نجمة الإنشاد العربي .. منشدة الأقصى ميس شلش
جبر صبر
جبر صبر

يطلق عليها لقب "منشدة الأقصى" ولقب "نجمة الإنشاد العربي" ومنذ أن كان عمرها 11 عاماً وهي تتضامن مع نضال شعبها الفلسطيني ضد العدو الإسرائيلي، وقضت مع شعبها بسلاحها الوحيد الذي تملكه "صوتها" الذي استطاعت به ومن خلال ألبوماتها الإنشادية الحماسية التي قدمتها وكان أولها "صوت الحرية" في الانتفاضة الأولى في العام 2000م أن تلهب حماس الشعب الفلسطيني وتدفع به إلى مقاومة العدو.. وقوفها مع شعبها لم يقتصر على إصدارها البومات إنشادية حماسية , فهي تتضامن مع شعبها من خلال المهرجانات الإنشادية التي تحييها لصالح الشعب الفلسطيني في أكثر من بلدة عربية وأجنبية وضمن رحلاتها النضالية مع شعبها كانت اليمن المحطة الأخيرة التي أحيت فيها مهرجانات دعماً لشعبها الفلسطيني.

وقد أتيحت لنا فرصة اللقاء بها ومقابلتها لمعرفة الكثير عنها وكانت الحصيلة التالية.

* باعتبار هذه أول زيارة لك لليمن.. ما هي انطباعاتك عن اليمن وأهلها؟

- هذه أول زيارة لي، إلا أنني مسرورة، والذي لفت نظري تعامل الشعب اليمني الذي أحسست منه حبهم للشعب الفلسطيني، وبدأ إحساسي بحبهم من المطار عندما كانوا يسألوني: من أين؟ فأخبرهم من فلسطين، فأحس بتغير في طباعهم وترحيبهم وودهم للشعب الفلسطيني، إضافة إلى أن الشعب اليمني شعب طيب جداً، وصراحة كنت أتمنى زيارة مناطق كثيرة في اليمن لأتعرف عليها كونها أول زيارة لي.. لكن أكثر شيء لفت نظري الشعب وتعامله..

* يطلق عليك لقب "منشدة الأقصى" فهل يعني ذلك أن إنشادك منحصر على الأقصى والقضية الفلسطينية وحسب؟

- لا طبعا.. صحيح أن بداياتي كانت رسالة خاصة أقدمها عن القضية الفلسطينية، لكن بعدها هناك أشياء أخرى، فديننا الإسلامي كل الناس تنظر إليه، وقد عملت ألبومات كثيرة سواء في السعودية أو دول أخرى ووصلت أيضاً اليمن، وهناك كثير "أشرطة" دينية نزلت لي.. وفعلاً أناشيدي محصورة على فلسطين.. لكن أيضاً أنا مسلمة ولا بد أن أخدم ديني.. إضافة إلى أني غنيت للعراق وأفغانستان ولكل الدول العربية التي تعيش المعاناة.

* تعتبري أول فتاة عربية منشدة دخلت في هذا المجال واشتهرت فيه.. ما السبب في ذلك؟

- يمكن لأني دخلت في هذا المجال وعمري صغير حوالي 11 عام، فأول شيء انجذبوا الناس كون طفلة تغني وصوتها صغير، والذي أغنيه أكبر من عمري، فالناس تفاعلت معي، ويمكن حبوني لأني أتعامل بطريقة متواضعة، والحمد لله لا يوجد عندي غرور، فأنا اجتماعية مع الناس.. وأيضا وصلت أناشيدي للناس من إحساسي، فالكلمات التي كنت أقدمها كتبها والدي "سعود طه" فوصلت إليهم.. لأن الناس كانت متعطشة وبحاجة لهذه الكلمات ومش قادرة تستغني عنها.

