في ذكرى محرقة الحقد الأسود
بجاش غنيم
بجاش غنيم

ماذاعساها الكلمات والحروف أن تبدي وماذا تراها أناملي سوف تخط وتسطر وكيف لذاكرتي المفجوعة والمصدومة والموجوعة بأهوال ووحشية وفضاعة ماحدث وما أرتكب في ذاك اليوم الرمادي العصيب والكئيب أن تستعيد مدي قبح النظام البائد ووحشية وهمجية وإجرام أولئك الامساخ البشرية والهمج الذين تم استقدامهم من خارج المدينة وراحوا يتداعون على تدميرها وإحراقها كما تتداعي الاكلة على قصعتها ذوي السحنات الغريبة والكريهه بمنظرهم الأشعث وروائحهم النتنة وعيونهم التي تقدح شررا وغضبا ولؤم وحقد على المدينة وساحتها وشبابها وبقلوبهم التي قدت من حمم ونار والذي راحوا يصوبوه على كل ماهو حي وينبض بالحياة على المدينة وعلى ساحتها وشبابها دون تمييز بين شيخ أو شاب بين كبير أو صغير نساء أو أطفال معاق أم معافى وكانوا مصممين وعازمين على شيء واحد فقط أن يمحو الساحة من الخارطة أن يطفئوا النور القادم من تعز أن يوئدو الثورة في مهدها أن ينتقموا من المدينة وسكانها كانوا معبئين ضد المدينة موتورين ومناطقين يدركون ويعون أن تعز قلب اليمن النابض ووقود الثورة ووعيها ومشروعها الحضاري ونموذج الدولة المدنية الحديثة واذا اسكتوا تعز انتهت الثورة وزال الخطر عن مشروع التوريث - وصلت الساحة يوم الاحد29مايوالساعة الخامسة والنصف عصرا كان المدخل الشرقي يعج بمئات الشباب والغاز السام والرصاص ينهمر عليهم بغزارة من على سطح تلك البناية التي يشغلها قسم ومديرية القاهرة واطقم الحرس والأمن العائلي المتواجدة بالقرب منها والتي راحت تتدفق وتتكاثر في كل لحظة كأنهم خلايا سرطانية خبيثة تجهز على ضحيتها وكان الكثير من الشباب يتساقطون كالفراشات حول النار بفعل الغاز السام والرصاص ويتم إسعافهم إلي المستشفي الميداني والي مستشفي الصفوة وكان أيضا هناك بعض الأخوات الثائرات متجمعات ويكبرن ويشدن من أزر الشباب ولاحظت الأخت الثائر نجاح الشامي بينهن كان معي كيس به قارورتين خل ابيض منتهي الصلاحية وسئلت الدكتور ماجد العبسي لاحقا هل يصلح للإسعاف؟ فاجابني بنعم وكنت ابلله بمناديل ورقية ونعطي للشباب ومن لايوجد معه فين ارش بمشدته(غترته)وأذن لصلاة المغرب وصلينا ونحن بحالة من التوتر والقلق والخوف على ساحتنا وسلم الأمام ولم نصلي السنة وقام ينادي بالميكرفون احموا المدخل الشرقي لساحتكم فقد ازدادت الحرب ضراوة وكان مايحدث هو حرب بمعني الكلمة ومن مشاهدتنا اليوم التالي صباح المحرقة كان عدد التشكيلات العسكرية التي اقتحمت الساحة هي الأمن والحرس وقوات مكافحة الإرهاب والجيش والقوات الخاصة والشرطة مدعومين بالأسلحة الثقيلة والدبابات والمدرعات وقطعان من البلاطجة استمرت وتيرة الأحداث لم أدرك ما الوقت والتفت لأجد الساعة العاشرة والنصف وأنا اشعر بالغثيان وصداع ودوار رهيبين ورغبة بالتقيؤ لم يفلح الخل ولا الحبوب التي تناولتها في وقف ما أعانيه وعندها قررت أغادر الساحة وصلت للمنزل الساعة الحادية عشر وغيرت ملابسي ونمت نصف ساعة استيقظت وقد خف بعض الشيء ما أعانيه وان كان الصداع استمر ثلاثة أيام صليت العشاء وتناولت عشائي وفتحت التلفاز وشاهدت الجزيرة مباشر تبث أخبار انضما م جنود من الحرس وصور خيم يحترقن كان المشهد ضبابيا والصور تتزاحم في عقلي نمت الساعة الثالثة فجرا في الساعة السابعة صباحا