من منع قناة الجزيره الى اطلاق سراح قياديين من تنظيم القاعده
د: عبدالله الشعيبي
د: عبدالله الشعيبي

مارب برس – خاص

تتسارع وتيرة الاحداث في اليمن وسط حيرة المراقبين والمتابعين للشأن اليمني ومن ثم استحالة التنبؤ بأي توقعات لمستقبل اليمن ... أستمرار اعتصامات وفعاليات المتقاعدين العسكريين والمدنيين واحزاب المعارضه وايضاً الجدل حول وجود قضية الجنوب من عدمها وطرح مطالب طبيعيه أرتكبت خلال اكثر من 13 سنه نتيجه ممارسات سياسيه خاطئه ومتعمده .

 لقد بات الشارع العام في اليمن وبالذات في الجنوب تغلي بصوره مرعبه ازعجت النظام اليمني وخلطت عليه اوراق اللعبه مما استدعته أي النظام الى استنفار كل قواه وإمكانياته المادية والسياسية والامنيه والعسكريه اظهرت للجميع أن الديمقراطيه اليمنيه مجرد سلعه للاستهلاك السياسي والاعلامي لمواجهة الخارج ... لقد ضاقت السلطه من فعاليات المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني بسبب التفاف الناس حول تلك الفعاليات وهو التفاف لم يحظى به الحزب الحاكم لو أنه لم يمتلك امكانيات السلطه الماديه والاداريه والامنيه والعسكريه .

 في 13 اكتوبر 2007م وقبلها في عدن والضالع وحضرموت اقدمت السلطه على قمع تلك الفعاليات وسقط عدد من القتلى والجرحى وزج بالعشرات في المعتقلات ... وخلال ذلك تم منع قناة الجزيره الفضائيه من نقل وبث وقائع بعض الفعاليات كما حدث في ردفان وحضرموت رغم توفر التصريح الامني لها من صنعاء لكن تصرف الاجهزه الامنيه في منع الجزيره من تأدية عملها يضع اليمن امام امتحان عسير في مادة الديمقراطيه واحترام الرأي والرأي الاخر ... وهنا أصبحت الديمقراطيه اليمنيه في الحضيض وتحتاج لأجراءات قاسيه حتى تعيد عوامل ومقومات تلك المصداقيه أمام الرأي العام المحلي والاقليمي والدولي .

 وزاد الطين بله دخول اليمن في عملية خلط اوراق اللعبه السياسيه وتشعباتها المحليه والاقليميه والدوليه وظهر ذلك من تلك الاخبار التي تحدثت عن أطلاق سراح عدد من المتهمين المرتبطين بتنظيم القاعده والعفو عنهم مثل البدوي وغيره رغم نفي صنعاء لذلك ... مثل هولاء المتهمين مطلوبين يمنياً وأقليمياً ودولياً لأرتكابهم جرائم جنائيه وسياسيه بمفهوم السياسه الخاصه بمكافحة الارهاب التي تتبناها امريكا ووجود تحالف امريكي يمني بهذا الخصوص ويعتبر البدوي متهماً بتفجير المدمره الامريكيه يو اس اس كول في ميناء عدن العام 2000م وباخرة النفط الفرنسيه في ساحل حضرموت العام 2003م .

 هولاء المتهمين محكوم عليهم يمنياً وهربوا من سجون عدن و أخرها من صنعاء في فبراير العام 2006م ... وبسبب ذلك اعربت امريكا عن اعتراضها على تلك الخطوات وعلقت بعض اجراءتها وخصوصاً الماليه ... كما هددت امريكا بأنها قد تحدث تغيير في التحالف الامريكي اليمني الخاص بمكافحة الارهاب ... بعد نفي اليمن لتلك الاخبار واعلانها انهم موقوفين وتحت التحقيق اعلنت امريكا عن ترقبها لما سيتم يمنياً ... ولا احد يعرف مدى حدود الغضب الامريكي على اليمن وتأثير ذلك على سياسة اليمن العامه وتأثيرها اقليمياً ودولياً !!!.

