إخجلوا يا سياسيين ... من قوافل الشهداء ؟
هاني عبدربه قطيان
هاني عبدربه قطيان

كل يوم يمر ونحن نشاهد في الفضائية اليمنية تشييع جثاميين عشرات الشهداء الأكارم وهم في ريعان الشباب من ضباط وصف وجنود ومن جميع فئات ورتب حماة الوطن وكلما شاهدت تشييعهم إلى مثواهم الأخير في صناديق خشبية تعلوها صورهم الشامخة والمليئة بالعزة،أتحسر وأشعر بالألم والقهر على هؤلاء الشجعان الذين ضحوا بحياتهم وأرواحهم فداءً لهذا الوطن في نفس الوقت الذي نلاحظ فيه كبار السياسيين من الأحزاب يلعبون كالأطفال في حديقة المنزل بدون أن يشعروا بالوقت والزمن الذي يمر عليهم وهم يمرحوا ويستهزئوا بالشعب فتراهم دائماً يتراشقون بالإتهامات والتفاهات وبقوارير الماء في إجتماعاتهم التي لم يتفقوا فيها على شيئ خرجوا به لمصلحة الوطن وأصبح عمل رئيس الجمهورية الأساسي هو الصلح بينهم في نزاعاتهم المتكررة باستمرار بمساعدة المبعوث الدولي جمال بن عمر الذي جاء لليمن عشرين مرة تقريباً الثلثين من مهامه التي يقوم بها هي التوفيق بين الأحزاب والأطراف السياسية والعسكرية وحل نزاعاتهم بمشاركة أمين عام مجلس التعاون الخليجي وسفراءهم وأحياناً السفير الأمريكي المتغطرس وغيرهم الذين أصبحوا بلا منازع مشائخ اليمن الحاليين .فلماذا كل هذا الوقت والجهد نستغرقه فقط لحل الخلافات بين سياسيينا ؟ وهل كواكب وقوافل الشهداء التي سالت دمائهم من بعد توقيع المبادرة الخليجية دون أن يعيرها سياسيينا أي إهتمام بها سوى الإستنكار والمنافقة أمام وسائل الإعلام بعد أن صُمت آذانهم عن مآسي وأحزان وآلام كل بيت وعائلة يتم تشييع شهيداً لهم من ذويهم أفلا يستآهل الشهداء وذويهم أن يبتعد السياسيين عن لعب الأطفال ويتعاملوا مع الوضع بجدية حتى يتوقف نزيف الدم الذي يسيل يومياً وأن يترفعوا قليلاً عما يقوموا به،

