موسم الهجوم على الرئيس هادي.
د. عيدروس نصر ناصر
د. عيدروس نصر ناصر

من اللافت للانتباه تلك الحملة الشعواء التي تشنها بعض الصحف والمواقع الإلكترونية المحسوبة على بعض النافذين العسكريين وزعماء القبائل أو رجال الأعمال أو الاتجاهات الدينية المتطرفة ناهيك عن تلك المحسوبة على الجناح المتطرف حزبه (حزب المؤتمر الشعبي العام).

قرأت خلال الأيام القليلة الماضية العديد من الأخبار والتسريبات والمقالات التي توجه نقدا جارحا للرئيس هادي ليس لأنه قصر في عمله أو أساء إدارة البلاد التي قلت مرارا بأن من ينبري لتبوء قيادتها عليه أن يتحلى بإحدى الخاصيتين: إما المغامرة والصلف والعجرفة وعدم الشعور بالمسئولية وإما الروح الفدائية، والرئيس هادي ليس من النوع الأول ـ على الأقل حتى اللحظة ـ أقول إن الذين يهاجمون الرئيس هادي ليس لأنه مقصر في عمله بل لأنه لم يسر على هواهم ولم ينفذ الأجندة التي يطمحون لتنفيذها، ومن هنا تأتي حكاية تعيين أكثر من ثلاثمائة من أقاربه، أو إنه يتراخى في مواجهة النزعة الانفصالية وما إلى ذلك من الإشارات التي تخفي وراءها الرغبة في ابتزاز الرئيس بهدف تحقيق مآرب شخصية وفئوية وجهوية لمن يمولون تلك المواقع والصحف والمنابر الإعلامية.

أعرف موقعا إلكترونيا ممولا من أحد القادة العسكريين المتنفذين يستكتب فيه المبتدئين وبعض المرتبطين مصلحيا بذلك القائد، وجه قبل أيام نقدا شديدا للرئيس عبدربه منصور هادي لأنه سمح بقيام مهرجان الثلاثين من نوفمبر ومهرجان التصالح والتسامح في عدن، والحجة أن المشاركين فيه يحملون الأعلام (الانفصالية) ويتساءل كاتب المقال عماذا سيفعل الرئيس هادي مع المحتفلين في هذه المهرجانات هل سيواجههم أم يجبرهم على الالتحاق به أو سيلتحق بهم أم سيلتقي بهم عند منتصف الطريق، وهناك قضايا كثيرة يواجه الرئيس هادي بسببها هجمات عديدة تصل بعضها إلى حد التجريح والتشكيك في قدرته على مواجهتها . . .لم يكلف هؤلاء الكتبة أنفسهم بالبحث عن الأسباب التي تجعل مليون مواطن أو أكثر يخرجون للمطالبة بـ"فك الارتباط"، ولم يتساءلون لماذا فقد هؤلاء الأمل في الاستمرار بهذا النوع من الوحدة، وبطبيعة الحال لم يدن هؤلاء السياسات التي مزقت اليمن إلى أكثر من عشرين شطرا من أعمال النهب والسلب والإقصاء والاستحواذ والتهميش وتغذية الفساد ومصادرة المؤسسات والمنشآت وتهريب الممنوعات والاتجار بالسلاح، فهي حق لأصحابها أما عندما يخرج الناس بالملايين للمطالبة بحقوقهم فإن هذا ـ بالنسبة لهؤلاء ـ رجس من عمل الشيطان ينبغي التصدي له وسحق أصحابه.

ليس من الصعب ملاحظة أن ما تنشره هذه الصحف والمواقع تعبر عن ضجر الناشرين والممولين من بعض قرارات الرئيس فهي في كثير منها تمس مصالح هؤلاء التي أدمنوها على مدى ثلث قرن، وحتى وإن عبروا عن دعمهم لتلك القرارات أو التزامهم بتنفيذها علانية فقد لا يتورعون عن عرقلتها بل والتصدي لها عندما يتعلق الأمر بتهديد تلك المصالح.