وعلى غير عادته رجع أخي الأصغر حميد من عمله مصرا على إيقاظي غير مبالي بغضب أمي وهو يبكي وينتحب يخبرني بان الساحة اصبحت كالصريم وان مدرعات وأطقم العائلة تحرس حطام ورماد ماكان يسمي بساحة الحرية لم اصدق وانطلقنا الاثنين معا الي الساحة وأسفل نادي الاسرة مدخل مدرسة الشعب وجدنا سيارة دينا محترقة وهناك عدد من الحرس يقومون بتشليحها وحاولت أن أصور بحذر ففوجئت بشخص يسحب الموبايل من يدي ويهمس بأذني انتبه سيقتلونك فأعدت الموبايل لجيبي واستمريت وأخي بالسير نزولا ووجدنا سيارة كبيرة نوع(قلاب) محترقة عند مكان اول الخيام ووصلت ووقفت عند البقالة التي في الركن المؤدي لمنزل وزاوية القطب الصوفي والشاعر الشيخ عبد الحميد الشائف كان هناك تنتصب مدرعة للواء33مدرع وكنا نعرفهم أثناء تمترسهم بفتحة مدرسة الشعب وكثيرا ماتبادلنا ألأحاديث وتناقشنا عن الثورة كانت للأمانة أسلحتهم على الساحة وقلوبهم مع الثورة واستاذنتهم بالتصوير وقالوا ممنوع وحذرونا أن امشي وان هناك قناصة يقنصون أي شخص يلتقط الصور كان واضحا انهماك قطعان الحرس بالفود والغنائم وكان هناك جرفات تقوم بالجرف الي شاحنات كبيرة وكان هناك انتشار عدد كبير من المهمشين في الساحة كانوا يحضرون أي شيء يجدوه للحرس وكان الحرس إذا رأوه انه يصلح للبيع أخذوه وإذا لم يصلح للبيع تركوه للمهمشين تجمدت الدموع صباح الاثنين الحزين بعيني وبكيت لاحقا عند عودتي إلي المنزل وازداد نحيبي ليلة الخميس وأنا أتساءل أين سأصلي الجمعة وكنت عندما استعيد خشوع ورهبة الصلاة في الساحة وحلاوة الركوع والسجود فيها وذكرياتنا العطرة فيها مع شباب الثورة وخيمة حركة العمال الشبابية المنتصبة جوار الجامعة الأردنية يزداد نشيجي سقط العديد من الشهداء والجرحي في محرقة الحقد الأسود واخفي الكثيرون قسرا وطلعت الإحصائية بخمسين شهيد ومائتين جريح والحقيقة أكثر من ذالك بكثير وراح قائد المحرقة وخادم الأسرة المجرم العميد قيران والسفاح العوبلي والمجرم جبران الحاشدي والخائن حمود الصوفي والعميل محمد الحاج يتبخترون ويرقصون فوق الأشلاء وهم يمنون أنفسهم بالملايين التي ستدفق عليهم من الطاغية عفاش وقد توهموا أن خطر الساحة زال والي الأبد ولاكن تعز سرعان ما لملمت جراحها وكفكفت دموعها وسرعان ماأفاق أبنائها من صدمة الهولوكوست وأعادوا ترتيب صفوفهم وتلاحموا وتماسكوا كما تمسك الكف بالمعصم وما جاء يوم جمعة النصر لتعز سادس أيام المحرقة إلا وقد انتصبت ساحة النصر وعلى بعد خطوات قليلة من الساحة الاولي وبدأت طلائع حماة الثورة تتشكل وكما ينهض طائر العنقاء من وسط الرماد نهضت بقوة من بين دخان وسديم الهولوكوست الأسود القاتم وكان شهدائها الذين سقوا درب الحرية والكرامة بدمائهم الزكية الطاهرة كانوا كأطيار الفجر يبشرون بالنور الذي سيجيء وبالنصر القادم وعادت الساحة قوية متماسكة وبقيت وهاهي شامخة و ورحل المجرمون والقتلة وأصحاب الأخدود إلي مزبلة التاريخ .. فالحمد والشكر لله الذي أمدنا بالنصر والتمكين والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار الذين رسموا درب الحرية والشرف والفخر لمن شارك بهذا الثورة والخزي والعار للقتلة والمجرمين.

*ثائر من حركة العمال الشبابية 


في الأربعاء 09 مايو 2012 07:18:44 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=15480