 تسارع الاحداث في اليمن احدثت ارباكات بالنسبه للمراقبين والمتابعين للشأن اليمني وقد تعجزهم عن التنبؤ بمستقبل اليمن وتشير التحليلات والتفسيرات المتوفره حتى اللحظه ألى ان دوافع اليمن من وراء ذلك قد يتم وفقاً لصفقه مشتركه بين الحكومه اليمنيه وتنظيم القاعده فرع اليمن يتم بموجبها العفو عن تلك العناصر مقابل استخدام تلك العناصر في مواجهة معارضيها وخصوصاً الجنوبيين الذين يرفعون مطالب سياسيه تحتوي على أعادة الاعتبار للجنوبيين كشركاء أساسيين في صناعة الوحده اليمنيه والذين تم أقصائهم نتيجة حرب 1994م خاصةً أن لعناصر القاعده دور فعال في ترجيح كفة الحرب لصالح النظام الحالي ومن حينها تعتبر تلك العناصر ان دورها في تلك الحرب يترتب على اساسه استحقاقات سياسيه لها لم تلتزم السلطه اليمنيه في تنفيذها مما استوجب بعدها الطلاق فيما بينهما ومن ثم المواجهه التي تفور احياناً وتخفت احياناً اخرى .

 رغم ان الجميع يعترف أن خيوط اللعبه أو كل الالعاب في يد الرئيس مما يجعل الحلول صعبه وقاسيه على مؤسسات النظام ... والرئيس يستخدم تلك الخيوط في اوقات الازمات ولكن تأثيرها يؤدي الى نتائج كارثيه ومؤلمه ... وللأ سف ان الرئيس بأستخدامه لتلك الخيوط يزيد الامور تعقيداً ... أذن الخوف يكمن في عودة سياسة التصفيات والاغتيالات تحت مبررات الثأر في الوقت الذي ينبغي على الجميع استخدام لغة العقل ... لغة الحوار والتنازلات التي تجنب البلد من كوارث مدمره بسبب العناد والمكابره السياسيه التي لاتخدم الا المصالح الذاتيه لمجموعه صغيره لم تستفيد من عبر ودروس التاريخ وسنوات حكمها الطويله .

لذا تبرز الاحداث وكأنها أنتاج يمني رسمي بحت أساسه ديمومة استمرارها في السلطه ...ولا اعتقد ان هناك خطوره في اعتماد لغة الحوار والجلوس على طاوله واحده ومن ثم مناقشة كل القضايا المثاره حالياً في الوقت الراهن ومهما كنت قساوتها .

 ثم أنه من حق أي فئه ان تعبر عن نفسها وطرحها على الرأي العام لمناقشتها بدلاً من رفضها وتخوين من يرفعها ... الازمات موجوده والحلول ممكنه لو صدقنا التفاعل معها ... والخوف أن يستمر العناد مما يتيح الفرص للتدخل الاجنبي وبالتالي نرفع شعارات ممجوجه تحت مسمى نظرية التفسير التأمري بينما نحن من نتأمر على بعضنا بعض ونساعد على خلخلة صفوفنا والدوائر الخارجيه وحدها هي المستفيده من خلخلة صفوفنا ونمني انفسنا دائماً أننا على حق بينما نحن على خطأ . نعم الاوراق اختلطت وأصبح الشارع العام على ادراك تام بأن المسؤوليه الاولى تقع على عاتق السلطه اليمنيه ... والقضيه الجنوبيه موجوده وستظل موجوده حتى لو هناك من يرفضها وكأنها بعبع وكابوس ولو أن هولاء يقولون أن رفضهم بعدم الاعتراف بها وبغيرها من القضايا ينطلق من حبهم للوطن فهذه مغالطه وتفرد وليس عشق وحب حقيقي للوطن لأن الحب الحقيقي للوطن هو في كيفية نتنازل من اجل الوطن ... وهناك للأسف من لايجيد تفسير القضيه الجنوبيه ولو أنطلاقاً من الدستور والاتفاقيات الرسميه والاعراف والقيم الوطنيه والحقوق الشرعيه المكفوله دولياً ونصوص الشرائع السماويه .

 وها نحن هنا نختم سطورنا هذه نعيد التذكير بما يحدث في السودان وطريقة تعامل الحكومه السودانيه معها على اساس الحوار والتنازل على حساب المصالح الخاصه بها وكل ذلك من أجل السودان الموحد ... كما نذكر بما حصل في تيمور وكوسوفو وكيف ألت فيها الاحداث ؟ ... دعونا نتأمل بعقل وبرزانه صادقه بدلاً من اساليب العنجهيه والقوه والمعانده .

 كاتب وباحث - بريطانيا

 


في الخميس 01 نوفمبر-تشرين الثاني 2007 08:49:13 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=2764