جرائم الفديو كليب
حمد عبدالله القميزي

لن يختلف عقلاء مجتمعنا في أن عدداً من القنوات الفضائية تبث برامج تخالف تعاليم ديننا الإسلامي وتراثنا الثقافي وعاداتنا العربية الأصيلة، نتج عنها العديد من الآثار السلبية ـ العقدية والفكرية والأخلاقية والأمنية والصحية ـ على أفراد المجتمع، وتأتي قنوات وبرامج الفيديو كليب العربي في مقدمة القنوات والبرامج التي أثرت سلباً على الكثير من أخلاق وقيم مجتمعنا، وأسهمت في نزع خلق الحياء من نفوس أبنائنا وبناتنا.

ويؤكد ذلك ما أشارت إليه الدراسات الإعلامية والاجتماعية من تأثير برامج وقنوات الفيديو كليب العربي على المجتمعات العربية، وإسهامها في نقل عادات المجتمعات الغربية وجعلها ذوقاً عاماً في المجتمع، وانجراف كثير من أبناء وبنات الدول العربية في مشاهدة تلك القنوات والبرامج، فقد أشارت نتائج دراسة ميدانية أعدتها جمعية رعاية الأحداث في دبي إلى أن قنوات ال ديو كليب تحتل قمة أولويات المشاهدة عند المراهقين من سن 14ـ16 سنة. وتوصلت دراسة قدمت إلى كلية الإعلام بجامعة القاهرة إلى أن أغاني الفيديو كليب التي يتم عرضها على القنوات الفضائية تقدم المرأة كمثير جنسي. كما حذرت دراسة علمية قدمت إلى قسم الإعلام بكلية الإعلام بجامعة المنيا من التأثيرات السلبية لانتشار أغاني الفيديو كليب في القنوات الفضائية العربية على الشباب والفتيات والأسرة في المجتمع العربي، معتبرة أن أغاني الفيديو كليب فن مستحدث متمرد على القوالب الكلاسيكية والمحلية والتراثية، وأشارت إلى أن 83% من أغاني الفيديو كليب ذات محتوى عاطفي، ويركز على العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة. ورصد الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر أكثر من 70 ألف حالة طلاق بسبب مطربات وفتيات الفيديو كليب اللاتي يظهرن شبه عاريات، وتشير الدراسة التي نشرت هذا الرصد إلى تزايد هذه النسب في كثير من الدول العربية. وأوضحت دراسة حديثة أن الفيديو كليب العربي يظهر المرأة العربية رخيصة ومثيرة، حيث ظهرت بملابس مثيرة مرتبطة بالسرير وقمصان النوم بنسبة 50% كما وصفت أغاني الفيديو كليب المرأة بالخيانة والقسوة بنسبة 43%، والرجل بالإيجابية بنسبة 66%، كما ركزت على مشاعر المرأة بنسبة 46%، وركزت على مناطق الإثارة في جسد المرأة بنسبة 43%، وقدم الفيديو كليب العربي المرأة العربية الفاعلة والإيجابية بنسبة صفر% وبتحليل 364 أغنية بثتها بعض القنوات بلغت نسبة اللقطات المثيرة 77%. وأشارت نتائج استبيان وزعته مجلة ولدي على 57 من الآباء والأمهات و 65 من الأبناء في كل من الكويت والسعودية والإمارات أن الأبناء من بين 3 إلى 18 عام يشاهدون الفيديو كليب، وأن 92.3% من الأبناء يتابعون باستمرار الفيديو كليب، و31% يشاهدونها لجمال المغني والمغنية والراقص والراقصة و 25% يتابعونها لما تحتويه من إثارة وتشويق، كما أثبتت دراسات علمية ميدانية أجريت في عدد من الدول العربية تأثير الفيديو كليب في ارتفاع نسبة العنوسة وازدياد حالات الطلاق في مجتمعاتنا العربية.