سيكون على الرئيس هادي أن لا يأبه كثيرا للتخرصات وأن يمضي باتجاه التصدي للمعضلات التي ورثها له الفاسدين والمتنفذين المخلوعين ومن لم يخلعوا بعد، وسيكون الشعب معه ومعه المجتمع الدولي والمحيط الإقليمي، وإذا هناك من اعتبار يجب مراعاته فهو رأي الشعب ومصالحه وصوته المدوي الذي فجر فيه ثورته ضد الطغيان والاستبداد، وإزالة موروث هذا الطغيان في الشمال والجنوب على السواء.

* * * * * * * * *

غريب أمر الإخوة في المؤتمر الشعبي العام وعلاقتهم بإدارة البلد وموقفهم من عملية التحول التي تشهدها، فهم من ناحية يشاركون بنص الحكومة وبرئيس الجمهورية ويسيطرون على حوالي 90% من الجهاز الإداري وأكثر من 80 % من موارد الثروة، هذا غير ما تم نهبه خلال فترة حكمهم للبلد وتحويله إلى حسابات اللجنة الدائمة وجمعية الصالح والمؤسسة الاقتصادية العسكرية وغيرها من الكارتيلات التي التهمت ما فوق البلد وما تحتها، ومن ناحية أخرى يتصرفون تصرف المعارضة المتخبطة التي لا هم لها سوى معارضة وزراء الشريك الآخر فهم مثلا يعارضون وزير المالية ووزير التخطيط والتعاون الدولي ووزير الثقافة ووزير الشئون القانونية ووزير النقل لكنهم لم يقولوا شيئا عن وزراء الأوقاف، والخارجية، والمواصلات وتقنية المعلومات والنفط وغيرهم من وزرائهم.

ما جرى في جلسة مناقشة الموازنة العامة للعام 2013م من تصرفات خرقاء من قبل رئيس الكتلة البرلمانية تجاه الدكتور محمد السعدي وزير التخطيط والتعاون الدولي يبين أن الرجل يقود كتلة بلا برنامج سياسي ولا هدف استراتيجي أو حتى تكتيكي إلا هدف تعطيل عمل الحكومة والاستقواء بالأغلبية العاجزة عن عمل أي شيء يخدم البلد.

يتهم الشيخ سلطان البركاني أحزاب اللقاء المشترك بأنهم لم يتعودوا على النقد والاستماع إلى الرأي الآخر، . . .ربما يكون هذا صحيحا لكن الصحيح أيضا أن سلطان البركاني وأمثاله لم يتعودوا على المعارضة، فهم يعارضون كل ما كانوا بالأمس القريب يدافعون عنه ويسوقونه للناس على إنه منجزات وطنية كبرى لا يصنعها إلا أصحاب الخوارق.

ربما كان على الدكتور السعدي مواجهة هذيانات البركاني وتهريجاته بابتسامه ساخرة فهذا أفضل رد وأبلغه على كلام من هم على شاكلة صاحب نظرية "خلع العداد"، فمثله يعتبرون السياسة نوعا من الشغب والمناكفة والتسطيح حتى وإن كان على حساب تعهدات قطعوها على أنفسهم وحصلوا بموجبها على حصانة أبدية من أي محاسبة.

د محمد السعدي ليس ملاكا، لكن تجربتي الشخصية مع شخص مثل سلطان البركاني تجعلني أجزم أنه لو تواجه إبليس والشيخ سلطان فإن إبليس سيكون الضحية بلا شك.

برقيات:

*أصدق مشاعر العزاء والمواساة للزميل د. علي محمد مجور سفير اليمن لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة وإخوانه وكافة آل مجور بوفاة شقيقه المرحوم عبد القادر محمد مجور والدعاء إلى الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

* قال الإمام الشافعي رحمة الله عليه:

أمـتُّ مطامعي فأرحتُ نفسـي    فإن النفـس مـا طمعـت تهونُ

وأحـييت القنوع وكـــان ميتـاً      ففـي إحيائـه عـرض مصـونُ

إذا طـــــمـعٌ يحـلُّ بقلـب عبـدٍ       عـلتـه مـــــهانـةٌ وعـلاهُ هـونُ


في السبت 19 يناير-كانون الثاني 2013 05:24:47 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=18880