|
لعل المتابع بإنصاف ما يدور في الشارع المصري من أحداث وتطورات يومية، وحشود وصفها مراقبون بأنها الأضخم في تاريخ مصر سواء الموالية أم المعارضة وما صحبها من أخذ وعطاء بين الساسة يدرك جيدا أن الوسائل الانقلابية المغلفة بأغلفة ديمقراطية ما عادت مجدية اليوم ، ولامناص للخروج من حالة الانسداد السياسي والتطورات الميدانية التي تشهدها قاهرة المعز سوى الالتزام بالدستور وبوسائله الديمقراطية المكفولة لحرية الرأي والتعبير .
لأنه مقابل حشود التحرير المعارضة توجد حشود رابعة العدوية المؤيدة ، وأمام حركة تمرد تقف حركة تجرد وقبلها وجد البلاك بلوك لتوجد اللجان الشعبية في الأحياء والميادين وبنفس حدة تصريحات حمدين صباحي يرد القيادي الإخواني صفوت حجازي ،وفي وجه "العربية " السعودية المناوئة لمرسي تتصدى الجزيرة القطرية " الموالية له.
بالنظر إلى كل تلك المعطيات لا يمكن لأي عاقل منصف يريد لمصر وأهلها الخير تصور حل منطقي ومرضي للجميع لهذه الأزمة بالوسائل الذي تنتهجها معارضة مصر، كون كل الرهانات المذكورة آنفا سقطت ومن غير رجعة
وبالرغم من أني أُحمِّل المعارضة المسؤولية الرئيسية فيما آلت إليه الأوضاع ،وما صاحبها من أعمال عنف هنا وهناك أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى ، والتدهور المستمر في الاقتصاد الوطني المصري تأثراً بالوضع نتيجة لتوقف السياحة وهي المصدر الرئيس للموازنة العامة للدولة والرافد الأساس لاقتصادها ،فإن على الحكومة المصرية ممثلة برئيسها الدكتور مرسي تقديم مزيدا من التنازلات لا لشيء وإنما تغليبا للمصلحة الوطنية
وأنا وحينما حمَّلت المعارضة المسؤولية الرئيسية في ما آلت إليه الأوضاع في مصر الآن لم أكن لأبني قراري هذا انطلاقا من مواقف عاطفية تجاه هذا الطرف أو ذاك ،وإنما من حقائق على الأرض لا يختلف عليها الاثنين فهي – أي المعارضة – من قتلت وهي من أحرقت المقرات ،وهي من اقتحمت المساجد ،وهي بدل من أن تراهن على الشارع المصري صاحب السلطة ومصدرها وتحتكم إليه فيما تختلف فيه مع نظام لحكمٍ راهنت على الخارج التي ربطتها به مصالح مشتركة تمثلت في إسقاط مشروع إسلامي هو بالنسبة للغرب مصدر قلق.
وحتى لا نمر على يوم المعارضة المشهود يوم الـ 30 يونيو مرور الكرام يجب التأكيد أن القاهرة مع أهميتها ليست مصر وبالتالي من الإجحاف النظر من هذه الزاوية الضيقة والحكم على حشود من هي الأضخم بناء على القاهرة فالبرغم من أن حشد الموالاة كان ضخما ومنافسا إلى حد كبير لحشد المعارضة إلا أن القاهرة وكما هو معلوم للجميع هي مدينة المعارضة الأولى والوحيدة وفيها يوجد كل مناصريها كونها تقطن فيها أقليات الأقباط المعارضة وتتغلب على الإسلاميين فيها كما أظهرت نتائج الانتخابات الرئاسية مؤخرا غير باقي المدن حسبت للإسلاميين ومن هنا ليس من حق أبناء القاهرة مصادرة رأي بقية أبناء الوطن.
الآن وبعد أن سقطت ورقة 30 يونيو التي كانت المعارضة تراهن عليها في تحقيق أجندتها الأنانية وبالغت في حسبتها آن لها أن تعود لرشدها وأن تغلب مصلحة الوطن الذي يحتضن الجميع فوق مصالحها وأن تسخر طاقتها للبناء بعد أن سخرتها منذ صعود الرئيس مرسي إلى الحكم قبل عام للهدم آن لها أن تسهم بتلك الطاقات في بناء الوطن
صحيح لسنا المعنيين بدرجة رئيسية بما يدور في الشارع المصري وليس صوتنا بالمسموع والمؤثر في خارطة الأحداث لكنها ولمكانتها التأريخية تظل مصر هي الملهمة للأمة في أفراحها وأتراحها ، وتؤثر أحداثها بشكل أو بآخر على الوطن العربي بأسرة فقد انقسم الشارع اليمني باختلاف مكوناته وشرائحه من نخبة ومثقفين وعامة الناس بين الفريقين في صورة لا تكاد تختلف إلى حد بعيد عن الشارع المصري نفسه وبالتالي فإنه من المنطقي والمنطقي جدا الوقوف والتعاطي مع معطيات الشارع المصري كونه شأن عربي بامتياز يهم الجميع .
في الثلاثاء 02 يوليو-تموز 2013 05:03:50 م