وفي المجتمع السعودي لا توجد دراسات خاصة ومتخصصة عن تأثير الفيديو كليب العربي على مجتمعنا ونسبة مشاهدته، إلا أن المتأمل في واقعنا يلحظ في السنوات الأخيرة ومع تزايد هذه القنوات ظهور العديد من المظاهر والسلوكيات الأخلاقية التي تتنافى مع تعاليمنا الدينية وعاداتنا الاجتماعية الأصيلة، وتخدش بل تمزق مبادئ خلق الحياء، ومن ذلك: تشبه عدد من شبابنا بالفتيات ومتابعة الموضة والأزياء متابعة تفوق متابعتهن لها، ورفع أصوات الموسيقى في الشوارع والأماكن العامة والتراقص عليها. وفي المقابل حسر عدد من الفتيات الحجاب عن وجوههن وشعورهن، ولبسن الثياب الضيقة والشفافة، وأطلقن بألسنتهن الكلمات والألفاظ التي تخدش الحياء، واختلطن بالرجال ورفعن أصواتهن وتشبهن بهم، وعاكسن الشباب وسمحن لهم بمعاكستهن. والمحزن المبكي أن يعتقد صغارنا من بنين وبنات وهم يشاهدون هذه القنوات والبرامج وفي ظل غياب التوعية والتوجيه أن تلك الممارسات والسلوكيات صحيحة أو في أقل أحوالها لا حرمة ولا عيب فيها، مما قد يدفع ـ أو دفع ـ بعضهم إلى تقليدها، ومع مرور الأيام ستصبح سلوكاً طبيعياً في حياتهم، وسيتغير كثير من مبادئ وقيم المجتمع، وعندها نندم ولن ينفع حينها الندم.

لذا فإن المسؤولية مشتركة، واستشعارها والتعاون في القيام بها وإدراك خطر وأثر هذه البرامج والقنوات هو الوسيلة الفاعلة في الوقوف أمام هجمتها التدميرية لقيمنا وأخلاقنا. ويمكن توضيح جزء من هذه المسؤولية والتعاون فيها على النحو التالي:

أولاً: أولياء الأمور من آباء وأمهات وقائمين على الأسر والبيوت، ومن مسؤوليتهم:

ـ تنمية الوازع الديني وخلق الحياء في نفوس أفراد أسرهم منذ الصغر، لأنه يغرس فيهم استشعار مراقبة الله تعالى والخوف منه، والمبادرة إلى فعل كل حسن وترك كل قبيح.

ـ عدم إدخال القنوات الفضائية التي تعرض هذا الفيديو كليب أو أي برامج منافية لخلق الحياء إلى بيوتهم.

ثانياً: إعلامنا السعودي بجميع صوره وأشكاله، ودوره كبير ومسؤوليته عظيمة في حماية قيم ومبادئ مجتمعنا، ومن ذلك:

ـ الثبات والاستمرار على سياسة إعلامنا الرشيد في عدم عرض برامج الفيديو كليب على شاشات قنواتنا السعودية.

ـ عدم نشر الأخبار والتقارير في إعلامنا ـ المرئي والمسموع والمقروء ـ عن برامج الفيديو كليب أو الفنانين والفنانات الذين يقدمونها.

ـ المساهمة بشكل فاعل في توعية أبناء الوطن بضرورة الالتزام بخلق الحياء، والابتعاد عن كل قول أو فعل يتنافى مع هذا الخلق.

ثالثاً: المؤسسات المجتمعية على اختلاف مجالاتها لها دور منشود في توعية أفراد المجتمع ومقاومة التأثيرات السلبية لبرامج وقنوات الفيديو كليب، وعلى سبيل المثال: نظمت جمعية توعية ورعاية الأحداث في دبي حملة توعوية تحت شعار "لا للفضائيات الهابطة".

رابعاً: عقلاء الوسط الفني الذين يدركون خطر مثل هذه البرامج والقنوات في تغيير قيم المجتمع ونزع خلق الحياء من النفوس، ثم الوقوع في منكرات الأخلاق التي حذر منها الدين والعلماء، ومن أدوارهم:

ـ النقد الإيجابي والمؤثر عبر وسائل الإعلام لتلك القنوات والبرامج والتحذير من مشاهدتها ومتابعتها.

ـ النصيحة الصادقة للفنانين والفنانات الذين يقدمون هذا النوع من الفيديو كليب، وكذلك المخرجين والقائمين على تلك القنوات.

أخيراً: لقد تجاوز كثير من برامج الفيديو كليب العربي خطوط الحياء والقيم وتعارض مع تعاليم ديننا وأثر في سلوكيات مجتمعنا ومما يدفعنا إلى العمل بجد للوقوف أمام تأثيراتها السلبية قول ربنا عز وجل "يا أيها الذين امنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وقول حبيبنا صلى الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".

* الوطن السعودية


في الأحد 16 ديسمبر-كانون الأول 2007 07:26:05 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=2996