هيئة الفضيلة .. دعوة للحوار الوطني الجاد
احمد طه خليفة
احمد طه خليفة
مأرب برس - خاص

لم أعرف منذ سنين قضية أثيرت في بلدنا الحبيبة إلا وكان التعامل معها دائما بأسلوب الهجوم والهجوم المضاد..
لم نتعلم قيمة مبدأ الحوار وطرح القضايا للنقاش والجلوس على طاولة الفهم المتبادل للقضايا .. ويبدو أن قضية هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو مجلس الفضيلة أو أيا كانت التسمية واحدة من هذه القضايا لا تدار بشكل واع يتناسب مع تعاليم الشرع السمح أو حتى مع الفكر العقلاني الذي يدعيه البعض أيضا.. فبين اتهامات بالتفلت من الدين ونشر الفساد والرذيلة بل واتهامات بالردة إلى اتهامات بالعمالة والتعصب والتطرف واستخدام الريال الوهابي إلى من يتحدث عن التسامح الزيدي الشافعي والذي سيقضي عليه الفكر الحنبلي الدخيل !!
وأنا أتساءل بصوت مرتفع لعله يسمع من يريد السمع .. هل نحن بحاجة لهيئة الفضيلة هذه ؟ .. هل ستحل هذه الهيئة محل وزارات الداخلية والإرشاد والعدل وكل الجهات الرسمية ذات العلاقة؟ لماذا يرفض البعض وجودها ؟ هل لمن يطالبون بها ومن يرفضونها مآرب أخرى ؟ هل هل ؟؟؟؟
أقول ابتداء أنه ليس من حق أحد أن يرم غيره بالردة إلا إذا أظهر كفرا بواحا وجاهر به من دعوة للكفر أو الشرك وما يدور حولها ولم يسجل التاريخ الإسلامي حوادث حكم بالكفر لمجرد أن شيخ هنا أو هناك ممن لا يحق لهم الإفتاء أصلا لعدم كفاءتهم العلمية وعدم حملهم لشهادات علمية تثبت حقهم في الفتوى قد سمحوا لأنفسهم بتوزيع صكوك الإيمان والكفر على الناس .. هل الجامعات و المعاهد الدينية والمشرفين عليها ممن يحق لهم إصدار شهادات التخرج لنيل درجة المشيخة و.. إلا إذا كانوا مشائخ ميدانيين كما هو حال قادتنا الميدانيين المغاوير فهذا شيء آخر!!!! حتى عندما حكم على الحلاج بالموت عقدت له جلسات نقاش أشرف عليها كبار علماء المذاهب الأربعة في ذاك الزمن ومع ذلك تحرج علماء كثر من الخوض في أمر الحلاج وقالوا إن أمره الآن بين يدي الله فكيف يأتي هذا أو ذاك ويعطون أنفسهم الحق في اعتبار الردة في مخالفيهم؟؟
ونحن بحاجة ماسة حقيقة للفضيلة في حياتنا في الحكم في العمل في الفتاوى المتفجرة في وجوهنا ..نريد أعمالا تنشد الفضيلة وترجو رضا الله ولا ترجو تحقيق المآرب السياسية والانتخابية والضغط على طرف بمشاكل تثار فيه لتفريق المفرق وتمزيق الممزق أصلا.. نريد الفضيلة التي تراقب الحدود وتمنع تهريب الخمور التي يمارسها بعض الأشاوس وبناء المواخير التي تشرف عليها شخصيات مهمة في بلدنا أم أن هذا لا يُعرف ولايُرى .. نريد الفضيلة التي تعيد لليمينين أموالهم المنهوبة و وأراضيهم المغتصبة وتحافظ عليهم وعلى أعراضهم من الانتهاك والهزيمة التي تقود للرذيلة.. نريد أن يُقال للشعب والأمة هؤلاء موردو الخمور وهؤلاء هم القوادون الذين يبيعون كل شيء في هذا الوطن .. أليس ما يبث على قنوات الدولة من أخبار وبرامج سياسية هو مما خامر العقل ويجب وقفه حفاظا على هذا الشعب..
