دكاترة ..ولكن ...
محمد عبد الملك الشيباني
محمد عبد الملك الشيباني

يمضي يومه في التواصل مع الشركات الصينية عبر الموقع التجاري الشهير على بابا ومواقع التواصل الصينية للبحث عن مصادر لعملاءه أو التنقل بين المدن الصينية لمقابله المصنعين , الدكتور رشاد العزعزي حاصل على ماجستير في جراحة الأورام السرطانية من احدى جامعات الصين, قرر البقاء في الصين منذ اكثر من خمس سنوات وفتح مكتب للخدمات التجارية ,هو يعرف أن ألاف الناس في بلده تئن تحت وطأة هذا المرض الغادر وبرغم ذلك لا يوجد الا مركز حكومي واحد لا يتسع لحفله زار وعدد محدود من الاخصائيين ومع ذلك لن يجد الدكتور رشاد العزعزي ما يسد به رمقه من هذا التخصص النادر في هذا البلد الموبوء بالسرطانات على اختلاف إشكالها الخبيثة كما أن تجربة العودة الي اليمن أثناء البكالوريوس كانت مخيبه ومحبطه بكل مقاييس التعاسة وكانت اكبر حاجز أمامه للعودة مجددا ,

صديقه الأخر الدكتور ناصر الهاجري الحاصل على دكتوراه في النفط في مواضيع متعلقة بالحفاظ على البيئه , يبدو أن تخصصه أكثر رومانسية في بلد هرم من التلوث والعبث قبل سن البلوغ فأي بيئة سوف تهتم بها انظمتنا وهى اكبر عدو للإنسان فما بالكم بالبيئة,لذا لم يكن أمامه الا حلا وحيدا وهو العودة الى الصين خائبا وفتح مكتب خدمات في مدنيه إيو مع صديق دراسته الدكتور رشاد العزعزي ويبدو أن ذلك الحل كان أكثر جدوى فراجت خدماتهم وأصبح لهم فرع في أهم مدن الصين واكبر مدن العالم نموا , مدينه شنجهاي .

كما أن الشاب عبد الله الصبري الحاصل على بكالوريوس في هندسة الاتصالات من السودان وجد في مكتب خاله الدكتور رشاد العزعزي ضالته بعد أن ضاقت به السبل في بلده فتحمل الأخير تكاليف دراسته اللغة الصينية وأصبح احد كوادر المكتب ,أما أمين الهاجري فكان أفضل الجميع لأنه( أخذها من قاصرها )وتوقف عن الدراسة بعد الثانوية وبعدها قرر أخوه الأكبر الدكتور ناصر تدريسه اللغة الصينية وضمه الى كادر المكتب في إيو .

قرأت ملاحظه مهمه جدا لطبيب النهضة الماليزية الدكتور مهاتير محمد الذي قال أنهم كانوا يبتعثون الطلاب الماليزيين للدراسة في الخارج لدى الدول التي بدأت تنهض مثل كوريا للاطلاع عن قرب على تجارب تلك الشعوب والاستفادة من منها ,لأن الشعوب الاخرى في أوربا سبقتهم بمراحل عديده ونقل تجاربها لن يفيد . وفي الحقيقة ان تلك الفكرة صائبة تماما فصارت ماليزيا نموذجا حاضراّ لكل الشعوب كما هو حال التنين الصيني واللغة الصينية سوف تصبح من أهم اللغات التجارية في عالمنا الذي صار يتأقزم يوما بعد يوم ويتقارب بسرعه مدهشة .

الا أننا اليمنيين بكل الأحوال سواء درسنا في الخارج أو الداخل سنظل ضحايا احلامنا وطموحاتنا التي لن تتسع لها عقليه الحاكمون بأمر الله.

فإن عدت من الصين بدرجه دكتوراه او ماجستير في الأخير لن تفييدك الا اللغة أما الشهادة فضعها في أقرب مكب للنفايات أو في حائط يتيم للذكرى وللتباهي او كذلك للتحسر والندم على سنوات العمر التي ذهبت هباءا منثورا لأن روشتات الدكتور مهاتير محمد لن تجدي نفعا في هذا البلد , أما اذا كان أبوك وزيرا او شيخا أو مسؤولا كبيرا فذلك أفضل مؤهل وإن كنت بلا شهاده سواء في عهد على عبد الله صالح أو في عهد الثورة وعهد هادي الذي خرج لنا بقرارات وتعيينات مرتبطة ومتصلة بسياسيه التوريث والتأبيد التي قتلت أحلامنا وطموحنا وهمتنا منذ عقود ومازالت تفعل .

