|
لن يكون اللقاء الذي جمع فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي –رئيس الجمهورية- بأصحاب الفضيلة العلماء يوم الثلاثاء 29 مايو عادياً، ولن يمر مرور الكرام، كونه لم يكن من اجل التهنئة أو استقبال التهاني، لقد صب -اللقاء- في مجمله على هموم ومآسي الشعب اليمني من جراء أحداث كثيرة يعانيها عبر اختلاق البعض لعراقيل تعيق مسيرة إكمال مسيرة التغيير التي بدأنها يوم 21 من فبراير 2012م.
لن نركز هنا على الصفة التي التقى بها أصحاب الفضيلة فخامته، ولن نعير اهتماماً لقول البعض: هؤلاء لا يمثلون كل العلماء، لأنه قول لا يخدم كل جهة تريد التقدم برؤى تعيد لنا باب الأمل على التئام الشمل، ليس فقط للساسة بل ينبغي ان يكون اول الملتئمين هو شمل العلماء من جميع الجهات، ولهذا يُعد اللقاء بادرة طيبة اطلّعوا فيه من فخامته على الوضع الذي كانت تعيشه العاصمة صنعاء –ومعظم المحافظات- من تقسيم لشوارعها قبل أناسها، وما ابلغ كلامه حين شبه الوضع ببيت العنكبوت، لأن وضعاً عشناه طيلة تلك الفترة كان معرضاً للانهيار.
ما يهم البسطاء من الناس في لقاء الرئيس بالعلماء، هو ما أشار اليه فخامته: \"بأن مصالح الناس وحياتهم المعيشية بل وأرواحهم تتعرض يومياً للخطر من خلال استمرارية الاعتداء على خطوط الكهرباء فهناك من يموت من الأطفال في المستشفيات في حاضنات الخدج، ومن يموت من الناس في غرف العمليات والعناية المركزة وعمليات غسيل الكلى\" وهي بحق مصائب تحيط بالعامة وينجو منها عِلية القوم اما لامتلاكهم مولدات كهربائية، او من خلال قدرتهم على السفر بلمح البصر لأي دولة ليس لاستئصال مرض خطير ولكن لضرب ابرة وريد أو عضل.!!
وبالإضافة الى الخسائر في الأرواح فإنه قد يأتي على من تبقى من أحياء في يمن بلا ضوء اذا ما استمر هؤلاء المصادرون لحق البسطاء في الإنارة، الى جانب ايقاف اهم مورد تجني منه الدولة بعض احتياجات المواطنين، واعني بذلك النفط الذي يتعرض للاعتداء المتكرر، مما يكلف البلاد كل يوم خمسة عشر مليون دولار، وتصل خسائر اليمن منذ هذه الاعتداءات حتى اليوم أكثر من اثنين مليار دولار (430) مليار ريال، أي نصف الميزانية المخصصة للموظفين في القطاعين العام والمختلط والعسكري، ولا غرابة ان يستيقظ الموظفون ذات صباح على خبر لا يوجد لكم مرتبات.
إن تأكيد الأخ الرئيس أن تنمية وتطور البلاد تتعرض للخطر خاصة ونحن في مرحلة انتقالية توافقية تم فيها انتخابات وتبادل سلمي للسلطة، هي رسالة واضحة لأصحاب الفضيلة العلماء بأن يجب عليهم أن يُعرّفوا الجميع أن مثل هذه الأفعال تعتبر إجرامية وعدوانية وليست ضد السلطة وإنما ضد الشعب كل الشعب من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، فهل وصلت الرسالة لعلمائنا الأجلاء بحيث لا يسمحوا لأحد من يحسب عليهم أن يصعد على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يكتفي بالسكوت -القبيح- بل يتمادى الى ما هو اقبح منه عندما يحرض ويقود الفتن من على المنبر الذي وجد ليوحد المسلمين ويعين على طاعة ولي الأمر، مع نصيحته بالعدل والمساواة .
لم يكن كلام الرئيس انشائياً بل تحدث بلغة المواطن الذي يكتوي بنار الأزمة كقطع الطرقات وتهريب السلاح والقتل المجاني بطرق إجرامية – وكم كان تساؤل فخامة الأخ الرئيس منطقياً عندما اراد كغيره من عامة الناس معرفة ما هو موقف الشرع والعلماء في من يقومون بقطع خطوط الكهرباء ويتسببون كل مرة بموت عدد من الأشخاص أطفالاً ونساءً وشيوخاً.. ألا يندرج هذا في القتل العمد؟ ومن يتحمل أمام الله مثل هذه الجرائم؟. والإجابة المنتظرة تتمحور في أن يعي العلماء أهمية الدور الحيوي والبناء لهم كرجال شريعة وعلم ودين اسلامي من أجل تنوير المجتمع فيما يهم مصالحه وما لا يجوز فعله وتبيان الجرائم المرتكبة في حق المجتمع .
نعم كما أكد فخامته فالشوط الذي قد أُنجز في طريق التسوية السياسية وخروج اليمن من الظروف الصعبة كبير ولا يستهان به، ولا ينكره إلا من يريد ان يُغطي الشمس بغربال، ولن يستطيع أحد بكل ما اوتي من قوة أن يحول بيننا وبين تحقيق الأهداف المنشودة للوصول ببلادنا إلى بر الأمان بحول الله وقوته سنتجاوز العقبات والصعوبات مثلما تجاوزناها في الماضي القريب، ولهذا فإن حكومة الوفاق الوطني لا تمثل أحزاباً أو مراكز قوى بل هي تمثل اليمن وهي وفاقية كما اكد فخامته، ولابد من مراعاة ذلك من أجل سيادة النظام والقانون ولا يجوز لأحد أن يتجاوز ذلك .
بلادنا لا تعيش معاناة تردي الخدمات الأساسية، بل وصل الأمر الى القتل بدم بارد ولمجاميع كبيرة كالتفجير الإجرامي الذي أودى بعدد كبير من الجنود بين شهيد وجريح في ميدان السبعين عشية العيد الوطني لإعادة الوحدة المباركة، إضافة لجنودنا البواسل في زنجبار وجعار ولودر بمحافظة أبين والتي جاءت عقب ما حققت فيها وحدات القوات المسلحة انتصارات باهرة ضد الخارجين على النظام والقانون.
أصحاب الفضيلة العلماء لا تُفوّتوا الفرصة.. عليكم اليوم الانتصار للشعب، والترفع على الخلافات السياسية والمذهبية والمناطقية.. الناس محتاجون الى ان تضعوا همومهم التي وضعها فخامته بين أيديكم، لتنقلوها الى كل من يعتلي منبراً دينياً، ليوجه بقلب خالص لله ولرسوله، فعلى عاتقكم أمانة كبيرة لا تزول عن كاهلكم إلا اذا أديتموها، اذا كنتم فعلاً ورثة للأنبياء... الناس منتظرون ان يلمسوا ذلك في تحويلكم خطب الجمع بما يوفق ولا يفرق ويجمع ولا يشتت، وبأن يصبح لليمنيين جمعة واحدة لا جمعتان، فالجميع ينتظر الفرج من خلال فهم فضيلتكم لما تفضل به الأخ الرئيس، فهل فهمتم بأن اليمن من جراء الأزمة أصبح أهون من بيت العنكبوت؟!!.
في الثلاثاء 12 يونيو-حزيران 2012 04:18:16 م