فنرى هذا الحزب لا يُسلم قائمته لمؤتمر الحوار حتى يسلم الآخر قائمته وهذا لن يسلمها حتى يعرف ماهو الوضع الذي سيئول إليه مصير شخص ما بعد هيكلة الجيش وكأن هذا الحزب أختزل كل أبناء اليمن بشبابهم وشيبتهم وإخلاصهم وولائهم لهذا الوطن بكامله في مصير شخص واحد وأصبحنا نطبق نفس القاعدة القديمة في البلاد التي لم تتغير أبداً رغم تغير الأفراد فالكل فيها يعمل من أجل واحد وليس الواحد يعمل من أجل الكل، كما كان الجميع يطمح أن يكون (وتيتي تيتي مثل مارحتي مثل ماجيتي) ولكن البجاحة هنا أن من يطبقون حالياً تلك القاعدة يدعون أنهم ثوار الحرية والكرامة وإستعدادهم بالتضحية بأنفسهم من أجل أن يخرج قطار اليمن من النفق المظلم الذي دخل فيه، وأنا هنا أشك أن وطنهم هذا هو اليمن ، بينما نرى الآخرين لازالوا مؤمنين ومهووسين بالمثل القائل (لا تغزوا إلا بقوم قد غزت أو بشيخ قد أعياه الزمان) ومن تجربتنا فنحن جميعاً مؤمنين أيضاً بهذا المثل وبحكمة الشيخ المذكور التي لن نستغني عنها أبداً في حالة الحروب والأزمات والمشاكل وقلة الخير ، ولكننا في نفس الوقت نؤمن أن شيخنا العتيق هذا لاينفع لرفعة البلاد وتنميتها ولا يستطيع بأي حال من الأحوال المساعدة في قيادتها للخروج بالبلاد من النفق الذي أدخلها إليه بنفسه بسبب نظرة الضعيف الذي أعتاد دائماً على العيش في الظلام، ومن أعتقد غير ذلك من المهووسين فهو واهم وغبي أو هو شخص مستفيد من بقاء البلاد في هذا الوضع لفترات طويلة وأنا شخصياً أحمل السياسيين المعروفين في هذه الأحزاب كل هذه المصائب التي تحدث في وطني الغالي ، وخاصةً حكومة الوفاق التي لم توفق أبداً في تحقيق طموحات شعبها ومتطلباته وإنما وفق وزرائها في تنفيذ مصالح أشخاص نافذين وفاسدين يتبعونهم حيث لم تقم الحكومة بما كان متوقع منها حسب رأي الكثيرين : فالفساد هو الفساد ولكنه تقنن وتأصل، والوجوه نفس الوجوه لم تستبدل وهيه لا تخزى ولا تخجل ، والنافذين هم النافذين بس شكلهم جديد ومظهرهم أفضل ، والفقر زادت قوته والقضاء حكمه معطل ، و أنعدم الأمن في كل مكان حتى في العاصمة صنعاء حيث كثرت الجرائم وتفنن أصحابها في التخليص السريع والسفري للناس من الحياة بإستخدام المترات (الدراجات النارية) وقتلهم أمام الجماهير واللي ما يشتري يتفرج ، وكل هذا يحدث في البلاد وأكثر من ذلك وكأن الثورة الشبابية للتغيير قامت وتفجرت بالصومال وليس في اليمن ، بل وصل الأمر أن يُذل مصابين وجرحى الثورة وتقوم الحكومة بتجاهلهم وهم معتصمين على أبوابها وتهرب منهم بعقد إجتماعاتها في الحديدة ومن أراد من المصابين والجرحى حق العلاج فليتجه إلا أقرب طريق وهو الشريعة في المحاكم بعد أن نسي هؤلاء الوزراء أن وجودهم على كراسيهم هو بفضل هؤلاء الضحايا بعد الله سبحانه وتعالى والمفترض أن يكونوا تاجاً على رؤؤسنا جميعاً ، ورغم الثورة نرى أن كل وزير يعمل فقط لصالح حزبه وليس لأجل الوطن مع استمرار المماحكات بين الأحزاب فكل حزب يتهم الآخر بأنه المعرقل لعملية التسوية السياسية وقد شاركت جميع القنوات الفضائية الخاصة دون إستثناء في هذه الحرب الكونية الحزبية ولكن جهود كل منها لم تُثمر في أن تحيز على رضا عامة الشعب وقبولهم بأحزابها ناهيك عن النخبة من المثقفين والأكاديميين ، ووصل الأمر أن يناشد المواطنين بأنفسهم هذه القنوات ويطالبوها أن تتوقف عن نشر سمومها وأن تكف أذاها وبلاها عن البلاد فإذا سألت أي طفل يمني عن القنوات التي يصدق أخبارها ؟ سيضحك على كلامك وسيعطيك درساً مفصلاً عن كل قناة يمنية خاصة من يمولها وماهو حزبها وماهدفها وما هي الأخبار والفعاليات التي تغطيها وتعرضها دائماً وما هي التي لا تتطرق إلى ذكرها نهائياً وفي آخر خطبته الصغيرة ينصحك بأن تشاهد قناة فرنسا 24 أو الــ BBC لأن القنوات الإخبارية العربية أيضاً فقدت مصداقيتها في تناول أحداث وقضايا الشعوب لأن توجهها تحكمه سياسات الدول التابعة لها ، وأنا هنا أفتخر بهذا الطفل اليمني الذي أصبح دوناً عن أطفال العالم يخصص جزء من وقته في اللعب لمشاهدة مقتطفات من الأخبار اليمنية والعالمية وهو مستمتع بذلك بل ويعرف أسماء أغلب السياسيين اليمنيين ويهرول إليك مسرعاً ليخبرك أن هناك مقابلة لسياسي ما أو خبر عنه وأتعجب كثيراً عندما أتذكر إبني ذو الثمان سنوات عندما قال لي حين رآني أصيح بإستياء عند مشاهدتي بأحد القنوات ما يقوم به حزب ضد الآخر في بلادنا وما يحدث بينهما من مهاترات لعدم شعورهم بالمسئولية، قال لي بلسان البراءة : يا بابه لا تمرض نفسك ولا تتضايق هاذولاء بيبقوا على هذه الحالة ولا بيتفقوا مثل توم وجيري كل يوم لهم حلقة .

