|
هيلين، حبيبتي
فيما بعد ستلاحظين أن الإسلام ربما كان رابع أشهر كلمة في العالم بعد " أوكيه، كوكاكوﻻ، كوفيي ."
ربما كانت اﻷرقام لديك اﻵن، حبيبتي، مختلفة .
راهناً تقول اﻹحصاءات إن عدد المسلمين 1 ، 7 مليار .
كان المغنون يسخرون من أمة المليار فأنجبت لهم ملياراً آخر .
لو سألت صديقاتك، بعد سنوات عديدة من اﻵن : ما هو الإسلام؟ لن تجدي إجابة دقيقة.
ما هو الإسلام يا هيلين؟
أما إذا أردت أن ﻻ تحصلي على أي إجابة ذات معنى فاكتبي هذا السؤال : ما معنى إسلامي؟
وعندما تقرئين للمثقفين العرب، وﻻ أظن أنها ستكون فكرة صائبة، فستجدين : الإسلامي .
دعينا نلعب هذه اللعبة الرياضية البسيطة على طريقة المختبرات العلمية :
سنقسم الإسلام إلى عقائد، عبادات، أخلاق، معاملات .
في عمود العقائد ظهرت الفرق الإسلامية : السنة والجماعة، المعتزلة، الشيعة، المرجئة، القرامطة، ... الخ
في عمود العبادات وقعت اختلافات بين الفرق نفسها، لكنها كانت أقل حدة من الاختلافات العقدية .
كلنا نصلي، كلنا نمسح اﻷحذية، كما قال أدونيس فيأغاني مهيار .1961
في عمود الأخلاق، النظام الأخلاقي لم تختلف الفرق الإسلامية ﻷنها لم تعن بهذا الموضوع الصميمي ولم تلحظ
مركزيته في الإسلام . بعد حوالي 600 عاما من وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم جاء الشاطبي ووضع أول معادلة رياضية ﻻكتشاف البعد الأخلاقي/ اﻹنساني في الإسلام.
أسمى معادلته : الكليات الخمس.
في العمود المتعلق بالمعاملات يحدث الاختلاف المعاصر .
المقصود بالمعاملات، صغيرتي :الفقه
المقصود بالفقه : القوانين .
ﻻ أنصحك بقراءة كتب الفقه .
كتب القانون أمور شديدة اﻻختصاص .
سأقول لك لماذا هي الصراعات الراهنة مثيرة للإستغراب .
يقول الإسلامي : ﻻ بد من تحكيم الشريعة .
هو ﻻ يعرف في الغالب الفرق بين الشريعة والقانون .
يقول العلماني المسلم :ﻻ لحكم الشريعة، رغم علمه بوجود القانون اﻻسﻼمي، اسمه الفقه .
هيلين، حبيبتي ..
في كتب الفقه، القانون، توجد قواعد وأسس لنظام قانوني .
نحن اﻵن بحاجة إلى أضعافها مئات المرات بمرجعية أخلاقية بحتة .
إذا قال المثقف العلماني : نعم هناك مجلدات عظيمة في الفقه، القانون .. إذا اعترف أن كتاب اﻷم للشافعي
يعادل ثلاثة أضعاف ما كتبه مونتسكيو، ونصف" المقاﻻت القانونية " التي اعتمد عليها الدستور اﻷميركي
وإذا اعترف الإسلامي أن الفقه الإسلامي يعاني من نقص حاد جداً رغم ضخامته، بفعل تحوﻻت الزمن
واﻻجتماع ودخول التكنولوجيا كفضاء جديد يغير العالم كل ثﻼث دقائق فإن هذه الصراعات الطفولية ستخف .
سيكتشف الإسلامي أنه فقط مسلم .
بينما سيجد العلماني نفسه مرتاح الضمير بعد أن انتصر في معركة لم تحدث .
نحن كعرب، يا هيلين، محاربون جيدون .
خارج الحرب نتعثر، نحس بالخوف أيضاً .
عندما أرادت وزارات التعليم في بلدانا أن تحول كتب المدرسة إلى مواد جاذبة كتبت عليها : سلاح الطالب .
وعندما عرضت الحكومة اليمنية، قبل زمن، على محافظة صعدة 250 منحة دراسية بعد حربها السادسة كانت استمارات التخصصات قد ملئت على هذا الشكل : طيران حربي، قيادة وأركان .
وعندما كتبت مقاﻻً مطوﻻً عن هذه الحادثة لم يلفت انتباه أحد .
في الأربعاء 19 يونيو-حزيران 2013 05:33:15 م