ثورة الرعية تغسل مساحيق وجه المتوكل
علي عبدالملك الشيباني
علي عبدالملك الشيباني

إذا ما تعاملنا مع ماضيه القريب ، فيما يخص موقفه من نظام " المخلوع " على أساس " اللهم اجعله صدق " ، وربطناه بما تفوه به وما زال في الفترة الأخيرة ، بارتمائه في أحضان ذات النظام ، الذي ادعى يوماً معارضته ، فلن نجد توصيفاً لحال الدكتور محمد عبدالملك المتوكل ، ابلغ من اعتباره جندياً - أو مجنداً – منسحب من ارض المعركة ، عائداً إلى معسكره الحقيقي ، معسكر التخلف والهمجية والانتماء السلالي.

منذُ عودته من رحلته العلاجية ، اثر الحادث المروري الذي تعرض له ، وهو ماض في خرفه السياسي الذى فاجئنا به ، بالنظر إلى كونه وحزبه احد الأشكال المكونه لتكتل اللقاء المشترك.

اذ دشن سقوطه المروع بتوجيه الاتهامات لقيادة اللقاء المشترك على أنها من تقف وراء استهداف حياته بواسطة دراجة نارية ، مضيفاً في معرض رده على احد الأسئلة : كيف نساوي بين من أرادوا اغتيالي – يقصد المشترك – وبين من أراد لي الحياة ، ويعني به المخلوع الذي نقله حينها بالطائرة الرئاسية للعلاج في الأردن.

ما صدر عن الدكتور لا يؤكد شيئا في مسالة اتهامه للمشترك ، فما قاله لم يكن مبنياً على تحقيقات أمنية ، او حتى اعتماداً على أساس موضوعي ومنطقي ، لكأنه فقط كان يبحث عن أي شي يبرر له عملية التحول.

السؤال : ما هي مصلحة المشترك من اغتيال احد قياداته ولماذا؟. ومن هو المستفيد الحقيقي من الإقدام على هكذا جرم في ظل أوضاع ثورية كالتي نعيشها منذ سنة ونصف تقريباً ؟.

لم يتوقف خرف الدكتور عند هذا الحد ، إذ قام بتعميد موقفه الجديد بزيارة "المخلوع" بمناسبة "يوم الجلوس" ، محاولاً تبريرها بأنها جاءت على خلفية إنسانية ، وكم كنا نتمنى بدلاً عن ذلك ، أن يفرغ شحنته الإنسانية هذه بزيارة اسر الشهداء والجرحى .

يدرك الدكتور دوافع نقله بالطائرة الرئاسية ،وان علاجه في الأردن هي وظيفة دوله تجاه شخصية سياسية معروفه ، وليست" جماله" حتى يكون الدكتور ممتناً لهذه الدرجة . ونخشى في هذا الصدد أن يطل علينا من قناة " اليمن اليوم " متحلياً بثقافة رجل الشارع العادي ، ليعدد لنا مناقب المخلوع على نحو هو من قام ببناء المدارس وشق الطرقات .

لا شك بان الدكتور ، اقتنع بضرورة التغيير ولكن بما يبقي الوضع الاجتماعي والسياسي القائم منذُ ألف عام وعلى قاعدة " جمل يعصر وجمل يأكل عصار " . أما وأن اليمنيين ماضون في الانقلاب على هذه القاعدة وغيرها من الأوضاع السائدة ظلماً ، سبيلاً إلى تأسيس دوله مدنية ومواطنه متساوية فثمة مالم يعجبه كما يبدو.

كان بإمكانه ان ينسحب من المشترك ويمضي في معارضته بعيداً عنه - بغض النظر عن الدوافع - اذ سيوحي لنا ذلك بوجود خلل ما ، اضطرته لتبني هذا الخيار وبما يلزم الجميع بتصحيح أي اختلالات قد تقود لا سمح الله إلى انفراط عقد المشترك ، بدلاً عن خاتمة الارتماء في احضان النظام الذي خدعنا بادعاء معارضته خلال السنوات الماضية .

تتوالى مواقف الدكتور المخزية حد تبرئة المخلوع من دماء شهداء الثورة الشبابية ، لتؤكد بذلك وبما لايدع مجالاً للشك انه كلف بطريقة او بأخرى بتفكيك عرى المشترك ، ولا ادري لماذا اعتقدوا انه قادر على انجاز هذا المهمة ، فالرجل وبكل الأوزان لايساوي حتى وقيه في ميزان العمل السياسي ، إذا ما قارناه بحجم ، بل قل بأطنان الدكتور ياسين والعتواني واحمد القميري على سبيل المثال .

ولأننا في بلد المفاجئات والتحولات الغريبة والمخرجات غير الطبيعية ، علينا أن نتهيأ لما قد يفاجئنا به المستقبل ، ولو من عيار أن دكتور العلوم السياسية والحاصل عليها من بلاد التعدد والتنوع والمواطنة المتساوية هو مهندس الحركة السلالية في البلد بشقيها المسلح وغير المسلح ، فما زال هنالك من يستطيع الضحك على الذقون واستهبال الناس والتذاكي عليهم ، وان بداء في معظمه مثيراً للشفقة .

جاءت العملية الانتحارية – السياسية – التي نفذها الدكتور المتوكل في ساحة المشترك ، بواسطة حزام "عفاشي" ناسف أودت به وحيداً إلى مزبلة التاريخ ، دون إصابة احد بأذى ولو بجروح سياسية طفيفة ، بعد أن ركن الى أن هناك من صلبه ، من سيواصل حمل الراية من حيث انتهى ، من خلال اللجنة الفنية للحوار الوطني .

ومن المهم هنا التذكير من أن الدكتور شغل وزيرا الإعلام القوى الملكية إبان الدفاع الثورة وحصار السبعين في ستينيات القرن الماضي ، وما زال البعض يتذكر مضامين كتاباته آنذاك والمعادية في مجملها للثورة والصف الجمهوري . وان التحاقه بالجمهورية لم يتحقق إلا عبر المصالحة المشؤمة بين طرفي الصراع ، والتي مازلنا نعاني منها حتى اللحظة ، ومنها الدكتور الذي استطاع ان يخدعنا طوال السنوات الماضية حتى حان دوره بالانضمام الى قوى الثورة المضادة ، بعد ان ضننا بنجاح إعادة تاهيله وطنياً واجتماعياً في إطار مدرسة مشتركنا العظيم .

ان التشخيص السياسي السليم للحالة التي يمر بها المتوكل ، تتلخص في ان الهرمونات السلالية لديه طاغية على هرمونات تخيل العيش في دولة مواطنة متساوية ، ولذلك لم تكن عملية التحول بحاجة لأكثر من تدخل جراحي ثوري يقوده أبناء الرعية كي يكتسب شخصيته السياسية الحقيقية ..... ولا ادري لماذا يختار البعض نهاياتهم السياسية على هذا النحو المعيب؟؟.


في الأحد 02 سبتمبر-أيلول 2012 04:53:55 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=17094