فبرغم أن هناك ثورة شبابية قامت في اليمن واحتفلنا هذا الأسبوع بمرور سنتين من عمرها إلا أن هؤلاء السياسيين المتحزبين لا يعطونها أي إهتمام سوى التبجح في وسائل الإعلام عن منجزاتها وأهمها التوافق والوئام بين مختلف الأحزاب وإلتفافهم جميعاً حول الوطن وهذا كله زيف وتضليل على هذا الشعب الذي إعتقدتنا أنه في يوم من الأيام سيتخلص من هذه العادة القبيحة وسيرمي بالمنافقين والمزايدين الذين يتحدثون بعكس ما على الواقع في مزبلة التاريخ بينما الحقيقة التي نراها هي أن الحقد وعدم الثقة بين الأحزاب لازالت موجودة إلى هذه اللحظة ولم يتغير فيها شيئ بل أن معدل الريبة والشك بينهم زاد وأرتفع بشكل جنوني في الآونة الأخيرة بينما معدل الإقتصاد والتنمية في البلاد إنخفض بالتبعية ، فلا تصدقوا يا إخوتي أن مبادرة مستوردة جاءت لنا من الخارج تستطيع أن تصلح القلوب والأوضاع طالما أن نية وإرادة أبناء هذا الوطن في الصلاح ليست موجودة ، ونتيجة ما ذكرته من إبداع الأحزاب السياسية في إثارة النزاعات وعدم قبول أحدهم بالآخر قام ملوك وأمراء دول الخليج المتسببين في خراب اليمن في السابق وفي الحاضر باستغلال هذه النزاعات ليحافظوا على نظام حكمهم الوراثي بإختزال الثورة الشبابية وإجهاضها وتحويلها إلى أزمة سياسية وذلك بإشغال البلاد لأطول فترة ممكنه بعقد مؤتمر للحوار الوطني تكون فيه الأحزاب هي المسمى الأبرز والحاضر بقوة في نفس الوقت الذي يحجم فيه الشباب ولا يكون لهم أي تواجد حقيقي وفعال لطرح رؤاهم التي ثاروا من أجل تحقيقها وتعمد أصحاب المنافرة الخليجية إدخال الشعب والأحزاب في دوامة مؤتمر الحوار وإشغال الجميع بجزيئاته وقد مر عليهم أكثر من عام وهم في أخذ ورد وتساؤلات من دخل اللجنة الفنية ومن خرج ومن سيمثل في المؤتمر وكم النسبة وكيف سيدار وما هي نقاطه وكم ميزانيته وكم مدته ومن سيشارك ومن أستبعد وما هي الضمانات و...إلخ وهذا كله قبل أن يجلس الجميع على طاولة الحوار فكيف بعد الجلوس ؟ وأصبح تفكير الجميع سياسيين و مثقفين وأكاديميين محصور بهذا المؤتمر بل أن الشباب الثوار الذين كآن همهم التغيير(360)درجة إلى الأفضل للأسف تم إدراجهم في لعبة البوكر وأصبح همهم الوحيد الآن تمثيلهم في مؤتمر الحوار وكذلك إهتم الخليجيين بعدم ظهور أي نتائج سريعة أو بوادر جيدة حققتها ثورة الشباب على الأقل في الوقت الراهن وحرصهم على بقاء أوضاع البلاد كما هي من جميع النواحي إن لم تكن إلى الأسوأ وخلق إحساس قوي عند اليمنيين أن وضعهم السابق أفضل من هذا بكثير ، ناهيك عن إتاحة الفرصة لتنفيذ المخططات العسكرية الأمريكية والخليجية داخل اليمن واستباحة أجواءه وأراضيه وقتل شبابه ومواطنيه دون أي اعتراض من أحد فترى الطائرات بدون طيار تحلق في السماء على مدار 24 ساعة وتقوم بالقصف والقتل دون حسيب أو رقيب عليها .

