حكاية "لا منتمي" !!
نبيلة الوليدي
نبيلة الوليدي

تزوج رجل جاهل بامرأة خرقاء ..بعد عام ولد لهما صبي أسمياه " لا منتمي" كان طفلا جميلا جدير باسم أجمل ووالدان حنونان ولكن..

نشأ في بيت ليس له من معنى البيت سوى الاسم وأشياء تشبه مسميات عدة ..الطعام ليس غير بقايا طعام والمسكن تسكنه الفئران التي تقاسم "لا منتمي" بقايا الطعام وفي سقف منزلهم القصير تتخذ العناكب العديد من البيوت التي تلتقط الذباب الذي يملؤه شعور الندم لدخوله مسكنهم المتصارع سكانه على بقايا الطعام !!

وناموسة جائعة كانت تمتص قطرة دم من كفه الهزيل بصعوبة بالغة!!

عندما كان " لامنتمي"رضيعا نشف لبن أمه سريعا لكثرة عملها في حقل الجد الظالم المتسلط ..فرت الأسرة من القرية وأسعد القدر"لامنتمي" فالتحق بالمدرسة..

 في اليوم الأول التف حوله بعض الصغار, وبدأوا يتضاحكون من لباسه الذي اشترته له أمه من " البالة "..لم يكن على مقاسه بل بدا واسعا !

 تعمدت ذلك ليلبسه "لا منتمي" لعدة سنوات !!في إحدى سنين طفولته الأخيرة تمزق البنطال بعدما ضاق كثيرا هل كبر "لا منتمي" ليس كثيرا.. فقط بعض الشيء .. لقد تقزم هكذا يقال عنه ,يبدو هزيلا لكن بنطاله تمزق من فعل الدهر .وفي ذلك الصباح و صوت الصغار يعلو بالنشيد الوطني و"لامنتمي" بينهم غيرآبه بالنشيد فهو لا يحفظ كلماته جيدا ولا يسمع سوى صوت أمعائه الجائعة وخرير أمعاء بعض رفاقه ..همزه أحدهم بمؤخرته التي ظهر جزء منها من ثقبه الذي اتسع في بنطاله وضحك البقية ..انطوى "لا منتمي" خجلا وتسمر في بقعته ..هبت رياح مؤذنة بالمطر تقاطر الجميع للفصول وبقي "لا منتمي" متسمرا مكانه , ودمعة ساخنة تلذع خده ..سقطت سارية العلم.. تلفت يمنة ويسرة ..لا يراه أحد.. نزع العلم ودسه في جيب حقيبته ..في المساء انكب على تمزيقه ورقع بنطلونه ببعض منه ثم نام وابتسامة باهتة تنعس على شفتيه : لن يسخروا مني غدا.

كبر "لا منتمي" صار مراهقا ..في الصباح الباكر يستيقظ بركلة مؤلمة من أبيه :قم يابليد وجد لنا طعاما ..

والمدرسة ياأبي ؟؟

..:المدرسة ليست لأمثالنا هيا اذهب للسوق , القات اليوم عليك !! عاد الأب لمضجعه ورمى بجسده الثقيل على الفراش واسغرق في النوم..

تطلع "لا منتمي" إلى وجه أمه التي ابتسمت البتسامة بنية وتمططت ومضت خلف الرجل..

خرج "لا منتمي" للسوق فهناك بعض قرابته سيعمل لديهم ..وفي مساء مشؤوم تأخر فنام في المحل ..عند الصباح شعر أنه كان ثملا ..ماذا حدث ؟ ماهذا ياإلهي !! أدرك الحقيقة المرة ,لقد عبث أحدهم به ..دس وجهه بين كفيه وانتحب وولى هاربا..

وكبر " لا منتمي" أكثر وأكثر سمع الشاعر يدندن بأهزوجة عن الوطن ..تسائل : ما الوطن ؟ وهل ثمة وطن؟وغنى عن عن الأمان ؟ وأين الأمان ؟

عن الحنان عن الأخوة وعن وعن..

"لا منتمي "لا يدرك تلك المعاني ..وكبر..وفي ساعة كئيبة مدت إليه يد سوداء بحفنة مال و..خنجر مسموم :خذ المال واغرز طعنة في جزء من جسد الأم اليمن ..ماذا ستخسر فأنت "لا منتمي" ولن تتألم ثق بي ..فقط طعنة صغيرة مقابل هذه الدولارات ..الدراهم ..الريالات ..أأطعن أمي؟! سأل نفسه؟

تذكر وجه أمه الباهت وصدرها الفارغ من الحنان وابتسامتها البنية من أثر "المداعة "وبقايا "القات" ومد يده وتناول المال والخنجر ومضى متابطا شرا وحفنة مال ..وفي الصباح تنتشربين الناس الأخبار: أعمال تخريب هنا وهناك ..من الفاعل ؟

"لا منتمي" !! من يكون "لا منتمي" ؟شيطان أم جان أماذا ؟؟

طفل "لا منتمي" شاب "لامنتمي" كهل "لا منتمي" شيخ "لامنتمي" خطيب "لا منتمي" عالم "لا منتمي" حاكم ....قائد.. يمني "لا منتمي " وسالت دماء الأم اليمن من كل سهل ووادي , وتمزقت وهي تحاول جاهدة ضم كل "لا منتمي" لحضنها وليس لها ذنب سوى أن بعض أبنائها نشأ "لا منتمي "..

وتعود أعياد اليمن وهي تنزف من كل مكان ..عيد ثورة مجيد وأعاده الله وأهل اليمن أكثر إنتماءالليمن .

ودمت يا وطني حرا أبيا ..


في الثلاثاء 02 أكتوبر-تشرين الأول 2012 05:59:25 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=17543