عبدالله بن عبد العزيز ملك عربي يجاهد بذكاء من أجل وطنه وأمته
نجيب غلاب
نجيب غلاب
مأرب برس – خاص يرتبط فخامة الرئيس علي عبدالله صالح مع الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود بعلاقة صداقة عميقة على ما يبدو أنها تثير حفيظة الكثير، ومن يتابع رؤية الزعيمين سيجد أنها متقاربة على مستوى الخطوط العامة وهذا يفسر توافق البلدين في القضايا المصيرية للامة، وقد كان لهذه العلاقة الصادقة والمخلصة دورا ايجابيا في حسم الكثير من القضايا الحساسة، فالحدود مثلا ما كان لها ان تحسم لولا حكمة الزعيمين، والملاحظ أن العلاقة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية بلغت أفضل حالاتها في عهد الملك عبدالله الرجل العقلاني المدرك لمصالح بلاده ومصالح العرب ومازال تطور العلاقة يبشر بالخير وهي تتقدم كل يوم، ولم يكن تفاعل العربية السعودية مع كارثة السيول غريبا عليها في ظل قيادة الملك الإنسان، ونؤكد أن سخاء المملكة لمساعدة اليمن في معالجة الآثار الناتجة عن الكارثة سوف يعزز الصورة الإيجابية التي تحملها الذاكرة اليمنية للملك عبدالله وهذه المبادرة الإنسانية سوف تدعم عرى العلاقات الأخوية، ومن المؤكد أن مشاركة المملكة سوف يسهم في تغيير الصورة النمطية للمملكة التي يكررها البعض دون مراعاة للمصالح اليمنية. ولأن الصورة النمطية كما لاحظت مؤخرا حتى لدى نخبة مثقفة معتبرة مازالت تظهر بين الحين والآخر، جاءت فكرة هذه المقالة، فالبعض مازال مرتهن لأفك ار قديمة وغير مدرك للتغيرات التي تحدث في المملكة وتحدث في البيئة الإقليمية والعالمية، وهذه الأفكار النمطية غالبا ما تظهر عند توزيع بعض الغنائم أو عند بروز أي نزاعات مذهبية في اليمن، أو عند حدوث أزمات إقليمية، وأحيانا نتيجة صراع مصالح داخلية أو خارجية، سأحاول في هذه المقالة ان أقراء التغيرات التي تحدث في للمملكة من خلال تناول شخصية ملكها، وهي محاولة لتنوير الرأي العام اليمني في مسألة مهمة تتعلق بمصالح اليمن كدولة وكمجتمع، فالتهور الذي يبديه البعض دون مراعاة لمصالح الآخرين يعتبر قمة الأنانية فالمرء قد يشبع رغبته في النقد الجارح لكن هذا النقد غالبا ما يكون تأثيره سلبيا على مصالحنا ومجرد الإضرار بمصالح مغترب واحد فقط يعتبر انتهاك لحقوق الغير وعدم تقدير للمسئولية، وفي تصوري أن اليمن كلما تمكنت من فهم البيئة المحيطة كلما كنا أكثر قدرة على حماية مصالحنا الوطنية. بادئ ذي بدأ يمكن القول أنه كلما نمت الروح الوطنية في السعودية كلما أصبحت القومية محدد أساسي لدى صانع القرار ولدى عامة الشعب، ففي عهد الملك ينمو في المملكة جيل جديد منفتح على العالم ومنخرط فيه بثقة هذا الجيل الجديد يشعر بانتمائه العربي بقوة ولا عقد لديه ضد القومية العربية ولديه رؤية دينية متسامحة ومتحررة من ثقل التاريخ. فالشباب في المدن السعودية مثلا يضعوا صورة للملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود وبجوارها علم بلادهم تعبيرا عن اعتزازهم بالوطنية السعودية وفي جانب الصورة تظهر كلمتين "صقر العروبة"، وترمز الكلمتين إلى دور المملكة العربي وهي رمزية لها مدلول كبير، وفي الاحتفالات باليوم الوطني تمتلئ المدن بالشباب وقد لونوا سيارتهم باللون الأخضر يحملون صورة الملك وعلم بلادهم فرحين وهم يصرخون هذا ملك التواضع والنقاء والتسامح هذا صقر العروبة، أغلب هؤلاء الشباب يلبسون ثياب عصرية ولهم رؤية منفتحة على الشعوب