|
حين نشب الخلاف ووصل إلى ذروته بين الرئيس الراحل صالح والشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر، تلقيت مكالمة من الأخ/ عبده بورجي، يبلغني أنه بناءً على توجيه الرئيس صالح، أرسل لي مادة مهمة يجب أن ننشرها كمحرر سياسي في صحيفة "أخبار اليوم". انتهت المكالمة، ذهبت إلى جهاز الفاكس، وجدت فعلاً مادة مكونة من أربع صفحات، حين قرأت سطورها الأولى، صدمت وتفاجأت، وذهب بي خيالي إلى أن البلد قادمة على أزمة سياسية غير عادية لن يستفيد منها سوى أعداء النظام الجمهوري بكل أشكالهم..
عاود الأخ عبده بورجي الاتصال بي، قائلاً: وصلت المادة..؟ وهنا تم بيننا هذا الحوار.. بورجي: وصلت المادة، أستاذ سيف؟ أنا: نعم وصلت ولكني أعتذر عن نشرها أو التعامل معها. بورجي: هذه توجيهات الرئيس تنزل عندك. أنا: أستاذ عبده.. هذه المادة تمس شخصية ورمزاً وطنياً وركناً من أركان النظام الشيخ/ عبدالله الأحمر، وأنا لا يمكن أقبل بنشرها عندي.. بورجي: يعني.. أيش أقول للرئيس؟ أنا: قل له إنني أعتذر وأنصح بعدم نشرها لأنها ستسبب شرخاً عميقاً بين الشيخ والرئيس وأن المستفيدين منها هم أعداء الجمهورية.. بورجي: لكن الرئيس مصر أنك تنشرها.. أنا: أنقل له كل احترامي وتقديري، وتوجيهاته تمضي على صحف الدولة وصحيفة المؤتمر، أما أنا لا.. وأرفض فقط نشرها وإنما سيكون لنا موقف ضدها..
بورجي: أنت حر، لكن مؤكد أن الرئيس سيزعل..
أنا: زعل الرئيس سيزول بذهابي للتوقيف كم يوم أو أسبوع، وبأمانة يا أستاذ عبده هل أنت مقتنع بها؟ سكت برهة وقال: أنا أنفذ توجيهات..
انتهت المكالمة ونشر ذلك المحرر في صحيفة الميثاق وتسبب بأزمة شديدة بين الرئيس والشيخ/ عبدالله.. توافدت القبائل وقيادات الأحزاب إلى منزل الشيخ للتضامن معه والتعبير عن رفضها لما نشرته صحيفة الميثاق.. في ذات الوقت ذهب عدد من الهاشميين المعروف عنهم بنشاطهم المعادي للنظام، إلى الشيخ/ عبدا لله، للتضامن معه ومحاولة إثارته ضد صالح والنظام، لكنه كان حكيماً والتزم الصمت حتى أجبر صالح على الاعتذار للشيخ ولأسرته في حين أن الجرح ظل في مكانه وتخلخلت الثقة..
وفِي موقف آخر حدث معي في نهاية ٢٠١٥ وأنا في عاصمة دولة عربية استعد للعودة إلى عدن.. كنت في زيارة أحد القيادات العسكرية وكان هدفي أن أطلب منه- إن كان ميسور الحال- قرضاً مبلغاً من المال.. حين التقيت به خرجنا سوياً ثالثنا سائقه الخاص، ذهبنا إلى أحد المطاعم الفاخرة لتناول الغداء..
وأثناء تناولنا لوجبة الغداء أطلعته على سبب زيارتي له.. قال لي: أبشر.. صعدنا للسيارة وأعطاني ظرفاَ فيه مبلغ من المال.. وقال: هذا دعم لك وليس ديناً، لكن لي طلب، قلت له أشكرك.. أيش طلبك خير؟ قال: أريد أن تهاجم رئيس هيئة الأركان اللواء المقدشي.. أنا صدمت مما يقول، ورأيت لديه إلحاح.. أعدت- فوراً- له الظرف الذي به مبلغ المال وقلت له: هذا رئيس أركان الجيش اليمني، هذا قائدك، وحدوث هذا التصرف منك قد صدمني، نحن في حرب مع الانقلاب الحوثي، وهكذا توجه لا يخدم غير العدو، وإذا كان بينكما خلافات، فهناك قيادات عسكرية أرفع من المقدشي ومنك، حلوها في إطار المؤسسة العسكرية، أما بهذه الطريقة فإنكم تسقطون هيبة الجيش أمام التحالف أولاً، وتسقطون هيبته أمام جميع خصوم وأعداء الجيش.. وانتهى حديثي معه وغادرت، رافضاً أن أقبل المال منه سواء.. ديناً أو دعما
