من لم يحبطه الزمن ........ أحبطه اليمن
دكتور/ عباس محمد العزب
دكتور/ عباس محمد العزب
عرف اليمن منذ عصور انه مقبرة للغزاة والمستعمرين ومن يريدون فرض الوصاية علية نعم مقبرة لكنها اليوم أصبحت مقبرة لكل المبدعين والشرفاء تصيبهم بالإحباط, ليس إحباطا لمن يريدون المساس بأمن البلد ليس إحباطا للإرهاب ليس إحباطا لدعاة التخريب ولكنه إحباطا لنخب المجتمع.
بعد سنوات من ألغربه بحلوها ومرها وان كان اغلبها علقم. نعم سنوات غربة وتعب من اجل التحصيل العلمي والعملي قضينا في دراستها ومضت أجمل سنوات العمر في هذا التحصيل وتكللت بفرحتنا بحصولنا على درجة الدكتوراه من جامعات وبلدان عديدة لكن ما لبثت هذه الفرحة ان قتلت عند أول معامله روتينيه سيئة وتعامل أسوأ تعقيدات إدارية وكأن من عاد إلى جامعته أتى من عالم آخر ووثائق مطلوبة للتسوية في قمة الغرابة ولا ينقص إلا طلب شهادة الميلاد والتحصين لإنهاء تلك المعاملة وكأنه إذلال مقصود للاكاديمين والمؤهلين . بعد أشهر من التعقيدات الإدارية تفاجأ بالأمور الأكثر تعقيد في وزارة المالية وتبدأ الأشهر العجاف والوعود الزائفة. أصبحت التسوية الأكاديمية في اليمن أشبه ما تكون بلعبة متاهات ما أن تخرج من مشكلة حتى تنزلق في مشكلة اكبر منها وتقف حيران أمام حائط محكم الإغلاق .
قرابة 300دكتور في الجامعات اليمنية عادوا إلى وطنهم تسبقهم الأمنيات والطموح ليقدمون عصارة خبرتهم العلمية والعملية ,و كثير منهم تركوا فرصا للعمل في الجامعات التي تخرجوا منها وانأ واحد منهم وكأن لسان الحال يقول كفانا غربة ومرحبا بالاستقرار وتعليم أبناء جلدتنا. نعم 300 دكتور أكاديمي يتقاضون مرتبات إيفاد ( 30-40 ألف ريال) لمدة سنه ومنهم من قارب على السنتين , كلهم كان لسان حالهم منذ سنه يقول نحن نعرف ان البلاد تمر بضائقة اقتصادية ونقطة تحول دعنا نتحمل قليلا حتى تستقر الأوضاع لكن المحزن ان هناك مئات الملايين تصرف تحت بنود ومسميات ما انزل الله بها من سلطان, كنا مثل الأبناء الذين يحرمون مستحقاتهم الضرورية ليبعثرها والدهم ويصرفها في غير مكانها و.... . بعد معاناة طويلة ووصول معاملتنا إلى البنك المركزي نفاجأ أنها تعثرت هناك بحجة أن المبالغ كبيره ولا يوجد سيولة نعم هذا هو جزاء صبرنا في كل هذه الأشهر العجاف تراكمت مستحقاتنا لديهم وبالنهاية أصبحت ثقيلة عليهم مهما كانت مبررات البنك فانه بإمكانهم صرفها إذا أرادوا ذلك.
نحن لسنا دعاة للفوضى والتخريب ولا نطالب بفك الارتباط ولا تغيير الحكومة ولا نطالب بمكافآت مالية ولكننا نطالب بحقوقنا الأساسية , مرتباتنا قوت أولادنا الذين تحملوا سنوات من الصبر والانتظار والغربة.هل ينتظرون منا تشكيل مليشيات أكاديمية او حراك الأكاديمي حتى يسمع صوتنا لان صناع القرار لا تلتقط أذانهم الأصوات إلا في مدى ذبذبات عالية جدا وخاصة تلك المصحوبة بأصوات المدافع والرشاشات.
قدرنا أن نعيش في بلد لا ينعم به غير المفسدون ويرون أن خدمة مصالحهم هي خدمة للوطن وكأننا كنا من قصدهم الشاعر بقوله ذو العقل يشقى بالنعيم بعقلة ### واخو الجهالة في الشقاوة ينعم.؟؟؟ فكيف تتوقع من المفسد أن يصلح وفاقد الشئ لا يعطيه ولا ترجو السماحة من بخيل فليس في النار للظمآن ماء . لذلك لا تسألني عن أسباب تقدم الغرب وتخلفنا نحن العرب فقد لخصها احد العلماء المبدعين العرب حين قال (الغرب ليسوا عباقرة ونحن لسنا أغبياء لكنهم يدعمون الفاشل حتى ينجح ونحن نحارب الناجح حتى يفشل) لقد عشنا هذه المقولة ولمسناها في بلدنا بل لقد أصبحت جزء من حياتنا اليومية. وطني أيها الأرمد تحفظك السماء**** أصبح الفاسد هو الكحال فأبشر بالعمى و ما زلنا نعيش في مساحة من التفاؤل والثقة بالله وسوف يظل الأمل الذي نستمد منه إكسير البقاء في وطن الفناء.
ونؤمن أن أحلك الساعات هي التي تأتي قبل الفجر وأننا تغلبنا على عراقيل وتحديات ومعوقات كثيرة في حياتنا و مشوارنا العلمي ولن نترك للإحباط أن يهزمنا حتى وان قيل من لم يحبطه الزمن..... أحبطه اليمن..
أستاذ آفات الصحة العامة المساعد
جامعة صنعاء


في الخميس 13 نوفمبر-تشرين الثاني 2014 01:27:26 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=40607