معا ضد الحرب الخامسة
ريما الشامي
ريما الشامي

مأرب برس – خاص

أربعة حروب عبثية متواصلة في صعدة ممولة تكلقتها من خزينة الدولة ودماء اليمنين لم تحصد غير خسائر بشرية ومادية ضخمة وانهيار لقيم السلم الاجتماعي وسيادة الفوضى وهذه الحروب التي تدور رحاها منذ العام 2004 بعيدا عن المؤسسات الدستورية لا يعلم الشعب اليمني شيئا عن أسبابها الحقيقية ولماذا تتوقف وتستأنف من جديد كل مرة خاصة في ظل نذر الحرب الخامسة التي تلوح مؤشراتها في الأفق هذه الأيام . 

صوملة اليمن . . لمصلحة من ؟

الحياة في صعدة هي مأساة إنسانية والآثار السلبية لهذه الحروب المتواصلة ستستمر الى مدى يعلمه الله وحده فهناك الاف الأسر المشردة والتعليم معطل والمدارس المغلقة منذ الحرب الأولى بلغ عددها 106 مدرسة والالاف من أبناء صعدة المفترض انهم يتوجهون للمدارس لتحصيل العلم لا يعرفون غير لغة القتل والحرب والدم و أطفال وصعدة وشبابها يعيشون حياتهم محرومون من حقوقهم الانسانية في التعليم في بيئة غير طبيعية معبأة بقيم الحروب والظلم والانتقام فلمصلحة من تنشئة أجيال متسلحة بقيم الحرب والانتقام والعصبية ؟

 ولمصلحة من صوملة البلد أو اعادة انتاج واستنساخ المأساة العراقية على أرض اليمن بالقوة في وقت أن بلدنا لا تمتلك أصلا معطيات وأبعاد الصراع العراقي أو الصومالي؟

 ان المحنة التي يعيشها أبناء صعدة طوال هذه الحروب المستمرة إنما تعكس واقع حياة هذا الشعب المنكوب الذي يستبد به حكما أسريا فرديا مطلقة يداه في نهب الثروة الوطنية وتجويع الشعب وتسخير الجيش ومقدرات البلد في شن الحروب الداخلية على المواطنين .

سلسلة حروب متواصلة تعيشها صعدة ليس لها ما يبررها إطلاقا غير الرغبة الشخصية في الانتقام وقرار فردي يشن هذه الحروب كل مرة خارج الدستور والقانون والمؤسسات الدستورية من أجل شرب دم كل من يرفض الظلم والطغيان والفساد ويعارض توريث الحكم ليكون أبناء صعدة عبرة لبقية أبناء الشعب اليمني اذ أنه بكل بساطه تسخر امكانيات البلد ويوجه الجيش ويستخدم التحريض الطائفي والمذهبي في شن الحروب الأولى والثانية والثالثة والرابعة على صعدة وينتظر أبناء صعدة قرار الحرب الخامسة التي ستكون نوعية واستثنائية كما تقول مؤشراتها الحالية .

هزيمة مشروع التوريث

كل ما تمتلكه السلطة من امكانيات وأدوات استخدمتها طيلة الأربعة الحروب الماضية غير أنها لم تستطع حسم المعركة وظلت تكرر دورات الحرب ولا تحصد غير الفشل رغم امكانياتها وخبراتها الطويلة في خلق الأزمات وصناعة الحروب الداخلية وحسمها دائما لصالحها أما لماذا لم تستطع تلك السياسات أن تؤتي ثمارها في صعدة فلأن الظلم طغى وزاد عن حده وتجاوز الطغيان كمال الافساد في الأرض لذا فان مشهد الحرب والاقتتال في صعدة يعبر في جانب مهم منه عن فشل سياسات استبداد الحكم الفردي وهزيمة مشروع التوريث الذي يريد العودة باليمن الى الحكم الملكي الأسري بفرض أسرة الصالح بديلا عن أسرة حميد الدين حتى وان ادعى الرئيس صالح بانه يشن هذه الحروب تحت يافطة مقاتلة الملكيين والدفاع عن النظام الجمهوري الا ان حقائقها تفضح مشروع التوريث وتكشف أن وراء هذه الحروب هي أجندة شخصية تستهدف النظام الجمهوري والا ما شنت بقرار فردي بعيدا عن الاحتكام للدستور والقانون كمرجعية للبلد سلطة ومجتمع ولعل هذه الحروب المتواصلة هي شاهد حال هذا الوطن الذي يتصرف في مصيره فرد كما يشاء في شن حروبه الشخصية بعيدا عن مؤسسات الدولة وخارج النظام الجمهوري .

ان الجيش لم يهزم في صعدة بل المهزوم هو مشروع التوريث الذي يريد الانقلاب على النظام الجمهوري واعادة البلد الى حكم أسرة كما كان حال اليمن قبل قيام ثورة 26 سبتمبر في عام 1962 التي قضت على حكم الفرد والأسرة واعادت السلطة والقرار للشعب .

ان المهزوم في حرب صعدة هو من يسخر امكانيات الدولة ويخرج عن مؤسساتها الدستورية ويستخدم التحريض المذهبي والطائفي ويوجه الجيش وكأنه مليشية خاصة به الى شن حروب داخلية ضد جزءا من أبناء الوطن بدلا عن الاحتكام للدستور والقانون .

