القرصنة باعتبارها نمطاً يمنياً للحياة!!
علي ربيع
علي ربيع

من قراصنة الشارع إلى قراصنة المجاري:

*ليس للعنوان أعلاه علاقة بقانون حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة الذي أقره أمس في البرلمان اليمني عباقرة أطول فترة برلمانية في التاريخ، ولا هو عن الجزء الرابع من (قراصنة الكاريبي) ولا عن قراصنة السفن البحرية في المياه اليمنية، ولا عن القرصنة الإلكترونية لموقع البنتاجون، فكرة الموضوع تحديداً كانت عن قراصنة المجاري، أو الصرف الصحي بلغة مهذبة، لكن رأيت من الإجحاف حصره، فيمكنه أن يكون جامعاً مانعاً لفن القرصنة في الحياة اليمنية، وكيف صار هذا الفن نمط حياة تمارسه الأفراد والجماعات، وتلجأ إليه المؤسسات والجهات والقبائل والأحزاب والشركات، وصولاً إلى كل ما يمكن أن يقرصنه قرصان من معنويات وماديات.

*احتلت اليمن المرتبة العاشرة عالمياً في قرصنة البرمجيات والمعلومات ، ولا ندري هل القانون الذي أقره نوابنا مقدما من وزارة الثقافة، هدفه الأساس حماية أيوب طارش عبسي أو محمد مرشد ناجي، أم حماية أفلام هوليود بالمقام الأول، ولا أعرف هل ستطلق الثقافة منذ اليوم موظفيها لملاحقة بائعي النسخ الالكترونية في الشوارع والمحلات، أم أنه قانون فقط سيستخدمه الموظف كعصا شرعية لابتزاز حق القات، وهل سيضع حدا للاستهتار بالمنتج الفني والابداعي وممارسة القرصنة عليه داخليا وخارجيا.

 *أسر لي صديق في وزارة الثقافة أن السفير الأمريكي قال له إنه يشتري آخر صرخة أنتجتها هوليود من أي شارع في صنعاء بدولارين، وفي الولايات المتحدة قد يصل سعر النسخة إلى مائة دولار، حسب شهرة الفلم وسمعته، قال له صديقي وكأنه لم يفهم شيئاً احمد الله إنك سفير عندنا حيث كل شيء رخيص، امتعض السفير لأنه في الأساس يريد أن يقول أنتم قراصنة تعتدون على حق المبدع والمنتج الأمريكي، وضروري من قانون.

*القرصنة كما أسلفت نهج حياة، قرصنة الأراضي، قرصنة الوظيفة، قرصنة المال العام، قرصنة أراضي الدولة، قرصنة السيادة الوطنية، القرصنة على خطوط الكهرباء، القرصنة على النفط والماء، قرصنة وقرصنات بعضها منظم ومحمي، وبعضها اجتهاد شخصي، وبعضها عرف معمول به، الخلافات بين القبائل تستدعي القرصنة والقرصنة المضادة، الخلاف مع الحاكم يستدعي قرصنة الطريق العام، الحاكم يستخدم القرصنة ليحكم، والشعب يمارس القرصنة بدرجات متفاوتة ومتنوعة ليحصل على حقه، ووصل الأمر إلى قرصنة القرار الوطني من قبل السفارات ، قرصنة وقرصنات لا تنتهي، وذل من لا قرصان له.

*القرصنة أن تتنتزع وتحوز ما ليس لك بالقوة، في أبين قرصنة وفي صعدة قرصنة، الفرق في المراتب والدرجات، تتأخر في السداد الكهربائي، فيقرصنوا الفيوز، ويصل الأمر أن يقرصن الموظف فيوز الحارة من المحول الرئيسي حتى يفرق السكان قيمة فيوز جديد، هذه قرصنات شائعة وفي حكم السائد، لكن تخيلوا أن تدلي مؤسسة المياه والمجاري بدلوها، لا أقصد قطع الماء أو أخذ العداد، هذا شيء مألوف، أعني بالضبط سد المجاري على السكان كوسيلة ضغط لسداد الفواتير، كل الطرق الحضارية للتقاضي مسدودة، لهذا وجب سد أنبوب المجاري على المنزل أو العمارة، فكرة ولا أروع، تطفح المجاري بذنب بيت واحد لا نعرف ما هي ظروف أهله ويعاقب الجميع، الشارع يمتلئ والروائح تنتشر، القرصنة فن أيها الأحبة، فتعلموا من وزارة المجاري.

*كيف تصبح قرصاناً في أسبوع هو نوعية كتب الجيب التي نحتاجها، القرصنة ليست حكرا على الفرد أو الجماعة القبيلة أو الحزب أو الدولة، يقرصن المواطن الدولة ويشبك كهرباء بلاش، وتقرصن الدولة المواطن فيزيد الموظف فارق القراءة في العداد، العلاقة جدلية في فن القرصنة بين الفرد والمؤسسات ومتنامية، والموضوع أكبر من قانون حق المؤلف والحقوق المجاورة، معظم القنوات الخاصة اليمنية قرصنت معظم أرشيف الفضائية اليمنية، والفضائية اليمنية مارست القرصنة على جهود معظم الفنانين والمبدعين، القرصنة أخذ وعطاء، وفن وابتكار، قرصنة حرية أجنبي أو أجنبية نوع، وقرصنة بث الانترنت نوع، وبينهما أنواع، قرصنة المناقصات، قرصنة القانون، قرصنة وقرصنات، قرصان وقراصنة.

*انتفض الغرب ضد قراصنة البحار منذ القرن السابع عشر، وفي نهاية العقد الثاني من القرن الثامن عشر تقريباً أعدموا في يوم مشهود أخطر القراصنة المشهور باسم اللحية السوداء، وهاهم ينتفضون اليوم ضد قراصنة القارة السوداء ومعهم العالم، يحاربون قراصنة الهواء والتكنولوجيا ويسنون القوانين، لا أدري لم كل هذا الرعب من القرصنة! عليهم أن يتعلموا منا كيف تصبح القرصنة فعلا خلاقاً، إن أردت أن تعيش أو تحكم أو تتّجر أو حتى تكتب مقالاً يلزمك أن تكون قرصاناً، القرصنة نظرية من ابتكارنا حصرياً، وحقنا ليس أقل من المرتبة الأولى، وأنصح صديقي في الثقافة في لقائه القادم بالسفير الأمريكي أن يهديه نسخة من قانون حق المؤلف والحقوق المجاورة ومعها نسخة من الطبعة اليمنية الأصلية من كتاب كيف تصبح قرصاناً في خمسة أيام!


في الأحد 15 إبريل-نيسان 2012 06:30:52 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=15113