إهانات في قاموس الجمهورية والثورة
أحمد عايض
أحمد عايض
 

لم يعرف تاريخ اليمن الكم المرعب للإهانات واغتيال الكرامات كما حصل في العهد الأسود للحوثيين, فلم يسلم في ظل سيطرتهم أحد من أحرار هذا الوطن, ولم تشفع أمام وقاحاتهم مؤهلات علمية أو رتب عسكرية أو مقامات أكاديمية, سقطت من قواميسهم كل مقامات الاحترام للآخر إلا مقام التقديس للسلالة.

حتى طابور المغفلين الذين صفقوا يوماً لهم من باب التشفي ضد طرف أو مناصرة لطرف ما، لم يسلموا اليوم من دفع الفاتورة التي تأخرت بعض الوقت, حتى بات كل رافض لسياسة هذه العصابات ولو بقلبه متهماً وخائناً وعميلاً.

شبه يومياً نطالع أخبار مؤلمة تختزل في جراحها معاني قاتلة تكشف وراء مشاهدها وحشية تلك الجموع القادمة من الكهف التي خرجت عن معاني الإنسانية، دون مراعاتها لأي شخص طاعن في السن أو صاحب مقام.

كم من أكاديميين جامعيين شاهدناهم تحولوا إلى باعة متجولين وخبازين في مطاعم اليمن, مجبرين للوقوف في تلك المواضع حفاظاً على ماء وجوههم، وسداً لجوع ذويهم, بعد أن غلقت في وجوههم كل مصادر الدخل بسبب عمليات السلب والنهب التي مارسها مغول العصر وكهنة الكهف تحت مسميات المجهود الحربي.

قيادات عسكرية عليا شهد الآلاف منهم التشرد داخل الوطن وخارجه، وتحول البعض منهم إلى متسولين، وبعضهم يبحث عن ولائم العزاء أو الزفاف ليغترف بعضاً من بقايا تلك الأطعمة خلسة من الناس ليطعمها أولاده الجياع، كما نقل أحد قادة الجيش اليمني قبل أيام عن عميد سابق ساقه الفقر إلى ذلك الحال في العاصمة صنعاء، وروى تلك الحادثة لأحدهم ودموعه تسيل على خديه حزناً على مصير زميله الذي يعرفه حق المعرفة وكيف أصبح حاله في عهد الحاقدين.

وطالعنا قبل أيام صوراً لأحد أبناء مؤسسة الجيش في العاصمة صنعاء وهو يفتش بين بقايا القمامة عن ما يصلح للأكل في منظر تنكسر له ظهور الأحرار ويندى له جبين الغيارا، بسبب الذل والمهانة التي وصل إليها الشعب اليمني على يد هؤلاء اللصوص والقتلة.

سقط الآلاف من كرماء هذا الوطن في ساحات الحرية وجبهات النضال دفاعاً عن كرامتهم واستعادة لحريتهم، ووقفوا ضد طوفان الحقد والانتقام, ووقفوا سداً منيعاً أمام أطماع سوداء يقود جنونها سيد معتوه ومخلوع حاقد، وكلاهما يلهث وراء كرسي ليسوا أهلاً له.

رجال أعمال خسروا في خضم مسيرة هذه العصابات الحوثية حصيلة عمر من الكد والنضال بعضهم تجاوزت خسائرهم بالمليارات، وتوقفت مؤشرات النهوض لكل المشاريع اليتيمة التي حاول أرباب المال والأعمال الصعود بها للواجهة والحياة قبل الإنقلاب المشؤوم.

سيسجل التاريخ في اليمن مأساة الكرامة بكل تفاصيلها يوماً ما، وستعري روايات الضحايا سوءات كل الخونة من عسكريين وسياسيين وقفوا مع ذلك الكهنوت مقاتلين أو مناصرين, وسيدون التاريخ رواياته المؤلمة للأجيال القادمة وستوثق خيانات كل فرد تصدر واجهة الغدر لهذه الوطن أو تخفى تحت أي مسمى.

وسيدرك ذلك الطابور العميل للحقد والكهوف عاجلاً أم آجلاً أنهم بمواقفهم تلك قد نسفوا كل ماضيهم السياسي والعسكري, وتحولوا في نظر الأجيال القادمة إلى رموز للغدر والخيانة وأعداء للجمهورية والثورة.

وسيكتشف بقايا المغفلين في هذا الوطن عن فداحة مواقفهم التي وقفوها يوماً بحثاً عن مصلحة أو تسجيل موقف.

وسيبقى الأحرار في هذا الوطن هم من سترفع لهم رايات الكرامة والعرفان إجلالاً لمواقفهم الشريفة والشجاعة, دفاعاً واستبسالاً عن وأهداف الثورة ومبادئها.


في السبت 05 أغسطس-آب 2017 05:24:40 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=43138