 الحرب الخامسة هل تكون أهلية ؟

وهاهم قادة الحرب في صعدة بعد أن رأوا فشل أساليب التحريض الطائفي والزج بالجيش ضد المواطنين طيلة حروبهم العبثية السابقة يلجئون هذه المرة الى أسلوب أخر ويرسمون سيناريوهات جهنمية لتدشين الحرب الخامسة فهم يسعون الى تحويل مسارات حروبهم التقليدية الى جعلها هذه المرة لتكون حربا أهلية واقتتال داخلي بين أبناء صعدة وقبائلها وكذا ادخال قبائل من مناطق أخرى في الصراع لتكون النتائج فعالة وحاسمة وقد بدأ تنفيذ هذا المخطط على الأرض من خلال تنفيذ عمليات تصفيات جسدية واغتيالات لشخصيات مختلفة محسوبة على طرفي الحرب وخاصة المحسوبين الى جانب السلطة وتلبيس الاتهامات للطرف الأخر ويهدف هذا المخطط الى تأزيم الأمور وبث الثأرت وخلق الفتن في اطار التهيئة للحرب الخامسة وتوجيهها نحو الاقتتال الداخلي وقد طفت على السطح مؤخرا حالات قتل عديدة كشفت حقيقة هذا المخطط والطرف الذي يموله وينفذه ويدفع بذوي القتلى نحوالثأر والانتقام 

انه حقا من المأساوي أن تلجأ السلطة الى صوملة البلاد التي ظلت تهدد بها وتجر أبناء صعدة وقبائلها الى حروب ثأرات واقتتالات داخلية بعد فشل حروبها الماضية مع العلم أن هذا المخطط سيكون كارثي على الوطن كله وهل يمكن تصور أن هناك سلطة شرعية تحكم بلدها بواسطة تغذية الصراعات وخلق الحروب الأهلية بين أبناء البلد الواحد ؟

ان على أبناء صعدة أن يكونوا أكثر وعيا وادراكا بمخططات الاقتتال التي يراد لهم بأن يكونوا وقودها وان يحذروا من الدخول والانجرار وراء لعبة التصفيات التي بدأت تتسع حلقاتها يوما عن يوم والتي حتما ستجرهم الى الحرب الأهلية فيما سيقف جنرالات الحرب التي يخططون لها حاليا يتشفون بالكارثة التي ستئول اليها صعدة وأبنائها .

ان الاصرار على افشال الوساطة القطرية وتهجم جنرالات الحرب وأطراف متشددة في السلطة على اتفاقية الدوحة الثانية ووصفها بأنها انتقاص لهيبة الدولة واهانة للجيش رغم صياغتها بموافقة علي محسن الأحمر وحضوره توقيعها تأتي كتبريرات يقدمونها من أجل استمرارية الحرب وتدشين فصلها الخامس ولعل ما يجري على أرض الواقع في صعدة من تعنت ورفض لتنفيذ بنود الوساطة القطرية الى جانب تصعيد المواجهات والسير قدما في تنفيذ مخطط التصفيات كل ذلك يكشف مؤشرات الحرب القادمة والوجهة التي ستكون عليها ولكن الى الأن فالكرة في ملعب ابناء صعدة لافشال الحرب ومخططاتها ولعل أهم مايتوجب على أبناء صعدة في الظرف الراهن لتجنب حرب اقتتال داخلية لا تبقي ولا تذر هو الوعي بمخطط التصفيات وعدم الانخراط فيه    .
 

ان صعدة تبدو في هذه اللحظة أقرب الى الحرب الخامسة في ظل اصرار تجار الحروب والمستفيدين منها على افشال اتفاقية الدوحة الثانية وتجارب الحروب الماضية تكشف عن مدى استهتار السلطة وقادة حروبها بجهود الوساطات وكيفية تعاملها مع الوسطاء والاتفاقات التي توقعها وكيف استطاعت أن تحول الوساطات المختلفة الى ورقة من أوراق الحرب تستخدمها حينا في تهدئة مؤقتة وحينا في تدشين جولة حرب جديدة وثالثة في تحقيق انجاز ميداني على ساحة المعركة وهذه المرة يبدو ان الوساطة ستفضي الى حرب خامسة نوعية واستثنائية .

 الحروب ليست حلا

ان قضية الحرب في صعدة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن حل القضايا الوطنية لا يكون أبدا بواسطة القرار الفردي البعيد عن المؤسسات الدستورية والذي يستفرد بالقوة والجيش ومقدرات البلد ويسخرها في حروب داخلية هي حتما لا تحل أي مشكلة بل تعقدها وتحولها الى كوارث بل أن قضية صعدة وكل القضايا الوطنية يكون حلها في الاطار الوطني وبواسطة المؤسسات الدستورية وعبر قانون البلد الذي ينبغي على الجميع الاحتكام اليه سلطة ومواطنين بدلا عن القوة والقرارات الفردية واتهامات التخوين وادخال البلد في محارق الحروب الداخلية ومشاريع الصوملة  


في السبت 03 مايو 2008 05:10:41 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=3687