* قدمتي أعمال مع منشدين يمنيين مثل "أبتاه وتمهل" مع المنشد الطفل مالك الجابري وألحان المنشد أمين حاميم وكلمات ماجد الجبري.. فكيف وجدتي هذه التجربة؟

- أنا بصراحة عندما قدمتها لم أكن قد عرفتهم.. لكن فيما بعد عرفت أن الطفل الذي أنشد معي هو يمني، وهي من منشدين يمنيين.. وانطباعاتي لأكون صريحة لأني لم أعرفهم كنت مبسوطة وسعيدة إني أشارك لأنشد مع عرب وجنسيات أخرى.. لكن بصراحة إلى الآن ما شفت الطفل الذي أنشد معي.

* كيف تفسري عدم وجود فتيات منشدات في الوطن العربي رغم وجود منشدين شباب كُثُر جداً؟

- يمكن أن ذلك يعود لوجود عادات وتقاليد، لأن هناك ناس لا تقتنع أن البنت تغني، ولدينا انطباع من زمان أن صوت المرأة عورة.. فالناس ظلت هكذا.. عقولها مغلقة ما سألت عن ذلك، ولم تتابع البرامج الدينية والتي نزل في بعضها فتوى غير فتوى الشيخ القرضاوي ومشائخ آخرين في السعودية يفتون بجواز ذلك.. وحتى لو اقتنعوا بهذه الفتوى.. إلا أن العادات والتقاليد تتحكم فيهم.. لكن بالنسبة لي عندما سألت الشيخ يوسف القرضاوي عن ذلك وأخبرني بجوازها أحسست براحة.. وكان عندنا خلاف في العائلة والدي كان يريدني أواصل.. ووالدتي وإخواني قالوا: أنني كبرت وليس ضروري أكمل، وقد كنت مع والدي.. تنظر إلى والدتها وتضحك.. فبعد أن سألت الشيخ القرضاوي أنا مرتاحة.. ومثل أي بنت في آخر حياتها يكون لها حياتها الخاصة في هذه الحالة قد لا أستمر..

* طالما وقد أفتاك الشيخ القرضاوي بجواز ذلك.. هل وضع ضوابط للفتاة لهذا العمل؟

- أول هذه الضوابط.. الكلمات سواء كانت جهادية أو دينية فيكون لها هدف ورسالة توصلها للناس، وكذا اللباس المحتشم، وأيضاً أن لا يكون الهدف من ذلك الشهرة أو المال، لأنه إذا كان طلوعي من أجل شهرة، أكيد إنه حرام، غير أن الكلمات والأداء سيكون دون تأثير، وركز على أن المنشدة أثناء طلوعها للأداء لا يكون هناك ميوعه في الوقوف والإلقاء، وخاصة إذا ما كان العمل تقديم شيء وطني وديني وهناك أناس تبكي من ذلك.

* هل من عوائق أو حواجز تقف أمام ظهور فتاة منشدة؟ سواء عوامل معنوية أو مادية؟

- بالنسبة لي في الأردن لا يوجد عندي مشاكل لأن هناك استوديوهات وهناك أشخاص متمكنين من ذلك ويعرفوا يتعاملوا سواء بالكورال او حتى الشخص الفردي الذي ينشد قد يجيبوا له فرقة، فبذلك ليس عندي خلاف وإنما الخلاف قد يعود إلى الأهل أو لأنهم ليسوا سامعين فتوى معينة، أما الاستوديوهات فهناك انفتاح كبير كبير.. سواء في الأغاني الوطنية أو الدينية..

تقاطعها والدتها وتقول: الصراحة هناك عامل آخر مهم وهو عامل "الذكوري" نسميه سيطرة المنشدين على الساحة فلحظات كثيرة يعتبرون دخول الفتاة نوع من تعدي الحدود، فيعتبرون الفتاة تعدت حدودها ويحاربونها.. وهذا حقيقة نجدها مع كثير من المنشدين، وبعض من نقابلهم رائعين وكثير منهم منذ الوهلة الأولى يتخذون موقف.. وهذا ليس مع ابنتي وحسب، بل مع كثير من البنات المنشدات، يقولون أنتي خلاص مالك لزوم.

