هكذا ينهبون تأريخ الوطن
ريما الشامي
ريما الشامي

مأرب برس – خاص

أليس حراما أن تصير هذه البلاد بكل مافيها ومن فيها فيدا مباحا للنهب و السرقة والعبث ؟

أليس حراما ان يدمر تأريخ هذه البلاد و أن تنهب شواهد حضارتها بلا حساب على أيدي عصابات لا ترى امامها غير سرقة كل شئ يستطيعونه وفي متناول أيديهم ؟

الم يكفيهم نهب لقمة عيش هذا الشعب واقتصاد البلد و بتروله وثرواته ؟

 انظروا الى أين وصل مستوى الفساد والنهب الذي تعيشه البلاد الى أن يتجهوا للأجهاز على التأريخ و نهب الحضا رة وتدمير هوية وطن كان يدعى ذات زمن ببلاد السعيدة

لمصلحة من ؟

لمصلحة من نهب تأريخ الوطن وكنوزه الحضارية في بلد تخلت الدولة فيه عن واجباتها الدستورية ومهامه القانونية في الحفاظ على التأريخ و كنوز الحضارة واتجه المسئولون بدلا عن ذلك الى نهب وتدمير الأثار وتوفير الحماية لتهريبها والاتجار بها 

بالأمس سرقوا علنا وبدون حياء في مديرية السدة بمحافظة اب كنزا أثريا لحضارة سبأ وحمير يعادل في أهميته معبد الشمس في مأرب وكان هذا الموقع الأثري لولا تدميره ونهب محتوياته سيكشف حلقات مهمة من تأريخ اليمن وحضارة الأجداد التي خلدها بالذكر القران الكريم وانظروا الى مبرر السرقة والتدمير الذي تعرضت له أحد شواهد الحضارة اليمنية ان ذلك حدث بكل بساطة فقط من أجل نهب الذهب والمجوهرات التي وجدت الى جانب رفاة أحدى ملكات دولة حمير

من يحاسب من ؟

 اننا لسنا في العراق الذي دمرت شواهد حضاراته ومخزونه التأريخي على أيدي القوات الأمريكية ونهبت أثاره ومتاحفه فرق الموساد وأعوان المحتلين بل نحن في بلاد اليمن التي يتعرض تأريخها و حضارتها وهويتها الوطنية للنهب والعبث والمتاجرة بها ولكن ليس من قبل الامريكان وأعوانهم بل بواسطة من يفترض بهم دستوريا وقانونيا ان يكونوا المسؤلين عن حماية الشعب و حياته والحفاظ على تأريخه وهويته ، وجريمة نهب الموقع الأثري في محافظة اب التي جرت في يوم الأربعاء الموافق 16/01/2008 شاهد حال هذه البلاد المحكومة باللصوص والعصابات والمباح كل شئ فيها للنهب والفيد والتدمير وقد سارت هذه الجريمة باعتيادية جدا ومرت وكأن شيئا لم يكن لأن السرقة والنهب والعبث هو منهجية السلطة واليات الادارة التي تحكم بها بلاد السعيدة وبالتالي من سيحاسب من ؟ ، والا ما تجرأ مدير أثار اب ومسؤلي السلطة المحلية والأمنية على التعامل مع ذلك الموقع الأثري المكتشف بتلك العبثية واللامبالاة والاستهتار والنظر اليه كفيد وغنيمة ينبغي الظفر بأكبر قدر منها وترك البقية الباقية منها للعامة والجهلاء والنهابون الصغار الذين بدورهم أجهزوا على ماتبقى حتى أنهم عبثوا وكسروا تابوت الملكة الحميرية الخشبي وتركوا الموقع قاعا صفصفا.

لافرق بين نهب و أخر ؟

وببساطة جدا فان ذلك النهب والعبث والتدمير الذي كان ساحته ذلك الموقع الأثري في ظفار بمحافظة اب يحكي واقع حال هذه البلاد التي يلغى تأريخها وتتدمر حضارتها جنبا الى جنب مع تجويع أبنائها وافقارهم ونهب لقمة عيشهم على أيدي مسؤليها وسلطتها التي تحولت الى فرق عصابات كل مكون فيها ينهب ما تحت يده ويسرق ما فقي حدود سلطته واستطاعته حتى أنه لم يعد لديهم الوعي بالفروق مابين انواع السرقة والنهب فكل شئ طالما هو واقع تحت اليد اذن فهو فيد جائز سرقته ونهبه ولم يعد يعنيهم التمييزو الفرق بين ممارسة نهب مال عام وسرقة لقمة عيش و سرقة الأثار وتدمير كنوز الحضارة ، فيا هؤلاء انتبهوا نهبا عن نهب يفرق كثيرا ، وماذا بعد أيها النهابة لم تنهبوه وأي جرم لم تقترقوه حتى الان في حق هذا الشعب الذي تسلخونه عن وجوده ووأصالته وجذور حضارته

