عرب الخليج الحلقة الأضعف في الصراع الإيراني الأميركي
د . محمد صالح المسفر
د . محمد صالح المسفر
 

إذن، أعلنت الإدارة الأميركية،( المتغولة)، إدارة الرئيس دونالد ترامب، على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو سياستها تجاه إيران بعد إعلان انسحابها من الاتفاق النووي الموقع في 2015 مع مجموعة (5 + 1) وإيران، ودعا الوزير حلفاء أميركا للانضمام إلى الجهد الأميركي ضد إيران.

لقد أعلن رئيس الدبلوماسية الأميركية بومبيو عن الشروع في تنفيذ "أقسى عقوبات في التاريخ على إيران" لارغامها على تغيير سياساتها في الداخل والخارج وأشار بالاسم إلى حزب الله اللبناني وحركتي حماس والجهاد الاسلامي الفلسطينيتين، وكذلك حركة الحوثي في اليمن قائلا:

"إن هذه الحركات تتلقى دعما وتأييدا من إيران. لقد أكد بومبيو في خطابه المتلفز الذي استغرق عشرين دقيقة أن لبنان أصبح وطنا لحزب الله بفضل إيران، وكذلك إمداد النظام السوري السفاح بكل الوسائل، وعملت على تهجير ملايين من السوريين الذين أصبحوا يهددون أمن أوروبا".

وكذلك العبث بالعراق، ولم تسلم حركة طالبان الافغانية من الدعم الايراني كما جاء في خطاب الوزير، وقال ان إيران تدعم فيلق القدس الايراني بتنفيذ عمليات سرية داخل أوروبا، وتوفر مكانا آمنا لتنظيم القاعدة.

* * *

لقد ذكر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو اثنتي عشرة نقطة على إيران تنفيذها، البعض من تلك النقاط يدخل في نطاق السيادة وحق الدول في تسليح نفسها لردع أي عدوان خارجي عليها: "على إيران أن توقف تصنيع الصواريخ الباليستية" كما قال.

هذا المطلب يشكل صعوبة لدى القيادة الايرانية القبول به، لكنها سوف تساوم، وتطلب أميركا من إيران "أن تنهي أي دعم تقدمه لحزب الله اللبناني وحركتي حماس والجهاد الاسلامي الفلسطينيتين" وهنا قد تساوم إيران على حماس والجهاد لكن ليس من السهولة القبول بالتخلص من مدد ومساندة حزب الله اللبناني.

 

ولدى المواجهة مع حزب الله في لبنان، فالأمر سيقود إلى حرب أهلية لبنانية لن تبقي ولن تذر لان طرفي الحرب هذه يملكان سلاحا فتاكا وإرادة قتال منقطعة النظير، أعني هنا حزب الله واسرائيل، الى جانب قوى أخرى، مؤيدة لهذا الطرف أو ذاك.

تطلب الادارة الأميركية من إيران "عدم التدخل في الشأن العراقي، وسحب قواتها وخبرائها من سورية"، ولا أعتقد أن ذلك سيشكل عائقا أمام إيران. ففي العراق أنشبت أظفارها في النظام السياسي وشرعنة النظام الطائفي وستكون الغلبة للطائفة الشيعية المرتبطة عقائديا بايران.

فأي ادارة عراقية تتولى قيادة العراق في الاجل المنظور لن تخرج من تحت عباءة إيران، والأخيرة تدير العمل السياسي والاقتصادي والأمني في العراق عن بعد، لأن رجالها قد تثبتوا دستوريا في كل مفاصل الدولة.

أما في سورية، فلن تقاوم طهران الإرادة الأميركية وستخرج من القطر السوري، لكنها ستحصل على مزايا المنتصر ما لم يتم اسقاط النظام القائم في دمشق، ويحتاج اسقاط النظام السوري إلى توافق أميركي روسي.

وهنا ندخل في دائرة تقاسم النفوذ بين القوتين الاعظم، موسكو وواشنطن، والقادة العرب منشغلون في حصار بعضهم بعض والتسابق نحو الحضن الصهيوني.