* بوجهة نظرك ما هي أهم العوامل المساعدة في تألق الأنشودة الإسلامية ومنشديها؟

- طبعاً أنا حكيت لك أن في الأساس اللكمات، فهناك منشد قد ينشد وصوته جميل لكن الكلمات ضعيفة فتحس أن الأنشودة ليست طبيعية، فالكلمات مع اللحن وأداء المنشد إذا كان هناك إحساس خاص ستصل للناس.. تقاطعها والدتها قائلة: وهناك حاجة بنعيشها كمان فهناك المد الديني، هذا اليوم واضح في الإسلام وفي الأمة العربية نلاحظه، هذا المد عامل مساعد، جعل الانشاد يستقطب الناس رجال ونساء أكثر من الأغاني الأخرى.. مثلا نقول هناك أناس بتنحرف، نجد الآن العكس أناس كثير يميلون إلى جانب الإنشاد الإنساني أو الوطني بشكل كبير جداً، وهذا سبب آخر، إضافة إلى الدور الكبير الذي يلعبه الإعلام كعامل أساسي في إبراز هذا المجال.

* هل من أشخاص وقفوا معك وشجعوك ودعموك في هذا المجال الإنشادي؟

- أكيد أهلي ويمكن بالأساس والدي شجعني، لأنه عاش بفلسطين ونحن لم نعش فيها ولم نشوفها.. فوالدي عاش فيها وكان يعطيني صور عنها، فهو شجعني وعرض علي في الانتفاضة الأولى في 2000م أن أخوض هذه التجربة طالما وأنا طفلة ولدي صوت جميل، وهو أيضاً لديه كلمات كان يكتبها مثل أناشيد "صوت الحرية" أول ألبوم كتبه، ولم يكتبها من فراغ وإنما كانت عندما يشاهد التلفزيون ويرى الصور فيتأثر نفسياً فيكتب الكلمات، وكان هناك أستوديو اسمه "نيوساوند" كان يبحث عن صوت صغير ولد أو بنت لعمل ألبوم أطفال، فعندما عرفوا عني، أخبرهم والدي أننا لن نعمل ألبوم أطفال، وإنما فيه ألبوم "صوت الحرية" لماذا لا نعمله؟، وكنا خائفين كثير من فشله كونها أول تجربة تقريباً في الوطن العربي.. لأن أول مرة تنشد بنت عمرها 11 سنة لوطنها وبكلمات أكبر من عمرها.. وقتها وافق الأستاذ سميح زريقات مدير شركة "نيوساوند"، ورغم وجود الخوف والحمد لله كان ألبوم صوت الحرية أكثر انتشاراً في الوطن العربي حتى أكثر من ألبوم "حق العودة" الذي نزل الآن والذي قبله، يمكن لأني كنت صغيره ولأن الناس كانوا أكثر حاجة ومتعطشين في ظل المعاناة، ولأن الألبوم صدر في بداية الانتفاضة وكان المواطنين يطلعون مظاهرات ويعودون فالألبوم خفف عنهم ذلك.

* لكل مبدع بداية، فهل لك أن تطلعينا على بداياتك؟

- البداية بالإضافة إلى ما سبق وذكرته، كان عمري 7 سنوات وكنت أقلد مغنين عاديين، وأنشد في حفلات خاصة بالعائلة فعرفني والدي ووالدتي، ومع بداية الانتفاضة وكان عمري 11 سنة شجعني والدي ومن حينها واصلت المسيرة بهذه الطريقة.

* هل لـ "ميس" من طموحات تبغي تحقيقها؟

- أكيد لي طموح كثيرة.. لكن الطموح الأكبر أن تكون آخر حفلاتي في فلسطين.

