إلى عيدروس الزبيدي: الوطن يغرق وأنت تصنع الأوهام
سيف الحاضري
سيف الحاضري
  

كلما حاولنا الابتعاد عن نقد وانتقاد عيدروس الزبيدي، إذا به يصرّ على جَرّنا جَرًّا للعودة إلى نقده وانتقاده.

 

استمعتُ لخطابه الأخير في حضرموت، الذي أعلن فيه ما سماه "دولة الجنوب العربي"، وهنا أقول له بوضوح: اذهب وأعلن دولتك الجديدة "الجنوب العربي"، وسأكون أول من يرفع لك برقية التهنئة، لكن الحقيقة التي يجب أن تعيها جيدًا أنك لست ممنوعًا من إعلان دولتكم، ما يمنعك هو عجزك وفشلك.

من عجز عن إعادة كهرباء مدينة عدن أعجز من أن يستعيد دولة "الجنوب العربي".

 

وفي اللحظة التي كنتَ فيها تخطب متحدثًا عن أوهامك السياسية، كانت الطائرات الأمريكية تشن ضربات موجعة ضد مليشيات الحوثي الإرهابية، وكان الواجب عليك وأنت نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي أن تكون في غرفة عمليات مشتركة مع زملائك، لتدارس المستجدات واستثمارها سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا لصالح معركتنا الوطنية.

 

لكن بدلاً من ذلك، اخترت الانشغال بخطاب شعبوي مليء بالكراهية، لتتحدث عن "دولة الجنوب العربي" وكأننا في زمن اللهو السياسي، بينما الوطن كله يغرق في الحروب والمؤامرات.

 

الأخطر من كل ذلك، أنك اتهمت أبناء حضرموت بالإرهاب والعمالة للحوثيين، وهو اتهام مخجل لا يصدر إلا عن شخص غائب عن الواقع. ألا تعلم أن مؤتمر حضرموت الجامع تأسس برعاية سعودية، نفس الرعاية التي كانت وراء تشكيل المجلس الانتقالي نفسه؟

 

خطابك هذا لا يخدم الجنوب ولا حضرموت ولا الجمهورية اليمنية التي أنت نائب رئيس مجلس قيادتها، بل يخدم مليشيات الحوثي ويمنح إيران هدية مجانية في وقت مفصلي.

الدعوة لتمزيق اليمن اليوم هي خدمة مباشرة لمليشيات إيران الحوثية.

 

ومع التأكيد أنني مع حق أبناء الجنوب في تقرير مصيرهم، إلا أن ذلك يجب أن يتم في ظروف مهيأة وقرار حر ومسؤول، وليس في ظل مليشيات وسلاح يفرض الإرادة بقوة الغلبة.

 

بالأمس، أعضاء في الكونغرس الأمريكي قالوها صراحة في الإعلام الدولي: الحكومة اليمنية التي أنت جزء منها حكومة فاشلة لا يُمكن التعامل معها، لأنها مكونات فاشلة متناحرة.

والأدهى من ذلك أن أحد الأدلة التي يسوقها المجتمع الدولي لإثبات هذا الفشل، خطاباتك المشحونة والمليئة بالتمزيق.

 

هل تعلم أن السفيرة البريطانية اضطرت قبل أيام إلى إصلاح الخلاف بين رئيس الحكومة أحمد بن مبارك ووزرائه حتى يتمكنوا من عقد اجتماع حكومي واحد بعد أشهر من التوقف؟

هل تعلم أن سفراء الرباعية والخماسية ودول مجلس الأمن والخليج، حين يناقشون مستقبل اليمن، لا يدعونكم؟

وحين يُسألون لماذا لا تدعون الحكومة الشرعية، يكون الجواب واضحًا: لأنهم فاشلون متناحرون، وخطاباتك "العظيمة" عن "دولة الجنوب العربي" هي أحد الأدلة التي يقدمونها!

 

يا عيدروس، هل وصلتك رسالة نائب رئيس تحرير صحيفة "عكاظ" عبدالله آل هتيلة؟ بعد ساعات من خطابك في حضرموت .. لقد قالها بصراحة: "حضرموت خط أحمر وأهلها من يقرر مصيرها."

هذه رسالة لا تحتاج لتفسير، وأنت مطالب بفهمها كما هي.

 

وفي الحقيقة، لا أحد اليوم داخل مجلس القيادة يمتلك فرصة لقيادة اليمن الموحد، من المهرة إلى صعدة، مثلما تمتلكها أنت، لكنك أضعتها بيدك وبغباء من حولك.

لقد كان يمكن لك أن تكون رأس حربة في معركة تحرير اليمن من الاحتلال الإيراني، قائدًا لمعركة الاستقرار لدول الخليج والمنطقة، وصاحب القرار الأول في اليمن من قلب صنعاء ومازالت الفرصة سانحة امامك 

كان يمكن لك أن ترسم خارطة جديدة لليمن بعد تحريرها تُطَمْئن الإقليم والمجتمع الدولي انها لن تعيد المنطقة للحروب وتجمع الجميع حولك لاستعادة ماتريد 

 

لكن صناعة الدولة لا تشبه صناعة المليشيات. الدولة تُصنع بالعقل والحكمة، لا بالعنتريات والخطابات الغوغائية.

 

ثم تعالَ لنكن صريحين: من يكذب عليك ويقول لك إن الجنوب محرر فهو يكذب.

كيف يكون محررًا وأنتم لا تملكون قرار تصدير برميل نفط؟ من يملك القرار مليشيات الحوثي 

كيف محرر وطائراتك لا تهبط في عدن إلا بإذن من برج مراقبة صنعاء، أي بإذن من مليشيات الحوثي؟

 

خذها مني، رغم الخصومة التي بيننا جراء جريمة قيام مليشياتك باحراق ونهب مؤسسة الشموع الحديث عنها ليس وقته الان .. لكنها نصيحة صادقة: لو كانت مليشيات الحوثي ترى فيك خطرًا حقيقيًا، لطاردتك بصواريخها في كل مكان.

لكنها تعلم أن خطابك وإدارتك للانتقالي يخدم مشروعها، ويُضعف الشرعية التي أنت نائب رئيس مجلس القيادة فيها.

 

إن كنت تريد المجد والقيادة، فعليك أن تكون قائدًا لتحرير اليمن من الاحتلال الإيراني. اجمع اليمنيين حولك وانطلق.

أما هذه السياسات الضيقة فلن توصلك إلا إلى قاع الهاوية ومزيدا من الفشل الذي انت غارق فيه 

 

أكتب لك هذه الكلمات، وأتمنى أن تجد من يعرضها عليك، لأنها ليست حقدًا، بل حرقة على وطن يتمزق، بينما من بيدهم القرار مشغولون بالمهاترات وتقاسم الغنائم ، والتناحر فيما بينهم 

  
في الإثنين 17 مارس - آذار 2025 11:15:31 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=47512