العربية، والملاحظ أن تواجد العمالة الأجنبية ولد لديهم تعصب لجنسهم العربي وإحساس كبير بتميزهم عن الآخرين. وهذا التحول لصالح العروبة أيضا يحدث لدى الفئات التي أنهت مرحلتها الجامعية ولدى الفئات الأخرى الأكبر سنا، فمثلا كنت في الرياض بعد إعدام الشهيد صدام بشهر، حينها كان اعدم الشهيد مازال حديث المجالس، كان إعدامه جذوة من نار أشعلت الروح العربية في المملكة كان احد الشباب المنتمي لقوات الأمن يحدثني عن صدام العربي وعظمته "هذا شهيد العروبة شهيد الكرامة" وأضاف بألم: "كم نحن العرب أغبياء تركناه وحيدا فريسة لإطماع الامريكان الأوغاد والفرس الأنجاس"، "علينا أن نكون يدا واحده لمواجهة أعدائنا قبل أن يفترسنا الأعداء"، أما احد الجالسين فقد اقسم ان أخوه في ليلة قمرية من ليالي بادية نجد الشتوية قد رأي صدام في القمر وهو يلبس العقال العربي، وأضاف: "لقد أكد أصدقاء أخي الرؤية كانوا معه وقد سمعتهم بإذني أنهم رأوه"، ثم اخرج هاتفه الجوال واعرض صورة قال ان مجموعة من الشباب التقطوها في نفس الليلة. ومن يراقب المنتديات السعودية في الانترنت سيلاحظ نمو الروح القومية بسهولة.  لقد بلغ الخيال مبلغه لدى عرب الجزيرة من شدة ألمهم، وهذا يعبر عن إعزازهم لقيم العروبة وأحلامهم في النهوض العربي، في العهد الجديد للملك العربي لابد أن تلاحظ النزعة العربية تنمو بقوة في أوساط المثقفين وفي الصحافة وحتى لدى الأوساط الدينية المتشددة، بل أن بعض أعضاء الأسرة الحاكمة يبدون كقوميين متطرفين. لا غرابه ان تنمو النزعة العربية في عهد الملك عبدالله فالأسرة السعودية تنتمي إلى قبيلة عنزة وهي من أقوى القبائل المخلصة لهويتها العربية وأكثرها انتشارا في جزيرة العرب ولهم تواجد في بلاد الشام والعراق، وأخواله هم ذؤابة قبيلة شمر التي انتشرت بعد هجرتها من اليمن في الجزيرة العربية وخارجها، ولا غرابه على أبناء المملكة عروبتهم الطافحة بالعزة والكرامة فهم وإخوانهم اليمنيين أصل العرب وجزيرة العرب وامتداداتها في الشام والعراق وإفريقيا هي قلب العروبة وروحها، لقد تمكن عرب الجزيرة ان يبنوا أعظم حضارة عرفها التاريخ، وبإمكانهم ان يقودوا مسيرة العالم العربي هم وإخوانهم العرب في مصر وسوريا ويصبحوا عقل وقلب العالم الإسلامي، إنها لحظات تاريخية قادمة لا محالة ولن يصيبنا الواقع المزري باليأس. هذا النمو العربي في عهد الملك عبدالله نابع من حس صادق ورؤية إستراتيجية بعيدة المدى وإدراك واضح للمخاطر المحيطة بالأمة العربية وإسلامها المحاصر بالحقد الصهيوني، ومن يتابع مسيرة هذا الملك العربي سيجد أنه دوما يفخر بانتمائه العربي كأي عربي أصيل وعروبته مؤمنة لا ترى في العروبة معنى بلا إسلام، عروبة منفتحة متحررة من عقد الانغلاق والعنصرية، وربما هذا ما جعل اغلب التيارات الفكرية والسياسية في المملكة وفي المنطقة العربية قريبين من الملك وكثير من مفكري الأمة العقلاء ومن لديهم حس عربي عقلاني يدركون توجهات الملك ويدعمون سياساته. عندما تولى الملك أخرج الإصلاحيين من السجن كالدكتور العروبي أستاذي متروك الفالح، ورغم سياساته الجذرية الهادئة والمتزنة والمتدرجة في الداخل والخارج إلا أن الإسلاميين والمتشددين لا يختلفون معه كثيرا، وفي عهده برز تيار ليبرالي قوي وفاعل في المملكة وقد وجد الليبراليون فرصتهم للتعبير عن أفكارهم بحريه في عهد الملك عبدالله، ويمارسوا نقدا مؤلما لسياسات الدولة، بل أن هذا التيار يوجه نقدا جذريا في الصحافة