|
• القضية الجنوبية إحدى أهم وأبرز القضايا الشائكة أمام الحوار الوطني ولا حوار وطني في الأصل دون مشاركة المكونات الجنوبية سواء تلك التي تساند الثورة الشبابية أو الرافضة والداعية إلى الانفصال أو معارضة الخارج وكنت قد كتبت مقالاً بعنوان"اعترفوا بالقضية الجنوبية واعتذروا وأعيدوا الحقوق\" في صحيفة الجمهورية 28 فبراير 2012م وأعادت نشره بعض المواقع الصحفية الإلكترونية وفي موقع" يمن برس" الذي يتيح التعليقات بدون اشتراطات علق أكثر من 30 شخصاً من الإخوة الجنوبيين بعضهم بكلام قاسٍ وبعضهم بكلام يعبر عما يجيش في النفوس وأغلبية التعليقات عاتبتنا ككاتب وهاجمت الصمت الذي ساد من قبل المثقفين والكتاب والسياسيين على أخطاء وجرائم ارتكبت بحق الجنوبيين منذ حرب 94 المشئومة حتى اليوم وألطف التعليقات حملت عبارات" أين كنتم من زمان ضاع الوقت وشكرا للكاتب لكن فات الوقت جئتم متأخرين يا حبيب وما عد فينا صبر ونريد دولتنا السابقة مع فقرنا الذي كنا فيه " وتعليقات أخرى كانت ترفض مجرد النقاش وتقول مهما عملتم إخواننا الشماليون فنحن نريد الانفصال لا تحاولوا معنا فالاعتذار وإعادة الحقوق لا تكفي" والبعض رحب بالدعوة إلى الاعتراف والاعتذار وإعادة الحقوق لكنه قال بعد ذلك أتركونا نقرر بأنفسنا ما نريد فهذا أبسط حق لنا المهم لا تغصبونا على شيء لا نقبله فقد ذقنا الأمرين منذ حرب 94 إلى اليوم.
• ومؤخراً طرح الحزب الاشتراكي اليمني ما عرف بالـنقاط الـ12المتعلقة بالقضية الجنوبية وهي محددات وإجراءات هادفة إلى بناء أجواء الثقة وتأكيد الجدية وممهدة لحوار جاد لمعالجة القضية الجنوبية وهناك شبه إجماع في الأوساط السياسية والصحفية والحقوقية على أهمية الاعتراف بالقضية الجنوبية والاعتذار للجنوبيين وهناك من يطرح بقوة إعادة الحقوق وآخرون يكتفون بالاعتراف والاعتذار وكل متحدث أو كاتب يسوق المبررات المنطقية وهناك من يلح بضرورة الإسراع في إعلان الاعتراف والاعتذار بشكل رسمي وبشجاعة وهناك قلة قليلة لا تكاد تذكر لا ترفض الاعتراف والاعتذار ولكنها تكثر من الأسئلة وتسوق مبررات أن الاعتراف والاعتذار سيفتح باب لفئات عديدة تطالب بمثله سواء قبل الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر أو ما بعدها. والحقيقة أن الرافضين للاعتراف بالقضية الجنوبية والاعتذار للجنوبيين عما لحق بهم منذ حرب صيف94م المشئومة لا يتمتعون بالشجاعة الأدبية بل يخافون أن يكون ذلك البداية لإدانة قادمة ولما لا يكون كذلك فالجميع يعرف أن هناك أخطاء وجرائم ارتكبت وأن حرب صيف 94م قضت على الوحدة في النفوس وتراكم الأخطاء بعد الحرب أدت إلى اندلاع احتجاجات الحراك في 2007م والتي تم مواجهتها بالعنف فزاد ذلك الطين بلة وكرس لدى الجنوبيين أن منهج " الوحدة بالقوة" أو " الوحدة أو الموت" شعار تم به خوض94م ويتم به قمع احتجاجات الحراك ووصل الأمر إلى طرح خيارات بمسميات عدة كالانفصال وفك الارتباط وحق تقرير المصير والاستفتاء على مستقبل الوحدة وكلها ذات مضمون واحد.