ثم مافائدة وجود وزارات الإرشاد والداخلية والعدل والتربية والتعليم والتعليم العالي وغيرها من الوزارات التي سُنت القوانين لوجودها في ظل وجود هيئة الفضيلة المقترحة؟؟ هل تم استشارة القانونيين والمتخصصين التربويين وغيرهم في فكرة الهيئة أم أن استغلال الفرصة والظرف هو المستشار الوحيد؟؟ أليست القوانين النافذة تجرم الرذيلة فلماذا لا تُفعل هذه القوانين في الفنادق الكبرى والشاليهات والمدن السياحية التي يعرفها الجميع ويغض الطرف عنها الجميع أيضا..
وعلى الطرف الآخر أليست الدعوة لإحياء قيم الفضية مما يقبله العقل ويدعو إليه الفكر السليم الذي يسعى لبناء أمة سوية.. لماذا هذه التشنجات التي تتحرك كلما كانت هناك دعوة من التيارات الإسلامية في وطننا المسلم ؟؟
أليس العقل يفترض أن نناقش القضايا المثارة هنا وهناك بشكل غير متحيز ولا متشنج ولا مسطح كذلك السطحي الذي كتب في احد الصحف عن الريال الوهابي أو العلاقة الممتازة بين الزيدية والشافعية وأنا أسأل هل يعرف هذا أو ذالك من هم الوهابية ومتى كانت العلاقة طيبة بين الزيدية والشافعية في اليمن؟؟ وللفائدة فالوهابية هي فرقة خارجية إباضية ظهرت في أوخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث الهجري في شمال أفريقيا ولقد أفتى علماء شمال أفريقيا والأندلس من أتباع المذهب المالكي و أتباع الأوزاعي بكفر ها وكفر مؤسسها عبدالوهاب بن عبدالرحمن بن رستم الخارجي الإباضي المتوفى سنة 205ه ولقد استخدم هذا المصطلح لإثارة الشبهات في دعوة محمد بن عبدالوهاب التي دعت لمواجه البدع على منهج ائمة اهل السنة والجماعة وخصوصا مذهب الإمام أحمد بن حنبل ولذلك من العيب في حق كل من يدعي أنه مفكر أو باحث أو كاتب عقلاني الاستمرار في استخدام هذا المصطلح.. ولم تكن العلاقة بين الزيدية والشافعية على وفاق إلا إذا وافق ذلك الحاكم والتاريخ يدعو الجميع للقراءة..
لماذا لا يسهم هؤلاء في صياغة الدعوة للفضيلة وبنفس الوقت مناقشة مخاوفهم من إساءة استخدام هذه الفضيلة ...
لعل من نافلة القول هنا أن الدولة الحديثة التي ارتضى الجميع العيش فيها يفترض أنها دولة مؤسسات وقوانين نافذة يجب تفعيلها واحترامها والعمل على تطبيقها على الجميع.. كما أن تفعيل قيم الفضيلة في المجتمع ضرورة يجب أن يعمل الجميع على وجودها وإحيائها وأظن أن مما يعين على ذلك التالي:
1- الدعوة لحوار وطني شامل لإحياء قيم الفضيلة في المجتمع.
2- تفعيل القوانين النافذة وتطبيقها بشفافية ومساواة تامة .
3- إنشاء مراكز لتأهيل الدعاة المؤهلين للقيام بواجب الدعوة على أسس سليمة وعقد دورات يشارك بها المفكرون والدعاة والتربويون وأصحاب العلاقة ويستفيد منها رجال الأمن والجيش والسياحة والإعلام وكل المهتمين في الوطن.
4- لا يسمح بالخطابة وإعطاء لقب الشيخ لأحد إلا لجهات رسمية تحمل على عاتقها مسؤولية ذلك بأمانة تامة.
والحوار ثم الحوار ثم الحوار هو وسيلتنا المثلى لمواجهة أي تحديات أو مشاكل تحيط بنا وبوطننا ولا نجعل الدين عرضة للحكم عليه كما يحكم على أي نظرية بسبب سوء تطبيقها فالدين أعلى وأشرف من أن يكون وسيلة تحقيق مآرب أخرى.. في انتظار آرائكم.. والله الموفق ..
asseraat.maktoobblog.com


في الأربعاء 09 يوليو-تموز 2008 02:57:12 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=3922