السعودية والمنتديات المفتوحة للقوى التقليدية المتشددة ويطالب بإعادة تأسيس الدولة على قيم الإسلام القادر على استيعاب العصر حتى لا تموت المملكة في براثن الأفكار الميتة. العدو اللدود للملك ولمواطنيه هم مشوهي الإسلام ومخربي عقيدة الأمة ومهددي أمن أوطانهم الإرهابيين القتلة ومن يدعمهم بالمال والفكر، ونتيجة قناعته أن الإرهاب نتائجه هي تدمير الداخل وخدمة مصالح الآخرين فقد أعلن الحرب على الإرهاب بلا هوادة، واعتبره من المهددات الرئيسية للأمن القومي السعودي ولأمن العرب. مواجهة الإرهاب كانت بحاجة إلى إعادة الاعتبار للإسلام ولصورة المسلم لذا فإنه يقود حملة عالمية لعرض صورة الإسلام الصحيحة المحبة للسلام والقائمة على التسامح وقبول الآخر. ومن يتابع سياسة المملكة منذ الحادي عشر من سبتمبر سيجد ان سياساته كلها تحاول الجاهدة مواجهة الهجمة المتطرفة للمحافظين الجدد على الإسلام والمسلمين من خلال إستراتيجية متوازنة تركز على القيم المؤسسة للسلام، ومن خلال إتباع إستراتيجية توافقيه سلامية تتبنى الإصلاح والانفتاح والتعامل مع العصر بما يحمي الدين الإسلامي ويقوي من فاعليته العالمية كدين يدعو لخير الإنسانية وتعاونها. ومنذ أن تولى الحكم ركزت سياسة المملكة الخارجية بقوة على الجهود التي تخدم المصالح العربية وتحمي الإسلام من الهجمات الخارجية والداخلية، ففي القمة الإسلامية في مؤتمر مكة دعاء الملك إلى تطوير المجتمعات الإسلامية وتجاوز الخلافات ونبذ التطرف والتشدد والتوائم مع الخارج والانفتاح على الآخرين والاستفادة من خبراتهم بثقة ومسئولية وبما يخدم مصالح الدول الإسلامية ويخدم الدين وأكد على الإصلاح الداخلي وتوحيد الجهود في معالجة القضايا المصيرية للأمة كقضية فلسطين. يختلف البعض مع السعودية في سياستها خصوصا أصحاب النزوع الثوري الذين يؤكدون على ضرورة إعلان المواجهة مع العالم، بينما ترى المملكة أن التنمية هي المدخل الأساسي لنمو القوة وتمثل الحروب والنزاعات في المنطقة مؤثر سلبي على مصالح دول المنطقة لصالح الدول الكبرى لذلك فإن إستراتيجيته القائمة على التعاون والشراكة هي المدخل العملي لإخراج المنطقة من أزماتها. وهذا لا يعني أن المملكة لا تستطيع ان تتبنى خطاب ثوري عربي إسلامي في مواجهة الأعداء فلديها إمكانيات الفكر والتأثير لكن خبرتها الطويلة وتجربة المنطقة تؤكد ان التركيز على السلام هو المدخل الوحيد لنهوض العرب وامتلاكهم للقوة. تأتي مبادرة السلام في مؤتمر القمة ببيروت عام 2002م في سياق حماية الأمة من المخاطر الخارجية فالحرب على الإرهاب كانت تتحرك لضرب القضية الفلسطينية في العمق ورئيس وزراء إسرائيل واللوبي الصهيوني والمحافظين الجدد تحركهم إستراتيجية انتقامية لمواجهة العرب والإسلام، كانت المبادرة جزء من المعركة لكبح جماح التهور الإسرائيلي والأمريكي، لذا فقد رفضتها إسرائيل واحتلت الضفة وغزة، وتعاملت معها الولايات المتحدة ببرود، ورأى فيها الاتحاد الأوربي مخرج لأزمة المنطقة وقوة فعلية لمحاصرة التحرك الأمريكي لضرب العراق. لم يوافق المحافظين الجدد على المبادرة بشكل جدي إلا بعد أن وصلوا إلى قناعة أنهم في ورطة وان الفوضى لا تخدم مصالحهم، وأخيرا وافقت عليها إسرائيل والتي اعتبرتها في عهد شارون بأنها خطه سعودية لمحاصرة إسرائيل وتخفيف الهجمة الشرسة على العرب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. المملكة السعودية في عهد الملك كانت تتحرك بذكاء