• ولو تمعنا في مطالب ونقاشات الجنوبيين منذ اندلاع الحراك 2007م حتى اليوم سنجدها تركز على رفع الظلم وتطالب بإعادة دولة الجنوب السابقة التي كانت دولة قوية يسود فيها النظام والقانون على الكبير والصغير وكان فيها الحكام والمحكومون يعيشون في مستوى واحد، بمعنى أن الانفصال ليس مطلوباً لذاته وإنما بحث عن الخلاص من الظلم وغياب النظام والقانون وبالتالي هذا ليس مطلباً جنوبياً فقط وإنما مطلب كل اليمنيين في مختلف مناطق اليمن فهم لا يريدون إلا دولة قوية آمنة مستقرة يسودها النظام والقانون والمواطنة المتساوية والفرص المتكافئة العدل والحرية وهذه مطالب لا علاقة لها بالجغرافيا شمال وجنوب وشرق وغرب وإنما بشكل النظام السياسي ونوع الدولة والحكام فالاعتراف بالقضية الجنوبية والاعتذار عن ما أحدثته حرب 94م المشئومة والحسم والحزم في موضوع إعادة الحقوق ورفع الظلم عن الجنوبيين سواء فيما يتعلق بالمسرحين من وظائفهم مدنيين وعسكريين أو بإعادة الأراضي والمساكن أو بإعادة الاعتبار للنظام والقانون واحترام الخصوصية وهذا أمر لا علاقة له بموضوع الوحدة أو الانفصال وإنما بطريقة الحكم والإدارة.
• والاعتراف بالقضية الجنوبية هو اعتراف بأن حرب صيف 94م المشئومة كانت غلطة كبيرة يجب أن يتم تصحيحها ولن يتم ذلك إلا بالاعتذار والعمل على إعادة الحقوق بعد أثبتت الأيام أن شعار "الوحدة أو الموت" كان خاطئاً قاد إلى حرب مشئومة زرعت الانفصال في النفوس بعد أن كانت الأطراف المعنية اليمنية قد توصلت إلى " وثيقة العهد والاتفاق " التي كانت ستنقل اليمن إلى النظام الفيدرالي البرلماني بأقاليم متعددة وطالما نحن اليوم على أبواب " الحوار الوطني الشامل" فلنتحاور بكل شفافية ووضوح وبدون أن يفرض أحد من المتحاورين على الآخر شيئاً لا يقبله وحتى لا يأخذ الحوار شكل حوار بين إقليمين أحدهما يريد المحافظة على الوحدة والأخر يريد الانفصال أو شكلاً يؤدي إلى الانفصال ولو بعد حين، فعلينا أن نقبل بفكرة الفيدرالية بأقاليم متعددة على أن يتم تحديد النطاق الجغرافي للإقليم بشكل لا يكرس مفهوم الدولتين السابقتين شمال وجنوب.
• وأخيراً لا تضيعوا الوقت وكفى وضع الرؤوس في الرمال كالنعامة فهناك خيارات جديدة مخيفة أبرزها الدعوات المتكررة لتسليح الحراك الجنوبي و والدعوة للمقاومة المسلحة وهناك أصابع خفية تلعب ومن مصلحتها أن تفجر الأوضاع في مناطق الجنوب ولهذا اعترفوا واعتذروا وأعيدوا الحقوق بشكل رسمي كدولة وحكومة وقادة ومنظمات مجتمع مدني وشخصيات اجتماعية مدنية وعسكرية ورجال دين وخاصة أولئك الذين تورطوا في إصدار فتاوى التكفير ضد أبناء الجنوب عندها ستطيب نفوس وقلوب أبناء الجنوب وكل أبناء اليمن وعندها سنتمكن من البدء في الحوار الوطني وسنكون خطينا الخطوة الأولى في بناء دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية
في الثلاثاء 19 يونيو-حزيران 2012 07:21:17 م