال،وإدخال البلد في المجهول...

لن اذهب بعيدا،رغم بٌعد عمر هذا التوظيف واستمراره،من اجل السلطة،منذو أكثر من ألف سنة،وديدن من يحكم اليمن قائم على أسرة لها الأمر والنهي...خفت نوعا ما بقيام ثور26سبتمبر1962،وان كان المذهب المتبنى من قبلهم يمارس الدور نفسه،ويخلق التفاضل والإقصاء،ومع ذلك تغاضى الشعب عن روح العنصرية و التعالي وسلوك المفاضلة ...

بعد عقود من سقوط الإمامة – سقوطا إسمياً دون الجوهر-عادت نغمتها من جديد،بثوم جديد،تتبناها هذه المرة الحركة الحوثية، ظاهرها المطالبة بحقوق غيبها النظام ،وباطنها طموح إعادة الإمامة ،يروجون لنيل السلطة باسم الدين والمذهب،ويغررون بناس جبلت قلوبهم على الطاعة،لا يميزون بين دعاة الحق و دعاة السلطة،حتى أضحوا وقود لهم ،ترهق دماءهم ،وتهدم دورهم فداء لسادتهم ...

 أعود الى حديث يردده أولئك،وجعلوا منه وسيلة يخترقون به قلوب الأتباع،وأدمغتهم، بمقولة تسقطها أدلة دامغة من الكتاب والسنة ،ومواقف حدثت في صدر الإسلام، بين يدي رسول الله ،وصحابته ثم التابعين،مقولتهم أن الحكم في قريش، ثم أضحوا يرددون في اليمن أن الإمامة في البطنين...

 إن ما ينسب لأبي بكر الصديق قوله (أن الأئمة من قريش) وانه حديث،فخبره لا يصح،لوجود أدله تسقط حصر الإمامة في قريش -أو البطنين كما انتشر مؤخرا في اليمن-،فالحكم ليس مقيداً في شخص، أو أسره أو قبيلة،قال تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ). الآية (26)سورة آل عمران،،وقوله تعالى عن بني إسرائيل :(وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) سورة البقرة. وقال تعالى :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)الآية(59) سورة النساء..

آيات بينات لا تشترط في الحكم نسب ولا مكانه، بل تجعله مطلقا، دون تقيد بأفراد،كما تسقط أقاويل من يسعون الى تقيد الحكم في أسرة أو قبيلة..

ولم تخلو السنة أيضا" من أدله تخوض في نفس السياق ،فعندما أرسل مسيلمة الكذاب رسالة لرسول الله(ص) هذا نصها:من مسيلمة بن حبيب رسول الله، الى محمد رسول الله :أما بعد فاني قد أشركت في الأمر معك،وان لنا نصف الأرض،ولقريش نصف الأرض ،ولكن قريشا قوم يعتدون)... فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم على كتاب مسيلمة الكذاب بقوله:(من محمد رسول الله الى مسيلمة الكذاب: أما بعد فان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين)..وحديث (لو ولُي علي عليكم عبدا" حبشيا" كأًنً رأسه زبيبة)...

يقول إمام الشورى نشوان بن سعيد الحميري:

حصر الإمامة في قريش معشر ...هم باليهود أحق بالإلحاق..

جهلا" كما حصر اليهود ضلالة...أمر النبوة في بني إسحاق..

وما يدل على أن الخلافة أو الإمامة في قريش مكذوب ،فعمر بن الخطاب قال في وصيته لأصحابه:والله لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا" لوليته عليكم،وان الإمام علي رضي الله عنه أوعز إليه بأن يوصي للخلافة الى ولده الحسن، فلم يفعل وترك الأمر لمن يختاره المسلمون،ومما ينفي ايضا" حصر الإمامه في قريش، إن عبدالله بن وهب الراسبي ادعى الخلافة، ونودي به بأمير المؤمنين بمرآي من الإمام علي بن أبي طالب،ولم يكن عبدالله بن وهب قرشيا"،بل من راسب حي من الازد اليمانيين.

ومنهم أمير المؤمنين عبدالرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي اليماني،فانه سلم عليه بإمرة المؤمنين وخوطب بالخلافة والإمامة،ودعي له على المنابر ،ومعه كبار التابعين،وجمهرة من العلماء وسادة القراء وعظماء الرؤساء، كمثل الإمام عامر بن شراحيل الشعبي،والشهيد سعيد بن جبير وغيرهم ،وحارب الخليفة الشرعي عبدالملك بن مروان، ونائبه على العراق الحجاج بن يوسف الثقفي، تسع سنين، وهو ينادي به خليفة ،ولم ينكر عليه دعوته بالخلافة...

بعد كل ما تم سرده،ليس هناك ما يبرر لوجود لغة حكم الأسرة أو السلالة،وللعلم أن اليمن حين أُقُحِمت في دوامة السلطة المذللة بالدين والنسب،لم تضف أي إشراقه تاريخية، رغم طول الفترة -باستثناء فترة حكم الدولة الرسولية– أحفاد الغساسنة القحطانيين، الغير مرتبطة بمنطلق الحكم المستمد من الله...

خلاصة القول :نخاطب الحوثيين، وكل من يريد أن يمارس دور الحاكم بأمر الله، أن لا يعيدوا اليمن الى مربع التمييز والتعالي، أو حتى مجرد التفكير في ذلك ،فجروح الماضي مازلت متقرحة وشعب منهك طيلة قرون،دفعت اليمن ثمن ذلك الكثير... فلا مجال للتلاعب بسذاجة البعض وجرهم باسم الدين والنسب والمذهب الى جحيم الاقتتال،وتدمير اليمن ،أمام أهواء الطامعين بالسلطة،فاليمن وجدت لكل اليمنيين،والحكم للأكفأ ،من يختاره الشعب ويمنحه الشرعية ، بعيدا" عن الوصايا المنسوبة الى الله ظلما وعلوا..

badrhaviz@hotmail.com


في الأحد 18 مارس - آذار 2012 08:56:48 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=14625