لتحسين صورتها وتنقية صورة الإسلام فالصهيونية والمحافظين الجدد استغلوا فعل الشرذمة الإرهابية في تشويه صورة الإسلام، وفرض مصالحهم على المنطقة بمنطق القوة والجبروت، وكانت جهود المملكة لتحقيق السلام في المنطقة وتخفيف التوتر وحل النزاعات في العراق وفلسطين ولبنان هدفها مواجهة التدخلات الأجنبية وتهدئة الغضب العربي لصالح البناء والتعمير وتأسيس القوة الفاعلة المرتكزة على القوة الداخلية بما يمكن العرب من بناء علاقات قائمة على الشراكة مع الخارج من مواقع قوية. وهنا يمكن القول أن الخلافات بين السعودية وإيران تقع في هذه النقطة ومن يتابع سيجد ان سياسات تفكيك مشاكل المنطقة وحلحلتها تواجهها إيران من خلف ستار وتعمل على إشعال الصراع في المنطقة العربية وبعث الصراع الطائفي لأن ذلك يسهم في اتجاه الشيعة نحوها، ورغم أن السعودية أرسلت وفد إلى إيران لمناقشة تدخلها وتخفيف النزعة الطائفية، إلا ان ايران غير قادرة على التوقف في ظل صراعها مع الولايات المتحدة، فالاستقرار في المجتمعات العربية قد يدفع واشنطن لضربها. ولمعرفة موقف السعودية من إيران سنجد أنها سياسة قائمة على التعاون والشراكة فقد تبنى الملك عبدالله سياسة الانفتاح والتعاون مع إيران ففي عهد خاتمي أنفحت المملكة على إيران وامتلأت السوق السعودية بالمنتجات الإيرانية، ومازالت المملكة رغم سيطرت المحافظين على الحكم في طهران وتدخلها في الشئون العربية الداخلية تلعب دورا قويا في مناهضة التوجهات التي تجر المنطقة إلى الصراعات، وسياسات المملكة التي يفسرها المتشيعون لإيران بأنها عدائيه هي ردة فعل طبيعية لتدخل إيران وفق مسارات إستراتيجية مناهضة لإستراتيجية المملكة وهذا أمر طبيعي لمن يفهم الطبيعة الجيوستراتيجية للمنطقة فأي تدخل إيراني لزرع الخلافات والنزعات في المجتمعات العربية ومحاولة الهيمنة على المنطقة يؤثر كثيرا على مصالح المملكة وعلى مصالح العرب. من يتابع سياسات الدول والحركات التي انجرت خلف إيران سيجد مؤخرا أنها تتحرك في اتجاهات الإستراتيجية السعودية، ويلعب حلفاء السعودية في المنطقة دورا فاعلا في ذلك كتركيا ومصر، فسوريا حاليا تتجه نحو السلام عبر الوسيط التركي والساحة الفلسطينية تسير نحو التهدئة عبر مصر، والساحة العراقية تعمل على بناء التوافق، كما ان لبنان قاب قوسين أو أدنى من الاتفاق، وهذا التحول يثبت صحة الرؤية السعودية ويصب لصالح رؤيتها وجهودها الظاهرة والخفية بالتعاون مع الدول العربية. ويتحرك الملك لتحقيق رؤيته بنشاط خارجي متزن وعاقل ففي الفترة الماضية التقاء بالمرجعية المسيحية الأولى في العالم بابا الفاتكان وأوضح له إن الإسلام يريد ان يبني علاقة صادقة مع الآخرين قائمة على التعاون وتحقيق السلام والأمن العالمي وعلى تقوية عرى العلاقات القائمة على الحوار بين الديانات والثقافات الأخرى وأكد ان المسلمين يعانوا من الإرهاب مثلهم مثل غيرهم من شعوب العالم. وقبل شهرين جمع الملك علماء العالم الإسلامي وخرجوا بوثيقة مكة للحوار مع الديانات والمذهب الفكرية المختلفة، وبعدها اجتمع في مدريد علماء ومفكرين من جميع الثقافات والديانات الأساسية والمذاهب الفكرية في الكرة الأرضية وخرج الجميع بوثيقة عالمية تؤسس للقيم الإنسانية المشتركة بين أعضاء البشرية، وهذه النشاط ونتائجه استطاع الملك من خلاله ان يثبت للعالم أن الإسلام قوة حضارية قادرة على صناعة السلام الحقيقي المنزه عن المصالح المادية الأنانية التي تحرك الآخرين كالمحافظين الجدد. وعلى المستوى الداخلي يقود الملك حملة لتعمير الوطنية السعودية فمثلا قام الملك بزيارة المناطق الشيعية أكثر من مرة والتقاء بزعمائهم واستمع إليهم وأكد لهم أن المواطنة المتساوية هي روح عهده، وفي عهده تمكن العديد منهم من تولي مناصب عليا في الدولة كمجلس الشورى وكسفراء ..