حول رسالة السنوار للحوثي!
عدنان الجبرني
عدنان الجبرني

- بحسب معلومة خاصة، فإن السنوار قبل عام من الآن وقبل اندلاع طوفان الاقصى بأشهر، أجرى اتصالاً مع عبدالملك الحوثي، وهو أول قيادي رفيع من حماس يتصل بالحوثي حتى حينه، أبلغ السنوار الحوثي بأنه يتابع ما يرد في خطاباته حول فلسطين وأنه يراقب باهتمام قدرة الجماعة على مراكمة سلاح نوعي.. تحدث أنه يريد معرفة الى أي مدى يمكن لهم أن يستفيدوا مما لدى الحوثي فيما لو شنت اسرائيل حربا واسعة قادمة على غزة ووعده الحوثي بالإسناد ولكن ضمن المحور.

 

- يظهر من خلال نص الرسالة أن السنوار وحماس والقسام يراهنون على خطوات عملية وفعالة لا تتقيد بما وصفه السنوار في رسالته ب"الاحتواء والتحييد لجبهات المقاومة" من قبل امريكا واسرائيل، وهو أمر واضح من خلال انكفاء ايران مؤخراً ومراوحة حزب اللله في صواريخ الكاتيوشا رغم الوعيد ورفع سقف الخطاب، ولذلك فهو يلتقط مناسبة صاروخ تل أبيب يوم امس، للبناء عليها، بحثا عن زخم يسند معركته حتى تتمكن من انضاج تحول عسكري في الميدان، وهو امر ممكن رغم التعقيد والحصار.

 

- من المحتمل أن ايران وحزب الله قد اتخذوا قرارهم تحت ضغط وتهور نتنياهو بإيكال المهمة التي ما تزال حماس تنتظرها، الى الحوثي، كون الكلفة والمخاطر عليه أقل ويمكن استخدامه كهراوة عارية في دفع الحرج عن المحور، وهذا متوقع منذ بداية المعركة، كما أن الحوثي يمكنه التعذّر بالمسافة والامكانات والحواجز لكن يمكنه الاختراق بين زمن وآخر، ويأخذ الامر منحى طويل الاجل، ولذلك نرى الحوثي يكرر في خطاباته الأخيرة بأنه يطور امكاناته وكل ما يتوصل اليه ويمكنه سيفعله، ولكن بتقديري، لو أن اسرائيل شنت حربا على حزب الله فسوف نرى الحوثي يُخرج -وفوراً- أسلحة أكثر تطوراً وفعالية، وهي اسلحة عهدت بها ايران الى الحوثي منذ ٢٠٢١ تقريبا، تحسبا ليوم حزب الله المحتمل.

 

- واضح ان حماس بعد الكُلفة الهائلة في المدنيين والدمار الكبير واصرار نتنياهو على مواصلة التوحش والابادة اصبحت ترى في مسار الحرب الطويلة والمستمرة خيارا وحيدا حتى تتغير الموازين والعمل على تطوير بعض الاسلحة والاستفادة من معرفة تكنولوجيا صاروخية نظرية قد يكونوا حصلوا عليها من ايران او تركيا او اي جهة اخرى، وبالتالي من الممكن أن يكرروا تجربة الحوثي في قدرة الصواريخ البالستية على تغيير موازين المعركة. وهذا امر قد يحتاج من ستة اشهر - عام ونصف، في حال تيسر ادخال وتهريب بعض القطع الصغيرة والمحركات الى غزة. لكن من خلال اطلاق الحوثي لمسيرة يافا في يوليو وهذا الصاروخ الاخير فإن المحور يفضل ابقاء المعرفة التكنولوجية المتقدمة بيده ويتحكم هو في اطلاقها، عبر الحوثي غالبا؛ وحسب الظروف.

 

- بالنسبة للحوثي فهذا يعني اعتراف مهم بنجاح طموحه في دمج الجماعة بالقضية الفلسطينية واعترافا بالدور بالشكل الذي يعزز شرعيته محليا امام كل القوى والغالبية التي تقاوم مشروعه منذ ٢٠١٤، وايضا يمنحه شرعية ويرفع اسهمه اقليميا. 

 

- دمج الحوثي لجماعته بالقضية الفلسطينية ينقذه مما يمكن وصفه بشبح"البطالة الجهادية" الذي كان يلوح امام عبدالملك خلال العام الماضي قبل ٧ اكتوبر، خاصة عندما أبدت السعودية إصرارا على تجميد أي نزوع للحرب وافساد كل مبررات الحوثي وتقديم تنازلات من أجل وقف الحرب.. حينها كان مقاتلي الحوثي قد عاد كثير منهم لمنازلهم بعد مرور اكثر من عام على الهدنة، واكتشفوا عبثية وضعهم طيلة ٩ سنوات عندما فتحوا اعينهم على ثراء الهاشميين وتسلطهم وقرر كثير منهم لشؤونهم الشخصية فيما جزء اخر انضم الى الساخطين ضد الجماعة وقمعها وجباياتها القاسية، وبلغ السخط الشعبي ذروته في ذكرى ٢٦ سبتمبر العام الماضي وشعر الحوثي بأنه في وضع صعب ومعقد، لكن ما إن جاءت طوفان الاقصى حتى وجد فيها قارباً مثاليا للنجاة ينقذه من بطالة الحرب ويمنحه اقترانا بقضية متجذرة في وجدان الناس وتصلح لرفعها شعارا في وجه اولويات الناس وسخطهم، وبالأساس يهمه منها ما يكسب داخليا، باستثناء اثبات فائدته للايرانيين الذين استثمروا فيه بسخاء. 

 

- ما لن يعجب الحوثي في رسالة السنوار هو حديثه بعمومية عن دور اليمنيين تاريخيا مع فلسطين، وكذلك إفراده تحية ل"قيادة اليمن" وايضا "انصار الله" ولذلك ارتاب اعلام الحوثي في تفسيرها، وتجنبوا ايرادها في ملخص وسائل اعلامهم ومسؤوليهم، فالحوثي يبني دعايته شعبيا على أن كل ما دونه عملاء اسرائيل وان قضية فلسطين يمنيا بدأت معه فقط.

 

- السنوار لم يذكر ايران في ختام رسالته بينما ذكر حزب الله والفصائل العراقية والحوثي وهذا يرجح ان ايران فعلا قررت الانكفاء، وتتراجع الى الظل لضبط الايقاع والتخلي عن الدور المباشر.

 

والخلاصة أن السنوار يهدف الى تشجيع وإقحام الحوثي في دور اكبر، ويقول بوضوح أن الاسناد يجب أن يكون من هذا المستوى نحو قلب الكيان وأن ما دون هذا لا يؤثر كثيراً.

  
في الأربعاء 18 سبتمبر-أيلول 2024 05:25:22 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=47131