|
تعمدت بعض الدول التي لديها بعثات دبلوماسية في بلادنا خلال الحقبة المنصرمة تعيين وإيفاد أنموذجا قبيحاً للدبلوماسية لم يسبق لها مثيل في تاريخ العلاقات الدولية.
هذا النموذج المشوه والبشع تم حصره على بضعة دول تعرفونها مسبقاً في استغلال بشع للظروف التي تمر بها تلك الدول.
وبرجوعي إلى البرتوكولات والمواثيق المشرعة والمقننة لهذا النوع من العلاقات والتي من ضمنها اتفاقية فينا الشهيرة التي حوت في طياتها الأعراف والمعاهدات والمواثيق الضابطة والمنظمة للتمثيل الدبلوماسي بين الدول.
وعند الغوص في التفاصيل التي حاولت البحث فيها لعليَ أجد تقييما لما نلمسه ونشاهده اليوم من تلك النوع من الدبلوماسية المختلة .
لقد حاولت البحث عن مادة ربما تعطي فكرة واضحة عن مهام المبعوث الدبلوماسي ومدى مشروعية التدخل في شئون الدولة المعتمد لديها بطريقة تضر بمصالح تلك الدولة ، أو ربما أجد نصاً يبيح للبعثات الدبلوماسية التحول إلى أوكار للتجسس وإقامة علاقات مشبوهة مع بعض مواطني الدولة المضيفة تتخطى تلك الأطر الدبلوماسية المعهودة لتخريج أشخاص يعملون لحساب تلك الدول الأجنبية على حساب مصالح بلدهم ووطنهم
تساءلت : عما إذا كان يوجد بند يشرع للبعثات الدبلوماسية تصفية الحسابات وإدارة حروب سرية وتحويل الدولة المستضيفة إلى ساحة لتصفيات الحسابات الإقليمية .
وهل من مهام البعثات الدبلوماسية العبث بالمصالح الحيوية للدولة المستضيفة وتقويض سلمها الاجتماعي وزعزعة الأمن والاستقرار وتكدير صفوها العام؟!!.
كما بحثت عن نص يسمح للبعثات الدبلوماسية استبدال أعلام دولهم المرفوعة على سارية مقراتها برايات حمراء وتحويل مقر البعثة إلى ملهى ليلي تحت لافتة دعم حقوق الإنسان ولست أدري هل يقصدون حقوق الإنسان المعروفة أم حقوق الإنسان في التعري والمجون والحفلات الصاخبة التي تنافي قيمنا وديننا وعاداتنا ؟!!
قلت لنفسي : ربما أن اتفاقية فينا حملت بين سطورها بما يجيز للبعثات الدبلوماسية تبني العهر السياسي وتملق من يثبت تورطهم في نهب المال العام وتدمير الاقتصاد في الدولة المستضيفة وتقديم التسهيلات للمتخمين بالفساد ، وعمل (بزنس) مع مهربي الآثار والمخدرات ومزوري العملات وغاسلي الأموال ، بحثت عن مسوغ قد يقر ولو بشكل غير مباشر الممارسات الدبلوماسية التي تضر بمصلحة الدولة المستضيفة لهم فلم أجد .
ولم أجد كذلك نصاً يحق فيه لرؤساء البعثات الدبلوماسية تطبيق نظرية معرفة النوايا وهوس الاحتمالات وإلقاء التهم جزافا على مواطني الدولة المستضيفة واستباحة أجواءها وإقليمها لشن حروب فتاكة ضحيتها نساء وأطفال وشيوخ لا ذنب لهم سوى ظن أولئك السفراء بأن لهم نية على مهاجمة دولهم.
تلك الإتفاقية المذكورة لم تطلق العنان للبعثات الدبلوماسية لزرع عملاء مزدوجين وملاحقة أعداء من صنعهم وتصفيتهم دون محاكمة في بلد الضيافة.
لا يوجد بند يجيز فيه للبعثات الدبلوماسية معاملة مواطني الدولة المضيفة بدونية وتمييز باستثناء من كان لديه رصيد في الإفساد العام أو رصيد مالي يتجاوز الأصفار الستة وبالورق الأخضر فلا بأس عليه.
لم أجد شيئاً من تلك الممارسات الغير مشروعة والتي تمارسها بعض السفارات اليوم في بلادنا.
وجدت نصوصا ومواداً رائعة وبنوداً راقية توحي للقارئ برقي التعايش السلمي وروعة التعاون الدولي المشروع بما يخدم مصالح الأمم والشعوب .
وجدت نصوصاً تلزم الدولة المستضيفة في حال عدم رغبتها بأي سفير أو مبعوث دبلوماسي ممن ذكرناهم طرده شر طرده واتخاذ العقوبات اللازمة بحقه .
أدركت أن أولئك الذين يخرجون عن العمل الدبلوماسي المشروع هم عصابات دبلوماسية لا بعثات دبلوماسية لا ينتمون للعالم الدبلوماسية الراقي والجميل والمدونة نصوصه في إتفاقية فينا.
لنأخذ على سبيل المثال سفير تحول لمندوب سامي ولما يشبه بريمر جديد في اليمن كل هذا لأن بلاده دولة عظمى أو غنية والدولة المعتمد لديها دولة مخترقة وتعيش أوضاعا صعبة ومرحلة انتقالية حرجة.!!
وكيف لا يخرج عن حدوده في ظل مجال ملائم وظرف مواتي في بلادنا ، كيف لا وموكبه يضاهي موكب رئيس الدولة المضيفة وأمره نافذ وكلمته مسموعة ؟!!
لذلك واستناداً لاتفاقية فينا ، فإن الواجب على الجهات المختصة تعليق لوحة أمام كل بعثة أجنبية في بلادنا مكتوب عليها المثل الشعبي المعروف: (( يا غريب كن أديب )).
ويجب على الجهات المختصة بأن تراقب سلوكيات أي سفير فإن وجدت خروجا عن الأطر الدبلوماسية وممارسات تضر بمصلحة البلد فالواجب عليها بأن تتخذ بحقه الإجراءات القانونية المطلوبة ولو أستدعى الأمر الطرد فمصلحة البلد يجب أن تكون فوق كل اعتبار ..وإلا فلتكون اللهجة واضحة ( عفوا سعادة السفير ٠٠٠ارحل)
في الإثنين 03 سبتمبر-أيلول 2012 06:23:56 م