نهب حتى النهاية

ان هذا النهب المستمر والمنظم الذي يجري بشكل علني متواصل لتأريخ اليمن وحضارة بلاد السعيدة ليس أقل خطرا من سياسات التجويع والنهب والافقار التي تحكم بها البلد بل أن هذا النهب والتدمير للتأريخ والأثار يحمل معه اعظم المخاطر والكوارث فهو يلغي وجود شعبا بأكمله ويفصله عن مكوناته الحضارية ويجعله مجهول الهوية والوجود امام أمم الأرض و حضارات شعوبها وهو ما يحكم على هذا الوطن بالموت والاندثار من اجل حفنة ملايين من الريالات التي تذهب تذهب لأرصدة العصابات والنهابة الذين يتاجرون بحضارة وتأريخ ووجود شعب ووطن

في بلدان الدنيا تعمل السلطات الحاكمة على رعاية أثار اوطانها والاعتناء بشواهد حضارتها بل وتخلقها من العدم لانها تقدر قيمة شعوبها وتقدر أيضا ما تعنيه الحضارة والتأريخ من اعتبار انساني و قيم ايجابية بناءة لبلدانها على خارطة الوجود البشري وحتى في بلدان اخرى كحالنا تعيش شعوبها تحت وطاة الانظمة الفردية الاستبدادية لم يبلغ الفساد فيها الى درجة أن تتخلى السلطة عن واجباتها الدستورية والقانونية كدولة ازاء الحفاظ على معالم وشواهد حضارات بلدانها وأن تتحول الى الشراكة في التهريب والمتاجرة بالاثار كما هو حال اليمن

أما اليمن فهي بلاد مفتوحة لتهريب الأثار والمتاجرة بشواهد الحضارة الانسانية التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم تخليدا وتمجيدا لها فهذه مأرب حاضرة الدولة السبئية وأختها الجوف عاصمة المعينين تعدان اليوم من أهم مصارد تهريب الأثار وساحتان مقفلتان حصريا لتجارة الحضارة ، وكأن هاتين المنطقتين لا تنتميان لليمن ولم تكونا ذات زمن أهم حاضرتين في البلد حتى تعاقبان اليوم على دورهما الحضاري الغابر و تغيب الدولة نهائيا عنهما الا من باب تغذية الثأرات و تنشيط تجارة تهريب الأثارو الأسلحة الى جانب السيطرة على منابع النفط الذي لم تستفد منهم مأرب او غيرها ولا يعلم أحدا شيئا عن حساباته بحسب رئيس مجلس النواب السابق الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله

اندثار اليمن 

أليس من المعيب في حق أبناء اليمن ان تؤل حضارتهم العظيمة التي خلدها بالذكر القران الكريم الى الاندثار والمتاجرة بها حتى أنه لم يعد هناك شاهدا حضاريا منها يذكر اليمنيين بأمجاد الأباء والأجداد غير معبد الشمس ذوي الأعمدة السبعة في مأرب بينما مثلا الحضارة الفرعونية المصرية شواهدها ومعالمها قائمة وكأنها لازالت حية كما كانت في عصور الفراعنة وذكرها اليوم يملأ أفاق الدنيا والحكومة المصرية تخصص جزءا من موازنتها السنوية للعناية بالاثار الفرعونية ورعايتها وشراء واسترداد الأثار المهربة أثناء فترة الاحتلال البريطاني لمصر وفيما يفاخر أبناء مصر بأنهم يمتلكون رصيدا انسانيا وعلميا عمره 7000 سنة حضارة فبما نفاخر نحن اذن اهل اليمن هل نقول انه لا توجد لدينا دولة أصلا يفترض بها أن تحمي شعبها وحضارته عوضا عن أن تجوعه وتتخلى عن مسؤلياتها الدستورية ازائه في كل شئ وتترك البلد فوضى وعشوائية وساحة للفيد والنهب هل نبرر ونقول بأنه لاحضارة ولا وجود ولا حياة لنا أصلا لأن مسؤلينا سرقوا حضارتنا وتاجروا بأثارها بعد أن نهبوا لقمة عيشنا وتركوا وطننا مجاعة ومحرقة وساحة خراب 


في الإثنين 28 يناير-كانون الثاني 2008 08:23:51 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=3248