الشاهد فيما ذهبت إليه في الحديث عن كلا الموقفين أن من ينتهج أسلوب الإساءات عبر التسريبات الإعلامية بهدف الكيد، خاصةً في إطار المؤسسة العسكرية، فإنما يستهدف كل منتسبي هذه المؤسسة، التي نعوّل عليها، أن تكون الأداة والقوة الضاربة لتحرير اليمن، من الانقلاب.. وما يحصل هذه الأيام من استهداف لا يمكن تفسيره إلا أنه ممنهج غايته النيل من قيادات الجيش الوطني، ويسعى-بإصرار فضيع- لإحداث شروخ الفتنة داخل بنيتها، ونزع الثقة من بين قياداتها، وزرع الشكوك بين المستوى الأعلى والمستوى
الأسفل.. وإذاً فالصمت- الذي يقابل هذه الهجمة التي استهدفت العديد من قادة الجيش التي لم يسلم منها وزير الدفاع نفسه، لا يمكن أن يستمر، خاصة إذا صدرت من ضباط داخل الجيش نفسه.. التخوين يا معالي الفريق الذي يتعرض له قادة جيشك ورؤساء دوائر، غاية في الخطورة، والتعاطي معها بصيغة المناطقية والاعتذار، كارثة.. إذا كنّا نحن المدنيين نرفض المساس بالجيش تحت اَي صيغةً ومبرر، فكيف تقبل أنت أن يصدر ذلك من ضباط لديك وتتعامل مع القضية بصورة تبعث رسالةً خاطئة.. هل كلما اختلف قائدان في الجيش سيذهب كل واحد منهما لتجييش من يشتم ويذم ويطعن في عرض الآخر؟ هل كل من مَس قائداً من قادة جيشك سيحتاج الأمر أن تجمعهما على طاولة مكتبك لينتهي بالاعتذار؟ وأي اعتذار هذا ؟ فاعتذارهم المزعوم كان أكثر إساءة لك أولاً قبل أن يكون لمن قبل رغبتك احتراماً وتقديراً لك.. بالله عليك..
وأقولها من شخص حريص عليك بحكم موقعك ومنصبك.. وغايتي نجاحك في قيادة الجيش لأن ذلك يعني خلاص هذا الشعب من طغيان الانقلاب الحوثي.. هل تقبل أن تكون في موضع شك وشكوك قادة جيشك بأنك راضٍ ضمناً عما يتعرضون له من جور ومساس بكرامتهم وتخوينهم؟، لا أتكلم هنا عن اللواء قاضي/ عبدالله الحاضري، كونه أخي، فجذور تاريخه النضالي ضاربة في أعماق الأرض واعتزازنا به يناطح السماء، بل أتحدث هنا عن قيادات عديدة تعرضت للإساءة والتخوين،، من رؤساء دوائر وقادة مناطق وقادة ألوية وحتى المفتش العام واللواء/ أحمد الولي واللواء/ محمد الوضري واللواء/ عبدالملك المداني وقبلهم الشهيد العميد/ حميد التويتي، حتى استشهد واعتذر له بعد استشهاده، بل لم يسلم من اتهاماتهم التخوينية نائب الرئيس ومدير مكتبه اللواء/ توفيق القيز، والقائمة تطول ومن ذات الشخوص والأسماء، المنتمين للمؤسسة العسكرية..
يا معالي الفريق.. إن لم تنتصر لقادتك وضباط جيشك فمن الذي ينتصر لهم.؟ وإن كنت أنت يا معالي الفريق ستقبل التفاهات التي تنشر على قادة الجيش الذي أنت على رأس قياداته فتلك كارثة.. لديك من القنوات الاستخبارية ما تغني عن فتح الآذان لسفهاء يتطاولون.. يا معالي الفريق.. ما تعرض له قادة الجيش الوطني يستوجب المحاكمة والاعتذار لك أنت أولاً وهم ثانياً، لأنه كيف لك أن تقبل أن ما يقارب نصف قادة جيش- أنت وزير دفاعه- يمارسون تلك الاتهامات؟! ،
، الإساءة هنا تطالك أيضاً أنت أيها الفريق وتطال القيادة العليا.. خذها من أخ لك صادق.. إن لم تكن صارماً تجاه تلك الغوغاء التي خرجت، تقدّم لك الشكر بأنك كنت نصيراً لها على قادة الجيش، فإنها والله لكارثة.. يا معالي الفريق.. إنني- كمواطن وصحفي- أتشوق ليل نهار لفجر صنعاء، اعتبر أن الإساءة للجيش واتهام قادته بالخيانة،، هوا ذاته فعل خيانة إن يتم من مواطن مدني، فما بالك أن يتم من ضباط في الجيش يتباهون من خلفك انك داعمهم، وأنا أجزم يقيناً أنهم لكاذبون.. معالي الفريق الأخ العزيز، أرجوك رجاء محب أغلق باب الفتنة داخل المؤسسة العسكرية، مالم فإنها والله لكارثة وإننا بهذا نهزم أنفسنا قبل أن يهزمنا عدونا الأوحد, الانقلاب الحوثي..
في الأربعاء 01 مايو 2019 01:37:46 م