الخ، ولمواجهة التطرف في الوسط الاجتماعي جمع العديد من علماء الأمة من المملكة وخارجها وأصدروا فتوى ان الشيعة الاثنى عشرية مسلمين ولا يجوز تكفيرهم، وهذه الفتوى في تصوري كانت ثورة حقيقية في ظل هيمنة التقليدية السلفية التي لها قوة اجتماعية لا يستهان بها في المملكة، وهذه الفتوى هي القوة التي تمكنه من منح مواطنيه الشيعة حقوق المواطنة الكاملة، كما أن هدفها الأهم هو تخفيف النزعة الطائفية في المنطقة العربية لأنها تتناقض كليا مع مصالح العرب ومدخل لتفجير المنطقة لصالح الأعداء. وفي عهده تطورت مؤسسات الدولة في اتجاهات إصلاحية واضحة من دور مجلس الشورى إلى الانتخابات البلدية إلى هيئة البيعة، وفتح المجال أمام قوى المجتمع المدني لتعبر عن نفسها وفتحت الأبواب أمام الصحافة لنقد الأوضاع الداخلية كما ان الكثير من المنتديات في الشبكة العنكبوتية تمارس دورها في النقد حتى للملك ولأعضاء الأسرة الحاكمة دون ان يتم أغلقها. ومثل الحوار الوطني وإنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني قوة إيجابية لتحقيق السلم الاجتماعي وتحريك الركود الفكري ومثلت لقاءاته مدخل لإحداث أصلاح ديني وفكري وثقافي، وفي الحوارات تم مناقشة القضايا الوطنية المختلفة من قبل كافة التيارات المختلفة في المملكة وبرزت الرؤى المتعددة، ومن خلال اللقاءات المرثونية أراد الملك ان يؤسس لمسألة التعددية وقبول الآخر وقيم التسامح وتأسيس الوطنية السعودية على معايير حديثة وأيضا محاصرة الرؤى التقليدية التي تعيق التحولات وتخنق الإسلام في آفاق ضيقة تضعف شرعية الدولة ولا تخدم الإسلام في صناعة الحياة المعاصرة. وما يميز شخصية الملك انه منفتح على كل الاتجاهات الوطنية السعودية وقد استطاع ان يبني ويحيط نفسه بنخبة سعودية متميزة لها باع طويل في النضال من أجل تأسيس الدولة السعودية وهؤلاء وطنيون لهم أفكارهم القومية والليبرالية والإسلامية ويمكن القول أن تأسيس الملك عبدالله للمهرجان الوطني للتراث والثقافة الذي ينظّمه الحرس الوطني والذي يوليه الملك كامل الرعاية والاهتمام والذي دشن في عام 1405هـ يمثل قوة مؤثرة في خدمة التحولات حيث يلتقي سنويا مع المثقفين السعوديين أبرز علماء الأمة ومفكريها ويلتقي الجميع مع مثقفين عالميين وقد أسهم مهرجان الجنادرية في حدوث تلاقح للأفكار وأسس لحوار عربي وعالمي تبرز بعض ملامحه في الرؤية العقلانية الملك العربي عبدالله بن عبد العزيز. يقول أحد الكتاب العرب واصفا الملك عبدالله: "يميل الملك عبدالله طبعاً، لا تطبّعا، إلى البساطة في العيش، فهو يرى نفسه دائماً بين البسطاء من الناس، لا يعرف الكبر، أو التعالي إلى قلبه طريقاً، طاهر النفس، متسام مع مكارم الأخلاق، يتعامل مع الآخرين بكل رحابة صدر، فينصت لمحدثّه بكل هدوء، فيوحي له بالاطمئنان. إن تحدّث أوجز، وإن قال فعل. سلوكه إحقاق الحق، ومناجزة الباطل. وهذه الخصائص الذاتيّة هي الّتي أهّلته لأن يتحمّل الدور الكبير الذي يقوم به الآن."
في السبت 01 نوفمبر-تشرين الثاني 2008 10:37:18 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=4370