معاناة الشباب اليمني في الداخل أكثر بكل المقاييس الكونية , وبما أننا ذكرنا موقع علي بابا فسوف اذكر لكم قصه أحد الشباب اليمني وذات صله بنفس الموضوع , فها هو الدكتور وائل الطويل الحاصل على بكالوريوس من كليه الطب في التحاليل الطبية يترك تخصصه الذي راه عقيما في هذا البلد وأصبح محترفاً في تصاميم مواقع الانترنت والتجارة الإلكترونية ويؤسس شركه للتسويق الالكتروني , رغم أنه لم يكن يعرف كيف يكتب بحث تخرجه الجامعي على جهاز الكمبيوتر .

وحقيقه أن قصه هذا الشاب والمكافح تذكرني بقصه مؤسس موقع على بابا عملاق التجارة الإلكترونية السيد( جاك ما ) غير أن الاول يعمل في اليمن بينما الاخر عمل في الصين

فالصيني( جاك ما )علم نفسه الإنجليزية عندما كان طفلا وعين استاذا في الجامعة ولكنه كان بفكر بشيء أخر , فرحلته الى استراليا عندما كان شابا بدعوه من أصدقاءه جعلته يفكر بشكل مختلف كما أن تجربته للعمل في أمريكا علمته ما الذي يحتاج اليه بلده فعاد وأسس موقع انترنت وعندما لم يحقق النجاح المطلوب نتيجة لاستحواذ شركاءه من الجانب الحكومي على القرار خرج وحيد واسس شركه أخرى من منزله وخرج من شقته اكبر موقع للتجارة الإلكترونية العالمية يدر على الشركات الصينية والحكومة الصينية مليارات الدولارات كما أن مساهمه شركه ياهو في الموقع جعلته يحقق مكاسب عظيمه جدا تبلغ مئات الملايين من الدولارات , ولم تخلو قصته من الإرهاصات والكبوات فالنجاح الباهر ليس سهلا

أما الدكتور وائل الطويل فخرج من شقته أفضل موقع يمني بل عربي للتجارة الإلكترونية تحت مسمي يمن بزنس ولكنه للأسف في بلد يجهل الانترنت وحكومته لا تشجع مثل هذه الأعمال ولا تراقبها وان كانت لديها هيئات مختلفة مهمتها فقط السفر وإقامة معارض وهميه تكبد الدولة ملايين الريالات .

موقع تجاري دوت كوم في الإمارات طلب الكادر اليمني العامل بموقع يمن بزنس ولكن اعتزاز الدكتور وائل بعمله وطموحه ورغبته في خدمه بلده جعلته يرفض السفر ويكابد من أجل الاستمرار بجوار أسرته .

قبل أكثر من خمسة أعوام حصلت التفاته جميله من قبل الاتحاد العام للغرف التجارية للموقع وخدماته فقام المختصين بالتواصل مع إدارة الموقع وتحول الموقع الى موقع رسمي للاتحاد وأعضائه من الشركات ورجال الأعمال اليمنيين والمجموعات التجارية اليمنية وحققت شركه يمن بزنس قفزه صغيره الى الأمام إلا أن بعض أعداء النجاح وأنصار المال والارتزاق في الاتحاد العام للغرف التجارية أفشلوا الاتفاق بعد أقل من عام حين حاولوا تجيير الموقع لصالحهم وتحقيق مكاسب شخصيه وماليه من خلاله 

كانت التجربة صعبه على الدكتور وائل الطويل فترك العمل في مجال الأدلة التجارية الإلكترونية وحول شركته الصغيرة الى شركه لتصميم المواقع على الانترنت من خلال الاستفادة من قاعده العملاء خارج اليمن الذين كانوا يتواصلون مع الموقع بشكل مستمر للبحث عن مصادر يمنيه لتصدير الأسماك أو الجلود أو البن وغيرها من المنتجات اليمنية أو البحث عن وكلاء ومنافذ لبيع منتجاتهم في اليمن , اما شريكه الدكتور صادق الردي فقد كان حظه أفضل فغادر اليمن وهو يملك الآن سوبر ماركت صغير في أمريكا .

وهكذا أسدل الستار على أفضل تجربه يمنيه في مجال الترويج الالكتروني .

تجارب الشباب اليمني كثيرة وكفاحهم مرير وأحلامهم صارت عقاب وعبئ ثقيل وهناك حاله فصام شديد بين المجتمع وبين السلطة خصوصا في عهد النظام السابق , فهل ستعالج الثورة هذا المرض العضال ؟؟


في الخميس 26 يوليو-تموز 2012 10:00:07 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=16654