عن تمرد فاخر في باب اليمن!
صدام أبو عاصم
صدام أبو عاصم

أن تواجه قرارات الرئيس هادي اعتراضاً من قادة عسكريين يقربون لصالح فذلك أمر معقول نسبياً، غير أن هذا التصرف غير الوطني وغير العقلاني، يأتي من رجل لطالما ادعى أنه مدني وأنه يحترم ويدعم الحياة الطبيعية والتنموية، وأنه مدافع صنديد عن الشرعية الدستورية، فذلك أمر يستعدى الغرابة والتعجب والاستنفار والردع الحازم أيضاً..

مطلع الثورة الشبابية السلمية، تردد اسم حافظ معياد كثيراً، ولم يكن ليذكر بالطبع، إلا وهو مرتبط بالشؤم والشر وبأعمال قيادة البلطجة ضد المتظاهرين السلميين بصنعاء وذلك رفقة الزوكا والأكوع والبركاني وعباد وجمعان وغيرهم ممن هم اليوم في خانة المهزومين.

أتذكر جيداً شهادة الزميل عبدالله غراب الذي كسرت أنفه بسبب ضرب مبرح تعرض له من قبل مسلحين كان معياد وبشهادة آخرين أيضاً، يبارك جرمهم المقيت.. أتذكر الحرقة والمعاناة والدم الجاري على وجه مراسل تلفزيون الـ"بي بي سي" بصنعاء.. وأتذكر أن وسائل الإعلام حينها، لم تنشر ما يكفي حول هذا الاعتداء الإجرامي على صحفي أراد أن ينقل الحقيقية وحسب، ربما لأن أخيرة صحف الكثير منهم كانت مؤثثة بكروت إعلانات لخدمات كاك بنك أو لمنتجات المؤسسة الاقتصادية لاحقاً..

على طول فترة الثورة، ظل حافظ معياد وفياً لصالح وعائلته ولحزبهم كثيراً وهذا أمرٌ من حق أحدهم أن يقوم به وفقاً لما يراه، ولكنه حين أقصي صالح من الحكم وتلاه أولاده ومقربيه العسكريين واحداً فالآخر، وجد الرجل نفسه أمام مهمة إظهار الولاء أكثر لصالح ورفض قرارات رئيس الجمهورية الذي هو رئيس حزبه أيضاً، إذ غفل شرعية الدستور والحزب والأخلاق، وكأنه لم يكن ليدرك مسبقاً، أن إعلان ترأس هادي لليمن بطريقة سلمية تدخلت فيها قوى العالم والإقليم، هو انتصار أيضاً، ولسياسة حزبه ولليمن الذي يدعي عقول الاقتصاد والتنمية كما يحلو لكائنات الرجل أن تسميه، حب تربته الطاهرة وخدمته وتنميته والسلام..

وبعيداً عن التزام الرجل بخط سير باب اليمن – التحرير حيث كان أنصار صالح يخيمون ويتكاثرون ساعة الظهيرة حين توزيع الوجبات الدسمة، فلقد كان الأحرى به وهو يرفض عمليا قرار الرئيس هادي في إقالته من منصب مدير المؤسسة الاقتصادية اليمنية، أن لا يفعل! لأن ما يقدم عليه أمرُ مرفوض وغير مباح ولا يحقق له أي مكاسب من أي نوع.. كان عليه أن يدرك أن صالح أضحى خارج مربع الحكم والحماية له ولزمرته، وبالتالي لا شيء يوجب عليه أن يعترض طريق إدارة ياسر الحرازي؛ خلفه الصديق في إدارة المؤسسة الاقتصادية اليمنية بقرار رئاسي.

لا أحد يختلف معي في أن عملية اقتحام مسلحين مدعومين من حافظ فاخر لمبنى المؤسسة الاقتصادية اليمنية وتمركزهم في سطوحها في محاولة لعرقلة عمل الإدارة الجديدة، وفقاً لتداولات وسائل الإعلام في اليومين الماضيين، تمثل عملية مخزية ومشينة بشأن الرجل ومسيرته التي يقال أنها مسيرة ناجعة في إدارته لـ"كاك بنك" طوال السنوات الماضية، فيما أنا وغيري الكثيرين كنا ولا نزال نراها العكس تماماً.. فضلاً عن أن الجميع ينظرون إلى أنها عملية لا تتسق وتصرفات رجل يحمل في رأسه ذرة عقل ولاسيما في النظر إلى أن قرار رئيس الجمهورية إلزامي التنفيذ، ويجبر أي من مسئولي الإدارات التنفيذية داخل البلد على الانصياع له كيفما كان، ليس لأنه صادر من رئيس مدعوم بشرعية داخلية من خلال تأييد قوى متعددة تحاول أن تنقذ من يمكن إنقاذه من اسم وفعل دولتهم اليمنية الواقفة على حافة الانهيار.. ليس هذا وحسب، ولكن لأنه قرار رئيس مدعوم خارجياً أيضاً، إذ يستمد قوته بعد ثقة الشعب، من قبل قوى إقليمية ودولية صبت ولا تزال جل جهدها للملمة جراح اليمنيين والحفاظ على بلدهم ذي الموقع الاستراتيجي من التحول إلى دولة فاشلة تتنامى فيه الجماعات المسلحة وبالتالي تهدد أمن المجتمع الدولي والعالم..

باختصار، سيجد حافظ معياد وغيره ممن يواصلون التمرد على قرارات الشرعية التي تغنوا بها كثيراً حتى حفظناها نحن عن قلب ظهر.. سيجدون أنفسهم خارج مربع المواجهة الناعمة إن لم تشرق إحدى أيامهم وهم يتوسطون المعتقل قبل أن يعدوا أنفسهم بأنفسهم للمحاكمة والجزاء.

 
في الثلاثاء 24 إبريل-نيسان 2012 04:37:56 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=15247