 

* * *

مشكلة الحوثيين والحرب في اليمن واستمرارها لاكثر من سنوات ثلاث ليس بفعل المدد الايراني للحوثيين، ولكن لضعف قوى التحالف الذي تقوده السعودية، واختلاف أهداف كل من الرياض وأبو ظبي.

فالرياض مشكلتها في اليمن أمنية وتريد بقاء اليمن على حالة من التخلف والتبعية كي لا يشكل أي قوة بأي حال من الأحوال في خاصرة الدولة السعودية الجنوبية.

والكاتب يرى عكس ذلك التوجه، إذ إن تقدم اليمن ورفاهة شعبه واستقراره يوفر للدولة السعودية مجالا رحبا للاستثمار بكل أبعاده في اليمن، ويوفر لها يدا عاملة متمكنة وليست غريبة عن المجتمع السعودي وعاداته وتقاليده، كما يوفر لها الامن والاستقرار.

أما ابوظبي فان هدفها من الحرب في اليمن أخذ يتجه مؤخرا إلى توسيع المجال الحيوي لدولة الامارات، تمثل ذلك في الهيمنة على الموانئ اليمنية المطلة على البحر الاحمر والبحر العربي وخليج عدن.

وامتد مؤخرا الى القرن الافريقي والصومال وجيبوتي وارتريا وحتى ارخبيل سقطرى، وهذا لا جدال سيدخل المنطقة في صراع بين الرياض وابوظبي في القريب العاجل.

 

فلا يمكن ان تعمل السعودية على احتواء اليمن بكل الوسائل وتترك الامارات تتمدد بكل قوتها العسكرية والمالية في اليمن برا وبحرا، ويجب أن يلاحظ القارئ ان كلا من الدولتين الامارات والسعودية يعتقد كل منهما بانه الأقوى عسكريا وماليا في المنطقة.

فالأمير محمد بن سلمان قال في أحدى مداخلاته المتلفزة ان السعودية لديها " خامس جيش في العالم " والأهل في الامارات يقولون إنهم " يملكون أقوى قوة عسكرية ضاربة في منطقة الخليج، ومن هنا نبدأ في رصد أفق الصراع القادم بين السعودية والامارات انطلاقا من اليمن.

التحالف السعودي الاماراتي المصري في اليمن بكل قوته العسكرية البشرية والتسليحية والقوة النارية لم يستطيعوا بعد مرور ثلاث سنوات على الحرب في اليمن من الانتصار على مجموعة من جيش الحوثي حافي الاقدام وينحون باللائمة على ايران التي يقولون انها تزود الحوثي بالسلاح.

والحق أن السبب الجوهري في ذلك ليس مدد ايران وحده وانما غياب الرؤية الواضحة عند قوى التحالف وضيق الافق السياسي، ولعل هناك منهم مستفيدون من استمرار الحرب، وإلا كيف لا يستطيعون هزيمة الحوثي وأميركا تعينهم لوجستيا في تلك الحرب كما تقول صحافتهم الغراء!

 

* * *

مجلس التعاون، أو إن شئت مجلس التهاون، سيكون الخاسر الاكبر في اي صراع يحدث بين ايران والولايات المتحدة الأميركية، ايا كان نوع ذلك الصراع.

القيادات الخليجية يتربص بعضهم ببعض وعلى قمة هرم ذلك التربص الحصار الذي تفرضه ثلاث دول ونصف على قطر.

استنزفت الادارة الأميركية الارصدة المالىة لدول الخليج لانهم مختلفون والكل يدفع لتحريض أميركا على الوقيعة بقطر وأميركا تقول هل من مزيد.

آخر القول: تصور عزيزي القارئ لو كان قادة الخليج متحدين متفاهمين يشد بعضهم أزر بعض هلى تستطيع أي قوة في الأرض المساس بهم وبما يملكون.. أشك في ذلك.

* د. محمد صالح المسفر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر.

المصدر | الشرق القطرية


في الأحد 27 مايو 2018 02:13:31 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=43702