* سيدي رئيس الجمهورية : إننا نؤيد كل ما تفعله وتقوم به لأننا وضعنا ثقتنا بك وإننا متفائلين برئاستكم شخصياً لمؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي سيبدأ في 18 مارس 2013م ومتفاعلين لإنجاحه وخاصةً بعد وضعكم الرجل المناسب في المكان المناسب وإصداركم قرار تعيين الثائر المحنك الدكتور/ أحمد عوض بن مبارك ، أميناً عاماً لمؤتمر الحوار ونحمد الله سبحانه وتعالى على هذا الإختيار بعد أن كنا خائفين من إحتمال تعيينكم في هذا المكان إحدى الشخصيات المحنطة الكلاسيكية التي تعج بها اللجنة الفنية للحوار ، ولكني هنا أسجل تحفظي على عقد مؤتمر الحوار لأن نتائجه كما يقول الكثيرين معروفة مسبقاً بسبب عدم الإعداد الجيد له وعدم تجهيز أرض خصبة تساعد على إنجاحه فلماذا لم تقم الدولة بعمل أشياء تستطيع عملها قبل بدء الحوار كبوادر لإنجاحه مثل القيام بحل بعض القضايا الجنوبية كإعادة المسرحين إلى وظائفهم وإعادة الأراضي المنهوبة لأصحابها فعلياً وإقامة العدل الذي يعتبر أساس الحكم ولماذا لم تسلم إلى الآن المعسكرات والألوية التي أُلغيت مسمياتها بعد هيكلة الجيش وكل ما رأيناه هو مجرد حبر على ورق فقط ولم يطبق على أرض الواقع نهائياً،ولماذا أصبح الإعلام المرئي والمقروء يردد معادلة أنه للمحافظة على بقاء اليمن يشترط علينا نجاح مؤتمر الحوار الوطني ؟ فهل إرادة اليمنيين ومبادئهم وحبهم للوطن يبقى معلقاً بإتفاق مجموعة أشخاص أو بإختلافهم في ظل رؤيتنا لجهات مختلفة مشاركة في المؤتمر تهدد دائماً بإفشال الحوار قبل أن يبدأ إذا لم يتم تنفيذ مطالبها الحزبية الضيقة

** سيدي الرئيس في جميع دول الربيع العربي نلاحظ هذه الأيام خروج الثوار لمعارضة رؤساءهم والإعتراض على قراراتهم لأنهم فقدوا الثقة بتحقيق أهداف ثورتهم التي قاموا بها ، ولكننا في اليمن عكس ذلك تماماً فجميع الجماهير اليمنية تخرج إلى الشارع لتأييدك ودعم قراراتك التي تصدرها وتطلب المزيد منها ، بغض النظر عن تأييدك الخارجي من مجلس الأمن الدولي وجميع دول العالم خاصةً دول الخليج العربي ، وهذه ميزة لازلت تحظى بها دون الآخرين ويجب عليك المحافظة على بقائها بتحقيق جميع الأهداف التي ثار من أجلها الشباب وأن لا نصبح كالبغبغاوات ننفذ بالحرف والنص ما يريده الآخرين لصالحهم ونتجاهل ما ينفع لصالحنا رغم أننا مدركين له، وأهم ما في ذلك رفضنا إتخاذك للقرارات بعد مشاورات أومحاصصة حزبية وكأن الوطن كعكة يتم تقسيمها بين الأحزاب وأن يتم إنهاء ذلك كله بتشكيل حكومة كفاءات وطنية لتنمية البلاد بغض النظر عن الإتجاهات السياسية لوزرائها، والقيام بفرض سيادة الدولة والقانون على جميع أرض الوطن خاصةً بعد التنفيذ الفعلي لهيكلة وزارة الدفاع والداخلية والإلتفات جميعاً إلى تنمية البلاد والإنسان ورفع معدل الإقتصاد الوطني ومكافحة الفساد جدياً بجميع مرافق الدولة و........

وفي آخر المقال،،،نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم لأداء دوركم الهام والفعال في هذه المرحلة الفاصلة في حياة اليمنيين


في الخميس 14 فبراير-شباط 2013 01:30:30 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=19275