* كيف تقيمين نظرة المجتمع العربي إليك كفتاة منشدة؟

- هي تختلف من بلد إلى بلد، ففيه ناس يقولون حرام أن البنت تغني وصوت المرأة عورة وإذا كان فيكون أمام النساء فقط، وفيه ناس آخرين يقولون ما دام كلماتها هادفة والبنت في لباس محتشم، ما فيش مشكلة، وكما حكى الشيخ القرضاوي أنهم قالوا: إن البنت ينظرون إليها الشباب نظرة أخرى.. وحكى الشيخ القرضاوي أن الحسن حسن والقبيح قبيح, وإذا فيه أحد يريد ينظر لـ "ميس" أو حتى لقارئة القرآن كنظرة بنت مش كنظرة لأدائها فإنه سيكون مريض أصلاً سواء كانت تنشد أو تقرأ قرآن فإن نظرته إليها نفس النظرة، أما الإنسان الذي هو صحيح من الداخل فنظرته نظرة سليمة.

* ما اللون الإنشادي الذي تميلين إليه – فرائحي – جهادي – روحاني... الخ؟

- الصراحة.. اللون الذي أميل إليه وأنشده أكبر الجهادي، يمكن بحكم الارتباط أو لأني رأيت حالي في الأناشيد الحماسية الوطنية، صح أني أنشد أناشيد دينية أخرى كثيرة إلا أني وجدت نفسي منسجمة ومائلة جداً إلى الأناشيد الحماسية الوطنية وبكون سعدية جداً بها.

* نتمنى أن تطلعينا على جديد إنشادك وإصداراتك كلها وكذا مشاركاتك؟

- جديدي هو "حق العودة" وهو آخر شيء نزل، لأني كنت في آخر سنة ثانوية وما استطعت أعمل بعده، وسافرت على الجزائر والمغرب وعملت مهرجانات دعماً للشعب الفلسطيني، وأنا اليوم أشارك في اليمن وأيضا شاركت ببريطانيا ومصر وقطر.

أما الإصدارات فهي "صوت الحرية – أسطورة جنين – عرس الوطن – يا جبل ما يهزك ريح- رجال الوطن- حق العودة – يا طيبة – يا مكة – يا أقصى" وأناشيد كثيرة لا أذكرها سواء فردية أو مع المنشدين.

* هل تحيي حفلات أعراس؟

- لا أبداً..

* لماذا؟

- سبحان الله.. مش مقتنعة بهذه الفكرة نهائياً، كثير ناس عرضوا علي لكني لست مقتنعة أغني بأعراس نهائياً.

* ولا حتى لنساء خاص؟

- لا لا أبداً لست مقتنعة، أناشيدي جهادي إنساني وكذا للأطفال للتعلم فقط.. لأني بحس حالي كذا فقط..

* ما هو أكثر ألبوم قدمتيه من الأعماق ولا زال له أثر في نفسك؟

- طبعاً فيه كثير.. لكن أكثر شيء أول ألبوم لي "صوت الحرية" والتي كان لها أثر أنشودة "يا ولدي راح – من جرح الأرض" هذه أكثر شيء تأثرت فيها، لكني مثل ما قلت لك ما كنت قادرة أفهم الأبعاد والموضوع الذي أنشد له.. صح إنها لوطني الذي عمري ما شفته لكن ما كنت متصورة الأهمية في الموضوع، لكن أكثر شيء أنشدته من كل قلبي ألبومي الأخير "حق العودة".

* كلمة أخيرة تودين قولها لأهل اليمن؟

- الشعب اليمني فعلاً أنا أكثر شعب حبيته من قبل أن آتي، وكان والدي حكى لي عنه، أنه لا تفاجأي فهو شعب رائع جداً وأن له أصدقاء، وحكى أنه شعب طيب جداً، وانبسطت جداً لتفاعلهم مع القضية الفلسطينية، وحسيت أني أعرفهم من زمان، وأتمنى من الله أن يديم الصحة والعافية لأهل اليمن.

أنا أعرف إن فيه كثير من الناس عندهم هموم كثيرة ومشاغل كثيرة في بالهم. فأدعي إن الله يهدئ بالهم ويحقق لهم كل أحلامهم..
 


في الأحد 02 سبتمبر-أيلول 2007 07:13:47 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=2455